الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ﴾ الآية. وَحَى وأوحَى واحد [[يقال: أوْحى لها وَوَحى لها، لكن اللغة الفاشية في القرآن بالألف، وأما في غير القرآن فوحيْتُ إلى فلان هو المشهور. انظر: (وحى) في "تهذيب اللغة" 4/ 3852، و"المحيط في اللغة" 3/ 241، و"الصحاح" 6/ 2519.]]، وهو الإلهام هاهنا، قال المفسرون: ألهَمَها وقذف في أنفسها [[ورد في "تفسير مقاتل" 1/ 204 ب، بنحوه، والطبري 14/ 139 بنصه عن معمر من طريقين، و"معاني القرآن" للنحاس 4/ 83، بنحوه، و"تفسير السمرقندي" 2/ 241، بنحوه، وهود الهواري 2/ 377، بنحوه، والثعلبي 2/ 159 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 199، بنحوه، والطوسي 6/ 402، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 29، وابن الجوزي 4/ 465، والفخر الرازي 20/ 69، و"تفسير القرطبي" 10/ 133.]]، وذكرنا معنى الوحي والإيحاء [[في (أ)، (د): (إيحاء)، والمثبت من (ش)، (ع).]] عند قوله: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [النساء: 163] وفي مواضع. وقوله تعالي: ﴿إِلَى النَّحْلِ﴾، النَّحْل: زنبور [[في (أ)، (د): (زبر)، وفي كتب اللغة: (دَبْرُ العسل)، قال الخازن: "النحل: زنبور العسل، ويسمى الدَّبْر أيضًا". "تفسير الخازن" 3/ 123.]] العَسَلِ، والواحدة نَحْلَة [[انظر: (نحل) في "العين" 3/ 230، و"تهذيب اللغة" 4/ 3032 و"المحيط في اللغة" 3/ 103، و"الصحاح" 5/ 1826، و"اللسان" 7/ 4368.]]. قال الزجاج: جائز أن يكون سمي نحلًا؛ لأن الله عز وجل نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها، وقال غيره: النَّحْل يذكر ويؤنث [[ليس في معانيه، وورد في "تهذيب اللغة" 4/ 3532، بنصه، وقال الأزهري في مادة (نحل) "فمن ذكَّر النحل فلأن لفظه مذكَّر، ومن أنث فلأنه جَمْعُ نحْلَة".]]، وهي مؤنثة في لغة الحجاز؛ ولذلك أنثها الله تعالى، وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء. وقال أهل المعاني: الله تعالى أوحى إلى كل دابة وذي روح وحي الإلهام في التماس منافعها واجتناب مضارِّهَا، فذكر من ذلك أمر النحل؛ لأن فيها من لطيف الصنعة وبديع الخلق ما فيه أعظم معتبر، بأن ألهمها اتخاذ المنازل والمساكن [[ورد في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 210، بنحوه.]]، وذلك قوله: ﴿أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ﴾، قال ابن عباس: هي تتخذ من الجبال لأنفسها إذا كانت لا أصحاب لها [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 414، بنصه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾، أي: يبنون ويسقفون، وفيه لغتان: قُرئ بها ضَمُّ الراء [[قرأ بضم الراء: ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: ﴿يَعْرِشُونَ﴾، انظر: "السبعة" ص 374، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 358، و"الحجة للقراء" 5/ 76، و"حجة القراءات" ص 392، و"المُوضح في وجوه القراءات" 2/ 740.]] وكسرها [[قرأ الباقون بكسر الراء: ﴿يَعْرِشُونَ﴾، وروى حفص عن عاصم بكسر الراء أيضًا. انظر: المصادر السابقة.]] مثل يَعْكِفون ويَعْكُفون. قال ابن عباس: يريد ما يعرش الناس لها من الجِبَاح [[الأجْبُح: مواضِع النحل في الجبل، والواحد: جِبْحٌ وجِبَحٌ. انظر: "المحيط في اللغة" (جبح) 2/ 416، و"مجمل اللغة" 1/ 205.]]؛ وهو: خلايا النحل [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 70، و"تفسير القرطبي" 10/ 134، وأبي حيان 5/ 512، كلها بنحوه وبلا نسبة.]]. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ هو الكروم [[أخرجه الطبري 14/ 139 بلفظه، ورد في "تقسير الثعلبي" 2/ 159 ب، بلفظه، و"تفسير الماوردي" 3/ 199، بلفظه، والطوسي (6/ 402) بلفظه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 29، و"تفسير ابن عطية" 8/ 461، وابن الجوزي 4/ 465، وأبي حيان 5/ 512.]]، ولا معنى للكروم هاهنا؛ لأنها لا تأوي الكُرُومَ، والمعنى ما قاله ابن عباس أن معنى يعرشون: يبنون لها من خلاياها، ويعرشون صحيح في البناء للكروم، ولكن المراد هاهنا في البناء للنحل لا الكَرْم. قال أهل المعاني: لولا التسخير وإلهام الله تعالى ما كانت تأوي إلى ما يبني لها الناس من بيوتها [[انظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 465.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب