الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾ هذا مذكور في سورة الأعراف، وقوله: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه﴾ الإتباع طلب اللحاق بالأول واستقصاء هذا مذكور في قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: 175]. وقوله تعالى: ﴿بَغْيًا وَعَدْوًا﴾ البغي: طلب الاستعلاء بغير حق، والعدْو: الظلم، وهذا ما سبق القول فيه [[انظر المصدر السابق 1/ 381.]]، وقوله تعالى: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ﴾، وقرئ بكسر الألف [[قرأ حمزة والكسائي وخلف (إنه) بكسر الهمزة والباقون بفتحها. انظر: كتاب "السبعة" ص 330، "إرشاد المبتدي" ص 365، "تقريب النشر" ص 123.]]، فمن فتح الألف فلأن هذا الفعل يصل بحرف الجر نحو: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: 3] فلما حذف الحرف وصل الفعل إلى (أن) فصار [[في (ى): (صار).]] في موضع نصب أو خفض على الخلاف في ذلك، ومن [[في (ى): (وإن)، وهو خطأ.]] كسر الألف حمله على القول المضمر، كأنه: آمنت فقلت إنه، وإضمار القول في هذا النحو كثير، ولإضمار القول من المزية هنا أن قلت: إنه لا إله إلا الله في المعنى إيمان [[يعني: أن قول كلمة الإخلاص إيمان، فقولها بمعنى قول: آمنت.]]، فإذا قال: آمنت، فكأنه قد ذكر ذلك. قال ابن عباس في هذه الآية: فلم يقبل الله إيمانه عند [نزول العذاب، وقد كان في مهل، ولم يفعل الله ذلك بأحد عند] [[ما بين المعقوفين ساقط من النسخ عدا (م).]] نزول العذاب، أو غرغرة الموت من المشركين، إلا قوم يونس [[لم أجده بهذا السياق، وقد ذكر أوله ابن الجوزي 4/ 59، وروى نجاة قوم يونس عنه جمع من المفسرين. انظر: "الدر المنثور" 3/ 568 - 569.]] وهذا قول جميع المفسرين [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 162، والسمرقندي 2/ 110، والزمخشري 2/ 251، وابن الجوزي 4/ 602، والرازي 17/ 154.]]، قالوا: إن فرعون تلفظ بما ذكر الله عنه من قوله: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} فلم ينفعه ذلك؛ لأن التوبة مقبولة إلى أن يعاين ملك الموت وأعوانه من الملائكة، وعدو الله فرعون جنح إلى التوبة حين أغلق بابها بحضور الموت، ومعاينة الملائكة، فقيل له [[ساقط من (ح) و (ز).]] (آلآن وقد عصيت قبل) [[في (ى): (وكنت من المفسدين)، ولم أثبت هذه الزيادة لانفراد النسخة (ى) بذلك مع كثرة أخطائها، ثم إن المؤلف لم يتطرق إلى تفسير هذه الجملة.]] يراد الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها وآثرت دنياك الفانية على الآخرة؟! والظرف متعلق بمحذوف تدل عليه الحال، تقديره: الآن آمنت أو تؤمن أو تتوب، والمفسرون على أن جبريل خاطب فرعون بهذا الخطاب [[انظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 26 ب، والبغوي 4/ 148، وابن الجوزي 4/ 60، وقد ذهب فريق من المفسرين إلى أن المخاطب له هو تعالى، وإليه ذهب ابن جرير 11/ 164، والسمرقندي 2/ 110، وهو الظاهر ويدل عليه قوله تعالى بعد ذلك: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.]]. وقال صاحب النظم: قوله: ﴿آمَنَتْ﴾ إلى آخر الآية، قد يعلم الجميع أن الغريق -سيّما من يكون غرقه نقمة من الله- لا يمكنه أن يلفظ بمثل هذا المنطق [[ساقط من (ي).]] لما يكون فيه من الشغل بالموت، والمعنى إن شاء الله: إن الله عز وجل علم ما وقع في قلبه حينئذ من اليقين والندامة على ما فرط منه، فذكر ذلك عنه وجعله قولاً، كما قال: ﴿وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ﴾ [المجادلة: 8] فأخرج إضمارهم مخرج القول، ومثله قوله: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان: 9] الآية. وجاء في الخبر: إن الله أثنى عليهم بما في ضميرهم، وهم لم يقولوا ذلك، ولكن الله علم ذلك من ضمائرهم فمدحهم به حتى كأنهم قالوا ذلك [[الخبر عن مجاهد، ولفظه: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ الآية، قال: لم يقل القوم ذلك حين أطعموهم، ولكن علم الله من قلوبهم فأثنى به عليهم. رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 337، وابن جرير 29/ 211 (طبعة الحلبي).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب