الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ فِيهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ﴾ تَلَقَّى قِيلَ مَعْنَاهُ: فَهِمَ وَفَطِنَ. وَقِيلَ: قَبِلَ وَأَخَذَ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَلَقَّى الْوَحْيَ أَيْ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَأْخُذُهُ وَيَتَلَقَّفُهُ تَقُولُ: خَرَجْنَا نَتَلَقَّى الْحَجِيجَ أَيْ نَسْتَقْبِلُهُمْ وَقِيلَ: مَعْنَى تَلَقَّى تَلَقَّنَ. وهذا فِي الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّلَقِّي مِنَ التَّلَقُّنِ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ إِنَّمَا يُقْلَبُ يَاءً إِذَا تَجَانَسَا مِثْلَ تَظَنَّى مِنْ تَظَنَّنَ وَتَقَصَّى مِنْ تَقَصَّصَ وَمِثْلُهُ تَسَرَّيْتُ مِنْ تَسَرَّرْتُ وَأَمْلَيْتُ مِنْ أَمْلَلْتُ وَشَبَهُ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَا يُقَالُ: تَقَبَّى مِنْ تَقَبَّلَ وَلَا تَلَقَّى مِنْ تَلَقَّنَ فَاعْلَمْ وَحَكَى مَكِّيٌّ أَنَّهُ أُلْهِمَهَا فَانْتَفَعَ بِهَا وَقَالَ الْحَسَنُ: قَبُولُهَا تَعَلُّمُهُ لَهَا وَعَمَلُهُ بِهَا الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْكَلِمَاتِ فَقَالَ ابن عباس والحسن وسعيد ابن جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ هِيَ قَوْلُهُ" رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [[راجع ج ٧ ص ١٨١.]] " [الأعراف: ٢٣]. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: رَأَى مَكْتُوبًا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" فَتَشَفَّعَ بِذَلِكَ فَهِيَ الْكَلِمَاتُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ الْبُكَاءُ وَالْحَيَاءُ وَالدُّعَاءُ. وَقِيلَ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالْحُزْنُ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ آدم عليه السلام لم يقل شيا إلا الاستغفار المعهود. وسيل بَعْضُ السَّلَفِ عَمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ الْمُذْنِبُ فَقَالَ: يَقُولُ مَا قَالَهُ أَبَوَاهُ: "رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا" الْآيَةَ وَقَالَ مُوسَى ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾[[راجع ج ١٣ ص ٢٦١.]] [القصص: ١٦] وَقَالَ يُونُسُ ﴿لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾[[راجع ج ١١ ص ٣٣٣.]] [الأنبياء: ٨٧]. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ الْكَلِمَاتِ "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لِي إِنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ هِيَ قَوْلُهُ "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" وَقِيلَ: الْكَلِمَاتُ قَوْلُهُ حِينَ عَطَسَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ". وَالْكَلِمَاتُ جَمْعُ كَلِمَةٍ وَالْكَلِمَةُ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ [[راجع ص ٦٧ من هذا الجزء.]]. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتابَ عَلَيْهِ﴾ أَيْ قَبِلَ تَوْبَتَهُ، أَوْ وَفَّقَهُ لِلتَّوْبَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَتَابَ الْعَبْدُ: رَجَعَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَعَبْدٌ تَوَّابٌ: كَثِيرُ الرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ وَأَصْلُ التَّوْبَةِ الرُّجُوعُ يُقَالُ: تَابَ وثاب وآب وأناب: رجع.
الرابعة- إن قيل: لم قال "عليه" لم يَقُلْ عَلَيْهِمَا وَحَوَّاءُ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الذَّنْبِ بِإِجْمَاعٍ وَقَدْ قَالَ: ﴿وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ [البقرة: ٣٥] و ﴿قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا﴾ [الأعراف: ٢٣] فَالْجَوَابُ: أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خُوطِبَ فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ بِقَوْلِهِ: "اسْكُنْ" خَصَّهُ بِالذِّكْرِ فِي التَّلَقِّي فَلِذَلِكَ كُمِّلَتِ الْقِصَّةُ بِذِكْرِهِ وَحْدَهُ. وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ حُرْمَةٌ وَمَسْتُورَةٌ فَأَرَادَ اللَّهُ السَّتْرَ لَهَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمَعْصِيَةِ في قوله: ﴿وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ﴾ [طه: ١٢١]. وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَابِعَةً لِلرَّجُلِ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ لَمْ تُذْكَرْ كَمَا لَمْ يُذْكَرْ فَتَى مُوسَى مَعَ مُوسَى فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ [الكهف: ٧٥]. وَقِيلَ: إِنَّهُ دَلَّ بِذِكْرِ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَ عَلَيْهَا إِذْ أَمْرُهُمَا سَوَاءٌ قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا [[راجع ج ١٨ ص ٩٠١.]] إِلَيْها" [الجمعة: ١١] أَيِ التِّجَارَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقْصُودَ الْقَوْمِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ إِلَيْهِمَا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: [[هو عمرو بن أحمر الباهلي.]]
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ... بَرِيئًا وَمِنْ فَوْقِ [[الذي في شرح شواهد سيبويه: (ومن أجل الطوي). والطوي: البئر المطوية بالحجارة. قال الشنتمري: (وصف في البيت رجلا كانت بينه وبينه مشاجرة في بئر فذكر أنه رماه بأمر يكرهه ورمى أباه بمثله على براءتهما منه من أجل المشاجرة التي كانت بينهما).]] الطَّوِيِّ رَمَانِي
وَفِي التَّنْزِيلِ ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾[[راجع ج ٨ ص ١٩٣.]] [التوبة: ٦٢] فحذف إيجازا واختصارا الخامسة- قوله تعالى: (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وَصَفَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّهُ التَّوَّابُ وَتَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا وَاسْمًا وَفِعْلًا. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا تَوَّابٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [[راجع ج ٣ ص ٩١.]] " [البقرة: ٢٢٢]. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلِعُلَمَائِنَا فِي وَصْفِ الرَّبِّ بِأَنَّهُ تَوَّابٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيُدْعَى بِهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا يُتَأَوَّلُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَوْبَةُ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ رُجُوعُهُ مِنْ حَالِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى حَالِ الطَّاعَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ تَوْبَةُ الله على العبد قبول تَوْبَتَهُ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: قَبِلْتُ تَوْبَتَكَ وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَى خَلْقِهِ الْإِنَابَةَ وَالرُّجُوعَ فِي قَلْبِ الْمُسِيءِ وَإِجْرَاءِ الطاعات على جوارحه الظاهرة السَّادِسَةُ- لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى: تَائِبٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ تَابَ يَتُوبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُطْلِقَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ إِلَّا مَا أَطْلَقَهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ نَبِيُّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ مُحْتَمَلًا جَائِزًا. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي (الْكِتَابِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ﴾[[راجع ج ٨ ص ٢٧٧.]] [التوبة: ١١٧] وَقَالَ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ﴾[[راجع ج ١٦ ص ٢٦.]] [التوبة: ١٠٤]. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: تَوَّابٌ لِمُبَالَغَةِ الْفِعْلِ وَكَثْرَةِ قَبُولِهِ تَوْبَةَ عِبَادِهِ لِكَثْرَةِ مَنْ يتوب إليه. السابعة- اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ قُدْرَةٌ عَلَى خَلْقِ التَّوْبَةِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِخَلْقِ الْأَعْمَالِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَةَ مَنْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَقَدْ كَفَرَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِهَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ فِي الدِّينِ ﴿اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١] عز وجل وَجَعَلُوا لِمَنْ أَذْنَبَ أَنْ يَأْتِيَ الْحَبْرَ أَوِ الرَّاهِبَ فَيُعْطِيَهِ شَيْئًا وَيَحُطُّ عَنْهُ ذُنُوبَهُ ﴿افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ﴾[[راجع ج ٧ ص ٩٦]] [الانعام: ١٤٠]. الثَّامِنَةُ- قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: "فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ". وَالْبَاقُونَ بِرَفْعِ "آدَمَ" وَنَصْبِ "كَلِمَاتٍ". وَالْقِرَاءَتَانِ تَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنًى لِأَنَّ آدَمَ إِذَا تَلَقَّى الْكَلِمَاتِ فَقَدْ تَلَقَّتْهُ. وَقِيلَ: لَمَّا كَانَتِ الْكَلِمَاتُ هِيَ الْمُنْقِذَةُ لِآدَمَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى له لقبول إِيَّاهَا وَدُعَائِهِ بِهَا كَانَتِ الْكَلِمَاتُ فَاعِلَةً وَكَأَنَّ الْأَصْلَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ "فَتَلَقَّتْ آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ" وَلَكِنْ لَمَّا بَعُدَ مَا بَيْنَ الْمُؤَنَّثِ وَفِعْلِهِ حَسُنَ حَذْفُ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ. وَهَذَا أصل يجري في كل القرآن والكلام إذا جَاءَ فِعْلُ الْمُؤَنَّثِ بِغَيْرِ عَلَامَةٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَضَرَ الْقَاضِيَ الْيَوْمَ امْرَأَةٌ. وَقِيلَ: إِنَّ الْكَلِمَاتِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَأْنِيثُهُ حَقِيقِيًّا حُمِلَ عَلَى مَعْنَى الْكَلِمِ فَذُكِّرَ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: "آدَمْ مِنْ رَبِّهِ" مُدْغِمًا. وَقَرَأَ أَبُو نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ: "أَنَّهُ" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى مَعْنَى لِأَنَّهُ وَكَسَرَ الْبَاقُونَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَأَدْغَمَ الْهَاءَ فِي الْهَاءِ أَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَطَلْحَةُ فِيمَا حَكَى أبو حاتم عنهم. وقيل: لا يجوز لِأَنَّ بَيْنَهُمَا وَاوًا فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْخَطِّ. قَالَ النَّحَّاسُ: أَجَازَ سِيبَوَيْهِ أَنْ تُحْذَفَ هَذِهِ الْوَاوُ وَأَنْشَدَ:
لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتُ حَادٍ ... إِذَا طَلَبَ الْوَسِيقَةَ أَوْ زَمِيرُ [[البيت للشماخ. وصف حمار وحش هائجا فيقول: إذا طلب وسيقته- وهي أنثاه التي يضمها- صوت بها وكان صوته لما فيه من الزجل والحنين ومن حسن الترجيع والتطريب صوت حاد بإبل يتغنى ويطربها أو صوت مزمار. والزجل: صوت فيه حنين وترنم.
(عن شرح الشواهد).]]
فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الْإِدْغَامُ وَهُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ "التَّوَّابُ" خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ "إِنَّ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "هُوَ" تَوْكِيدًا لِلْهَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَاصِلَةً، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمَّا أُهْبِطَ آدَمُ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ فيها شي غَيْرَ النَّسْرِ فِي الْبَرِّ وَالْحُوتِ فِي الْبَحْرِ فَكَانَ النَّسْرُ يَأْوِي إِلَى الْحُوتِ فَيَبِيتُ عِنْدَهُ فَلَمَّا رَأَى النَّسْرُ آدَمَ قَالَ: يَا حُوتُ لقد أهبط اليوم إلى الأرض شي يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَبْطِشُ بِيَدَيْهِ! فَقَالَ الْحُوتُ: لئن كنت صادقا مالى مِنْهُ فِي الْبَحْرِ مَنْجًى وَلَا لَكَ فِي البر منه مخلص!.
{"ayah":"فَتَلَقَّىٰۤ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَـٰتࣲ فَتَابَ عَلَیۡهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق