الباحث القرآني

قوله تعالى: [﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 15/ 80، و"السمرقندي" 2/ 267، و"الثعلبي" 7/ 108 أ. وقد أخذوا هذه الخصال الثلاث -الموجبة للقتل- من الحديث الصحيح: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيبُ الزاني، والنفسُ بالنفس، والتاركُ لدينه المفارقُ للجماعة" أخرجه البخاري == (6484) كتاب: الديات، باب قوله تعالى: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾، ومسلم (1676) كتاب: القسامة، باب: ما يباح به دم المسلم، وأخرجه "الطبري" 15/ 80 من عدة طرق.]]: حقها الذي تُقْتل به: كفر بعد إسلام، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بتعمد، ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا﴾] [[ما بين المعقوفين معظمه مطموس في (ع).]] أي بغير أحد هذه الخصال، ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ يعني وارثه الذي بينه وبينه قرابة توجب له المطالبة بدمه، فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه. وقوله تعالى: ﴿سُلْطَانًا﴾ قال ابن عباس: يريد حجة [[أخرجه "الطبري" 15/ 81 بمعناه من طريق العوفي (ضعيفة)، ورد في "تفسير الجصاص" 3/ 200 بلفظه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 32.]]، قال مجاهد: سلطانه: حجته التي جُعلت له أن يقتل قاتله [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 149 بنصه، ورد في "تفسير الجصاص" 3/ 200، بنحوه.]]. وقال الضحاك في قوله: ﴿سُلْطَانًا﴾ إن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدّية [[أخرجه "الطبري" 15/ 81، بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 149 بنصه، وورد بنحوه في "تفسير الجصاص" 3/ 200، و"الماوردي" 3/ 240، و"الطوسي" 6/ 475، وورد بنصه غير منسوب في: "تفسير مقاتل" 1/ 214 ب، و"السمرقندي" 2/ 267، و"الثعلبي" 7/ 108 أ.]]. وقوله تعالى: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ اختلفوا في معنى الإسراف هاهنا؛ فقال ابن عباس: هو أن يقتل غير القاتل [[انظر: "تفسير البغوي"، 5/ 91، و"ابن الجوزي" 5/ 33، و"الخازن" 3/ 163، و"أبي حيان" 6/ 33، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 327 وعزاه إلى ابن المنذر من طريق أبي صالح (ضعيفة).]]. وقال مجاهد وسعيد بن جبير: هو أن يقتل بالواحد الاثنين والثلاثة [[أخرجه عن سعيد: "عبد الرزاق" 2/ 377 - بمعناه، وابن أبي شيبة (5/ 454، بنحوه، و"الطبري" 15/ 82، بنحوه، والبيهقي في السنن: الجنايات/ إيجاب القصاص على القاتل دون غيره 8/ 25، بنحوه، وورد بنحوه عن سعيد بن جبير في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 150، و"تفسير الثعلبي" 7/ 108 ب، و"الماوردي" 3/ 241، و"الدر المنثور" 4/ 327 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. قال طَلْقُ بن حَبِيب [[طلق بن حبيب العَنَزي، الزاهد البصري من صلحاء التابعين، ثقة لكنه كان يرى الإرجاء، روى عن ابن عباس وجندب بن سفيان، وعنه: عمرو بن دينار وسليمان التميمي، مات بعد التسعين. انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 490، و"ميزان الاعتدال" 3/ 59، و"الكاشف" 1/ 515، و"تقريب التهذيب" ص 283 (3040).]]: هو أن يمثل بالقاتل [[أخرجه ابن أبي شيبة 5/ 454، بنحوه، و"الطبري" 15/ 82، بنحوه من طريقين، والبيهقي في "السنن" كتاب: الجنايات، باب: إيجاب القصاص على القاتل دون غيره 8/ 25، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 150، و"تفسير الجصاص" 3/ 201، و"الثعلبي" 7/ 108 ب، انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 255، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 326 - 328 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. وقال الحسن وابن زيد: هو أن لا يرضى بالقاتل إذا كان خسيسًا فيعمد إلى أشرف قبيلة القاتل فيقتله، كفعل أهل الجاهلية [[أخرجه "الطبري" 15/ 83، بنحوه عنهما، والبيهقي في "السنن" كتاب: الجنايات، باب: إيجاب القصاص على القاتل دون غيره 8/ 25، بنحوه عن ابن زيد، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 108 أ، بنحوه عنهما، انظر: "تفسير ابن الجوزى" 5/ 33، عن ابن زيد.]]، وهذا معنى قول ابن عباس: هو أن يقتل غير القاتل، والمعنى: فلا يسرف الوليُّ في القتل، أي لا يتجاوز ما حُدَّ له. ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾، أي: أن الولي كان منصورًا بقتل قاتل وليه والاقتصاص منه، وقد حكم الله تعالى بالسلطان والنصرة لولي المقتول ظلمًا، وقد روي عن زَهْدَم الجَرْمي [[زَهْدَم بن مضرب أو مُضَرِّس -كما في "التقريب"- الجَرْمي، أبو مسلم البصري، ثقة، روى عن ابن عباس وعمران بن حصين، وعنه: قتادة وأبو التياح. انظر: "الجرح والتعديل" 3/ 617، و"الكاشف" 1/ 406، و"تقريب التهذيب" (2039).]] عن ابن عباس: أنه قال: قلت لعلي ابن أبي طالب: وأيم الله لَيَظْهَرنَّ عليكم ابنُ أبي سفيان؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 203 بنصه، و"ابن كثير" 3/ 44، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 328 وعزاه إلى الطبراني وابن عساكر - لم أقف عليه.]]. (وقال الحسن: والله ما نُصِرَ معاويةُ على علي إلا بقول الله: ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]] [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 204 بنصه.]]. وروى العلاء [[العلاء بن عبد الكريم اليَامي، أبو عَوْن الكوفي، ثقة عابد، سمع مجاهد ومرة الهمداني، وعنه: الثوري ووكيع، توفي في حدود سنة (150 هـ) انظر: "التاريخ الكبير" 6/ 514، و"الجرح والتعديل" 6/ 358، و"تقريب التهذيب" (5248).]] عن مجاهد في قوله: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ قال: المسرف: الذي قتل القتيل الأول [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 151، بنحوه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 33، و"القرطبي" 10/ 255.]]؛ فهو الذي أسرف في القتل، وعلى هذا المنهي عن الإسراف القاتل الأول [[في هذا القول تكلُّف وبعد عن الظاهر؛ فالخطاب -حسب الظاهر- موجه إلى ولي المقتول وليس للقاتل، وكيف يخاطب القاتل الأول ويقال له: لا تسرف في == القتل؟! لذلك قال الألوسي: إن هذا الوجه غير وجيه فلا ينبغي التعويل عليه. انظر: "تفسير الألوسي" 15/ 70.]]، ويكون التقدير: فلا يُسرف القاتل في القتل، وجاز أن يضمر وإن لم يجر له ذكر؛ لأن الحال تدل عليه، ومعنى نهيه عن الإسراف: نهيه عن القتل؛ لأنه يكون بقتله مسرفًا، ويكون الضمير على هذا في قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ للمقتول المذكور في قوله: ﴿وَمَنْ قُتِلَ﴾، ويكون التقدير: فلا يُسرف القاتل -الذي يبتدئ- بالقتل؛ لأن من قُتل مظلومًا كان منصورًا؛ بأن يقتصَّ له وليُّه، أو [[في (ب)، (ع): (و).]] السلطان إن لم يكن له ولي، وهذا الاقتصاص إنما هو للمقتول انتقل إلى الولي، بدلالة أن المقتول لو أبرأ من السبب [[في جميع النسخ: (النسب)، وبالمثبت يستقيم الكلام.]] المؤدي إلى الهلاك؛ وهو الجراحة لم يكن للولي أن يقتص، وتكون الآية على هذا ردعًا للقاتل عن القتل [[ورد في "الحجة للقراء" 5/ 99 - 100 بتصرف.]]. وقرأ حمزة والكسائي: (فَلا تُسْرِفْ) بالتاء [[انظر: "السبعة" ص 380، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 372، و"علل القراءات" 1/ 322، و"الحجة للقراء" 5/ 99، و"المبسوط في القراءات" ص 228.]]، وهذه القراءة تحتمل أيضًا وجهين؛ أحدهما: أن يكون الخطاب للمبتدئ؛ القاتل ظلمًا، قيل له: فلا تسرف أيها الإنسان، فتقتل ظلمًا [من ليس] [[هذه إضافة يقتضيها السياق ليستقيم الكلام، وهي ثابتة في المصدر.]] لك قتله؛ إن من قتل مظلومًا كان منصورًا بأخذ القصاص له. والآخر: أن يكون الخطاب للولي، فيكون التقدير: لا تسرف في القتل أيها الولي فتتعدى قاتل وَلِيّك إلى من لم يقتله؛ إن المقتول ظلمًا كان منصورًا، وكل واحد من المقتول ظلمًا ومن ولي المقتول قد تقدم ذكره في قوله: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [[ورد الوجهان في "الحجة للقراء" 5/ 100، بنصه تقريبًا.]]. وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾، أي: أن المقتول إذا قتل بغير حق فهو منصور في الدنيا والآخرة؛ فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله، وأما في الآخرة فإجزال الثواب له وتعذيب قاتله في النار [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 238 بتصرف يسير لكنه مهم؛ إذ غير عبارة الزجاج: ويخلَّد قاتله النار إلى: وتعذيب قاتله في النار، هربًا من قول الوعيدية.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب