الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يَوْمَ نَطْوِي السَماءَ كَطَيِّ السِجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وعْدًا عَلَيْنا إنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَبُورِ مِن بَعْدِ الذِكْرِ أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصالِحُونَ﴾
قَرَأتْ فِرْقَةٌ: "نَطْوِي" بِنُونِ العَظَمَةِ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "يَطْوِي السَماءَ" بِياءٍ مَفْتُوحَةٍ عَلى مَعْنى: يَطْوِي اللهُ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "تُطْوى" بِتاءْ مَضْمُومَةٍ وبِرَفْعِ "السَماءِ" عَلى ما لَمْ يُسَّمَ فاعِلُهُ.
واخْتَلَفَ الناسُ في "السِجِلِّ"، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: السِجِلُّ: مَلَكٌ يَطْوِي الصُحُفَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: السِجِلُّ: رَجُلٌ كانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ ﷺ. وهَذا كُلُّهُ وما شاكَلَهُ ضَعِيفٌ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: السِجِلُّ: الصَحِيفَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيها، والمَعْنى: "كَطَيِّ السِجِلِّ" أيْ: كَما يُطْوى السِجِلُّ مِن أجْلِ الكِتابِ الَّذِي فِيهِ، فالمَصْدَرُ مُضافٌ إلى المَفْعُولِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المَصْدَرُ مُضافًا إلى الفاعِلِ، أيْ: كَما يَطْوِي السِجِلُّ الكِتابَ الَّذِي فِيهِ، فَكَأنَّهُ قالَ: يَوْمَ نَطْوِي كالهَيْئَةِ الَّتِي فِيها طَيُّ السِجِلِّ لِلْكِتابِ، فَفي التَشْبِيهِ تَجَوُّزٌ.
وقَرَأ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ: "السِجْلِ" بِشَدِّ السِينِ وسُكُونِ الجِيمِ وتَخْفِيفِ اللامِ، وفَتَحَ أبُو السَمالِ السِينَ فَقَرَأها: "السَجْلَ"، وقَرَأ أبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ: "السُجُلُ" بَضَمِّ السِينِ وشَدِّها وضَمِّ الجِيمِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "لِلْكِتابِ"، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عن عاصِمْ: "لِلْكُتُبِ".
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أحَدُهُما أنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ البَعْثِ، أيْ: كَما اخْتَرَعْنا الخَلْقَ أولًا عَلى غَيْرِ مِثالٍ كَذَلِكَ نُنْشِئُهم تارَةً أُخْرى فَنَبْعَثُهم مِنَ القُبُورِ، والثانِي أنْ يَكُونَ خَبَرًا عن أنَّ كُلَّ شَخْصٍ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى هَيْئَتِهِ الَّتِي خَرَجَ بِها إلى الدُنْيا، ويُؤَيُّدُ هَذا التَأْوِيلَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يُحْشَرُ الناسُ (p-٢٠٧)يَوْمَ القِيامَةِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ». والكافُ في قَوْلِهِ: "كَما بَدَأْنا" مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: "نُعِيدُهُ"، وقَوْلُهُ: ﴿إنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ تَأْكِيدٌ لِلْأمْرِ، بِمَعْنى أنَّ الأمْرَ واجِبٌ فِيهِ ذَلِكَ.
وقالَتْ فِرْقَةٌ: "الزَبُورُ": اسْمٌ يَعُمْ جَمِيعَ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ؛ لِأنَّهُ مَأْخُوذٌ مَن "زَبَرْتُ الكِتابَ": إذا كَتَبْتُهُ، قالَتْ فَرِقَّةٌ: و"الذِكْرُ" أرادَ بِهِ اللَوْحَ المَحْفُوظَ، وقالَ بَعْضُهُمُ: الذِكْرُ الَّذِي في السَماءِ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: الزَبُورُ هو زَبُورُ داوُدَ عَلَيْهِ السَلامُ، والذِكْرُ أرادَ بِهِ التَوْراةَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: الزَبُورُ ما بَعْدَ التَوْراةِ مِنَ الكُتُبِ، والذِكْرُ التَوْراةُ. وقَرَأ حَمْزَةُ وحْدَهُ: "الزَبُورَ" بِضَمِّ الزايِ.
وقالَتْ فِرْقَةٌ: "الأرْضَ" أرادَ بِها أرْضَ الدُنْيا، أيْ كُلَّ ما يَنالُهُ المُؤْمِنُونَ مِنَ الأرْضِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: أرادَ أرْضَ الجَنَّةِ، واسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِهِ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿وَقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأورَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ [الزمر: ٧٤]، وقالَتْ فِرْقَةٌ: إنَّما أرادَ بِهَذِهِ الآيَةِ الإخْبارَ عَمّا كانَ صَنَعَهُ مَعَ بَنِي إسْرائِيلَ؛ أيْ: فاعْلَمُوا أنّا كُنّا وفِينا لَهم بِما وعَدْناهُمْ، فَكَذَلِكَ نُنْجِزُ لَكم ما وعَدْناكم مِنَ النُصْرَةِ.
{"ayahs_start":104,"ayahs":["یَوۡمَ نَطۡوِی ٱلسَّمَاۤءَ كَطَیِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَاۤ أَوَّلَ خَلۡقࣲ نُّعِیدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَیۡنَاۤۚ إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِینَ","وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق