الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ الآية. (اسكن الجنة) [[في (ب): (معنى اسكن الجنة).]] أي: اتخذها مأوى ومنزلا [[انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 249، و"القرطبى" 1/ 255، "البحر" 1/ 155.]]، وليس معناه: استقر في مكانك ولا تتحرك، وهذا اللفظ مشترك، يقال: أسكنه، أي: أزال حركته، وأسكنه مكان كذا [[في (أ): (وكذا) وفي (ج)، كتبت ثم شطبت والصحيح حذفها.]]، أي جعله مأوى ومنزلا له، والأول الأصل، قالوا [[(قالوا) ساقط من (ج).]]: ومنه السكين [[في (ب): (التسكين).]]، لأنه الآلة التي تسكن حركة الحيوان [[انظر: "التهذيب" (سكن) 2/ 1723، "مقاييس اللغة" (سكن) 3/ 88، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 255، "البحر" 1/ 155.]]. وقوله: (أنت) تأكيد للضمير الذي في الفعل [[انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 163، و"تفسير ابن عطية" 1/ 249، و"تفسير القرطبي" 1/ 256، "البحر" 1/ 156.]]، وإنما أكد به ليحسن العطف عليه، فإن العرب لا تكاد تعطف إلا على ظاهر، يقولون: اخرج أنت وزيد، ولا يكادون يقولون: اخرج وزيد، إلا في الضرورة [[مذهب البصريين أنه لا يجوز العطف إلا في الضرورة، وأجاز الكوفيون ذلك. انظر "الإنصاف" ص 380، "البحر" 1/ 156.]]، ومثله قوله: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ﴾ [المائدة: 24]. وقوله: ﴿وَزَوْجُكَ﴾ لفظه مذكر، ومعناه مؤنث، وذلك أن الإضافة تلزم هذا الاسم في أكثر الكلام، وكانت مبينة [[في (ج): (مبنية).]] له فكان [[في (ب): (وكان).]] طرح الهاء أخف مع الاستغناء بدلالة الإضافة. وكان الأصمعي يؤثر ترك [[(ترك) ساقطة من (ب).]] الهاء في الزوجة، ويرى أن أكثر كلام العرب عليه. والكسائي على خلاف ذلك [[في (أ)، (ج): (ذكر) وما في (ب) هو الصحيح. وانظر اختلافهم في "اللسان" (زوج) 3/ 1885، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 257.]]، والاختيار ما قاله الأصمعي، لأن القرآن كله عليه [[قال الفراء (الزوج) يقع على المرأة والرجل. هذا قول أهل الحجاز. قال عز وجل ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: 37]. وأهل نجد يقولون: (زوجة) وهو أكثر من (زوج) والأول أفصح عند العلماء). (المذكر والمؤنث): ص 95، وانظر (المذكر والمؤنث) لابن الأنباري: ص 503، "تفسير الطبري" 1/ 229. ومما جاء على (زوجة) قول عمار في شأن عائشة (إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة). وانظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 249، وقال القرطبي: (وقد جاء في صحيح مسلم لفظ (زوجة) في حديث أنس وفيه يا فلان هذِه زوجتي فلانة). "تفسير القرطبي" 1/ 256.]]. والمراد بقوله: ﴿الْجَنَّةَ﴾ جنة الخلد من قبل أن التعريف فيها بالألف واللام يجعلها كالعلم على جنة الخلد، فلا يجوز العدول عنها بغير دلالة، ألا ترى أنك لو قلت: نسأل الله الجنة، لم يكن ذلك إلا جنة الخلد [[وإلى هذا ذهب جمهور المفسرين، وفيه الرد على من قال: إنها جنة في الدنيا وهو قول المعتزلة والقدرية. انظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 64 ب، و"تفسير ابن عطية" 1/ 249، و"تفسير القرطبي" 1/ 258، و"تفسير ابن كثير" 1/ 84. قال ابن الجوزي وقيل: جنة عدن، "زاد المسير" 1/ 66.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ [[في (ج): (فكلا) تصحيف.]]. (الرّغَد) و (الرَّغْد): سعة المعيشة، يقال: عيش رَغَدٌ ورَغْدٌ. ورَغِدَ عيشهم أي: اتسع [[انظر: "الصحاح" (رغد) 2/ 475، "تهذيب اللغة" 2/ 1433، "مقاييس اللغة" 2/ 417، "تفسير الطبري" 1/ 230،، "اللسان" 3/ 1680.]]، قال [[في (ب): (وقال).]] امرؤ القيس: بَيْنَما المَرْءُ تَرَاهُ نَاعِماً ... يَأْمَنُ الأحْدَاثَ فِي عَيْشٍ رَغَدْ [[ورد البيت منسوبًا لامرئ القيس في الطبري 1/ 230، وفي "الوسيط" للمؤلف 1/ 83، و"تفسير ابن عطية" 1/ 251، و"البحر" 1/ 155، و"الدر المصون" 1/ 281، قال محمود شاكر في حاشية الطبري: لم أجده فيما جمع من شعر امرئ القيس، وقد بحثت في (الديوان) فلم أجده.]] وقال ابن دريد: عيش رَاغِد ورَغَد ورَغِيد، والرَّغِيدَة: الزبدة، ويقال: أَرْغَد القوم إذا وقعوا في عيش رغد [["الجمهرة" 2/ 633.]]. الليث: (الرغد): أن يأكل ما شاء إذا شاء حيث شاء [[لم أجده عن الليث، انظر: "العين" (رغد) 4/ 392، و"تهذيب اللغة" (رغد) 2/ 1433، و"الصحاح" (رغد) 2/ 475، و"اللسان" (رغد) 3/ 1680.]]. وقوله تعالى: ﴿حَيْثُ شِئْتُمَا﴾. (حيث) بني على الضم تشبيها بالغاية، نحو: (قبل) و (بعد) وذلك أنه منع الإضافة إلى الاسم المفرد كما منعت الغاية الإضافية، فبني لأجل الشبه على الضم بالغاية [[وقد ذكر سيبويه فيها وجها آخر وهو الفتح وقال الكسائي: الضم لغة قيس وكنانة، والفتح لغة بني تميم، وقال: وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب، ويقال: حوث. انظر: "الكتاب" 3/ 286، و"إعراب القرآن" للنحاس1/ 163، و"تهذيب اللغة" (حيث) 1/ 949، "تفسير ابن عطية" 1/ 251، وقد ذكر الواحدي هذِه الوجوه عند تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]. كما وعد هنا.]]، ونذكر الكلام في هذا بأبلغ من هذا الشرح عند قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. وقوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾. قيل معناه: لا تقرباها بالأكل، لأن آدم عصى بالأكل منها، لا بأن قربها [[وبهذا قال الزجاج في "المعاني" 1/ 83، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 252، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 66، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 265.]]. وقيل: إن النهي عن الأكل داخل في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا﴾ فهو نهي بأبلغ لفظ يكون [[ذكره ابن عطية في "تفسيره" 1/ 252، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 265، وبه أخذ أبو حيان في "البحر" 1/ 158.]]. وقيل: قربَ فلانٌ أهلَه قربانًا، أي [غشيها] [[في (أ)، (ج): (عيشها)، وفي (ب): (ان عشيها)، والتصحيح من "تهذيب اللغة" 3/ 2914.]] وما قرِبْتُ هذا الأمر ولا قَرَبتُه قُرْبَاناً وقُرْباً [[ذكره الأزهري في الليث. "التهذيب" (قرب) 3/ 2914. "اللسان" (قرب) 6/ 3566.]]. و (الشجرة) في اللغة: ما لها ساق يبقى في الشتاء، و (النجم) ما ليس على ساق، ومنه قوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ [[قيل إن المراد بالنجم في الآية نجم السماء، والأرجح أنه مالا ساق له من الشجر، انظر: "تفسير الطبري" 27/ 116، و"القرطبي" 17/ 154.]] [الرحمن: 6]. وسميت شجرة لتشابك أغصانها [[في (أ)، (ج): (أعضائها)، وما في (ب) هو الصحيح.]]، وتداخل بعضها في بعض، والشجرة تعم النخلة والتينة والكرمة وغيرها [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 231، "التهذيب" (شجر) 2/ 1830، "تفسير ابن عطية" 1/ 252، "مفردات الراغب" ص 256، و"تفسير القرطبي" 1/ 266، و"تفسير الرازي" 1/ 6.]]، واليقطين قد سمي شجراً في قوله: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ [الصافات: 146]. قال الحسين بن الفضل: إن آدم نهي عن أكل الشجرة فعصى بذوقها، وهو دون الأكل، فدل على أن الذي نهي عن شرب المسكر يعصي بشرب اليسير منه قدر ما يقع عليه اسم الذوق. واختلفوا في الشجرة التي نهي آدم عنها، فقال ابن عباس، وعطية، ووهب، وقتادة: إنها السنبلة، قال وهب: وكانت الحبة منها ككلية البقر، ألين من الزبد، وأحلى من العسل [[أقوالهم في الطبري في "تفسيره" 1/ 231 - 232، و"ابن أبي حاتم" 1/ 86، و"الثعلبي" 1/ 64 ب.]]. وقال ابن مسعود والسدي: هي الكرم [[وروى هذا عن ابن عباس وسعيد بن جرير والشعبي وغيرهم. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 232، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 86، و"تفسير الثعلبي" 1/ 64 ب.]]. وقال ابن جريج [[هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أحد العلماء المشهورين، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل. توفي سنة تسع وأربعين ومائة، انظر: "تاريخ بغداد" 10/ 400، "وفيات الأعيان" 3/ 163.]]: إنها التين [["تفسير الطبري" 1/ 232، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 86. وفي اسم الشجرة أقوال كثيرة غير هذه. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 86 - 87، والثعلبي 1/ 60 ب، "تفسير ابن عطية" 1/ 252، "زاد المسير" 1/ 66، "التعريف والإعلام" للسهيلي: ص 19، "غرر التبيان في مبهمات القرآن": ص 39، رسالة ماجستير، "مفحمات الأقران في مبهمات القرآن" للسيوطي ص 12.]]. وقال محمد بن [[(محمد) ساقط من (ب).]] جرير والحسين بن الفضل: إن الله سبحانه أخبر أنه نهى آدم عن أكل شجرة ما، ولم ينصب لنا دلالة عليها بعينها، فنحن نعلم أنه كان منهياً عن أكل شجرة ما، وليس علينا من الجهل بتفصيله شيء [[ومما قاله الطبري (.. وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به)، "تفسير الطبري" 1/ 232. وبهذا قال أكثر المفسرين، إن الإطالة في هذا من التكلف الذي لا فائدة فيه، ولكفينا ما ذكر الله في كتابه: أنه نهى آدم عن أكل الشجرة، وأن آدم عصى ربه وأكل منها، ثم تاب عليه. انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 252، و"تفسير الرازي" 3/ 5. و"تفسير ابن كثير" 1/ 84.]]. واختلفوا في كيفية أكل آدم من الشجرة. فقال بعضهم: [انهى] [[كذا في جميع النسخ ولعلها (إنه).]] نهي عن جنس من الشجرة، ونص له على واحد بعينه، فتأول أن التحريم في واحدة بعينها فأكل من جنسها [[انظر "تفسير الثعلبي" 1/ 64 ب، "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 18، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 260، "زاد المسير" 1/ 68.]]. وقال بعضهم: إنه نسي الوجوب وحمل النهي فيه على التنزيه، وإن كان فيه ما يدل على أنه للتحريم، وهو اقترانه بذكر الوعيد في قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [[انظر "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 18، و"زاد المسير" 1/ 68، ورجع الرازي أن النهي للتنزيه، وقال: إن كل مذهب كان أفضى إلى عصمة الأنبياء -عليهم السلام- كان أولى، وأجاب عن أدلة الذين قالوا: إنه للتحريم. انظر "تفسير الرازي" 3/ 5.]]. وكان سعيد بن المسيب يحلف بالله ما يستثني ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر حتى إذا سكر قادته إليها، فأكل [[ذكره الطبري في "تفسيره" 1/ 237، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 65 أ، وابن العربي في "أحكام القرآن" 1/ 18، والقرطبي 1/ 260.]]. ورُدّ هذا على سعيد بأن قيل: لو كان الأمر على ما وصف لم يكن عاصياً، والله تعالى، أخبر عنه بالعصيان [[وقد رده ابن العربي ردَّا قويًّا حيث قال: (أما القول بأن آدم أكلها سكران ففاسد نقلا وعقلا: أما النقل: فلأن هذا لم يصح بحال، وقد نقل عن ابن عباس أن == الشجرة التي نهي عنها الكرم، فكيف ينهى عنها ويوقعه الشيطان فيها، وقد وصف الله خمر الجنة بأنها لا غول فيها، فكيف توصف بغير صفتها التي أخبر الله تعالى عنها. وأما العقل: فلأن الأنبياء بعد النبوة منزهون عما يؤدي إلى الإخلال بالفرائض واقتحام الجرائم "أحكام القرآن" 1/ 19. وأقول: لا داعي لكل هذه التوجيهات لفعل آدم -عليه السلام- بل الأولى أن نجيب بما قال الله عنه: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)﴾ [طه: 121 - 122].]]، وفي الجملة كان ذلك الأكل معصية من آدم، ولكنه كان قبل النبوة. وقوله تعالى: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. قال الفراء: إن شئت جعلت (فتكونا) جواباً نصباً، لأنه جواب النهي بالفاء. وإن شئت عطفته على أول الكلام، فكان جزماً مثل قول امرئ القيس [[كذا منسوبًا إلى امرئ القيس في أكثر المصادر، ونسبه سيبويه إلى (عمرو ابن عمار الطائي) قال عبد السلام هارون معلقا على نسبته إلى امرئ القيس: ليس في "ديوانه". قلت: هو في "ديوانه" ص 106.]]: فَقُلْتُ لَهُ صَوِّب ولا تُجْهِدَنَّه ... فَيُذْرِكَ [[في (أ)، (ج): (فيدرك) بالدال، وفي (ب): (فتدرك)، وكلاهما تصحيف.]] مِنْ أُخْرى القَطَاةِ فَتزْلَقِ [[يروى (فيدنك) كذا عند سيبويه. يقول مخاطبًا للغلام الذي سبق ذكره في الأبيات قبله: صوب الفرس ولا تجهده، لا تحمله على العدو فيصرعك، يقال: أذراه عن فرسه: إذا صرعه وألقاه، والقطاة من الفرس: موضع الردف. انظر: "ديوان امرئ القيس" ص 174، "الكتاب" 3/ 101، "معاني القرآن" للفراء 1/ 26، و"تفسير الطبري" 1/ 234، "اللسان" (ذرا) 3/ 1491، "الخزانة" 8/ 526، "الدر المصون" 1/ 286، "البحر" 1/ 159. والشاهد عند سيبويه: جزم (فيدنك) حملا على النهي، ولو أمكنه النصب بالفاء على جواب النهي لجاز.]] فجزم [[(جزم) ساقط من (ج).]]، ومعناه: كأنه تكرير النهي. ومعنى الفاء والنصب جزاء [[في "المعاني" للفراء: (ومعنى الجواب والنصب لا تفعل هذا فيفعل بك مجازاة، فلما عطف حرف .. إلخ) 1/ 27.]]، أي لا تفعل هذا فيفعل بك، فلما عطف حرف على غير ما يشاكله، وكان في أوله حادث لا يصلح في الثاني نصب [[انتهى ما نقله عن الفراء، ويعود للنقل منه بعد كلام الزجاج. "معاني القرآن" 1/ 26، 27، وما ذكره هو مذهب الكوفيين في الفعل المضارع الواقع بعد الفاء في جواب: الأمر والنهي والنفي والاستفهام والتمني والعرض. ينصب بالخلاف، أي أن الجواب مخالف لما قبله. انظر: "الإنصاف" 2/ 557، "الدر المصون" 1/ 286، ونصر هذا القول الطبري في "تفسيره" 1/ 234.]]. وقال الزجاج: إنما نصب بإضمار (أن) [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 83. وقال: نصبه عند سيبويه والخليل بإضمار (أن). وما ذكر هو مذهب البصريين كما في "الإنصاف" 2/ 557، 558، وبهذا قال الأخفش في "المعاني" 1/ 222، وانظر: "الدر المصون" 1/ 286، وقد رد هذا القول الطبري في "تفسيره" 1/ 234.]]. ومثله [[هذا عود على كلام الفراء.]] مما نصب بالفاء قوله: ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ﴾ [طه: 81] ﴿لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ﴾ [طه: 61]، [[والآيتان وردتا ضمن كلام الفراء.]]. وما كان من نهي [[في "معاني القرآن" للفراء: (وما كان من نفي ففيه ما في هذا (يريد ما في النهي) ولا يجوز الرفع في أحد الوجهين (النفي والنهي) إلا أن تريد الاستئناف .. إلخ) "معاني القرآن" للفراء 1/ 27.]] ففيه الوجهان، ولا يجوز الرفع إلا أن تريد الاستئناف ولا تجعله جواباً، كقولك: لا تركبْ إلى فلان فيركبُ إليك، يريد [[في جميع النسخ (يريد) وبالتاء جاء في "معاني القرآن" للفراء 1/ 27.]] لا تركب إليه فإنه سيركب إليك. قال الأعشى [[البيت لجميل بن معمر العذري، كما في "الخزانة" 8/ 526. وفي "ديوانه": ص 145. وكذا نسبه أكثرهم، ولم أجد من نسبه للأعشى، ولعله اشتبه عند الواحدي بقول الأعشى: وإن أمرا أسرى أليك ودونه ... من الأرض موماة وبيداء سملق]]: ألمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَدِيَم فَيَنْطِقُ ... وهَلْ تُخْبِرَنْكَ اليَومَ بَيْدَاءُ سَمْلَقُ [[يروى البيت (القواء) مكان (القديم)، معنى الربع: الدار بعينها حيثما كانت. والقواء: القفر، وكذا البيداء، والسملق: الأرض المستوية، أو الجرداء لا شجر فيها، يقول: وقد تخيل القواء ناطقا، ألا تسأله، ثم نفى ذلك عنه وحقق أنه لا يجيب سائله لعدم القاطنين به. ورد البيت في "الكتاب" 3/ 37، "معاني القرآن" للفراء 1/ 27، "الجمل" للزجاجي: ص 194، "شرح المفصل" 7/ 36، "همع الهوامع" 4/ 122، 5/ 235، وشرح "شذرات الذهب": ص 367، "الخزانة" 8/ 524، "مغني اللبيب" 1/ 168، "ديوان جميل ": ص 70.]] أراد ألم تسأل الربع، فإنه يخبرك عن أهله [["معاني القرآن" للفراء 1/ 27.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُه ظُلمًا، فالظلم مصدر حقيقي، والظلم الاسم يقوم مقام المصدر. ومن أمثال [[ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" 3/ 2248، وانظر: "لسان العرب" (ظلم) 5/ 2757.]] العرب: (من أشبه أباه فما ظلم). قال الأصمعي: أي ما وضع الشبه غير موضعه [[ويجوز أن يكون المعنى: فما ظلم الأب: أي لم يظلم حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه، انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري 2/ 244، "الوسيط" في الأمثال == للمؤلف ص 155، "المستقصي" 2/ 352، "مجمع الأمثال" 2/ 300، "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2248، "اللسان" (ظلم) 5/ 2757.]]. وقال أحمد بن يحيى وأبو الهيثم: يقال: ظلمت السّقاء، وظلمت اللبن إذا شربته أو سقيته قبل إدراكه وإخراج زبدته [[في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى وعن أبي الهيثم أنهما قالا: ثم ذكره 3/ 2249، "اللسان" (ظلم) 5/ 2758.]]. وقال ابن السكيت: ظلمت وطبي [[الوطب: سقاء اللبن. انظر (القاموس) (وطب): ص 142.]] للقوم بهذا المعنى [[انظر "إصلاح المنطق": ص 352، "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2249، "اللسان" (ظلم) 5/ 2758.]]. قال أبو عبيد: ويقال لذلك اللبن المظلوم والظليم [[في "التهذيب": المظلوم والظليمة، 3/ 2249، وكذا "اللسان" (ظلم) 5/ 2757.]]، وأنشد شمر: وقَائِلةٍ ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقَائِي ... وهَلْ يَخْفَى عَلَى العَكِدِ الظَّليِمُ [[البيت غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2249، وكذا في "الصحاح" 5/ 1978، "مقاييس اللغة" 3/ 469، "اللسان" 5/ 2757، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 264، والعكد: أصل (اللسان).]] وقال الفراء: ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعاً لم يكن ناله فيما خلا، وأنشد: يَكَاد يَطْلُعُ ظُلْماً ثُمَّ يَمْنَعُه ... عَنِ الشَّوَاهِقِ فَالوَادِي بِهِ شَرِقُ [[البيت في "معاني القرآن" للفراء1/ 397، "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2249، "اللسان" 5/ 2758، غير منسوب.]] قال: ويقال: هو أظلم من حية، لأنها تأتي الجحر لم تحفره فتسكنه [["معاني القرآن" للفراء 1/ 397، "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2249، وانظر "الصحاح" (ظلم) 5/ 1978، "اللسان" (ظلم) 5/ 2758.]]. وقال ابن السكيت في قول النابغة: والنُّؤْيُ كَالحَوْضِ بِالمظْلُومَةِ الجَلَدِ [[عجز بيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان بن المنذر وصدره: إلاَّ أَوَاريُ لَأْيًا ما أُبَيِّنُهَا الأواري: محابس الخيل، وتروى (الأواري) بالرفع على البدل، وبالنصب على الاستثناء، لأياً: بطئا، والمعنى أبينها بعد لأي لتغير معالمها، والنُّؤْي: حاجز حول الخباء يمنع عنه الماء، والمظلومة: أرض حفر فيها الحوض لغير إقامة، فظلمت لذلك، والجلد: الصلبة. ورد البيت في "الكتاب" 2/ 321، "معاني القرآن" للفراء 1/ 288، 480، "تفسير الطبري" 1/ 234، "المقتضب" 4/ 414، "التهذيب" "ظلم" 3/ 2249، "الجمل" للزجاجي ص 236، "الإنصاف" ص 234، "الأزهية في علم الحروف" 80، "الهمع" 3/ 250، 255، "شرح المفصل" 2/ 80، "الخزانة" 4/ 121، "الدر المصون" 1/ 286، "ديوان النابغة": ص 9.]] يعني بالمظلومة أرضاً في برية حوّضوا فيها حوضاً سقوا فيه إبلهم، وليست بموضوع تحويض. قال: وأصل الظلم، وضع الشيء غير [[في "تهذيب اللغة" (في غير) 3/ 2249.]] موضعه، قال: ومنه قول ابن مقبل: هُرْتُ الشَّقَاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ [[وصدره: عَادَ الأذِلَّةُ في دَارٍ وَكَان بِهَا قوله: هرت الشقاشق: أي: ماهرون في الخطابة والكلام، تقول العرب للخطيب الجهير الصوت الماهر بالكلام: هو أهرت الشِّقْشِقَة. والشِّقْشِقَة: لحمة كالرئة يخرجها البعير الفحل من فيه عند هياجه. == ورد البيت في "ديوان ابن مقبل": ص 81، "التهذيب" (ظلم) 3/ 2249، "اللسان" (هرت) 8/ 4647، "شقق" 4/ 2300، (ظلم) 1/ 2758. "الصحاح" (ظلم) 3/ 1978، "جمهرة اللغة" 1/ 138، "مقاييس اللغة" (ظلم) 3/ 469، و"تفسير القرطبي" 1/ 264، "أمالي القالي" 2/ 101.]] وظلم الجزور أنهم نحروها من غير مرض، فوضعوا النحر في غير موضعه [[انتهى كلام ابن السكيت ملخصًا من "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2249. ولم أجده في "إصلاح المنطق".]]. وقول زهير: ... وَيُظْلَمُ أَحْيَاناً فَيَنْظَلِمُ [[جزء من بيت، وصدره: هُوَ الجَوَادُ الذِي يُعْطِيكَ نَائلَهُ ... عَفْواَ وَيُظلَمُ .............. ويروى (هذا الجواد)، (فيطلم) و (فيظلم) والبيت قاله زهير في مدح هرم بن سنان ورد في "الكتاب" 4/ 468، "تهذيب اللغة" (ظلم) 1/ 2250، "الصحاح" (ظلم) 5/ 1977، "مقاييس اللغة" (ظلم) 3/ 469، "اللسان" (ظلم) 5/ 2759، "شرح المفصل" 10/ 47، "شرح ديوان زهير" ص 152.]] أي يطلب منه في غير موضع الطلب [[في "تهذيب اللغة" 1/ 2250 (ظلم): (وقال الأصمعي في قول زهير ..).]]. ومعنى قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي من العاصين الذين وضعوا الأمر غير موضعه [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 234.]]. والعاصي ظالم لوضعه أمر الله في غير موضعه، ووضعه المعصية حيث يجب أن يطيع. وقال بعضهم: معنى [[(معنى قوله) ساقط من (ب).]] قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي [[في (ب): (أي من).]]: الباخسين حقوقكما [[انظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 111، و"الثعلبي" 1/ 64 ب، و"البيضاوي" 1/ 22، و"النسفي" 1/ 38.]]، والظلم قد يكون بمعنى بخس الحق [[(الحق) ساقط من (ب).]]، قال الله تعالى: ﴿آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: 33] أي: لم تنقص. ومنه يقال: ظلمه حقه، أي: نقصه [[انظر: "التهذيب" (ظلم) 3/ 2248، "معاني القرآن" للفراء 1/ 397، "اللسان" (ظلم) 5/ 2757.]]. وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [[سورة البقرة: 57، سورة الأعراف: 160.]] أي: ما نقصونا شيئاً بما فعلوا ولكن نقصوا حظ أنفسهم [["معاني القرآن" 1/ 397، "تهذيب اللغة" (ظلم) 3/ 2248.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب