الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلّا رِجالًا نُوحِي إلَيْهِمْ مِن أهْلِ القُرى أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ اعْلَمْ أنَّهُ قَرَأ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: (نُوحِي) بِالنُّونِ، والباقُونَ بِالياءِ ﴿أفَلا يَعْقِلُونَ﴾، قَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو ورِوايَةُ حَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ: (تَعْقِلُونَ) بِالتّاءِ عَلى الخِطابِ، والباقُونَ: بِالياءِ عَلى الغائِبِ. واعْلَمْ أنَّ مِن جُمْلَةِ شُبَهِ مُنْكِرِي نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ اللَّهَ لَوْ أرادَ إرْسالَ رَسُولٍ لَبَعَثَ مَلَكًا، فَقالَ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلّا رِجالًا نُوحِي إلَيْهِمْ مِن أهْلِ القُرى﴾، فَلَمّا كانَ الكُلُّ هَكَذا فَكَيْفَ تَعَجَّبُوا في حَقِّكَ يا مُحَمَّدُ ؟ والآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ ما بَعَثَ رَسُولًا إلى الحَقِّ مِنَ النِّسْوانِ، وأيْضًا لَمْ يَبْعَثْ رَسُولًا مِن أهْلِ البادِيَةِ. قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «مَن بَدا جَفا، ومَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ» * * * ثُمَّ قالَ: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا﴾ إلى مَصارِعِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ، وقَوْلُهُ: ﴿ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ والمَعْنى دارُ الحالَةِ الآخِرَةِ؛ لِأنَّ لِلنّاسِ حالَتَيْنِ: حالُ الدُّنْيا وحالُ الآخِرَةِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: صَلاةُ الأُولى أيْ: صَلاةُ الفَرِيضَةِ الأُولى، وأمّا بَيانُ أنَّ الآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الأُولى فَقَدْ ذَكَرْنا دَلائِلَهُ مِرارًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب