الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا حَتَّمَهُ وَقَضَاهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، مِنَ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوِرَاثَةِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ:١٢٨] . وَقَالَ: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ﴾ [غَافِرٍ:٥١] . وَقَالَ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ [وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا] [[زيادة من ف، أ.]] ﴾ ،الْآيَةَ [النُّورِ:٥٥] .وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا مَكْتُوبٌ مَسْطُورٌ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ ، قَالَ الْأَعْمَشُ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَير عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ فَقَالَ الزَّبُورُ: التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالْقُرْآنُ [[في أ: "الفرقان".]] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الزَّبُورُ: الْكِتَابُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: الزَّبُورُ: الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى دَاوُدَ، وَالذِّكْرُ: التَّوْرَاةُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الزَّبُورُ: الْقُرْآنُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير: الذِّكْرُ: الَّذِي في السماء.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الزَّبُورُ: الكتبُ بَعْدَ الذِّكْرِ، وَالذِّكْرُ: أُمُّ الْكِتَابِ عِنْدَ اللَّهِ.
وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ [[تفسير الطبري (١٧/٨١) .]] ، وَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الزَّبُورُ: الْكُتُبُ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَالذِّكْرُ: أُمُّ الْكِتَابِ الَّذِي [[في ت: "أم الكتاب والذي".]] يُكْتَبُ فِيهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [[في ف: "الله تعالى".]] فِي التَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَسَابِقِ عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ تكون السموات وَالْأَرْضُ، أَنْ يُورثَ أمةَ مُحَمَّدٍ ﷺ الْأَرْضَ وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ، وَهُمُ الصَّالِحُونَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ قَالَ: أَرْضُ الْجَنَّةِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالثَّوْرِيُّ [رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى] [[زيادة من ف، أ.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ أَيْ: إِنَّ فِي هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ عَلَى عَبْدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ لبَلاغًا: لمَنْفعةَ وَكِفَايَةً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ عَبَدُوا اللَّهَ بِمَا شَرَعَهُ وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ، وَآثَرُوا طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَشَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] [[زيادة من ت، وفي ف، أ: "عز وجل".]] : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ : يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ جَعَل مُحَمَّدًا ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، أَيْ: أَرْسَلَهُ رَحْمَةً لَهُمْ كُلِّهِمْ، فَمَنْ قَبِل هَذِهِ الرحمةَ وشكَر هَذِهِ النعمةَ، سَعد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ رَدّها وَجَحَدَهَا خَسِرَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ [[في ت، ف، أ: "فبئس".]] الْقَرَارُ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٨، ٢٩] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٤] .
وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الفَزَاريّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَان، عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: "إِنِّي لَمْ أبعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعثْتُ رَحْمَةً". انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ [[صحيح مسلم برقم (٢٥٥٩) .]] .
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ". رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَرَابَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ وَكِيع، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا [[رواه أبو الحسن السكري في "الفوائد المنتقاة" (١٥٧/٢) . كما في السلسلة الصحيحة (١/٨٠٣) للألباني - حدثنا عبد الله بن محمد ابن أسد، حدثنا حاتم بن منصور الشاشي قال: حدثنا عبد الله بن أبي عرابة الشاشي به. ورواه غيره متصلا: فرواه عبد الله بن نصر الأصم عَنْ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة مرفوعا. خرجه ابن عدي في الكامل (٤/٢٣١) من طريق عمر بن سنان عن عبد الله بن نصر.
وقال: "هكذا حدثناه عمر بن سنان عن عبد الله بن نصر عن وكيع عن الأعمش، وهذا غير محفوظ عن وكيع عن الأعمش، إنما يرويه مالك بن سعيد عن الأعمش، وعبد الله بن نصر هذا له غير ما ذكرت مما أنكرت عليه".]] . قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ [[رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١١/٥٠٤) عن وكيع مرسلا، ورواه ابن سعد في الطبقات (١/١٨٢) عن وكيع مرسلا، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (١/١٥٧) من طريق إبراهيم بن عبد الله عن وكيع مرسلا.]] . وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ مُرْسَلًا.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ سُعَير بْنِ الْخِمْس، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا [[ورواه البزار في مسنده برقم (٢٣٦٩) "كشف الأستار" والبيهقي في دلائل النبوة (١/١٥٨) من طريق زياد بن يحيى عن مالك بن سعيد به، وقال البزار: "لا نعلم أحدا وصله إلا مالك بن سعيد، وغيره يرسله".]] . ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِئِ وَأَبِي أَحْمَدَ الْحَاكِمِ، كِلَاهُمَا عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصُّوفِيِّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ [[في ت، أ: "حسن".]] بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ".
ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الصَّلْت بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَر [[في أ: "عن شعبة".]] ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً مُهْدَاةً، بُعثْتُ بِرَفْعِ قَوْمٍ وَخَفْضِ آخَرِينَ" [[وذكره السيوطي في الجامع الصغير ورمز له الألباني بالضعف.]] .
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: وَجَدْتُ كِتَابًا بِالْمَدِينَةِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ، عَنِ ابْنِ [شِهَابٍ] [[زيادة من أ.]] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَير بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ حِينَ قَدِمَ [مَكَّةَ] [[زيادة من أ.]] مُنْصَرَفَهُ عَنْ حَمْزَة: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وَأَرْسَلَ طَلَائِعَهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَاحْذَرُوا أَنْ تَمُرُّوا طريقَه أَوْ تُقَارِبُوهُ [[في ت: "أو تحاربوه".]] ، فَإِنَّهُ كَالْأَسَدِ الضَّارِي؛ إِنَّهُ حَنِق عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ نَفَيْتُمُوهُ نَفْيَ القِرْدَان عَنِ الْمَنَاسِمِ [[في أ: "الناس".]] ، وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَسحْرَةً، مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا رَأَيْتُ مَعَهُمُ الشَّيْطَانَ، وَإِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ عَدَاوَةَ ابْنَيْ قَيلَةَ -يَعْنِي: الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ-لَهُوٌ عَدُوٌّ اسْتَعَانَ بِعَدُوٍّ، فَقَالَ لَهُ مُطْعِمُ بْنُ عُدَيٍّ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، وَاللَّهِ مَا رأيتُ أَحَدًا أصدقَ لِسَانًا، وَلَا أَصْدَقَ مَوْعِدًا، مِنْ أَخِيكُمُ الَّذِي طَرَدْتُمْ، وَإِذْ فَعَلْتُمُ الَّذِي فَعَلْتُمْ فَكُونُوا أَكَفَّ النَّاسِ عَنْهُ. قَالَ [أَبُو سُفْيَانَ] [[زيادة من أ.]] بْنُ الْحَارِثِ: كُونُوا أَشَدَّ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ، إِنَّ [[في ت: "فإن".]] ابْنِيْ قيلَةَ إِنْ ظفَرُوا بِكُمْ لَمْ يرْقُبوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَإِنْ أَطَعْتُمُونِي أَلْجَأْتُمُوهُمْ خير كنابة، أو تخرجوا محمدًا مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَيَكُونُ وَحِيدًا مَطْرُودًا، وَأَمَّا [ابْنَا قَيْلة فَوَاللَّهِ مَا هُمَا] [[زيادة من ت، أ.]] وَأَهْلُ [دَهْلَكٍ] [[زيادة من ت، أ.]] فِي الْمَذَلَّةِ إِلَّا سَوَاءً وَسَأَكْفِيكُمْ حَدَّهُمْ، وَقَالَ:
سَأمْنَحُ جَانبًا مِنِّي غَليظًا ... عَلَى مَا كَانَ مِنْ قُرب وَبُعْد ...
رجَالُ الخَزْرَجيَّة أهْلُ ذُل ... إِذَا مَا كَانَ هَزْل بَعْدَ جَدِّ ...
فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْتُلَنَّهُمْ ولأصلبَنَّهم وَلَأَهْدِيَنَّهُمْ وَهُمْ كَارِهُونَ، إِنِّي رَحْمَةٌ بَعَثَنِي اللَّهُ، وَلَا يَتَوفَّاني حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ دِينَهُ، لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحِي اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ" [[المعجم الكبير (٢/١٢٣) .]] .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا.
وَقَالَ الإمامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرو بْنُ قَيس، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرّة الكِنْديّ قَالَ: كَانَ حُذيفةُ بِالْمَدَائِنِ، فَكَانَ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ قَالَهَا رسولُ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ حذيفةُ إِلَى سَلْمان فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا حذيفةَ، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم [كَانَ يَغْضَبُ فَيَقُولُ، وَيَرْضَى فَيَقُولُ: لَقَدْ عَلِمْتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم] [[زيادة من ت، أ، والمسند.]] خطَب فَقَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي سَبَبتُه [سَبَّةً] [[زيادة من ت، أ، والمسند.]] فِي غَضَبي أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً، فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ، وَإِنَّمَا بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَاجْعَلْهَا صَلَاةً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زَائِدَةَ [[المسند (٥/٤٣٧) وسنن أبي داود برقم (٤٦٥٩) .]] .
فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ رَحْمَةٍ حَصَلَتْ لِمَنْ كَفَر بِهِ؟ فَالْجَوَابُ ما رواه أبو جعفر بن جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: سَعِيدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، كُتِبَ لَهُ الرَّحْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عُوِفي مِمَّا أَصَابَ الْأُمَمَ مِنَ الْخَسْفِ وَالْقَذْفِ [[تفسير الطبري (١٧/٨٣) .]] .
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ أَبِي سَعْدٍ -وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْبَقَّالُ-عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو القاسمُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدَانَ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عِيسَى بن يونس الرَمْلِي، عن أيوب ابن سُوَيد، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ قَالَ: مَنْ تَبِعَهُ كَانَ لَهُ رَحْمَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ عُوفِي مِمَّا كَانَ يُبْتَلَى بِهِ سَائِرُ الْأُمَمِ مِنَ الْخَسْفِ وَالْقَذْفِ [[المعجم الكبير (١٢/٢٣) .]] .
{"ayahs_start":105,"ayahs":["وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ","إِنَّ فِی هَـٰذَا لَبَلَـٰغࣰا لِّقَوۡمٍ عَـٰبِدِینَ","وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق