الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾، في مَعْنى هَذِهِ الآيَةِ أوْجُهٌ لِلْعُلَماءِ:
مِنها: أنَّ المَعْنى ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلى المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيامَةِ سَبِيلًا، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، وابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم ويَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ في أوَّلِ الآيَةِ: ﴿فاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكم يَوْمَ القِيامَةِ ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ﴾ الآيَةَ [النساء: ١٤١]، وهو ظاهِرٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وبِهِ قالَ جَمِيعُ أهْلِ التَّأْوِيلِ، كَما نَقَلَهُ عَنْهُ القُرْطُبِيُّ، وضَعَّفَهُ ابْنُ العَرَبِيِّ زاعِمًا أنَّ آخِرَ الآيَةِ غَيْرُ مَرْدُودٍ إلى أوَّلِها.
وَمِنها: أنَّ المُرادَ بِأنَّهُ لا يَجْعَلُ لَهم عَلى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، يَمْحُو بِهِ دَوْلَةَ المُسْلِمِينَ ويَسْتَأْصِلُهم ويَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهم، كَما ثَبَتَ في ”صَحِيحِ مُسْلِمٍ“ وغَيْرِهِ عَنْهُ ﷺ مِن حَدِيثِ ثَوْبانَ، أنَّهُ قالَ: «وَإنِّي سَألْتُ رَبِّي ألّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ بِعامَّةٍ وألّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن سِوى أنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهم، وإنَّ اللَّهَ قَدْ أعْطانِي لِأُمَّتِي ذَلِكَ حَتّى يَكُونَ بَعْضُهم يُهْلِكُ بَعْضًا، ويَسْبِي بَعْضُهم بَعْضًا»، ويَدُلُّ لِهَذا الوَجْهِ آياتٌ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ: ﴿إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ الآيَةَ [غافر: ٥١]، وقَوْلُهُ: ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: ٤٧]، (p-٣٢٠)وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور: ٥٥]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَمِنها: أنَّ المَعْنى أنَّهُ لا يَجْعَلُ لَهم عَلَيْهِمْ سَبِيلًا إلّا أنْ يَتَواصَوْا بِالباطِلِ ولا يَتَناهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، ويَتَقاعَدُوا عَنِ التَّوْبَةِ فَيَكُونُ تَسْلِيطُ العَدُوِّ عَلَيْهِمْ مِن قِبَلِهِمْ، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] .
قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: وهَذا نَفِيسٌ جِدًّا وهو راجِعٌ في المَعْنى إلى الأوَّلِ؛ لِأنَّهم مَنصُورُونَ لَوْ أطاعُوا، والبَلِيَّةُ جاءَتْهم مِن قِبَلِ أنْفُسِهِمْ في الأمْرَيْنِ.
وَمِنها: أنَّهُ لا يَجْعَلُ لَهم عَلَيْهِمْ سَبِيلًا شَرَعًا، فَإنْ وُجِدَ فَهو بِخِلافِ الشَّرْعِ.
وَمِنها: أنَّ المُرادَ بِالسَّبِيلِ الحُجَّةُ، أيْ: ولَنْ يَجْعَلَ لَهم عَلَيْهِمْ حُجَّةً، ويُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلّا جِئْناكَ بِالحَقِّ وأحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣]، وأخَذَ بَعْضُ العُلَماءِ مِن هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ مَنعَ دَوامِ مِلْكِ الكافِرِ لِلْعَبْدِ المُسْلِمِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ یَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحࣱ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَـٰفِرِینَ نَصِیبࣱ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَیۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ فَٱللَّهُ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلَن یَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَـٰفِرِینَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ سَبِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق