الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”المُعْجَمِ الصَّغِيرِ“، والحاكِمُ، وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ كِلاهُما في “ الدَّلائِلِ “، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا أذْنَبَ آدَمُ الذَّنْبَ الَّذِي أذْنَبَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّماءِ فَقالَ: أسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إلّا غَفَرْتَ لِي. فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: ومَن مُحَمَّدٌ؟ فَقالَ: تَبارَكَ اسْمُكَ، لَمّا خَلَقْتَنِي رَفَعْتُ رَأْسِي إلى عَرْشِكَ فَإذا فِيهِ مَكْتُوبٌ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَعَلِمْتُ أنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ أعْظَمُ عِنْدَكَ قَدْرًا مِمَّنْ جَعَلْتَ اسْمَهُ مَعَ اسْمِكَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا آدَمُ إنَّهُ آخِرُ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّتِكَ ولَوْلا هو ما خَلَقْتُكَ» . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ”التَّوْبَةِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: أيْ رَبِّ ألَمْ تَخْلُقْنِي (p-٣١٤)بِيَدِكَ؟ قالَ: بَلى، قالَ: أيْ رَبِّ؟ ألَمْ تَنْفُخْ فِيَّ مِن رُوحِكَ، قالَ: بَلى، قالَ: أيْ رَبِّ؟ ألَمْ تَسْبِقْ إلَيَّ رَحْمَتُكَ قَبْلَ غَضَبِكَ؟ قالَ: بَلى، قالَ: أيْ رَبِّ، ألَمْ تُسْكِنِّي جَنَّتَكَ؟ قالَ: بَلى. قالَ: أيْ رَبِّ، أرَأيْتَ إنْ تُبْتُ وأصْلَحْتُ، أراجِعِي أنْتَ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: نَعَمْ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، وابْنُ عَساكِرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ عائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَمّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إلى الأرْضِ قامَ وِجاهَ الكَعْبَةِ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ، فَألْهَمَهُ اللَّهُ هَذا الدُّعاءَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وعَلانِيَتِي، فاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وتَعْلَمُ حاجَتِي فَأعْطِنِي سُؤْلِي، وتَعْلَمُ ما في نَفْسِي فاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ إيمانًا يُباشِرُ قَلْبِي، ويَقِينًا صادِقًا حَتّى أعْلَمَ أنَّهُ لا يُصِيبُنِي إلّا ما كَتَبْتَ لِي، ورَضِّنِي بِما قَسَمْتَ لِي، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا آدَمُ، قَدْ قَبِلْتُ تَوْبَتَكَ وغَفَرْتُ ذَنْبَكَ، ولَنْ يَدْعُوَنِي أحَدٌ بِهَذا الدُّعاءِ إلّا غَفَرْتُ لَهُ ذَنْبَهُ، وكَفَيْتُهُ المُهِمَّ مِن أمْرِهِ، وزَجَرْتُ عَنْهُ الشَّيْطانَ واتَّجَرْتُ لَهُ مِن وراءِ (p-٣١٥)كُلِّ تاجِرٍ، وأقْبَلَتْ إلَيْهِ الدُّنْيا راغِمَةً وإنْ لَمْ يُرِدْها» . وأخْرَجَ الجَنَدِيُّ، في ”فَضائِلِ مَكَّةَ“، والطَّبَرانِيُّ وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: لَمّا أرادَ اللَّهُ أنْ يَتُوبَ عَلى آدَمَ أذِنَ لَهُ فَطافَ بِالبَيْتِ سَبْعًا - والبَيْتُ يَوْمَئِذٍ رَبْوَةٌ حَمْراءُ - فَلَمّا صَلّى رَكْعَتَيْنِ قامَ فاسْتَقْبَلَ البَيْتَ وقالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وعَلانِيَتِي فاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وتَعْلَمُ حاجَتِي فَأعْطِنِي سُؤْلِي وتَعْلَمُ ما في نَفْسِي فاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ إيمانًا يُباشِرُ قَلْبِي، ويَقِينًا صادِقًا حَتّى أعْلَمَ أنَّهُ لا يُصِيبُنِي إلّا ما كَتَبْتَ لِي، والرِّضا بِما قَسَمْتَ لِي، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي قَدْ غَفَرْتُ ذَنْبَكَ ولَنْ يَأْتِيَنِي أحَدٌ مِن ذُرِّيَّتِكَ يَدْعُونِي بِمِثْلِ ما دَعَوْتَنِي إلّا غَفَرْتُ ذُنُوبَهُ، وكَشَفْتُ غُمُومَهُ وهُمُومَهُ، ونَزَعْتُ الفَقْرَ مِن بَيْنِ عَيْنَيْهِ، واتَّجَرْتُ لَهُ مِن وراءِ كُلِّ تاجِرٍ، وجاءَتْهُ الدُّنْيا وهي راغِمَةٌ، وإنْ كانَ لا يُرِيدُها. وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ في ”تارِيخِ مَكَّةَ“، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ (p-٣١٦)فِي ”الدَّعَواتِ“، وابْنُ عَساكِرَ بِسَنَدِ لا بَأْسَ بِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إلى الأرْضِ طافَ بِالبَيْتِ أُسْبُوعًا وصَلّى حِذاءَ المَقامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ أنْتَ تَعْلَمُ سِرِّي وعَلانِيَتِي فاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وتَعْلَمُ حاجَتِي فَأعْطِنِي سُؤْلِي، وتَعْلَمُ ما عِنْدِي فاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، أسْألُكَ إيمانًا يُباهِي قَلْبِي ويَقِينًا صادِقًا حَتّى أعْلَمَ أنَّهُ لا يُصِيبُنِي إلّا ما كَتَبْتَ لِي ورَضِّنِي بِقَضائِكَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا آدَمُ إنَّكَ دَعَوْتَنِي بِدُعاءٍ فاسْتَجَبْتُ لَكَ فِيهِ، ولَنْ يَدْعُوَنِي بِهِ أحَدٌ مِن ذُرِّيَّتِكَ إلّا اسْتَجَبْتُ لَهُ، وغَفَرْتُ لَهُ ذَنْبَهُ وفَرَّجْتُ هَمَّهُ وغُمُومَهُ، واتَّجَرْتُ لَهُ مِن وراءِ كُلِّ تاجِرٍ وأتَتْهُ الدُّنْيا راغِمَةً وإنْ كانَ لا يُرِيدُها» . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ في “ العَظَمَةِ “، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ قالَ: قالَ آدَمُ: يا رَبِّ أرَأيْتَ ما أتَيْتُ، أشَيْءٌ كَتَبْتَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ تَخْلُقَنِي أوْ شَيْءٌ ابْتَدَعْتُهُ عَلى نَفْسِي؟ قالَ: بَلْ (p-٣١٧)شَيْءٌ كَتَبْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أنْ أخْلُقَكَ قالَ: يا رَبِّ فَكَما كَتَبْتَهُ عَلَيَّ فاغْفِرْهُ لِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هو التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّهُ قالَ: يا رَبِّ أرَأيْتَ إنْ تُبْتُ وأصْلَحْتُ؟ قالَ: فَإنِّي إذَنْ أُرْجِعُكَ إلى الجَنَّةِ. قالَ: ﴿قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] [ الأعْرافِ: ٢٣] فاسْتَغْفَرَ آدَمُ رَبَّهُ وتابَ إلَيْهِ فَتابَ عَلَيْهِ. وأمّا عَدُوُّ اللَّهِ إبْلِيسُ فَواللَّهِ ما تَنَصَّلَ مِن ذَنْبِهِ ولا سَألَ التَّوْبَةَ حِينَ وقَعَ بِما وقَعَ بِهِ ولَكِنَّهُ سَألَ النَّظِرَةَ إلى يَوْمِ الدِّينِ فَأعْطى اللَّهُ كُلَّ واحِدٍ مَهْما ما سَألَ. وأخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: قَوْلُهُ ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ هو قَوْلُهُ ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا﴾ [الأعراف: ٢٣] الآيَةَ. (p-٣١٨)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانَ“ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: هو قَوْلُهُ ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا﴾ [الأعراف: ٢٣] الآيَةَ، ولَوْ سَكَتَ اللَّهُ عَنْها لَتَفَحَّصَ رِجالٌ حَتّى يَعْلَمُوا ما هي. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: هو قَوْلُهُ ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ وعَنِ الضَّحّاكِ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ أبِي إسْحاقَ عَنِ التَّمِيمِيِّ قالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبّاسٍ ما الكَلِماتُ الَّتِي تَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ؟ قالَ: عِلْمُ شَأْنِ الحَجِّ، فَهي الكَلِماتُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا (p-٣١٩)وظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي إنَّكَ أنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلِيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي إنَّكَ أنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ، وذَكَرَ أنَّهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ولَكِنْ شَكَّ فِيهِ. وأخْرَجَ هَنّادٌ في “ الزُّهْدِ “ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا أصابَ آدَمُ الخَطِيئَةَ، فَزِعَ إلى كَلِمَةِ الإخْلاصِ فَقالَ: لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. (p-٣٢٠)وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحّاكِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ طَلَبَ التَّوْبَةَ مِائَتَيْ سَنَةٍ حَتّى آتاهُ اللَّهُ الكَلِماتِ ولَقَّنَهُ إيّاها، قالَ: بَيْنا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ جالِسٌ يَبْكِي، واضِعٌ راحَتَهُ عَلى جَبِينِهِ، إذْ أتاهُ جِبْرِيلُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَبَكى آدَمُ وبَكى جِبْرِيلُ لِبُكائِهِ فَقالَ لَهُ: يا آدَمُ ما هَذِهِ البَلِيَّةُ الَّتِي أجْحَفَ بِكَ بَلاؤُها وشَقاؤُها، وما هَذا البُكاءُ؟ قالَ: يا جِبْرِيلُ وكَيْفَ لا أبْكِي وقَدْ حَوَّلَنِي رَبِّي مِن مَلَكُوتِ السَّماواتِ إلى هَوانِ الأرْضِ، ومِن دارِ المُقامَةِ إلى دارِ الظَّعْنِ والزَّوالِ، ومِن دارِ النِّعْمَةِ إلى دارِ البُؤْسِ والشَّقاءِ، ومِن دارِ الخُلْدِ إلى دارِ الفَناءِ؟ كَيْفَ أُحْصِي يا جِبْرِيلُ هَذِهِ المُصِيبَةَ؟ فانْطَلَقَ جِبْرِيلُ إلى رَبِّهِ فَأخْبَرَهُ بِمَقالَةِ آدَمَ، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: انْطَلِقْ يا جِبْرِيلُ إلى آدَمَ فَقُلْ: يا آدَمُ ألَمْ أخْلُقْكَ بِيَدِيَّ قالَ: بَلى يا رَبِّ، قالَ: ألَمْ أنْفُخْ فِيكَ مِن رُوحِي؟ قالَ: بَلى يا رَبِّ، قالَ: ألَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلائِكَتِي؟ قالَ: بَلى يا رَبِّ. قالَ: ألَمْ أُسْكِنْكَ جَنَّتِي؟ قالَ: بَلى يا رَبِّ. قالَ: ألَمْ آمُرْكَ فَعَصَيْتَنِي؟ قالَ: بَلى يا رَبِّ، قالَ: وعِزَّتِي وجَلالِي وارْتِفاعِ مَكانِي، لَوْ (p-٣٢١)أنَّ مِلْءَ الأرْضِ رِجالًا مِثْلَكَ أطاعُونِي، ثُمَّ عَصَوْنِي، لَأنْزَلْتُهم مَنازِلَ العاصِينَ، غَيْرَ أنَّهُ يا آدَمُ، قَدْ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَكَ وتَضَرُّعَكَ ورَحِمْتُ بُكاءَكَ، وأقَلْتُ عَثْرَتَكَ، فَقُلْ: لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فارْحَمْنِي إنَّكَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ، لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي، فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: لَمّا أصابَ آدَمُ الخَطِيئَةَ عَظُمَ كَرْبُهُ واشْتَدَّ نَدَمُهُ، فَجاءَهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: يا آدَمُ هَلْ أدُلُّكَ عَلى بابِ تَوْبَتِكَ الَّذِي يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنهُ قالَ: بَلى يا جِبْرِيلُ. قالَ: قُمْ في مَقامِكَ الَّذِي تُناجِي فِيهِ رَبَّكَ، فَمَجِّدْهُ وامْدَحْ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إلى اللَّهِ مِنَ المَدْحِ. قالَ: فَأقُولُ ماذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: تَقُولُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ (p-٣٢٢)لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ وهو حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ كُلُّهُ، وهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ثُمَّ تَبُوءُ بِخَطِيئَتِكَ فَتَقُولُ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وعَمِلْتُ السُّوءَ فاغْفِرْ لِي إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أنْتَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِجاهِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وكَرامَتِهِ عَلَيْكَ أنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي. قالَ: فَفَعَلَ آدَمُ فَقالَ اللَّهُ: يا آدَمُ مَن عَلَّمَكَ هَذا؟ فَقالَ: يا رَبِّ إنَّكَ لَمّا نَفَخْتَ فِيَّ الرُّوحَ، فَقُمْتُ بَشَرًا سَوِيًّا أسْمَعُ وأُبْصِرُ وأعْقِلُ وأنْظُرُ، رَأيْتُ عَلى ساقِ عَرْشِكَ مَكْتُوبًا: ﷽، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَلَمّا لَمْ أرَ عَلى أثَرِ اسْمِكَ اسْمَ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ولا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ غَيْرَ اسْمِهِ، عَلِمْتُ أنَّهُ أكْرَمُ خَلْقِكَ عَلَيْكَ، قالَ: صَدَقْتَ، يا آدَمُ وقَدْ تُبْتُ عَلَيْكَ وغَفَرْتُ لَكَ خَطِيئَتَكَ. قالَ: فَحَمِدَ آدَمُ رَبِّهِ وشَكَرَهُ وانْصَرَفَ بِأعْظَمِ سُرُورٍ ولَمْ (p-٣٢٣)يَنْصَرِفْ بِهِ عَبْدٌ مِن عِنْدِ رَبِّهِ، وكانَ لِباسُ آدَمَ النُّورَ، قالَ اللَّهُ: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما﴾ [الأعراف: ٢٧] [ الأعْرافِ: ٢٧] ثِيابَ النُّورِ. قالَ: فَجاءَتْهُ المَلائِكَةُ أفْواجًا تُهَنِّئُهُ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ يا أبا مُحَمَّدٍ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في “ الزُّهْدِ “ عَنْ قَتادَةَ قالَ: اليَوْمُ الَّذِي تِيبَ فِيهِ عَلى آدَمَ يَوْمُ عاشُوراءَ. وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ في ”مُسْنَدِ الفِرْدَوْسِ“ بِسَنَدٍ واهٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: «سَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ﴾ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ أهْبَطَ آدَمَ بِالهِنْدِ وحَوّاءَ بِجُدَّةَ وإبْلِيسَ بِمَيْسانَ والحَيَّةَ بِأصْبَهانَ، وكانَ لِلْحَيَّةِ قَوائِمُ كَقَوائِمِ البَعِيرِ، ومَكَثَ آدَمُ بِالهِنْدِ مِائَةَ سَنَةٍ باكِيًا عَلى خَطِيئَتِهِ، حَتّى بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ جِبْرِيلَ وقالَ: يا آدَمُ ألَمْ أخْلُقْكَ بِيَدَيَّ؟ ألَمْ أنْفُخْ فِيكَ مِن رُوحِي؟ ألَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلائِكَتِي، ألَمْ أُزَوِّجْكَ حَوّاءَ أمَتِي؟ قالَ: بَلى. قالَ: فَما هَذا البُكاءُ، قالَ: وما يَمْنَعُنِي مِنَ البُكاءِ وقَدْ أُخْرِجْتُ مِن جِوارِ الرَّحْمَنِ؟ قالَ: فَعَلَيْكَ بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ، فَإنَّ اللَّهَ قابِلٌ تَوْبَتَكَ وغافِرٌ ذَنْبَكَ، قُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَكَ لا إلَهَ إلّا أنْتَ، عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي، فاغْفِرْ لِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِحَقِّ (p-٣٢٤)مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَكَ لا إلَهَ إلّا أنْتَ، عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي، فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ، فَهَؤُلاءِ الكَلِماتُ الَّتِي تَلَقّى آدَمُ» . وأخْرَجَ ابْنُ النَّجّارِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الكَلِماتِ الَّتِي تَلَقّاها آدَمُ مِن رَبِّهِ فَتابَ عَلَيْهِ، قالَ: سَألَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ وفاطِمَةَ والحَسَنِ والحُسَيْنِ إلّا تُبْتَ عَلَيَّ، فَتابَ عَلَيْهِ» . وأخْرَجَ الخَطِيبُ في ”أمالِيهِ“، وابْنُ عَساكِرَ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجاهِيلُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ آدَمَ لَمّا أكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: اهْبِطْ مِن جِوارِي، وعِزَّتِي لا يُجاوِرُنِي مَن عَصانِي، فَهَبَطَ إلى الأرْضِ مُسْوَدًّا فَبَكَتِ المَلائِكَةُ وضَجَّتْ، فَأوْحى اللَّهُ: يا آدَمُ صُمْ لِي اليَوْمَ. يَوْمَ ثَلاثَةَ عَشَرَ، فَصامَهُ فَأصْبَحَ ثُلُثاهُ أبْيَضَ، ثُمَّ أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: صُمْ لِي هَذا اليَوْمَ يَوْمَ أرْبَعَةَ عَشَرَ، فَصامَهُ فَأصْبَحَ ثُلْثاهُ أبْيَضَ ثُمَّ أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ صُمْ لِي هَذا اليَوْمَ يَوْمَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَصامَهُ فَأصْبَحَ كُلُّهُ أبْيَضَ، فَسُمِّيَتْ أيّامَ البِيضِ» . (p-٣٢٥)وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَمّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ الجَنَّةِ إلى الأرْضِ قالَ لَهُ: يا آدَمُ أرْبَعٌ احْفَظْهُنَّ، واحِدَةٌ لِي عِنْدَكَ وأُخْرى لَكَ عِنْدِي، وأُخْرى بَيْنِي وبَيْنَكَ، وأُخْرى بَيْنَكَ وبَيْنَ النّاسِ، فَأمّا الَّتِي لِي عِنْدَكَ فَتَعْبُدُنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، وأمّا الَّتِي لَكَ عِنْدِي فَأُوَفِّيكَ عَمَلَكَ لا أظْلِمُكَ شَيْئًا، وأمّا الَّتِي بَيْنِي وبَيْنَكَ فَتَدْعُونِي فاسْتُجِيبُ لَكَ، وأمّا الَّتِي بَيْنَكَ وبَيْنَ النّاسِ فَتَرْضى لِلنّاسِ أنْ تَأْتِيَ إلَيْهِمْ بِما تَرْضى أنْ يَؤْتُوكَ بِمِثْلِهِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في “ الزُّهْدِ “، والبَيْهَقِيُّ في “ الأسْماءِ والصِّفاتِ “ عَنْ سَلْمانَ قالَ: لَمّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ قالَ: يا آدَمُ واحِدَةٌ لِي، وواحِدَةٌ لَكَ، وواحِدَةٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ، فَأمّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدُنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، وأمّا الَّتِي لَكَ فَما عَمِلْتَ مِن شَيْءٍ جَزَيْتُكَ بِهِ، وإنْ أغْفِرْ فَأنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ وأمّا الَّتِي بَيْنِي وبَيْنَكَ فَمِنكَ المَسْألَةُ والدُّعاءُ وعَلَيَّ الإجابَةُ والعَطاءُ. وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلْمانَ رَفَعَهُ. وأخْرَجَ الخَطِيبُ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إلى الأرْضِ مَكَثَ فِيها ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَمْكُثَ ثُمَّ قالَ لَهُ بَنُوهُ: (p-٣٢٦)يا أبانا تَكَلَّمْ، فَقامَ خَطِيبًا في أرْبَعِينَ ألْفًا مِن ولَدِهِ ووَلَدِ ولَدِهِ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ أمَرَنِي فَقالَ: يا آدَمُ أقِلَّ كَلامَكَ تَرْجِعْ إلى جِوارِي» . وأخْرَجَ الخَطِيبُ، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إلى الأرْضِ، أكْثَرَ ذُرِّيَّتَهُ فَنَمَتْ، فاجْتَمَعَ إلَيْهِ ذاتَ يَوْمٍ ولَدُهُ ووَلَدُ ولَدِهِ فَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ حَوْلَهُ وآدَمُ ساكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ، فَقالُوا: يا أبانا ما لَنا نَحْنُ نَتَكَلَّمُ وأنْتَ ساكِتٌ لا تَتَكَلَّمُ؟ قالَ: يا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ لَمّا أهْبَطَنِي مِن جِوارِهِ إلى الأرْضِ عَهِدَ إلَيَّ فَقالَ: يا آدَمُ، أقِلَّ الكَلامَ حَتّى تَرْجِعَ إلى جِوارِي. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قالَ: إنَّ آدَمَ كَبِرَ حَتّى تَلَعَّبَ بِهِ بَنُو بَنِيهِ فَقِيلَ لَهُ: ألا تَنْهى بَنِي بَنِيكَ أنْ يَلْعَبُوا بِكَ؟ قالَ: إنِّي رَأيْتُ ما لَمْ يَرَوْا وسَمِعْتُ ما لَمْ يَسْمَعُوا، وكُنْتُ في الجَنَّةِ وسَمِعْتُ كَلامَ المَلائِكَةِ وإنَّ رَبِّي وعَدَنِي إنْ أنا أمْسَكْتُ فَمِي أنْ يُدْخِلَنِي الجَنَّةَ. (p-٣٢٧)وأخْرَجَ ابْنُ الصَّلاحِ في ”أمالِيهِ“ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ قالَ: قالَ آدَمُ: يا رَبِّ شَغَلْتَنِي بِكَسْبِ يَدِي، فَعَلِّمْنِي شَيْئًا فِيهِ مَجامِعُ الحَمْدِ والتَّسْبِيحِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا آدَمُ إذا أصْبَحْتَ فَقُلْ ثَلاثًا، وإذا أمْسَيْتَ فَقُلْ ثَلاثًا، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، حَمْدًا يُوافِي نِعَمَهُ ويُكافِئُ مَزِيدَهُ، فَذَلِكَ مَجامِعُ الحَمْدِ والتَّسْبِيحِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في “ العَظَمَةِ “ عَنْ قَتادَةَ قالَ: كانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَشْرَبُ مِنَ السَّحابِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“ عَنْ كَعْبٍ قالَ: أوَّلُ مَن ضَرَبَ الدِّينارَ والدِّرْهَمَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ يَحْيى قالَ: أوَّلُ مَن ضَرَبَ الدِّينارَ والدِّرْهَمَ آدَمُ ولا تَصْلُحُ المَعِيشَةُ إلّا بِهِما. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: أوَّلُ مَن ماتَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَمّا حُضِرَ آدَمُ قالَ لِبَنِيهِ: انْطَلِقُوا فاجْنُوا لِي مِن ثِمارِ الجَنَّةِ. فَخَرَجُوا (p-٣٢٨)فاسْتَقْبَلَتْهُمُ المَلائِكَةُ فَقالُوا: أيْنَ تُرِيدُونَ؟ قالُوا: بَعَثَنا أبُونا لِنَجْنِيَ لَهُ مِن ثِمارِ الجَنَّةِ. قالُوا: ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ، فَرَجَعُوا مَعَهم حَتّى دَخَلُوا عَلى آدَمَ، فَلَمّا رَأتْهم حَوّاءُ ذَعَرَتْ مِنهُمْ، وجَعَلَتْ تَدْنُو إلى آدَمَ وتَلْصِقُ بِهِ، فَقالَ: إلَيْكِ عَنِّي، إلَيْكِ عَنِّي، فَمِن قِبَلِكِ أُتِيتُ، خَلِّي بَيْنِي وبَيْنَ مَلائِكَةِ رَبِّي. قالَ: فَقَبَضُوا رُوحَهُ، ثُمَّ غَسَّلُوهُ وحَنَّطُوهُ وكَفَّنُوهُ، ثُمَّ صَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ حَفَرُوا لَهُ ودَفَنُوهُ، ثُمَّ قالُوا: يا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكم في مَوْتاكُمْ، فَكَذُلِّكم فافْعَلُوا» . وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ أُبَيٍّ، مَوْقُوفًا. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ أُبَيٍّ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: إنَّ آدَمَ لَمّا حَضَرَتْهُ الوَفاةُ أرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِ بِكَفَنٍ وحَنُوطٍ مِنَ الجَنَّةِ، فَلَمّا رَأتْ حَوّاءُ المَلائِكَةَ جَزِعَتْ فَقالَ: خَلِّي بَيْنِي وبَيْنَ رُسُلِ رَبِّي، فَما لَقِيتُ الَّذِي لَقِيتُ إلّا مِنكِ، ولا أصابَنِي الَّذِي أصابَنِي إلّا مِنكِ» . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ لِآدَمَ بَنُونَ، ودٌّ وسُواعٌ ويَغُوثُ ويَعُوقُ ونَسْرٌ، فَكانَ أكْبَرَهم يَغُوثُ فَقالَ لَهُ: يا بُنَيَّ انْطَلِقْ، فَإنْ لَقِيتَ أحَدًا (p-٣٢٩)مِنَ المَلائِكَةِ فَمُرْهُ يَجِيئُنِي بِطَعامٍ مِنَ الجَنَّةِ وشَرابٍ مِن شَرابِها، فانْطَلَقَ فَلَقِيَ جِبْرِيلَ بِالكَعْبَةِ فَسَألَهُ عَنْ ذَلِكَ، قالَ: ارْجِعْ فَإنَّ أباكَ يَمُوتُ، فَرَجَعا فَوَجَداهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَوَلِيَهُ جِبْرِيلُ فَجاءَهُ بِكَفَنٍ وحَنُوطٍ وسِدْرٍ ثُمَّ قالَ: يا بَنِي آدَمَ أتَرَوْنَ ما أصْنَعُ بِأبِيكم فاصْنَعُوهُ بِمَوْتاكم. فَغَسَّلُوهُ وكَفَّنُوهُ وحَنَّطُوهُ، ثُمَّ حَمَلُوهُ إلى الكَعْبَةِ، فَصَلّى عَلَيْهِ جِبْرِيلُ -فَعُرِفَ فَضْلُ جِبْرِيلَ يَوْمَئِذٍ عَلى المَلائِكَةِ - فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أرْبَعًا ووَضَعُوهُ مِمّا يَلِي القِبْلَةَ عِنْدَ القُبُورِ ودَفَنُوهُ في مَسْجِدِ الخَيْفِ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: صَلّى جِبْرِيلُ عَلى آدَمَ وكَبَّرَ عَلَيْهِ أرْبَعًا، صَلّى جِبْرِيلُ بِالمَلائِكَةِ يَوْمَئِذٍ في مَسْجِدِ الخَيْفِ وأخَذَ مِن قِبَلِ القِبْلَةِ ولَحَدَ لَهُ وسَنَّمَ قَبْرَهُ. (p-٣٣٠)وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في “ الحِلْيَةِ “ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِجِنازَةٍ فَصَلّى عَلَيْها وكَبَّرَ عَلَيْها أرْبَعًا، وقالَ: كَبَّرَتِ المَلائِكَةُ عَلى آدَمَ أرْبَعَ تَكْبِيراتٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ أُبَيٍّ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «أُلْحِدَ آدَمُ وغُسِّلَ بِالماءِ وِتْرًا، فَقالَتِ المَلائِكَةُ: هَذِهِ سُنَّةُ ولَدِ آدَمَ مِن بَعْدِهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي فِراسٍ قالَ: قُبِرَ آدَمُ في مَغارَةٍ فِيما بَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ ومَسْجِدِ إبْراهِيمَ ورِجْلاهُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ، ورَأْسُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ إبْراهِيمَ، وبَيْنَهُما ثَمانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ عَطاءٍ الخُراسانِيِّ قالَ: بَكَتِ الخَلائِقُ عَلى آدَمَ حِينَ تُوُفِّيَ سَبْعَةَ أيّامٍ. وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ في ”الكامِلِ“، وأبُو الشَّيْخِ في “ العَظَمَةِ “، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ جابِرٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: لَيْسَ أحَدٌ مِن أهْلِ الجَنَّةِ إلّا يُدْعى بِاسْمِهِ إلّا آدَمُ فَإنَّهُ يُكْنى أبا مُحَمَّدٍ ولَيْسَ أحَدٌ مِن أهْلِ الجَنَّةِ إلّا وهم جُرْدٌ مُرْدٌ (p-٣٣١)إلّا ما كانَ مِن مُوسى بْنِ عِمْرانَ فَإنَّ لِحْيَتَهُ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أهْلُ الجَنَّةِ لَيْسَتْ لَهم كُنًى إلّا آدَمَ فَإنَّهُ يُكْنى أبا مُحَمَّدٍ تَعْظِيمًا وتَوْقِيرًا» . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ كَعْبٍ قالَ: لَيْسَ أحَدٌ في الجَنَّةِ لَهُ لِحْيَةٌ إلّا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ لِحْيَةٌ سَوْداءُ إلى سُرَّتِهِ: وذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ في الدُّنْيا لِحْيَةٌ وإنَّما كانَتِ اللِّحى بَعْدَ آدَمَ، ولَيْسَ أحَدٌ يُكْنى في الجَنَّةِ غَيْرُ آدَمَ، يُكْنى فِيها أبا مُحَمَّدٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيِّ قالَ: لَيْسَ أحَدٌ في الجَنَّةِ لَهُ كُنْيَةٌ إلّا آدَمُ يُكْنى أبا مُحَمَّدٍ، أكْرَمَ اللَّهُ بِذَلِكَ مُحَمَّدًا ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ غالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العُقَيْلِيِّ قالَ: كُنْيَةُ آدَمَ في الدُّنْيا أبُو البَشَرِ وفي الجَنَّةِ أبُو مُحَمَّدٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في “ العَظَمَةِ “ عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ قالَ: أُهْبِطَ آدَمُ (p-٣٣٢)بِالهِنْدِ، وإنَّهُ لَمّا تُوُفِّيَ حَمَلَهُ خَمْسُونَ ومِائَةُ رَجُلٍ مِن بَيْتِهِ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، وكانَ طُولُهُ ثَلاثِينَ مِيلًا، ودَفَنُوهُ بِها، وجَعَلُوا رَأْسَهُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ ورَجُلَيْهِ خارِجًا مِن بَيْتِ المَقْدِسِ ثَلاثِينَ مِيلًا. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ قالَ: إنَّ آدَمَ لَمّا طُؤْطِئَ عَنْ كَلامِ المَلائِكَةِ - وكانَ يَسْتَأْنِسُ بِكَلامِهِمْ - بَكى عَلى الجَنَّةِ مِائَةَ سَنَةٍ، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: يا آدَمُ ما يَحْزُنُكَ؟ قالَ: كَيْفَ لا أحْزَنُ وقَدْ أهْبَطْتَنِي مِنَ الجَنَّةِ، ولا أدْرِي أعُودُ إلَيْها أمْ لا، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: يا آدَمُ قُلِ: اللَّهُمَّ لا إلَهَ إلّا أنْتَ وحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ إنِّي عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي إنَّكَ أنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ، والثّانِيَةُ: اللَّهُمَّ لا إلَهَ إلّا أنْتَ وحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، رَبِّ إنِّي عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي، فاغْفِرْ لِي إنَّكَ أنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ، والثّالِثَةُ: اللَّهُمَّ لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ وبِحَمْدِكَ، لا شَرِيكَ لَكَ، رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي، إنَّكَ أنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. فَهي الكَلِماتُ الَّتِي أنْزَلَ اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هو التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾ قالَ: وهي لِوَلَدِهِ مِن بَعْدِهِ. وقالَ آدَمُ لِابْنٍ لَهُ (p-٣٣٣)يُقالُ لَهُ: هِبَةُ اللَّهِ، ويُسَمِّيهِ أهْلُ التَّوْراةِ وأهْلُ الإنْجِيلِ شِيثَ: تَعَبَّدْ لِرَبِّكَ، وسَلْهُ أيَرُدُّنِي إلى الجَنَّةِ أمْ لا؟ فَتَعَبَّدَ وسَألَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي رادُّهُ إلى الجَنَّةِ. فَقالَ: أيْ رَبِّ، إنِّي لَسْتُ آمَنُ، أحْسَبُ أنَّ أبِي سَيَسْألُنِي العَلامَةَ. فَألْقى اللَّهُ إلَيْهِ سِوارًا مِن أسْوِرَةِ الحُورِ، فَلَمّا أتاهُ قالَ: ما وراءَكَ؟ قالَ: أبْشِرْ، قالَ: أخْبَرَنِي أنَّهُ رادُّكَ إلى الجِنِّهِ. قالَ: فَما سَألْتَهُ العَلامَةَ ؟ فَأخْرَجَ السِّوارَ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ، فَخَرَّ ساجِدًا، فَبَكى حَتّى سالَ مِن عَيْنَيْهِ نَهْرٌ مِن دُمُوعٍ، وآثارُهُ تُعْرَفُ بِالهِنْدِ. وذُكِرَ أنَّ كَنْزَ الذَّهَبِ بِالهِنْدِ مِمّا يَنْبُتُ مِن ذَلِكَ السِّوارِ، ثُمَّ قالَ: اسْتَطْعِمْ لِي رَبَّكَ مِن ثَمَرِ الجَنَّةِ، فَلَمّا خَرَجَ مِن عِنْدِهِ ماتَ آدَمُ فَجاءَهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إلى أيْنَ؟ قالَ: إنَّ أبِي أرْسَلَنِي أنْ أطْلُبَ إلى رَبِّي أنْ يُطْعِمَهُ مِن ثَمَرِ الجَنَّةِ. قالَ: فَإنَّ رَبَّهُ قَضى ألّا يَأْكُلَ مِنها شَيْئًا حَتّى يَعُودَ إلَيْها وإنَّهُ قَدْ ماتَ فارْجِعْ فَوارِهِ، فَأخَذَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَغَسَّلَهُ وكَفَّنَهُ وحَنَّطَهُ وصَلّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَ جِبْرِيلُ: هَكَذا فاصْنَعُوا بِمَوْتاكم. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: قُبِرَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمِنًى في مَسْجِدِ (p-٣٣٤)الخَيْفِ وقَبْرُ حَوّاءَ بِجُدَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حَنِيفَةَ في ”تارِيخِهِ“، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ والشَّعْبِيِّ قالا: لَمّا هَبَطَ آدَمُ مِنَ الجَنَّةِ وانْتَشَرَ ولَدُهُ أرَّخَ بَنُوهُ مِن هُبُوطِ آدَمَ فَكانَ ذَلِكَ التّارِيخُ حَتّى بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا فَأرَّخُوا بِبَعْثِ نُوحٍ، حَتّى كانَ الغَرَقُ، فَكانَ التّارِيخُ مِنَ الطُّوفانِ إلى نارِ إبْراهِيمَ، فَأرَّخَ بَنُو إسْحاقَ مِن نارِ إبْراهِيمَ إلى مَبْعَثِ يُوسُفَ ومِن مَبْعَثِ يُوسُفَ إلى مَبْعَثِ مُوسى، ومِن مَبْعَثِ مُوسى إلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ومِن مُلْكِ سُلَيْمانَ إلى مُلْكِ عِيسى، ومِن مَبْعَثِ عِيسى إلى مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأرَّخَ بَنُو إسْماعِيلَ مِن نارِ إبْراهِيمَ إلى بِناءِ البَيْتِ حِينَ بَناهُ إبْراهِيمُ وإسْماعِيلُ، فَكانَ التّارِيخُ مِن بِناءِ البَيْتِ حَتّى تَفَرَّقَتْ مَعَدٌّ، فَكانَ كُلَّما خَرَجَ قَوْمٌ مِن تِهامَةَ أرَّخُوا مَخْرَجَهُمْ، حَتّى ماتَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ فَأرَّخُوا مِن مَوْتِهِ إلى الفِيلِ، فَكانَ التّارِيخُ مِنَ الفِيلِ حَتّى أرَّخَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ مِنَ الهِجْرَةِ، وذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أوْ ثَمانِ عَشْرَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عِمْرانَ قالَ: لَمْ يَزَلْ لِلنّاسِ تارِيخٌ كانُوا يُؤَرِّخُونَ في الدَّهْرِ الأوَّلِ مِن هُبُوطِ آدَمَ مِنَ الجَنَّةِ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ حَتّى بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا، فَأرَّخُوا مِن دُعاءِ نُوحٍ عَلى قَوْمِهِ ثُمَّ أرَّخُوا مِنَ الطُّوفانِ، ثُمَّ أرَّخُوا مِن (p-٣٣٥)نارِ إبْراهِيمَ، ثُمَّ أرَّخَ بَنُو إسْماعِيلَ مِن بُنْيانِ الكَعْبَةِ، ثُمَّ أرَّخُوا مِن مَوْتِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ أرَّخُوا مِن عامِ الفِيلِ، ثُمَّ أرَّخَ المُسْلِمُونَ بَعْدُ مِن مُهاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب