الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ﴾ وروي عن ابن كثير: استايسوا [[في (ج): (استياسوا).]]، و (حتى إذا استايس [[في (ج): (استياس).]] الرسل) بغير همز [[روى خلف والهيثم عن عُبيدة عن شبل عن ابن كثير بغير همز، والباقون بالهمز بين الباء والسين، انظر: السبعة ص350، "إتحاف" ص 266.]]، ويئس واستايس [[في (ج): (واستياس).]] واحد، مثل: عجيب واستعجب، وسخر واستسخر، وفي يئس لغتان: يئس وييئس مثل حسب يحسب ويحسب، ومن قال: استايس، قلب العين إلى موضع الفاء فصار استفعل، ولفظه: استأئس، ثم خفف الهمزة وأبدلها الفاء مثل: راس وفاس، وقد قلب هذا الحرف في غير هذا الموضع فقالوا: يئس يائس، وهو مقلوب من: يئس ييئس، وهو الأصل بذلك على ذلك، أن المصدر لا نعلمه جاء إلا على تقديم الياء، فأما قولهم: لا يأس، فليس مصدر آس، ولو كان كذلك لكان من باب جذب وجبذ، في أن كل واحد منهما أصل على حدة، وليس أحدهما مقلوبًا عن صاحبه، ولكن: أياسًا مصدر أُسُّهُ آوُسَهُ أوسًا وإياسًا إذا أعطيتهُ، والإياس مثل القيام والعياذ [[في "الحجة" 4/ 434: "مثل القياس والقياد".]]، وإنما سمي الرجل باياس وَآوس، كما يُسَمى بعطاء وعطية، ومن ذلك قول الجعدي [[عجز بيت للجعدي، وصدره:
ثلاثة أهلية أفنيتهم
والمستآس: المستعاض. انظر: شعره: 78 ، و"اللسان" (أوس) 1/ 170، و"التنبيه == والإيضاح" 2/ 259، كتاب العين 7/ 330 و"مقاييس اللغة" 1/ 150، 156، و"تهذيب اللغة" 1/ 230، و"مجمل اللغة" 1/ 107، و"أساس البلاغة" (أوس)، و"تاج العروس" (أوس) 8/ 194، و"الشعر والشعراء" ص 180.]]:
وكانَ الإله هو المستآسا وهو مستفعل من العطاء، أي: يُسأل أن يعطى، هذا قول أبي علي الفارسي [["الحجة" 4/ 433 - 435 بتصرف.]]. وقال غيره: آيس لغة في: يئس وآيسته، أي: أيأسته، وهو اليأس والإياس.
قال ابن عباس [[انظر: "زاد المسير" 4/ 266، القرطبي 9/ 241.]]: يريد يئسوا أن يخلى سبيله معهم.
وقوله تعالى: ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ يقال: خلص الشيء خلوصًا، إذا ذهب عنه الشائب من غيره، ومعنى خلصوا هاهنا: انفردوا من غير أن يكون معهم من ليس منهم، والنجي صفة فعيل بمعنى المناجي، يقع على الكثير كالصديق والرفيق والحميم، ومثله: العري والنجوى مصدر ثم يوصف بهما، فيستوي فيهما الواحد والجمع والمؤنث والمذكر، قال الله تعالى: ﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم: 52] فوصف به الواحد، وقال في الجمع: ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾، وقال ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ [الإسراء: 52] فجعله جمعًا، وقال: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ [المجادلة: 7].
والنجوى: الرجال المتناجون هاهنا، وقال في المصدر: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ [المجادلة: 10] يقال: نجوت فلانًا أنجوه نجوى، إذا ناجيته، هذا الذي ذكرنا قول جميع أهل اللغة [[انظر: "تهذيب اللغة" (نجا) 4/ 3510، و"اللسان" (نجا) 7/ 4361.]] وأنشدوا [[للصلتان العبدي، من وصيته المشهورة لابنه. == انظر: "الحماسة" 3/ 112، و"الشعر والشعراء" ص 333، "الخزانة" 1/ 308، والطبري 13/ 33، والخب (بكسر الخاء): المكر، والخب (بفتحها): المكار.]]: بُنَيّ بدا خَبُّ نَجْوى الرجالِ ... فكُنْ عند سِرّك خَبَّ النَّجِي
والبيت للصلتان العبدي [[وهو قثم بن خبية العبدي من بني محارب بن عمرو، من بني عبد القبس، شاعر حكيم، وله قصيدة في الحكم بين جرير والفرزدق، فضل فيها شعر جرير وقوم الفرزدق، توفي سنة 80 هـ، انظر: "الشعر والشعراء" ص 331، و"الأعلام" 5/ 190.]]، والنجوى فيه مصدر، والنجي صفة، يقول: بدا غش مناجاة الرجال فكن غاشًّا بنجيك الذي تناجيه، أي: لا تطلعه على سرك، ويجمع على أنجية، ومنه قول لبيد [[انظر: "ديوانه" ص 47، وابن عطية 8/ 43، و"البحر المحيط" 5/ 335، و"الدر المصون" 6/ 539، و"مجاز القرآن" 1/ 315، والطبري 13/ 33، و"اللسان" (ردف) 3/ 1626، و"تهذيب اللغة" 1/ 173، و"تاج العروس" (أفق) 13/ 8.
من أبيات يقولها لابنته بسرة يذكر طول عمره، والأفاقة: اسم موضع حيث كان اليوم المشهود بين لبيد، والربيع بن زياد العبسي، وأرداف الملوك: من الردف وهو الذي يكون مع الملك وينوب عنه إذا قام من مجلسه.]]:
وشَهِدْتُ أنْجِيةَ الأفاقةِ عاليًا ... كَعْبي وأرْدَافُ الملوك شُهُودُ
ويجمع النبي أيضًا أنجيا، وأما تفسير ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ فقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 124.]]: انفردوا وليس معهم أخوهم متناجين فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم من غير أن يرجعوا بأخيهم إليه، وقال ابن قتيبة [["مشكل القرآن وغريبه" ص 227.]]: اعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم يتناجون ويتناظرون، وقال الأزهري [["تهذيب اللغة" (خلص) 1/ 1082.]]: تميزوا عن [[في (ج): (على).]] الناس يتناجون فيما أهمهم، فأبو إسحاق حمل الخلوص على أنهم خلصوا وانفردوا من أخيهم في المناجاة، ونحوه قال ابن الأنباري، وغيرهما: يحمله على اعتزالهم عن غيرهم من الناس وهو الظاهر.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ قال عطاء عن ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 266، البغوي 4/ 265.]]: يعني يهوذا وكان أعقلهم، وهو قول وهب [[الثعلبي 7/ 101 ب.]] والكلبي [[البغوي 4/ 265، الثعلبي 7/ 101 ب، القرطبي 9/ 241.]] ومقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 156 ب.]]: لم يكن أكبرهم في السن لكنه كان أكبرهم في صحة الرأي.
وقال مجاهد [[الطبري 13/ 34، البغوي 4/ 265، الثعلبي 7/ 101 ب، القرطبي 9/ 241.]]: شمعون، وكان أكبرهم في العلم والعقل لا في السن.
وقال قتادة [[الطبري 13/ 34، البغوي 4/ 265، الثعلبي 7/ 101 ب.]] والسدي [[الطبري 13/ 34، البغوي 4/ 265، الثعلبي 7/ 101 ب.]] والضحاك [[البغوي 4/ 265، الثعلبي 7/ 101 ب.]] وكعب [[الثعلبى 7/ 101 ب.]]: هو روبيل وكان أكبرهم سنًّا، وهذا هو الظاهر [[قلت: وقد رجح هذا القول الطبري 13/ 34، فقال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: عني بقوله ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ روبيل، لإجماع جميعهم على أنه كان أكبرهم سنًا، ولا تفهم العرب في المخاطبة إذا قيل لهم: "فلان كبير القوم" مطلقًا بغير وصل، إلا أحد معنيين، إما في الرئاسة عليهم والسؤدد وإما في السنن وإما في العقل، فإنهم إذا أرادوا ذلك وصلوه فقالوا: "وهو كبيرهم في العاقل" == فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلا ما ذكرت، وقد قال أهل التأويل: لم يكن لشمعون على إخوته رياسة وسؤدد، فيعلم بذلك أنه عني بقوله ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ فإذا كان ذلك كذلك، فلم يبق إلا الوجه الآخر وهو الكبر في السن، وقد قال الذين ذكرنا جميعًا: "روبيل كان أكبر القوم سنًا" فصح بذلك القول الذي اخترناه. اهـ" واستظهر هذا القول ابن عطية 8/ 43.]].
[وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ] [[ما بين المعقوفين ساقط من ب.]] مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ أي في حفظكم الأخ ورده إلى أبيه، وذكرنا الكلام في قوله: ﴿مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ [[عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ 67.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ في يُوسُفَ﴾ وذكر الفراء [["معاني القرآن" 2/ 53.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 124.]] وابن الأنباري في "ما" ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون المعنى ومن قبل تفريطكم في يوسف أي: وقع وظهر تفريطكم، فـ"ما" يكون موضعها رفعًا، وتكون مع الفعل بمنزلة المصدر.
الثاني: أن يكون "ما" في موضع نصب نسق على المعنى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ﴾، ومن قبل تفريطكم في يوسف.
الثالث: أن تكون لغوًا لا موضع لها من الإعراب، وتلخيصها: ومن قبل فرطتم في يوسف [[قال الزجاج وهو أجود الأوجه. "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 124.]]، وذكرنا معنى التفريط في قوله: ﴿وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [[الأنعام: 61، وقد قال هنالك: (ومعني التفريط: تقدمة العجز) تفسير البسيط، تحقيق: د. الفايز ص 260.]].
وقوله تعالى: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾ يقال: برح الرجل براحًا وبروحًا، إذا رام من موضعه، ذكره الفراء [[كتاب المصادر مفقود.]] في المصادر، وأراد الأرض [[في (ب): (بالأرض).]] موضعه ذلك في قول ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 153]]، وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 125.]]: يريد أرض مصر، وإلا فالناس كلهم على الأرض.
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 267.]]: حتى يبعث إلى أبى أن آتيه.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ يَحْكُمَ الله لِي﴾ قال: يريد أو يقضي في أمري شيئًا، وقال غيره: أو يحكم الله لي لمحاربة [[في (ج): (كمحاربة).]] أو غيرها مما أراد به أخي على أبيه فاحارب مَن حبسه، ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾: أعدلهم وأفضلهم.
{"ayah":"فَلَمَّا ٱسۡتَیۡـَٔسُوا۟ مِنۡهُ خَلَصُوا۟ نَجِیࣰّاۖ قَالَ كَبِیرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَیۡكُم مَّوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِی یُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ یَأۡذَنَ لِیۤ أَبِیۤ أَوۡ یَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِیۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق