الباحث القرآني
(p-٢٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: لَمّا رَجَعَ السّاقِي إلى المَلِكِ وأخْبَرَهُ بِتَأْوِيلِ رُؤْياهُ، وقَعَ في نَفْسِهِ صِحَّةُ ما قالَ، فَقالَ: ائْتُونِي بِالَّذِي عَبَّرَ رُؤْيايَ، فَجاءَهُ الرَّسُولُ، فَقالَ: أجِبِ المَلِكَ، فَأبى أنْ يَخْرُجَ حَتّى تُبَيَّنَ بَراءَتُهُ مِمّا قُرِفَ بِهِ، فَقالَ: ﴿ارْجِعْ إلى رَبِّكَ﴾ يَعْنِي المَلِكَ ﴿فاسْألْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ﴾ وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: " النُّسْوَةِ " بِضَمِّ النُّونِ، والمَعْنى: فاسْألِ المَلِكَ أنْ يَتَعَرَّفَ ما شَأْنُ تِلْكَ النِّسْوَةِ وحالُهُنَّ لِيَعْلَمَ صِحَّةَ بَراءَتِي، وإنَّما أشْفَقَ أنْ يَراهُ المَلِكُ بِعَيْنِ مَشْكُوكٍ في أمْرِهِ أوْ مُتَّهَمٍ بِفاحِشَةٍ، وأحَبَّ أنْ يَراهُ بَعْدَ اسْتِقْرارِ بَراءَتِهِ عِنْدَهُ. وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ أنَّهُ يَعْنِي اللَّهَ تَعالى، وحَكى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أنَّهُ أرادَ بِهِ سَيِّدَهُ العَزِيزَ، والمَعْنى: أنَّهُ يَعْلَمُ بَراءَتِي. وقَدْ رُوِيَ عَنْ نَبِيِّنا ﷺ أنَّهُ اسْتَحْسَنَ حَزْمَ يُوسُفَ وصَبْرَهُ عَنِ التَّسَرُّعِ إلى الخُرُوجِ، فَقالَ ﷺ: " «إنَّ الكَرِيمَ بْنَ الكَرِيمِ بْنِ الكَرِيمِ [ابْنِ الكَرِيمِ] يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحاقَ بْنِ إبْراهِيمَ لَوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ جاءَنِي الدّاعِي لَأجَبْتُ» " .
وَفِي ذِكْرِهِ لِلنِّسْوَةِ دُونَ امْرَأةِ العَزِيزِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ خَلَطَها بِالنِّسْوَةِ، لِحُسْنِ عِشْرَةٍ فِيهِ وأدَبٍ، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّانِي: لِأنَّها زَوْجَةُ مَلِكٍ، فَصانَها. والثّالِثُ: لِأنَّ النِّسْوَةَ شاهِداتٌ عَلَيْها لَهُ. والرّابِعُ: لِأنَّ في ذِكْرِهِ لَها نَوْعَ تُهْمَةٍ، ذَكَرَ الأقْوالَ الثَّلاثَةَ الماوَرْدِيُّ. قالَ المُفَسِّرُونَ: فَرَجَعَ الرَّسُولُ إلى المَلِكِ بِرِسالَةِ يُوسُفَ، فَدَعا المَلِكُ النِّسْوَةَ وفِيهِنَّ (p-٢٣٧)امْرَأةُ العَزِيزِ، فَقالَ: ﴿ما خَطْبُكُنَّ﴾ أيْ: ما شَأْنُكُنَّ وقِصَّتُكُنَّ ﴿إذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ﴾ .
فَإنْ قِيلَ: إنَّما راوَدَتْهُ واحِدَةٌ، فَلِمَ جَمَعَهُنَّ ؟ فَعَنْهُ ثَلاثَةُ أجْوِبَةٍ:
أحَدُها: أنَّهُ جَمَعَهُنَّ في السُّؤالِ لِيَعْلَمَ عَيْنَ المُراوَدَةِ. والثّانِي: أنَّ أزْلِيخا راوَدَتْهُ عَلى نَفْسِهِ، وراوَدَهُ باقِي النِّسْوَةِ عَلى القَبُولِ مِنها. والثّالِثُ: أنَّهُ جَمَعَهُنَّ في الخِطابِ، والمَعْنى لِواحِدَةٍ مِنهُنَّ، لِأنَّهُ قَدْ يُوقَعُ عَلى النَّوْعِ وصْفُ الجنْسِ إذا أُمِنَ مِنَ اللَّبْسِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيَّ ﷺ لِلنِّساءِ: " «إنَّكُنَّ أكْثَرُ أهْلِ النّارِ» "، فَجَمَعَهُنَّ في الخِطابِ والمَعْنى لِبَعْضِهِنَّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: قَرَأ الحَسَنُ بِتَسْكِينِ الشِّينِ، ولا اخْتِلافَ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ أنَّ الإسْكانَ غَيْرُ جائِزٍ، لِأنَّ الجَمْعَ بَيْنَ ساكِنَيْنِ لا يَجُوزُ، ولا هو مِن كَلامِ العَرَبِ. فَأعْلَمَ النِّسْوَةُ المَلِكَ بَراءَةَ يُوسُفَ مِنَ السُّوءِ، فَقالَتِ امْرَأةُ العَزِيزِ: ﴿الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ﴾ أيْ: بَرَزَ وتَبَيَّنَ، واشْتِقاقُهُ في اللُّغَةِ مِنَ الحِصَّةِ، أيْ: بانَتْ حِصَّةُ الحَقِّ وجِهَتُهُ مِن حِصَّةِ جِهَةِ الباطِلِ. وقالَ ابْنُ القاسِمِ: (p-٢٣٨)" حَصْحَصَ " بِمَعْنى وضُحَ وانْكَشَفَ، تَقُولُ العَرَبُ: حَصْحَصَ البَعِيرُ في بُرُوكِهِ: إذا تَمَكَّنَ، وأثَّرَ في الأرْضِ، وفَرَّقَ الحَصى.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ في ابْتِداءِ أزْلِيخا بِالإقْرارِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها لَمّا رَأتِ النِّسْوَةَ قَدْ بَرَّأْنَهُ، قالَتْ: لَمْ يَبْقَ إلّا أنْ يُقْبِلْنَ عَلىَّ بِالتَّقْرِيرِ، فَأقَرَّتْ، قالَهُ الفَرّاءُ.
والثّانِي: أنَّها أظْهَرَتِ التَّوْبَةُ وحَقَّقَتْ صِدْقَ يُوسُفَ، قالَهُ الماوَرْدِيُّ.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِی بِهِۦۖ فَلَمَّا جَاۤءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسۡـَٔلۡهُ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّـٰتِی قَطَّعۡنَ أَیۡدِیَهُنَّۚ إِنَّ رَبِّی بِكَیۡدِهِنَّ عَلِیمࣱ","قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَ ٰوَدتُّنَّ یُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَیۡهِ مِن سُوۤءࣲۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"],"ayah":"قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَ ٰوَدتُّنَّ یُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَیۡهِ مِن سُوۤءࣲۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق