الباحث القرآني

﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلا رِجالا﴾ رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ: ( لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَأنْزَلَ مَلائِكَةً ) نَفْيٌ لَهُ وقِيلَ: المُرادُ نَفْيُ اسْتِنْباءِ النِّساءِ ونُسِبَ ذَلِكَ إلى ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما وزَعَمَ (p-68)بَعْضُهم أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في سَجاحٍ بِنْتِ المُنْذِرِ المُنَبِّئَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيها الشّاعِرُ: ؎أمْسَتْ نَبِيَّتُنا أُنْثى نَطُوفُ بِها ولَمْ تَزَلْ أنْبِياءُ اللَّهِ ذُكْرانا ∗∗∗ ؎فَلَعْنَةُ اللَّهِ والأقْوامِ كُلِّهِمْ ∗∗∗ عَلى سَجاحٍ ومَن بِالإفْكِ أغْرانا ؎أعْنِي مُسَيْلِمَةَ الكَذّابَ لا سُقِيَتْ ∗∗∗ أصْداؤُهُ ماءَ مُزْنٍ أيْنَما كانا وهُوَ مِمّا لا صِحَّةَ لَهُ لِأنَّ ادِّعاءَها النُّبُوَّةَ كانَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ وكَوْنُهُ إخْبارًا بِالغَيْبِ لا قَرِينَةَ عَلَيْهِ ﴿نُوحِي إلَيْهِمْ﴾ كَما أوْحَيْنا إلَيْكَ وقَرَأ أكْثَرُ السَّبْعَةِ ( يُوحى ) /بِالياءِ وفَتْحِ الحاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وقِراءَةُ النُّونِ وهي قِراءَةُحَفْصٍ وطَلْحَةَ وأبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُوافَقَةٌ لَأرْسَلْنا ﴿مِن أهْلِ القُرى﴾ لِأنَّ أهْلَها كَما قالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ: وهو مِمّا لا شُبْهَةَ فِيهِ أعْلَمُ وأحْلَمُ مِن أهْلِ البادِيَةِ ولِذا يُقالُ: لِأهْلِ البادِيَةِ أهْلُ الجَفاءِ وذَكَرُوا أنَّ التَّبَدِّيَ مَكْرُوهٌ إلّا في الفِتَنِ وفي الحَدِيثِ «مَن بَدا جَفا» قالَ قَتادَةُ: ما نَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ تَعالى أرْسَلَ رَسُولًا قَطُّ إلّا مِن أهْلِ القُرى ونُقِلَ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ: لَمْ يُبْعَثْ رَسُولٌ مِن أهْلِ البادِيَةِ ولا مِنَ النِّساءِ ولا مِنَ الجِنِّ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجاءَ بِكم مِنَ البَدْوِ﴾ قَدْ مَرَّ الكَلامُ فِيهِ آنِفًا. ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ مِنَ المُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ والآياتِ مِن قَوْمِ نُوحٍ وقَوْمِ لُوطٍ وقَوْمِ صالِحٍ وسائِرِ مَن عَذَّبَهُ اللَّهُ تَعالى فَيَحْذَرُوا تَكْذِيبَكَ ورُوِيَ هَذا عَنِ الحَسَنِ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ عاقِبَةَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِنَ المَشْغُوفِينَ بِالدُّنْيا المُتَهالِكِينَ عَلَيْها فَيُقْلِعُوا ويَكُفُّوا عَنْ حُبِّها وكَأنَّهُ لاحَظَ المُجَوِّزُ ما سَيُذْكَرُ والِاسْتِفْهامُ عَلى ما في البَحْرِ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ ﴿ولَدارُ الآخِرَةِ﴾ مِن إضافَةِ الصِّفَةِ إلى المَوْصُوفِ عِنْدَ الكُوفِيَّةِ أيْ ولا الدّارُ الآخِرَةُ وقَدَّرَ البَصْرِيُّ مَوْصُوفًا أيْ ولَدارُ الحالِ أوِ السّاعَةِ أوِ الحَياةِ الآخِرَةِ وهو المُخْتارُ عِنْدَ الكَثِيرِ في مِثْلِ ذَلِكَ ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الشِّرْكَ والمَعاصِيَ: ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ . (109) . فَتَسْتَعْمِلُوا عُقُولَكم لِتَعْرِفُوا خَيْرِيَّةَ دارِ الآخِرَةِ فَتَتَوَسَّلُوا إلَيْها بِالِاتِّقاءِ قِيلَ: إنَّ هَذا مِن مَقُولِ ( قُلْ ) أيْ قُلْ لَهم مُخاطِبًا أفَلا تَعْقِلُونَ فالخِطابُ عَلى ظاهِرِهِ وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ﴾ إلى ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ أوِ ﴿اتَّقَوْا﴾ اعْتِراضٌ بَيْنَ مَقُولِ القَوْلِ واسْتَظْهَرَ بَعْضُهم كَوْنَ هَذا التِفاتًا وقَرَأ جَماعَةٌ ( يَعْقِلُونَ ) بِالياءِ رَعْيًا لِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب