الباحث القرآني
ولَمّا أوْضَحَ إبْطالُ ما تَعَنَّتُوا بِهِ مِن قَوْلِهِمْ ”لَوْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ“ أتْبَعُهُ ما يُوَضِّحُ تَعَنُّتَهم في قَوْلِهِمْ ﴿أوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ [هود: ١٢] بِذِكْرِ المُرْسَلِينَ، وأهْلِ السَّبِيلِ المُسْتَقِيمِ، الدّاعِينَ إلى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ، فَقالَ: ﴿وما أرْسَلْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ.ولَمّا كانَ الإرْسالُ لِشَرَفِهِ لا يَتَأتّى عَلى ما جَرَتْ بِهِ الحِكْمَةُ في كُلِّ زَمَنٍ كَما أنَّهُ لا يَصْلُحُ لِلرِّسالَةِ كُلُّ أحَدٍ، وكانَ السِّياقُ لِإنْكارِ التَّأْيِيدِ بِمَلَكٍ في قَوْلِهِ ﴿أوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ [هود: ١٢] كالَّذِي في النَّحْلِ، لا لِإنْكارِ رِسالَةِ البَشَرِ، أدْخَلَ الجارَّ تَنْبِيهًا عَلى ذَلِكَ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ أيْ إلى المُكَلَّفِينَ ﴿إلا رِجالا﴾ (p-٢٤٧)أيْ مِثْلُ ما أنَّكَ رَجُلٌ، لا مَلائِكَةَ ولا إناثًا - كَما قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، والرَّجُلُ مَأْخُوذٌ مِنَ المَشْيِ عَلى الرَّجُلِ ﴿نُوحِي إلَيْهِمْ﴾ أيْ بِواسِطَةِ المَلائِكَةِ مِثْلَ ما يُوحى إلَيْكَ ﴿مِن أهْلِ القُرى﴾ مَثَلُ ما أنَّكَ مِن أهْلِ القُرى، أيِ الأماكِنُ المَبْنِيَّةُ بِالمَدَرِ والحَجَرِ ونَحْوِهِ، لِأنَّها مُتَهَيِّئَةٌ لِلْإقامَةِ والِاجْتِماعِ وانْتِيابِ أهْلِ الفَضائِلِ، وذَلِكَ أجْدَرُ بِغَزارَةِ العَقْلِ وأصالَةِ الرَّأْيِ وحِدَّةِ الذِّهْنِ وتَوْلِيدِ المَعارِفِ مِنَ البَوادِي، ومَكَّةُ أُمُّ القُرى في ذَلِكَ لِأنَّها مَجْمَعٌ لِجَمِيعِ الخَلائِقِ لِما أمَرُوا بِهِ مِن حَجِّ البَيْتِ، وكانَ العَرَبُ كُلُّهم يَأْتُونَها؛ قالَ الرُّمّانِيُّ: وقالَ الحَسَنُ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا مِن أهْلِ البادِيَةِ ولا مِنَ الجِنِّ ولا مِنَ النِّساءِ - انْتَهى.
وذَلِكَ لِأنَّ المُدُنَ مَواضِعُ الحِكْمَةِ، والبَوادِي مُواطِنُ لِظُهُورِ الكَلِمَةِ، ولَمّا كانَتْ مَكَّةُ أوِ القُرى مَدِينَةً، وهي مَعَ ذَلِكَ في بِلادِ البادِيَةِ، جَمَعَتِ الأمْرَيْنِ وفازَتْ بِالأثَرَيْنِ، لِأجْلِ أنَّ المُرْسَلَ إلَيْها جامِعٌ لِكُلِّ ما تَفَرَّقَ في غَيْرِهِ مِنَ المُرْسَلِينَ، وخاتَمٌ لِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ ﷺ وعَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.
ومادَّةُ ”قُرى“ - يائِيَّةٌ وواوِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ وغَيْرُ مَهْمُوزَةٍ بِتَراكِيبِها الخَمْسَةَ عَشَرَ - تَدُورُ عَلى الجَمْعِ، ويُلْزِمُهُ الإمْساكَ، ورُبَّما كانَ عَنْهُ (p-٢٤٨)الِانْتِشارُ، فالقَرْيَةُ - بِالفَتْحِ ويَكْسِرُ: المُصِرُّ الجامِعُ، وأقْرى: لَزِمَ القَرْيَةَ، والقارِيُّ: ساكِنُها، والقارِّيَّةُ: الحاضِرَةُ الجامِعَةُ، وطَيْرٌ أخْضَرُ، إمّا لِلُزُومِها، وإمّا لِجَمْعِ لَوْنِهِ لِلْبَصَرِ، والقَرْيَتَيْنِ - مُثَنّى وأكْثَرُ ما يَتَلَفَّظُ بِهِ بِالياءِ: مَكَّةُ والطّائِفُ، وقَرْيَةُ النَّمْلِ: مُجْتَمَعُ تُرابِها، وقَرَيْتُ الماءَ في الحَوْضِ: جَمَعْتُهُ، والمِقْراةُ: شِبْهُ حَوْضٍ، وكُلُّ ما اجْتَمَعَ فِيهِ ماءٌ، والقَرْيُ: ماءٌ مُسْتَجْمِعٌ، والمُدَّةُ تَقَرّى في الجُرْحِ - أيْ تَجْتَمِعُ، والقَوارِي: الشُّهُودُ - لِجَمْعِهِمُ الأُمُورَ، والقَوارِي: النّاسُ الصّالِحُونَ - كَأنَّهُ مُخَفَّفٌ مِنَ المَهْمُوزِ، وقَرَيْتُ الضَّيْفَ قِرى بِالكَسْرِ والقَصْرِ، وبِالفَتْحِ والمَدِّ: أضَفْتُهُ كاقْتَرَيْتُهُ، والمِقْراةُ: الجَفْنَةُ يَقْرى فِيها الضَّيْفُ، والمَقارِي: القُدُورُ، [وقُرى البَعِيرَ وكُلَّ ما اجْتَرَّ: جَمْعُ جَرَّتِهِ في شِدْقِهِ، وقَرَتِ النّاقَةُ: ورِمَ شِدْقاها مِن وجَعِ الأسْنانِ] كَأنَّها لا تَقْدِرُ مَعَ ذَلِكَ عَلى جَمْعِ الجَرَّةِ، فَيَكُونُ مِنَ السَّلْبِ، وقَرى البِلادَ: تَتَبَّعَها يَخْرُجُ مِن أرْضٍ إلى أرْضٍ كاقْتَراها واسْتَقْرَها - لِجَمْعِهِ بَيْنَها، وقَرِيَ الماءُ كَغَنِيَ: مَسِيلُهُ مِنَ (p-٢٤٩)التِّلاعِ، أوْ مَوْقِعُهُ مِنَ الرَّبْوِ إلى الرَّوْضَةِ - لِأنَّهُ مَكانُ اجْتِماعِهِ، وقُرى الخَيْلِ: وادٍ - كَأنَّها اجْتَمَعَتْ فِيهِ، والقَرْيَةُ - كَغَنِيَّةُ: العَصا لِأنَّ الرّاعِيَ يَجْمَعُ بِها ما يَرْعاهُ. وبِها يَجْمَعُ كُلَّ ما يُرادُ جَمْعُهُ، وأعْوادٌ فِيها فَرْضٌ يَجْعَلُ فِيها رَأْسَ عَمُودِ البَيْتِ، لِأنَّهُ بِها يُقامُ فَيَجْمَعُ مَن يُرادُ، وُعُودُ الشِّراعِ الَّذِي في عَرْضِهِ مِن أعْلاهُ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ الشِّراعَ مَلْفُوفًا ومَنشُورًا، وقَرَيْتُ الصَّحِيفَةَ لُغَةً في قَرَأْتُها - إذا تَلَوْتُها فَجَمَعْتُ عِلْمَها وكَلامَها، والقارِّيَّةُ: أسْفَلُ الرُّمْحِ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ زَجَّهُ، أوْ أعْلاهُ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ عالِيَتَهُ، وحَدُّ الرُّمْحِ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ مُرادَ صاحِبِهِ، وكَذا حَدُّ السَّيْفِ، والقارِّيَّةُ - بِالتَّشْدِيدِ: طائِرٌ أخْضَرُ إذا رَأوْهُ اسْتَبْشَرُوا بِالمَطَرِ - كَأنَّهُ رَسُولُ الغَيْثِ أوْ مُقَدِّمَةُ السَّحابِ، جَمْعُهُ قَوارِي، كَأنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ سَبَبُ جَمْعِ الهَمِّ لِلْمَطَرِ؛ والقِيرِ والقارِ: شَيْءٌ أسْوَدُ تُطْلى بِهِ السُّفُنُ، والإبِلُ، والحَبابُ، والزُّقاقُ، أوْ هُما الزِّفْتُ، وعَلى كُلِّ تَقْدِيرٍ هو سادَ لِلشُّقُوقِ والمَسامِّ فَكانَ الجامِعُ بَيْنَ أجْزاءِ السَّفِينَةِ وغَيْرِها، وهَذا أقْيَرُ مِن [هَذا] أشَدُّ مَرارَةً - تَشْبِيهٌ بِالقِيرِ الطَّعْمِ، والمُرُّ أيْضًا (p-٢٥٠)يُجْمَعُ الفَمُّ نَحْوَهُ بِالقَبْضِ، والقَيُّورُ - كَتَنُّورِ: الخامِلُ النَّسَبُ، شَبَّهَ بِهِ أيْضًا لِأنَّ القِيرَ لَمّا قَلَّ احْتِياجُ أكْثَرِ النّاسِ إلَيْهِ في كَثِيرٍ مِنَ الأوْقاتِ صارَ قَلِيلَ الذِّكْرِ - وهَذا مَعْنى الخُمُولِ، والقَيّارُ كَشَدّادُ: صاحِبُ القِيرِ، وبِئْرٌ لِبَنِي عِجْلٍ قُرْبَ واسِطٍ، وكَأنَّها سُمِّيَتْ لِجَمْعِها إيّاهُمْ، وقَيّارٌ اسْمُ فَرَسٍ، كَأنَّهُ لِجَوْدَتِهِ يَجْمَعُ لِصاحِبِهِ ما يُرِيدُ، والقارَّةُ: الدُّبَّةُ كَذَلِكَ، والقارَّةُ: حَيٌّ مِنَ العَرَبِ سُمُّوا لِأنَّ ابْنَ الشَّدّاخِ أرادَ أنْ يُفَرِّقَهم في كِنانَةَ فَقالَ شاعِرُهُمْ:
؎دَعَوْنا قارَّةً لا تَجْفَلُونا فَنَجْفَلَ مِثْلَ إجْفالِ الظَّلِيمِ
ذَكَرَهُ مُخْتَصَرُ العَيْنِ هُنا وغَيْرُهُ في الواوِ، واقَتارَ الحَدِيثُ اقْتِيارًا: بَحَثَ عَنْهُ - لِأنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِجَمْعِهِ، والقَيْرُ - كَهَيِّنُ: الأسْوارُ مِنَ الرُّماةِ الحاذِقِ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ بِذَلِكَ ما يُرِيدُ؛ ورَقَيْتُ الرَّجُلَ بِالفَتْحِ رُقْيَةً: عَوَّذْتُهُ، ونَفَثْتُ في عَوْذَتِهِ - لِأنَّ الرّاقِيَ يَجْمَعُ رِيقَهُ ويَنْفُثُ، ورَقَيْتُ في الشَّيْءِ رَقْيًا - إذا صَعَدْتُ عَلَيْهِ - كَأنَّكَ جَمَعْتَ بَيْنَ دُرْجِهِ، والمُرْقاةُ بِالفَتْحِ ويَكْسِرُ: الدَّرَجَةُ، لِأنَّ العُلُوَّ مِن آثارِ الجَمْعِ، ورَقّى عَلَيْهِ كَلامًا تَرْقِيَةً: رَفَعَ، لِأنَّهُ جَمَعَهُ عَلَيْهِ، ومُرَقِّيًا الأنْفَ: حَرْفاهُ لِأنَّهُما الجامِعانِ لَهُ؛ (p-٢٥١)والرّائِقُ مِنَ الماءِ: الخالِصُ، لِأنَّهُ إذا خَلُصَ اشْتَدَّ تَلاصُقُ أجْزائِهِ لِزَوالِ ما كانَ يَتَخَلَّلُها مِنَ الغَبَرِ، وراقَ الماءَ يُرِيقُ - إذا انْصَبَّ، إمّا لِأنَّهُ اجْتَمَعَ إلى المَحَلِّ الَّذِي انْصَبَّ إلَيْهِ، أوْ يَكُونُ مِنَ السَّلْبِ كَأراقَهُ بِمَعْنى صَبَّهُ، وراقَ السَّرابَ يُرِيقُ وتُرِيقُ يَتَرَيَّقُ - إذا تَضَحْضَحَ فَوْقَ الأرْضِ أيْ تَرَدَّدَ، إمّا مِنَ السَّلْبِ، وإمّا تَشْبِيهٌ بِالمُجْتَمَعِ، والرِّيقُ: تَرَدُّدُ الماءِ عَلى وجْهِ الأرْضِ مِنَ الضِّحْضاحِ أيْ لِيَسِيرٍ ونَحْوِهِ، لِأنَّهُ لا يَتَرَدَّدُ إلّا وهو مُجْتَمِعٌ، والرِّيقُ: أوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وأفْضَلُهُ مِنَ الرّائِقِ بِمَعْنى الخالِصِ، ولِأنَّ الأوَّلَ يَجْتَمِعُ إلَيْهِ غَيْرُهُ، والأفْضَلُ يَجْمَعُ ما يُرادُ، والرِّيقُ أيْضًا: الباطِلُ، كالرُّيُوقِ كَتَنُّورٍ - تَشْبِيهًا بِالسَّرابِ، ورِيقُ الفَمِ مَعْرُوفٌ، لِاجْتِماعِهِ، والرِّيقُ: القُوَّةُ، لِجَمْعِها المُرادُ، والرِّيقُ الرّائِقُ: الخالِصُ وكُلُّ ما أُكِلَ أوْ شُرِبَ عَلى الرِّيقِ، ومَن لَيْسَ في يَدِهِ شَيْءٌ، كَأنَّهُ خَلَصَ عَنِ العَلائِقِ فاجْتَمَعَ هَمُّهُ، ومَن هو عَلى الرِّيقِ كَرِيقِيٍّ كَكَيِّسٍ، وهو يُرِيقُ بِنَفْسِهِ: يَجُودُ بِها عِنْدَ المَوْتِ، مِن راقَ الماءَ: انْصَبَّ، والمُرِيقُ - كَمُعْظَمٍ: مَن لا يَزالُ يُعْجِبُهُ شَيْءٌ، ولَعَلَّهُ مَن راقَهُ يَرُوقُهُ - إذا أعْجَبَهُ، (p-٢٥٢)فَجَمَعَ هَمَّهُ إلَيْهِ؛ واليارِقُ: ضَرْبٌ مِنَ الأسْوِرَةِ، لِأنَّهُ يَجْمَعُ المِعْصَمَ، واليَرَقانِ - ويَسْكُنُ: الِاسْتِقامَةُ والطَّرِيقَةُ وآفَةٌ لِلزَّرْعِ. ومَرَضٌ مَعْرُوفٌ، وسَيَذْكُرُ في ”أرَقَّ“ في أوَّلِ سُورَةِ الحِجْرِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى.
ولَمّا كانَ الِاعْتِبارُ بِأحْوالِ مَن سَلَفَ لِلنَّجاةِ مِمّا حَلَّ بِهِمْ أهُمُّ المُهِمِّ، اعْتَرَضَ بِالحَثِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الغايَةِ ومُتَعَلِّقِها، فَقالَ: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا﴾ أيْ يُوقِعُ السَّيْرَ هَؤُلاءِ المُكَذِّبُونَ ﴿فِي الأرْضِ﴾ أيْ في هَذا الجِنْسِ الصّادِقِ بِالقَلِيلِ والكَثِيرِ. ولَمّا كانَ المُرادُ سَيْرَ الِاعْتِبارِ سَبَّبَ عَنْهُ [قَوْلُهُ] ﴿فَيَنْظُرُوا﴾ أيْ عَقِبَ سَيْرِهِمْ وبِسَبَبِهِ، ونَبَّهَ عَلى [أنَّ] ذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَنْبَغِي الِاهْتِمامُ بِالسُّؤالِ عَنْهُ بِذِكْرِ أداةِ الِاسْتِفْهامِ فَقالَ ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أيْ آخِرَ أمْرِ ﴿الَّذِينَ﴾ ولَمّا كانَ الَّذِينَ يُعْتَبَرُ بِحالِهِمْ - لِما حَلَّ بِهِمْ مِنَ الأُمُورِ العِظامِ - في بَعْضِ الأزْمِنَةِ الماضِيَةِ، وكانَ المُخاطَبُونَ بِهَذا القُرْآنِ لا يُمْكِنُهُمُ الإحاطَةَ بِأهْلِ الأرْضِ وإنْ كانَ في حالِ كُلٍّ مِنهم عِظَةٌ، أتى بِالجارِّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ في الرِّضى بِأهْوائِهِمْ في تَقْلِيدِ آبائِهِمْ، وهَذا كَما تَقَدَّمَ في [سُورَةِ يُونُسَ] مِن أنَّ الآياتِ [لا تُغْنِي] عَمَّنْ خَتَمَ عَلى قَلْبِهِ، والتَّذْكِيرِ بِأحْوالِ الماضِينَ مِن هَلاكِ العاصِينَ ونَجاةِ الطّائِعِينَ، والِاعْتِراضِ بَيْنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿قُلْ (p-٢٥٣)فانْتَظِرُوا إنِّي مَعَكم مِنَ المُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ١٠٢] وهو يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى يَغْضَبُ مِمَّنْ أعْرَضَ عَنْ تَدَبُّر آياتِهِ؛ والسَّيْرُ: المُرُورُ المُمْتَدُّ في جِهَةٍ، ومِنهُ أخْذُ السَّيْرِ، وأخْذُ السُّيُورِ مِنَ الجِلْدِ؛ والنَّظَرُ: طَلَبُ إدْراكِ المَعْنى بِالعَيْنِ أوِ القَلْبِ، وأصْلُهُ مُقابَلَةُ الشَّيْءِ بِالبَصَرِ لِإدْراكِهِ.
ولَمّا كانَ مِنَ المُمْكِنِ أنْ يَدَّعِيَ مَطْمُوسُ البَصِيرَةِ أنَّهُ كانَ لَهم نَوْعٌ خَيِّرٌ، قالَ عَلى طَرِيقَةِ إرْخاءِ العِنانِ: ﴿ولَدارُ﴾ أيِ السّاعَةِ أوِ الحالَةِ ﴿الآخِرَةِ﴾ أيِ الَّتِي وقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَيْها بِأُمُورٍ تَفُوتُ الحَصْرَ مِنها دارَ الدُّنْيا فَإنَّهُ لا تَكُونُ دُنْيا إلّا بِقُصْيا ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ أيْ حَمَلَهُمُ الخَوْفُ عَلى جَعْلِ الِائْتِمارِ والِانْزِجارِ وِقايَةً مِن حَياةٍ أهْوَنَ مَآلِها المَوْتُ، وإنْ فَرَضَ فِيها مِنَ المُحالِ أنَّها امْتَدَّتْ ألْفَ عامٍ، وكانَ عَيْشُها كُلُّهُ رَغَدًا مِن غَيْرِ آلامٍ.
ولَمّا كانَ تَسْلِيمُ هَذا لا يَحْتاجُ فِيهِ إلى أكْثَرَ مِنَ العَقْلِ، قالَ مُسَبِّبًا عَنْهُ [مُنْكِرًا] عَلَيْهِمْ مُبَكِّتًا لَهُمْ: ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ أيْ فَيَتْبَعُوا الدّاعِيَ إلى هَذا السَّبِيلِ الأقْوَمِ.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰۤۗ أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق