الباحث القرآني
﴿فَلَمّا اسْتَيْأسُوا مِنهُ﴾ أيْ: يَئِسُوا مِن يُوسُفَ وإجابَتِهِ لَهم أشَدَّ يَأْسٍ بِدَلالَةِ صِيغَةِ الِاسْتِفْعال، وإنَّما حَصَلَتْ لَهم هَذِهِ المَرْتَبَةُ مِنَ اليَأْسِ لِما شاهَدُوهُ مِن عَوْذِهِ بِاللَّهِ مِمّا طَلَبُوهُ الدّالِّ عَلى كَوْنِ ذَلِكَ عِنْدَهُ في أقْصى مَراتِبِ الكَراهَةِ، وأنَّهُ مِمّا يَجِبُ أنْ يُحْتَرَزَ عَنْهُ ويُعاذَ مِنهُ بِاللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - ومِن تَسْمِيَتِهِ ظُلْمًا بِقَوْلِهِ: (إنّا إذًا لَظالِمُونَ) ﴿خَلَصُوا﴾ اعْتَزَلُوا وانْفَرَدُوا عَنِ النّاسِ ﴿نَجِيًّا﴾ أيْ: ذَوِي نَجْوى، عَلى أنْ يَكُونَ بِمَعْنى النَّجْوى والتَّناجِي، أوْ فَوْجًا نَجِيًّا عَلى أنْ يَكُونَ بِمَعْنى المُناجِي كالشَّعِيرِ والسَّمِيرِ بِمَعْنى المُعاشِرِ والمُسامِرِ، (p-300)وَمِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا﴾ ويَجُوزُ أنْ يُقالَ: هم نَجِيٌّ كَما يُقالُ: هم صَدِيقٌ؛ لِأنَّهُ بِزِنَةِ المَصادِرِ مِنَ الزَّفِيرِ والزَّئِيرِ.
﴿قالَ كَبِيرُهُمْ﴾ في السِّنِّ وهو رُوبِيلُ، أوْ في العَقْلِ وهو يَهُوذا، أوْ رَئِيسُهم شَمْعُونُ: ﴿ألَمْ تَعْلَمُوا﴾ كَأنَّهم أجْمَعُوا عِنْدَ التَّناجِي عَلى الِانْقِلابِ جُمْلَةً ولَمْ يَرْضَ بِهِ، فَقالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ: ألَمْ تَعْلَمُوا ﴿أنَّ أباكم قَدْ أخَذَ عَلَيْكم مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾ عَهْدًا يُوثَقُ بِهِ، وهو حَلِفُهم بِاللَّهِ تَعالى، وكَوْنُهُ مِنَ اللَّهِ لِإذْنِهِ فِيهِ وكَوْنِ الحَلِفِ بِاسْمِهِ الكَرِيمِ ﴿وَمِن قَبْلُ﴾ أيْ: ومِن قَبْلُ هَذا ﴿ما فَرَّطْتُمْ في يُوسُفَ﴾ قَصَّرْتُمْ في شَأْنِهِ، ولَمْ تَحْفَظُوا عَهْدَ أبِيكُمْ، وقَدْ قُلْتُمْ: ﴿ (وَإنّا لَهُ لَناصِحُونَ)﴾ ﴿ (وَإنّا لَهُ لَحافِظُونَ)﴾ و"ما" مَزِيدَةٌ أوْ مَصْدَرِيَّةٌ، ومَحَلُّ المَصْدَرِ النَّصْبُ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ (تَعْلَمُوا) أيْ: ألَمْ تَعْلَمُوا أخْذَ أبِيكم عَلَيْكم مَوْثِقًا وتَفْرِيطَكُمُ السّابِقَ في شَأْنِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ولا ضَيْرَ في الفَصْلِ بَيْنَ العاطِفِ والمَعْطُوفِ بِالظَّرْفِ، وقَدْ جُوِّزَ النَّصْبُ عَطْفًا عَلى اسْمِ (أنَّ) والخَبَرِ في يُوسُفَ، أوْ (مِن قَبْلُ) عَلى مَعْنى: ألَمْ تَعْلَمُوا أنَّ تَفْرِيطَكُمُ السّابِقَ وقَعَ في شَأْنِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أوْ أنَّ تَفْرِيطَكُمُ الكائِنَ أوْ كائِنًا في شَأْنِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وقَعَ مِن قَبْلُ، وفِيهِ أنَّ مُقْتَضى المَقامِ إنَّما هو الإخْبارُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ التَّفْرِيطِ لا بِكَوْنِ تَفْرِيطِهِمُ السّابِقِ واقِعًا في شَأْنِ يُوسُفَ، كَما هو مُفادُ الأوَّلِ، ولا بِكَوْنِ تَفْرِيطِهِمُ الكائِنِ في شَأْنِهِ واقِعًا مِن قَبْلُ كَما هو مُفادُ الثّانِي، عَلى أنَّ الظَّرْفَ المَقْطُوعَ عَنِ الإضافَةِ لا يَقَعُ خَبَرًا، ولا صِفَةً، ولا صِلَةً، ولا حالًا عِنْدَ البَعْضِ كَما تَقَرَّرَ في مَوْضِعِهِ.
وَقِيلَ: مَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ (مِن قَبْلُ) وفِيهِ ما فِيهِ، وقِيلَ: ما مَوْصُولَةٌ أوْ مَوْصُوفَةٌ، ومَحَلُّها النَّصْبُ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ (تَعْلَمُوا) أيْ: ما فَرَّطْتُمُوهُ بِمَعْنى قَدَّمْتُمُوهُ في حَقِّهِ مِنَ الخِيانَةِ، وأمّا النَّصْبُ عَطْفًا عَلى اسْمِ (إنَّ) والرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ فَقَدْ عَرَفْتَ حالَهُ.
﴿فَلَنْ أبْرَحَ الأرْضَ﴾ مُتَفَرِّعٌ عَلى ما ذَكَرَهُ وذَكَّرَهُ إيّاهم مِن مِيثاقِ أبِيهِ، وقَوْلِهِ: ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أنْ يُحاطَ بِكُمْ﴾ أيْ: فَلَنْ أُفارِقَ أرْضَ مِصْرَ جارِيًا عَلى قَضِيَّةِ المِيثاقِ ﴿حَتّى يَأْذَنَ لِي أبِي﴾ في البَراحِ بِالِانْصِرافِ إلَيْهِ، وكَأنَّ أيْمانَهم كانَتْ مَعْقُودَةً عَلى عَدَمِ الرُّجُوعِ بِغَيْرِ إذَنْ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿أوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾ بِالخُرُوجِ مِنها عَلى وجْهٍ لا يُؤَدِّي إلى نَقْضِ المِيثاقِ، أوْ بِخَلاصِ أخِي بِسَبَبٍ مِنَ الأسْبابِ.
رُوِيَ أنَّهم كَلَّمُوا العَزِيزَ في إطْلاقِهِ فَقالَ رُوبِيلُ: أيُّها المَلِكُ لَتَرُدَّنَ إلَيْنا أخانا، أوْ لَأصِيحَنَّ صَيْحَةً لا تَبْقى بِمِصْرَ حامِلٌ إلّا ألْقَتْ ولَدَها، ووَقَفَتْ كُلُّ شَعَرَةٍ في جَسَدِهِ فَخَرَجَتْ مِن ثِيابِهِ، وكانَ بَنُو يَعْقُوبَ إذا غَضِبُوا لا يُطاقُونَ خَلا أنَّهُ إذا مَسَّ مَن غَضِبَ واحِدٌ مِنهم سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقالَ يُوسُفُ لِابْنِهِ: قُمْ إلى جَنْبِهِ فَمُسَّهُ فَمَسَّهُ، فَقالَ رُوبِيلُ: مَن هَذا؟ إنَّ في هَذا البَلَدِ بَذْرًا مِن بَذْرِ يَعْقُوبَ ﴿وَهُوَ خَيْرُ الحاكِمِينَ﴾ إذًا لا يَحْكُمُ إلّا بِالحَقِّ والعَدْلِ.
{"ayah":"فَلَمَّا ٱسۡتَیۡـَٔسُوا۟ مِنۡهُ خَلَصُوا۟ نَجِیࣰّاۖ قَالَ كَبِیرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَیۡكُم مَّوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِی یُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ یَأۡذَنَ لِیۤ أَبِیۤ أَوۡ یَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِیۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق