الباحث القرآني
* (فصل لما سلم لآدَم أصل العُبُودِيَّة لم يقْدَح فِيهِ الذَّنب)
ابْن آدم لَو لقيتني بقراب الأرْض خَطايا ثمَّ لقيتني لا تشرك بِي شَيْئا لقيتك بقرابها مغْفرَة لما علم السَّيِّد أن ذَنْب عَبده لم يكن قصدا لمُخالفَته ولا قدحا في حكمته علمه كَيفَ يعْتَذر إلَيْهِ ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مت رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ﴾ العَبْد لا يُرِيد بمعصيته مُخالفَة سَيّده ولا الجرأة على مَحارمه ولَكِن غلبات الطَّبْع وتزيين النَّفس والشيطان وقهر الهوى والثقة بِالعَفو ورجاء المَغْفِرَة هَذا من جانب العَبْد وأما من جانب الربوبية فجريان الحكم وإظْهار عز الربوبية وذل العُبُودِيَّة وكَمال الِاحْتِياج وظُهُور آثار الأسْماء الحسنى
كالعفو والغفور والتوّاب والحليم لمن جاءَ تائِبًا نادِما والمنتقم والعدْل وذي البَطْش الشَّديد لمن أصر ولزِمَ المجرة فَهو سُبْحانَهُ يُرِيد أن يرى عَبده تفرده بالكمال ونقص العَبْد وحاجته إلَيْهِ ويشهده كَمال قدرته وعزته وكَمال مغفرته وعفوه ورَحمته وكَمال بره وستره وحلمه وتجاوزه وصفحه، وأن رَحمته بِهِ إحْسان إلَيْهِ لا مُعارضَة، وأنه إن لم يتغمّده برحمته وفضله فَهو هالك لا محالة.
فَللَّه كم من تَقْدِير الذَّنب من حِكْمَة، وكم فِيهِ مَعَ تَحْقِيق التَّوْبَة للْعَبد من مصلحَة ورَحْمَة.
التَّوْبَة من الذَّنب كشرب الدَّواء للعليل ورب عِلّة كانَت سَبَب الصِّحَّة
؎لَعَلَّ عتبك مَحْمُود عواقبه ∗∗∗ ورُبما صحت الأجساد بالعلل
لَوْلا تَقْدِير الذَّنب هلك ابْن آدم من العجب ذَنْب يذل بِهِ أحب إلَيْهِ من طاعَة يدل بها عَلَيْهِ شمعة النَّصْر إنَّما تنزل في شمعدان الانكسار لا يكرم العَبْد نَفسه بِمثل إهانتها ولا يعزها بِمثل ذلها ولا يريحها بِمثل تعبها كَما قيل
؎سأتعب نَفسِي أو أصادف راحَة ∗∗∗ فإن هوان النَّفس في كرم النَّفس
وَلا يشبعها بِمثل جوعها ولا يؤمنها بِمثل خوفها ولا يؤنسها بِمثل وحشتها من كل ما سوى فاطرها وبارئها ولا يُحْيِيها بِمثل أمانتها كَما قيل
؎موت النُّفُوس حياتها ∗∗∗ من شاءَ أن يحيا يَمُوت
شراب الهوى حُلْو ولكنه يُورث الشرق من تذكر خنق الفخ هان عَلَيْهِ هجران الحبَّة يا معرقلا في شرك الهوى جمزة عزم وقد خرقت الشبكة لا بُد من نُفُوذ القدر فاجنح للسلم لله ملك السَّماوات والارض واستقرض مِنك حَبَّة فبخلت بها وخلق سَبْعَة أبحر وأحب مِنك دمعة فقحطت عَيْنك بها إطْلاق البَصَر ينقش قي القلب صُورَة المنظور والقلب كعبة والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصْنام لذات الدُّنْيا كسوداء وقد غلبت عَلَيْك والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عَلَيْهِنَّ غير أن زَوْبَعَة الهوى إذا ثارت سفت في عين البصيرة فخفيت الجادة سُبْحانَ الله تزينت الجنَّة للخُطّاب فجَدُّوا في تَحْصِيل المهْر وتعرّف رب العِزَّة إلى المحبين بأسمائه وصِفاته فعملوا على اللِّقاء وأنت مَشْغُول بالجيف
؎لا كانَ من لسواك مِنهُ قلبه ∗∗∗ ولَك اللِّسان مَعَ الوداد الكاذِب
المعرفَة بِساط لا يطَأ عَلَيْهِ إلّا مقرب والمحبة نشيد لا يطرب عَلَيْهِ إلّا محب مغرم الحبّ غَدِير في صحراء لَيست عَلَيْهِ جادة فَلهَذا قلَّ وارده المُحب يهرب إلى العُزْلَة والخلْوَة بمحبوبه والأنس بِذكرِهِ كهرب الحُوت إلى الماء والطفل إلى أمه
؎وَأخرج من بَين البيُوت لعلني ∗∗∗ أحدث عَنْك القلب بالسر خالِيا
لَيْسَ للعابد مستراح إلّا تَحت شَجَرَة طُوبى ولا للمحب قَرار إلّا يَوْم المَزِيد اشْتغل بِهِ في الحَياة يكفك ما بعد المَوْت يا منفقا بضاعَة العُمر في مُخالفَة حَبِيبه والبعد مِنهُ لَيْسَ في أعدائك أضرّ عَلَيْك مِنك
؎ما تبلغ الأعْداء من جاهِل ∗∗∗ من يبلغ الجاهِل من نَفسه
الهمة العليّة من استعد صاحبها للقاء الحبيب وقدم التقادم بَين يَدي المُلْتَقى فاسْتَبْشَرَ عند القدوم ﴿وَقدمُوا لأنفسكم واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّكم مُلاقُوهُ وبَشِّرِ المُؤمنِينَ﴾
تالله ما عدا عَلَيْك العَدو إلّا بعد أن تولى عَنْك الوَلِيّ فَلا تظن أن الشَّيْطان غلب ولَكِن الحافِظ أعرض احذر نَفسك فَما أصابَك بلاء قطّ إلّا مِنها ولا تهادنها فوالله ما أكرمها من لم يهنها ولا أعزها من لم يذلها ولا جبرها من لم يكسرها ولا أراحها من لم يتبعها ولا أمنها من لم يخوفها ولا فرحها من لم يحزنها سُبْحانَ الله ظاهرك متجمل بلباس التَّقْوى وباطنك باطية لخمر الهوى فَكلما طيبت الثَّوْب فاحت رائِحَة المُسكر من تَحْتَهُ فتباعد مِنك الصادقون وانحاز إلَيْك الفاسِقُونَ يدْخل عَلَيْك لص الهوى وأنت في زاوِيَة التَّعَبُّد فلايرى مِنك طردا لَهُ فَلا يزال بك حَتّى يخْرجك من المَسْجِد أصدق في الطّلب وقد جاءتك المعونة فَقالَ رجل لمعروف عَلمنِي المحبَّة فَقالَ المحبَّة لا تَجِيء بالتعليم
؎هُوَ الشوق مدلولا على مقتل الفنا ∗∗∗ إذا لم يعد صبا بلقيا حَبِيبه
لَيْسَ العجيب من قَوْله يحبونه إنَّما العجب من قَوْله يُحِبهم لَيْسَ العجب من فَقير مِسْكين يحب محسنا إلَيْهِ إنَّما العجب من محسن يحب فَقِيرا مِسْكينا.
* (فصل)
وَمِنها أن يخلع صولة الطّاعَة من قلبه وينْزع عَنهُ رِداء الكبر والعَظَمَة الَّذِي لَيْسَ لَهُ ويلبس ردْءًا الذل والانكسار والفقر والفاقة فَلَو دامَت تِلْكَ الصولة والعزة في قلبه لخيف عَلَيْهِ ما هو من أعظم الآفات كَما في الحَدِيث لَو لم تذنبوا لخفت عَلَيْكُم ما هو أشد من ذَلِك العجب أوْ كَما قالَ فكم بَين آثار العجب والكبر وصولة الطّاعَة وبَين آثار الذل والانكسار كَما قيل يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانَت سَبَب كيسك فقد استخرج مِنك داء العجب والبست رِداء العُبُودِيَّة يا آدم لا تجزع من قولي لَك ﴿اخرج مِنها﴾
فلك خلقتها ولَكِن أنْزلْ إلى دار المجاهدة وابذر بذر العُبُودِيَّة فَإذا كمل الزَّرْع واستحصد فتعال فاستوفه لا يوحشنك ذاك العتب أن لَهُ لطفا يُرِيك الرِّضا في حالَة الغَضَب فَبَيْنَما هو لابس ثوب الاذلال الَّذِي لا يَلِيق بِمثلِهِ تَدارُكه ربه برحمته فَنَزَعَهُ عَنهُ والبسه ثوب الذل الذل لا يَلِيق بِالعَبدِ غَيره فَما لبس العَبْد ثوبا أكمل عَلَيْهِ ولا أحسن ولا أبهى من ثوب العُبُودِيَّة وهو ثوب المذلة الَّذِي لا عز له بِغَيْرِهِ.
{"ayah":"فَتَلَقَّىٰۤ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَـٰتࣲ فَتَابَ عَلَیۡهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق