الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قالَ ما خَطْبُكُنَّ إذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عن نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قالَتِ امْرَأتُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أنا راوَدْتُهُ عن نَفْسِهِ وإنَّهُ لَمِنَ الصادِقِينَ﴾ المَعْنى: فَجَمَعَ المَلِكُ النِسْوَةَ وامْرَأةَ العَزِيزِ مَعَهُنَّ، وقالَ لَهُنَّ: ﴿ما خَطْبُكُنَّ﴾ الآيَةُ، أيْ: أيُّ شَيْءٍ كانَتْ قِصَّتُكُنَّ؟ فَهو اسْتِدْعاءٌ مِنهُ أنْ يُعْلِمْنَهُ القِصَّةَ، فَجاوَبَ النِساءُ بِجَوابٍ جَيِّدٍ تَظْهَرُ مِنهُ بَراءَةُ أنْفُسِهِنَّ جُمْلَةً، وأعْطَيْنَ يُوسُفَ بَعْضَ بَراءَةٍ، وذَلِكَ أنَّ المَلِكَ لَمّا قَرَّرَ لَهُنَّ أنَّهُنَّ راوَدْنَهُ قُلْنَ -جَوابًا عن ذَلِكَ-: ﴿حاشَ لِلَّهِ﴾، وقَدْ يَحْتَمِلُ -عَلى بُعْدٍ- أنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ: ﴿حاشَ لِلَّهِ﴾ في جِهَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، وقَوْلُهُنَّ: ﴿ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ لَيْسَ بِإبْراءٍ تامٍّ، وإنَّما كانَ الإبْراءُ التامُّ وصْفَ القِصَّةِ عَلى وجْهِها حَتّى يَتَقَرَّرَ الخَطَأُ في جِهَتَيْنِ، ولَوْ قُلْنَ: (ما عَلِمْنا عَلَيْهِ إلّا خَيْرًا) لَكانَ أدْخَلَ في التَبْرِئَةِ، وقَدْ بَوَّبَ البُخارِيُّ عَلى هَذِهِ الألْفاظِ عَلى أنَّها تَزْكِيَةٌ، وأدْخَلَ قَوْلَ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ في حَدِيثِ الإفْكِ: « (أهْلُكَ ولا نَعْلَمُ إلّا خَيْرًا)،» وأمّا مالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ فَلا يَقْنَعُ بِهَذا في تَزْكِيَةِ الشاهِدِ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ بِإثْباتِ العَدالَةِ. قالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: فَلَمّا سَمِعَتْ زَوْجَةُ العَزِيزِ مَقالَتَهُنَّ وحَيْدَتَهُنَّ عَنِ الوُقُوعِ في (p-١٠٤)الخِزْيِ حَضَرَتْها نِيَّةٌ وتَحْقِيقٌ فَقالَتْ: ﴿الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ﴾. و"حَصْحَصَ" مَعْناهُ: تَبَيَّنَ بَعْدَ خَفائِهِ، كَذا قالَ الخَلِيلُ وغَيْرُهُ، وقِيلَ: هو مَأْخُوذٌ مِنَ الحِصَّةِ، أيْ بانَتْ حِصَّتُهُ مِن حِصَّةِ الباطِلِ، ثُمَّ أقَرَّتْ عَلى نَفْسِها بِالمُراوَدَةِ، والتَزَمَتِ الذَنْبَ، وأبْرَأتْ يُوسُفَ البَراءَةَ التامَّةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب