القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ﴾
قال أبو جعفر: وفي هذا الكلام متروك، قد استغني بدلالة ما ذكر عليه عنه، وهو:"فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته، فدعا الملك النسوة اللاتي قطعن أيديهن وامرأة العزيز" فقال لهن: ﴿ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه﴾ ، كالذي:-
١٩٤٠٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: فلما جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه، جمع النسوة وقال: ﴿ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه﴾ ؟
* * *
ويعني بقوله: ﴿ما خطبكن﴾ ، ما كان أمركن، وما كان شأنكن= ﴿إذ راودتن يوسف عن نفسه﴾ [[انظر تفسير" المراودة" فيما سلف ص: ٨٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] = فأجبنه فقلن: ﴿حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق﴾ ، [[انظر تفسير" حاش الله" فيما سلف ص: ٨١ - ٨٤.]] تقول: الآن تبين الحق وانكشف فظهر، ﴿أنا راودته عن نفسه﴾ = وإن يوسف لمن الصادقين في قوله: ﴿هي راودتني عن نفسي﴾ .
* * *
وبمثل ما قلنا في معنى: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٤٠٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، قال: تبيّن.
١٩٤٠٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، تبيّن.
١٩٤٠٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٩٤١٠- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٩٤١١- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٩٤١٢ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، الآن تبين الحق.
١٩٤١٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
١٩٤١٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال،أخبرنا عبد الرزاق قال،أخبرنا معمر، عن قتادة: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، قال: تبيّن.
١٩٤١٥- حدثنا الحسن بن محمد قال،حدثنا عمرو بن محمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿الآن حصحص الحق﴾ قال: تبين.
١٩٤١٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، مثله.
١٩٤١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال،أخبرنا جويبر، عن الضحاك، مثله.
١٩٤١٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: قالت راعيل امرأة إطفير العزيز: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، أي: الآن برز الحق وتبيَّن = ﴿أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين﴾ ، فيما كان قال يوسف مما ادّعَت عليه.
١٩٤١٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: قال الملك: ائتوني بهن! فقال: ﴿ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء﴾ ، ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه، ودخل معها البيت وحلّ سراويله، ثم شدَّه بعد ذلك،، فلا تدري ما بدا له.
فقالت امرأة العزيز: ﴿الآن حصحص الحق﴾ .
١٩٤٢٠ - حدثني يونس قال،أخبرنا ابن وهب قال،قال ابن زيد، في قوله: ﴿الآن حصحص الحق﴾ ، تبين.
* * *
وأصل حَصحص:"حصَّ"، ولكن قيل:"حصحص"، كما قيل: ﴿فَكُبْكِبُوا﴾ ، [سورة الشعراء: ٩٤] ، في"كبوا"، وقيل:"كفكف" في"كف"، و"ذرذر" في"ذرّ". [[في المخطوطة:" وردرد"، في: رد، وكأن الصواب ما في المطبوعة. و" الذرذرة"، تفريقك الشيء وتبديدك إياه. و" ذر الشيء"، بدده.]] وأصل"الحص": استئصال الشيء، يقال منه:"حَصَّ شعره"، إذا استأصله جزًّا. وإنما أريد في هذا الموضع بقوله: ﴿حصحص الحق﴾ ، [[في المطبوعة: أسقط قوله:" بقوله".]] ذهب الباطل والكذب فانقطع، وتبين الحق فظهر.
{"ayah":"قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَ ٰوَدتُّنَّ یُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَیۡهِ مِن سُوۤءࣲۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}