الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ قال ابن عباس [[الطبري 12/ 163، ابن أبي حاتم 7/ 2111 ب وانظر. "الدر" 4/ 16، وعبد الرزاق 2/ 318.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 163، القرطبي 9/ 149، ابن أبي حاتم 7/ 2111 ب.]] وعامة المفسرين [[الطبري 12/ 163، والبغوي 4/ 222، و"زاد المسير" 4/ 193، والرازي 18/ 102.]]: كان ذلك دم سَخْلة، وقيل جدي [[قاله السدي كما في الطبري 12/ 163، والشعبي كما في الطبري 12/ 164.]]، وقيل: حمل، كل هذا من لفظهم. قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 38.]] وأبو العباس [["تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 3115.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 96.]] وابن الأنباري [[الرازي 18/ 102.]] وأصحاب العربية [["معاني القرآن" 2/ 590، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة 1/ 217، و"تهذيب اللغة" للأزهري 10/ 167.]] ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ أي مكذوب فيه، إلا أنه وصف بالمصدر على تقدير: ذي كذب، ولكنه أجري على الوصف بالمصدر للمبالغة، وهذا معنى قول الأخفش [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 590.]]: جعل الدّمَ كذبًا لأنه كذب فيه، كما قال ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: 16] قالوا: والمفعول والفاعل يسميان بالمصدر كما يقال: ماء سكب، أي: مسكوب، ودرهم ضرب الأمير، وثوب نسج اليمن، والفاعل كقوله ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: 30] ورجل عدل وصوم [[(صوم): ساقطة من (ج).]]، ونساء نَوْح ومنه [[بعض بيت من الوافر وتمامه: هَريْقي منْ دموعها سجالا ... صنباعَ وجاوبي نَوْحًا قيامًا ولم ينسبه الواحدي هنا، وهو بلا نسبة أيضاً في "مجاز القرآن" 1/ 404، الطبري 15/ 249 (العلمية)، القرطبي 10/ 409.]]: ... وجاوبي نَوْحًا قِيَاما ولما سميتا بالمصدر، سُمِّي المصدرُ بهما، فقالوا للعقل: المعقول، وللجلد: المجلود، ومنه قوله تعالي: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ [القلم: 6] وقالوا للكذب الكاذبه، وللخيانة الخائنة، ومثله العاقبة والعافية. قال الحسن [[الطبري 12/ 164، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 4/ 16، وانظر: "تفسير الحسن" 2/ 29.]] وسعيد بن جبير [[أخرجه الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس 12/ 164 وكذا ابن أبي حاتم 7/ 211 ب.]]: لما جاءوا يعقوب بالقميص ملطخًا بالدم، قال: كذبتم، ما عهدي [[في (أ)، (ج): (ما عهد بي).]] بالذئب حليمًا، لو كان أكله لخرق قميصه. وقال الكلبي عن ابن عباس [[ذكره الفراء في "معاني القرآن" 2/ 38، و"زاد المسير" 4/ 193، والقرطبي 9/ 149.]]: قال لهم: لقد كان هذا الذئب رفيقًا حين أكل ابني ولم يخرق قميصه، قالوا: فقتله اللصوص، قال: كيف قتلوه وتركوا قميصه، وهم إلى قميصه أحوج منهم إلى قتله. وقوله تعالى: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 147.]] وعامة المفسرين [[الثعلبي 7/ 67 ب، والطبري 12/ 165، والبغوي 4/ 223، و"زاد المسير" 4/ 193، القرطبي 9/ 151، و"مشكل القرآن وغريبه" 217، و"مجاز القرآن" 1/ 303.]]: زينت لكم أنفسكم أمرًا. قال أهل المعاني: التسويل تقدير معنى في النفس على الطمع في تمامه، وقوله ﴿بَل﴾ رد لقولهم: أكله الذئب، كأنه قال: ليس كما تقولون، بل سولت لكم أنفسكم أمرًا غير ما تصفون. وقال الأزهري [["تهذيب اللغة" 13/ 67، وهذا السياق نص نسخة (ج)، وفي الأصل [فيزين لطالبها الباطل والغرور].]]: وكأن التسويل تفعيل من سوْل الإنسان، وهي أمنيته التي يطلبها، فيزين لطالبها الباطل وغيره من أمر الدنيا، وأهله مهموز غير أن العرب استثقلوا فيه الهمز لما كثر في كلامهم. وقوله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ قال مجاهد [[الطبري 12/ 165، وعبد الرزاق 2/ 318، وابن أبي حاتم 7/ 2112 أ، والفريابي وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 4/ 19.]]، والمفسرون [[الطبري 12/ 165، الثعلبي 7/ 67 ب، البغوي 4/ 223، و"زاد المسير" 4/ 193.]]: أي صبر ليس فيه جزع ولا شكوى، وروي مرفوعًا أن النبي ﷺ، سئل عن الصبر الجميل فقال: "هو صبرٌ لا شكوى فيه" [[أخرجه الطبري 12/ 165، وابن أبي حاتم 7/ 2112 أ. قال المناوي: هو من حديث حبان بن حيلة وهو مرسل، و"الفتح السماوي" 2/ 727.]]. وقال أهل المعاني: الصبر الجميل هو أن يصبر حتى لا يظهر فيه تغير بعبوس وجه وانقباض عما كان يتبسط [[في (ب): (تبسط).]] فيه قبل المصيبة. واختلفوا في وجه ارتفاع الصبر، فقال الخليل [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 96، و"زاد المسير" 4/ 193.]]: معناه: فالذي أعتقده صبر جميل. وقال قطرب [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 96، و"زاد المسير" 4/ 193، والقرطبي 9/ 151.]]: معناه: فصبري صبر جميل. وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 53، و"زاد المسير" 4/ 193.]]: فهو صبر جميل، وقال أبو عبيد [[انظر: "البحر المحيط" 5/ 289، و"الدر المصون" 6/ 457.]]: تقديره: فليكن مني صبر جميل. وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 96.]]: فشأني صبر جميل، قال ابن الأنباري: والمعاني متقاربة. وقال بعضهم: فصبر جميل أولى بي، وعلى هذا هو ابتداء وخبره محذوف. وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 96.]]: ويجوز في غير القرآن: فصبرًا جميلاً، وأنشد [[الأبيات لملبد بن حرملة، في ابن السيرافي ص 228 وبلا نسبه في "معاني الفراء" 2/ 54، و"معاني الزجاج" 3/ 97، و"تأويل مشكل القرآن" ص 107، و"مجاز القرآن" 1/ 303، 304، و"اللسان" (شكا) 4/ 2114، و"تهذيب اللغة" 2/ 1909، والقرطبي 9/ 153، و"كتاب سيبويه" 1/ 321، و"شواهد الكشاف" (شكا إلي جملي).]]: يَشْكُو إليَّ جَمَلِي طُولَ السّرَى ... يا جَمَلِي ليسَ إليَّ المُشْتَكَى قال: وروي: صبرًا، على فاصبرْ صبرًا، قال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 303.]] وغيره: الأحسن إذا وصف الصبر الرفع، وإذا أفرد النصب. وأنشدوا [[كذا في النسخ ولعل البيت: (ألا يا نمامي فصبرًا ..) وبه يستقيم الوزن، وهو من الطويل، ولم أقف عليه.]]: ألا انمامي فصَبْرًا بَليَّة ... وقد يُبْتَلَى المَرْءُ الكَرِيمُ فيَصبِرُ وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ قال أهل المعاني: هذا بيان عما يوجبه التقى من الصبر الجميل عند المصيبة، والاستعانة بالله عزّ وجلّ عندما يعرض من الأمور الهائلة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب