الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿قالُوا ياأَبانا إنّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وما أنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا ولَوْ كُنّا صادِقِينَ وجاءُوا عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: ١٧ ـ ١٨].
حذَّرَ يعقوبُ بَنِيهِ مِن أنْ يأكُلَ الذئبُ يوسُفَ، كما قال: ﴿وأَخافُ أنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ ﴾ [يوسف: ١٣]، ومع ذلك جاؤوا وقالوا: ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾.
العَمَلُ بالقرائنِ عند غيابِ الأدلَّة:
وقد جاء إخوةُ يوسُفَ على قميصِهِ بدمٍ ليس دمَهُ، وذلك لإيجادِ قرينةٍ تُثبِتُ صِدقَهُمْ عندَه، ولم يَقبَلْ يعقوبُ ذلك، وفي هذا أنّ القرينةَ إنْ كانتْ ظنيَّةً أو متوهَّمةً لا يَقبلُها القاضي في الخصوماتِ وغيرِها منفرِدةً، ويعقوبُ لم يَقبَلْ تلك القرينةَ التي جاؤوا بها، وهي الدمُ، لِقرائنَ قابَلَتْها أو غلَبَتْها:
أوَّلُـهـا: أنّ يعقوبَ حذَّرَ مِن أكلِ الذئبِ ليوسُفَ، لعِلْمِهِ أنّه أقرَبُ خطرٍ يُمكِنُ أنْ يَصِلَ إلى يوسُفَ، والعادةُ: أنّ الرجُلَ إنْ حذَّرَ مِن شيءٍ ونبَّهَ عليه أنْ يُحذَرَ منه ويُنتبَهَ إليه، فجعَلَ يعقوبُ ذلك قرِينةً على عدمِ صِدْقِهم، لأنّه حذَّرَ مِن ذلك، وفي الظاهرِ فإنّهم إمّا أنْ يكونوا مفرِّطِين، وإمّا أن يكونوا كاذبِين، وكِلاهما لا يَخرُجونَ فيه عن اللَّوْمِ.
ثانيهـا: أنّهم جاؤوا بدمٍ كَذِبٍ ليس دمَ إنسانٍ، وصاحبُ الخِبْرةِ يُفرِّقُ بينَهما، وجاؤوا بقميصِهِ وليس فيه تمزيقٌ مِن نابِ الذئبِ وأظفارِه، كما قال ابنُ عبّاسٍ: «لَوْ أكَلَهُ الذِّئْبُ، لَخَرَقَ القَمِيصَ»[[«تفسير الطبري» (١٣ /٣٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٧ /٢١١١).]]. وبنحوِهِ قال الشَّعْبيُّ[[«تفسير الطبري» (١٣ /٣٨)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٧ /٢١١١).]]، وقد قال قتادة والسُّدِّيُّ: «إنّ يعقوبَ قال: إنّ هذا لَسَبُعٌ رحيمٌ!»[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٧ /٢١١١).]].
ثـالـثُهـا: أنّهم جاؤوا بقميصِهِ ولم يأتوا بشيءٍ مِن بدَنِه، ومعلومٌ أنّ الذئبَ لا يبتلعُ الإنسانَ كابتلاعِ الحوتِ، فكيف استلُّوا قميصَهُ ولم يَجِدُوا جسدَهُ أو شيئًا منه؟!
رابعُها: أنّ يعقوبَ عَلِمَ مِن سالفِ أمرِهم ما يدُلُّ على كَذِبِهم، وهذا في قولِهِ: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرًا﴾، فكأنّه استدَلَّ بحالِ نفسِهِمُ السابقةِ معه على أمرٍ لاحقٍ، وهو التخلُّصُ منه.
وجمعُ القرائنِ عندَ الفَصْلِ ـ خاصَّةً في الدماءِ ـ مِن واجباتِ القاضي، فإنْ أخَذَ بقرينةٍ ولم يَسبُرْ ما يُقابِلُها ويَجمَعْهُ، وقَعَ في الخطأِ في حُكْمِهِ عندَ غيابِ الأدلَّةِ، فإنّ القرائنَ تقومُ مقامَ الأدلَّةِ إنْ غابَتْ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["قَالُوا۟ یَـٰۤأَبَانَاۤ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا یُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ وَمَاۤ أَنتَ بِمُؤۡمِنࣲ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَـٰدِقِینَ","وَجَاۤءُو عَلَىٰ قَمِیصِهِۦ بِدَمࣲ كَذِبࣲۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ فَصَبۡرࣱ جَمِیلࣱۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ"],"ayah":"وَجَاۤءُو عَلَىٰ قَمِیصِهِۦ بِدَمࣲ كَذِبࣲۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ فَصَبۡرࣱ جَمِیلࣱۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق