الباحث القرآني

(p-٣٢٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ مَن رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ قُلْ اللَّهُ﴾ إنَّما جاءَ السُّؤالُ والجَوابُ مِن جِهَةٍ، لِأنَّ المُشْرِكِينَ لا يُنْكِرُونَ أنَّ اللَّهَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَمّا لَمْ يُنْكِرُوا،كانَ كَأنَّهم أجابُوا. ثُمَّ ألْزَمَهُمُ الحُجَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ أفاتَّخَذْتُمْ مِن دُونِهِ أوْلِياءَ﴾ يَعْنِي: الأصْنامَ تَوَلَّيْتُمُوهم فَعَبَدْتُمُوهم وهم لا يَمْلِكُونَ لِأنْفُسِهِمْ نَفْعًا ولا ضَرًّا، فَكَيْفَ لِغَيْرِهِمْ ؟ ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلًا لِلَّذِي يَعْبُدُ الأصْنامَ والَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ﴾ يَعْنِي المُشْرِكَ والمُؤْمِنَ ﴿أمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ والنُّورُ﴾ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: " تَسْتَوِي " بِالتّاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: " يَسْتَوِي " بِالياءِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: التَّأْنِيثُ حَسَنٌ، لِأنَّهُ فِعْلُ مُؤَنَّثٍ، والتَّذْكِيرُ سائِغٌ، لِأنَّهُ تَأْنِيثٌ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. ويَعْنِي بِالظُّلُماتِ والنُّورِ: الشِّرْكَ والإيمانَ. ﴿أمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ﴾ قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَعْناهُ: أجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ، فَتَشابَهَ خَلْقُ اللَّهِ بِخَلْقِ هَؤُلاءِ ؟ وهَذا اسْتِفْهامُ إنْكارٍ، والمَعْنى: لَيْسَ الأمْرُ عَلى هَذا، بَلْ إذا فَكَّرُوا عَلِمُوا أنَّ اللَّهَ هو المُنْفَرِدُ بِالخَلْقِ، وغَيْرُهُ لا يَخْلُقُ شَيْئًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: قُلْ ذَلِكَ وبَيِّنْهُ بِما أُخْبِرْتَ بِهِ مِنَ الدَّلالَةِ في هَذِهِ السُّورَةِ مِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وقَدْ ذَكَرْنا في (يُوسُفَ:٣٩) مَعْنى الواحِدِ القَهّارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب