﴿ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا وظِلالُهم بِالغُدُوِّ والآصالِ﴾ ﴿قُلْ مَن رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أفاتَّخَذْتُمْ مِن دُونِهِ أوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأنْفُسِهِمْ نَفْعًا ولا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ أمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ والنُّورُ أمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وهو الواحِدُ القَهّارُ﴾: إنْ كانَ السُّجُودُ بِمَعْنى (p-٣٧٨)الخُضُوعِ والِانْقِيادِ، فَمِن عُمُومِها يَنْقادُ كُلُّهم إلى ما أرادَهُ تَعالى بِهِمْ شاءُوا أوْ أبَوْا، وتَنْقادُ لَهُ تَعالى ظِلالُهم حَيْثُ هي عَلى مَشِيئَتِهِ مِنَ الِامْتِدادِ والتَّقَلُّصِ، والفَيْءِ والزَّوالِ، وإنْ كانَ السُّجُودُ عِبارَةً عَنِ الهَيْئَةِ المَخْصُوصَةِ: وهو وضْعُ الجَبْهَةِ بِالمَكانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الواضِعُ، فَيَكُونُ عامًّا مَخْصُوصًا إذْ يَخْرُجُ مِنهُ مَن لا يَسْجُدُ، ويَكُونُ قَدْ عَبَّرَ بِالطَّوْعِ عَنْ سُجُودِ المَلائِكَةِ والمُؤْمِنِينَ، وبِالكَرْهِ عَنْ سُجُودِ مَن ضَمَّهُ السَّيْفُ إلى الإسْلامِ كَما قالَهُ قَتادَةُ: فَيَسْجُدُ كَرْهًا وإمّا نِفاقًا، أوْ يَكُونُ الكَرْهُ أوَّلَ حالِهِ، فَتَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ الصِّفَةُ وإنْ صَحَّ إيمانُهُ بَعْدُ. وقِيلَ: (طَوْعًا) لا يَثْقُلُ عَلَيْهِ السُّجُودُ، و(كَرْهًا) يَثْقُلُ عَلَيْهِ؛ لِأنَّ إلْزامَ التَّكالِيفِ مَشَقَّةٌ. وقِيلَ: مَن طالَتْ مُدَّةُ إسْلامِهِ، فَألِفَ السُّجُودَ. و(كَرْهًا) مَن بَدا بِالإسْلامِ إلى أنْ يَأْلَفَ السُّجُودَ قالَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. وقِيلَ: هو عامٌّ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ السُّجُودِ عِبارَةً عَنِ الهَيْئَةِ المَخْصُوصَةِ، وذَلِكَ بِأنْ يَكُونَ (يَسْجُدُ) صِيغَتُهُ صِيغَةُ الخَبَرِ، ومَدْلُولُهُ أثَرٌ. أوْ يَكُونُ مَعْناهُ: يَجِبُ أنْ يَسْجُدَ لَهُ كُلُّ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ، فَعَبَّرَ عَنِ الوُجُوبِ بِالوُقُوعِ، والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ مَساقَ هَذِهِ الآيَةِ إنَّما هو أنَّ العالَمَ كُلَّهُ مَقْهُورٌ لِلَّهِ تَعالى، خاضِعٌ لِما أرادَ مِنهُ مَقْصُورٌ عَلى مَشِيئَتِهِ، لا يَكُونُ مِنهُ إلّا ما قَدَّرَ تَعالى. فالَّذِينَ تَعْبُدُونَهم كائِنًا ما كانُوا داخِلُونَ تَحْتَ القَهْرِ، ويَدُلُّ عَلى هَذا المَعْنى تَشْرِيكُ الظِّلالِ في السُّجُودِ. والظِّلالُ لَيْسَتْ أشْخاصًا يُتَصَوَّرُ مِنها السُّجُودُ بِالهَيْئَةِ المَخْصُوصَةِ، ولَكِنَّها داخِلَةٌ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ تَعالى يَصْرِفُها عَلى ما أرادَ؛ إذْ هي مِنَ العالَمِ، فالعالَمُ جَواهِرُهُ وأعْراضُهُ داخِلَةٌ تَحْتَ إرادَتِهِ كَما قالَ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ والشَّمائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ٤٨] وكَوْنُ الظِّلالِ يُرادُ بِها الأشْخاصُ كَما قالَ بَعْضُهم ضَعِيفٌ، وأضْعَفُ مِنهُ قَوْلُ ابْنِ الأنْبارِيِّ: أنَّهُ تَعالى جَعَلَ لِلظِّلالِ عُقُولًا تَسْجُدُ بِها وتَخْشَعُ بِها، كَما جَعَلَ لِلْجِبالِ أفْهامًا حَتّى خاطَبَتْ وخُوطِبَتْ؛ لِأنَّ الجَبَلَ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ لَهُ عَقْلٌ بِشَرْطِ تَقْدِيرِ الحَياةِ، وأمّا الظِّلُّ فَعَرَضٌ لا يُتَصَوَّرُ قِيامُ الحَياةِ بِهِ، وإنَّما مَعْنى سُجُودِ الظِّلالِ مَيْلُها مِن جانِبٍ إلى جانِبٍ كَما أرادَ تَعالى. وقالَ الفَرّاءُ: الظِّلُّ: مَصْدَرٌ. يَعْنِي في الأصْلِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلى الخَيالِ الَّذِي يَظْهَرُ لِلْجُرْمِ وطُولِهِ؛ بِسَبَبِ انْحِطاطِ الشَّمْسِ، وقِصَرِهِ بِسَبَبِ ارْتِفاعِها، فَهو مُنْقادٌ لِلَّهِ تَعالى في طُولِهِ وقِصَرِهِ ومَيْلِهِ مِن جانِبٍ إلى جانِبٍ. وخَصَّ هَذانِ الوَقْتانِ بِالذِّكْرِ؛ لِأنَّ الظِّلالَ إنَّما تُعَظَّمُ وتَكْثُرُ فِيهِما، وتَقَدَّمَ شَرْحُ الغُدُوِّ والآصالِ في آخِرِ الأعْرافِ. رُوِيَ أنَّ الكافِرَ إذا سَجَدَ لِصَنَمِهِ كانَ ظِلُّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ حِينَئِذٍ.
وقَرَأ أبُو مِجْلَزٍ: والإيصالُ. قالَ ابْنُ جِنِّي: هو مَصْدَرُ أصْلٍ؛ أيْ: دَخَلَ في الأصِيلِ كَما تَقُولُ: أصْبَحَ أيْ دَخَلَ في الإصْباحِ، ولَمّا كانَ السُّؤالُ عَنْ أمْرٍ واضِحٍ لا يُمْكِنُ أنْ يَدْفَعَ مِنهُ أحَدٌ، كانَ جَوابُهُ مِنَ السّائِلِ. فَكانَ السَّبْقُ إلَيْهِ أفْصَحُ في الِاحْتِجاجِ إلَيْهِمْ وأسْرَعُ في قَطْعِهِمْ في انْتِظارِ الجَوابِ مِنهم، إذْ لا جَوابَ إلّا هَذا الَّذِي وقَعَتِ المُبادَرَةُ إلَيْهِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكم مِنَ السَّماواتِ والأرْضِ قُلِ اللَّهُ﴾ [سبإ: ٢٤] ويَبْعُدُ ما قالَ مَكِّيٌّ مِن أنَّهم جَهِلُوا الجَوابَ فَطَلَبُوهُ مِن جِهَةِ السّائِلِ فَأعْلَمَهم بِهِ السّائِلُ؛ لِأنَّهُ قالَ تَعالى: ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥] فَإذا كانُوا مُقِرِّينَ بِأنَّ مُنْشِئَ السَّماواتِ والأرْضِ ومُخْتَرِعَها هو اللَّهُ، فَكَيْفَ يُقالُ: بِأنَّهم جَهِلُوا الجَوابَ فَطَلَبُوهُ مِنَ السّائِلِ ؟ وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (قُلِ اللَّهُ) حِكايَةٌ لِاعْتِرافِهِمْ وتَأْكِيدٌ لَهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّهُ إذا قالَ لَهم: مَن رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ ؟ لَمْ يَكُنْ لَهم بُدٌّ مِن (p-٣٧٩)أنْ يَقُولُوا: (اللَّهُ) كَقَوْلِهِ ﴿قُلْ مَن رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ﴾ [المؤمنون: ٨٦] ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [المؤمنون: ٨٥] وهَذا كَما يَقُولُ المُناظِرُ لِصاحِبِهِ: أهَذا قَوْلُكَ ؟ فَإذا قالَ: هَذا قَوْلِي، قالَ: هَذا قَوْلُكَ، فَيَحْكِي إقْرارَهُ تَقْرِيرًا عَلَيْهِ واسْتِئْنافًا مِنهُ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: فَيَلْزَمُكَ عَلى هَذا القَوْلِ كَيْتَ وكَيْتَ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَلْقِينًا أيْ: إنْ كَفُّوا عَنِ الجَوابِ فَلَقَّنَهم، فَإنَّهم يَتَلَقَّنُونَهُ ولا يَقْدِرُونَ أنْ يُنْكِرُوهُ. وقالَ الكِرْمانِيُّ: قُلْ يا مُحَمَّدُ لِلْكُفّارِ: مَن رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ ؟ اسْتِفْهامُ تَقْرِيرٍ واسْتِنْطاقٍ بِأنَّهم يَقُولُونَ: اللَّهُ، فَإذا قالُوها ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ أيْ هو كَما قُلْتُمْ. وقِيلَ: فَإنْ أجابُوكَ وإلّا ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ إذْ لا جَوابَ غَيْرُ هَذا، انْتَهى. وهو تَلْخِيصُ القَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قالَهُما الزَّمَخْشَرِيُّ. وقالَ البَغَوِيُّ: رُوِيَ أنَّهُ لَمّا قالَ هَذا لِلْمُشْرِكِينَ عَطَفُوا عَلَيْهِ فَقالُوا: أجِبْ أنْتَ، فَأمَرَهُ اللَّهُ فَقالَ: قُلِ اللَّهُ، انْتَهى. واسْتَفْهَمَ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ أفاتَّخَذْتُمْ﴾ ؟ ! عَلى سَبِيلِ التَّوْبِيخِ والإنْكارِ؛ أيْ: بَعْدَ أنْ عَلِمْتُمْ أنَّهُ تَعالى هو رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن دُونِهِ أوْلِياءَ وتَتْرُكُونَهُ، فَجَعَلْتُمْ ما كانَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلتَّوْحِيدِ مِن عِلْمِكم وإقْرارِكم سَبَبًا لِلْإشْراكِ، ثُمَّ وصَفَ تِلْكَ الأوْلِياءَ بِصِفَةِ العَجْزِ وهي كَوْنُها لا تَمْلِكَ لِأنْفُسِها نَفْعًا ولا ضَرًّا، ومَن بِهَذِهِ المَثابَةِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ لَهم نَفْعًا أوْ ضَرًّا ؟ ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ حالَةَ الكافِرِ والمُؤْمِنِ، ثُمَّ حالَةَ الكُفْرِ والإيمانِ، وأبْرَزَ ذَلِكَ في صُورَةِ الِاسْتِفْهامِ لِلَّذِي يُبادِرُ المُخاطَبُ إلى الجَوابِ فِيهِ مِن غَيْرِ فِكْرٍ ولا رَوِيَّةٍ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ﴾ ؟ ثُمَّ انْتَقَلَ إلى الِاسْتِفْهامِ عَنِ الوَصْفَيْنِ القائِمَيْنِ بِالكافِرِ وهو ”الظُّلُماتُ“ وبِالمُؤْمِنِ وهو ”النُّورُ“ .
وتَقَدَّمَ الكَلامُ في جَمْعِ الظُّلُماتِ وإفْرادِ النُّورِ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وقَرَأ الأخَوانِ وأبُو بَكْرٍ: ﴿أمْ هَلْ تَسْتَوِي﴾ بِالياءِ، والجُمْهُورُ بِالتّاءِ، ”أمْ“ في قَوْلِهِ: (أمْ) هَلْ مُنْقَطِعَةٌ تَتَقَدَّرُ بِبَلْ ؟ والهَمْزَةُ عَلى المُخْتارِ، والتَّقْدِيرُ: بَلْ أهَلْ تَسْتَوِي ؟ وهَلْ: وإنْ نابَتْ عَنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ في كَثِيرٍ مِنَ المَواضِعِ فَقَدْ جامَعَتْها في قَوْلِ الشّاعِرِ:
؎أهَلْ رَأوْنا بِوادِي القَفْرِ ذِي الأُكَمِ
وإذا جامَعَتْها مَعَ التَّصْرِيحِ بِها فَلَإنْ تُجامِعُها مَعَ أمِ المُتَضَمِّنَةِ لَها أوْلى، وهَلْ بَعْدَ أمِ المُنْقَطِعَةِ يَجُوزُ أنْ يُؤْتى بِها لِشَبَهِها بِالأدَواتِ الِاسْمِيَّةِ الَّتِي لِلِاسْتِفْهامِ في عَدَمِ الأصالَةِ فِيهِ كَقَوْلِهِ: ﴿أمْ مَن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبْصارَ﴾ [يونس: ٣١] ويَجُوزُ أنْ لا يُؤْتى بِها بَعْدَ أمِ المُنْقَطِعَةِ؛ لِأنَّ (أمْ) تَتَضَمَّنُها، فَلَمْ يَكُونُوا لِيَجْمَعُوا بَيْنَ ”أمْ والهَمْزَةِ“ لِذَلِكَ. وقالَ الشّاعِرُ في عَدَمِ الإتْيانِ بِهَلْ بَعْدَ أمْ والإتْيانِ بِها:
؎هَلْ ما عَلِمْتَ وما اسْتَوْدَعْتَ مَكْتُومُ ∗∗∗ أمْ حِبْلَها إذْ نَأتْكَ اليَوْمَ مَصْرُومُ
؎أمْ هَلْ كَبِيرٌ بَكى لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَهُ ∗∗∗ إثْرَ الأحِبَّةِ يَوْمَ البَيْنِ مَشْكُومُ
ثُمَّ انْتَقَلَ مِن خِطابِهِمْ إلى الإخْبارِ عَنْهم غائِبًا إعْراضًا عَنْهم، وتَنْبِيهًا عَلى تَوْبِيخِهِمْ في جَعْلِ شُرَكاءَ لِلَّهِ، وتَعْجِيبًا مِنهم، وإنْكارًا عَلَيْهِمْ. وتَضَمَّنَ هَذا الِاسْتِفْهامُ التَّهَكُّمَ بِهِمْ؛ لِأنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أنَّ هَذِهِ الأصْنامَ وما اتَّخَذُوها مِن دُونِ اللَّهِ أوْلِياءَ، وجَعَلُوهم شُرَكاءَ لا تَقْدِرُ عَلى خَلْقِ ذَرَّةٍ، ولا إيجادِ شَيْءٍ البَتَّةَ، والمَعْنى: أنَّ هَؤُلاءِ الشُّرَكاءَ ما هم خالِقُونَ شَيْئًا حَتّى يَسْتَحِقُّوا العِبادَةَ، وجَعَلَهم شُرَكاءَ لِلَّهِ أيْ: جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ مَوْصُوفِينَ بِالخَلْقِ مِثْلَ خَلْقِ اللَّهِ، فَتَشابَهَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَيَعْبُدُونَهم. ومَعْلُومٌ أنَّهم لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وهم يُخْلَقُونَ فَكَيْفَ يُشْرِكُونَ في العِبادَةِ ؟ ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ﴾ [النحل: ١٧] ثُمَّ أمَرَهُ تَعالى فَقالَ: ﴿قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ أيْ: مُوجِدُ الأشْياءِ كُلِّها مَعْبُوداتِهِمْ وغَيْرِها، وهم أيْضًا مُقِرُّونَ بِذَلِكَ، ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥] واحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ الواحِدُ القَهّارُ﴾ داخِلًا تَحْتَ الأمْرِ بِـ (قُلْ) فَيَكُونُ قَدْ أمَرَ أنْ يُخْبِرَ بِأنَّهُ تَعالى هو الواحِدُ المُفْرَدُ بِالأُلُوهِيَّةِ، القَهّارُ الَّذِي جَمِيعُ الأشْياءِ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وقَهْرِهِ. واحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ اسْتِئْنافَ إخْبارٍ، فِيهِ يُقالُ بِهَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ الوَحْدانِيَّةِ والقَهْرِ. فَهو (p-٣٨٠)تَعالى لا يُغالَبُ، وما سِواهُ مَقْهُورٌ مَرْبُوبٌ لَهُ عَزَّ وجَلَّ.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۩","قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ لَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّاۚ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِی ٱلظُّلُمَـٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ خَلَقُوا۟ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَـٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَیۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُوَ ٱلۡوَ ٰحِدُ ٱلۡقَهَّـٰرُ"],"ayah":"قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ لَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّاۚ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِی ٱلظُّلُمَـٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ خَلَقُوا۟ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَـٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَیۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُوَ ٱلۡوَ ٰحِدُ ٱلۡقَهَّـٰرُ"}