الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ﴾ . أظْهَرُ الأقْوالِ عِنْدِي في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ الزَّبُورَ الَّذِي هو الكِتابُ يُرادُ بِهِ جِنْسُ الكِتابِ فَيَشْمَلُ الكُتُبَ المُنَزَّلَةَ، كالتَّوْراةِ، والإنْجِيلِ، وزَبُورِ داوُدَ، وغَيْرِ ذَلِكَ. وأنَّ المُرادَ بِالذِّكْرِ: أُمُّ الكِتابِ، وعَلَيْهِ فالمَعْنى: ولَقَدْ كَتَبْنا في الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ عَلى الأنْبِياءِ أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ بَعْدَ أنْ كَتَبْنا ذَلِكَ في أُمِّ الكِتابِ. وهَذا المَعْنى واضِحٌ لا إشْكالَ فِيهِ. وقِيلَ: الزَّبُورُ في الآيَةِ زَبُورُ داوُدَ، والذِّكْرُ: التَّوْراةُ. وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وأظْهَرُها هو ما ذَكَرْنا واخْتارَهُ غَيْرُ واحِدٍ.
واعْلَمْ أنّا قَدْ قَدَّمْنا في تَرْجَمَةِ هَذا الكِتابِ المُبارَكِ أنَّ الآيَةَ قَدْ يَكُونُ فِيها قَوْلانِ لِلْعُلَماءِ، وكَلاهُما حَقٌّ ويَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ فَنَذْكُرُ الجَمِيعَ؛ لِأنَّهُ كُلُّهُ حَقُّ داخِلٌ في الآيَةِ، ومِن ذَلِكَ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ؛ لِأنَّ المُرادَ بِالأرْضِ في قَوْلِهِ هُنا: ﴿أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] فِيهِ لِلْعُلَماءِ وجْهانِ:
(p-٢٥٠)الأوَّلُ: أنَّها أرْضُ الجَنَّةِ يُورِثُها اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ عِبادَهُ الصّالِحِينَ. وهَذا القَوْلُ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ [ ٣٩ ] وقَدْ قَدَّمْنا مَعْنى إيراثِهِمُ الجَنَّةَ مُسْتَوْفًى في سُورَةِ ”مَرْيَمَ“ .
الثّانِي: أنَّ المُرادَ بِالأرْضِ أرْضُ العَدُوِّ، يُورِثُها اللَّهُ المُؤْمِنِينَ في الدُّنْيا، ويَدُلُّ لِهَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأوْرَثَكم أرْضَهم ودِيارَهم وأمْوالَهم وأرْضًا لَمْ تَطَئُوها وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢٧] وقَوْلُهُ: ﴿وَأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها﴾ الآيَةَ [الأعراف: ١٣٧] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا إنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ الآيَةَ [ ٢٤ ] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ رَبُّهم لَنُهْلِكَنَّ الظّالِمِينَ﴾ ﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ [إبراهيم: ١٣ - ١٤] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَقَرَأ هَذا الحَرْفَ عامَّةُ القُرّاءِ غَيْرَ حَمْزَةَ في الزَّبُورِ بِفَتْحِ الزّايِ ومَعْناهُ الكِتابُ. وقَرَأ حَمْزَةُ وحْدَهُ (في الزُّبُورِ) بِضَمِّ الزّايِ. قالَ القُرْطُبِيُّ: وعَلى قِراءَةِ حَمْزَةَ فَهو جَمْعُ زُبُرٍ. والظّاهِرُ أنَّهُ يُرِيدُ الزِّبِرَ - بِالكَسْرِ - بِمَعْنى الزَّبُورِ أيِ: المَكْتُوبِ. وعَلَيْهِ فَمَعْنى قِراءَةِ حَمْزَةَ: ولَقَدْ كَتَبْنا في الكُتُبِ، وهي تُؤَيِّدُ أنَّ المُرادَ بِالزَّبُورِ عَلى قِراءَةِ الفَتْحِ جِنْسُ الكُتُبِ لا خُصُوصُ زَبُورِ داوُدَ كَما بَيَّنّا. وقَرَأ حَمْزَةُ ”يَرِثُها عِبادِي“ بِإسْكانِ الياءِ، والباقُونَ بِفَتْحِها.
{"ayah":"وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق