قوله تعالى: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ﴾، قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 87 ب، والطبري 12/ 236.]]: لما رجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف دعا الملك النسوة وفيهن امرأة العزيز، فقال لهن: ما خطبكن، قال ابن عباس [[ابن عطية 7/ 534، و"زاد المسير" 4/ 237.]]: يريد ما قصتكن، وقال آخرون [[الطبري 12/ 236، الثعلبي 7/ 87 ب، البغوي 4/ 248.]]: ما شأنكن وأمركن.
وقوله تعالى: ﴿إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ وقال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 237.]]: إنما جمعهن في المراودة؛ لأن الملك اتصل به أن بعض النسوة راود، فجمعهن ليستعلم عين المراودة. ويحتمل أن يقال [[في (ج): (أن يقول كلهن)، وسقطت: (أنهن).]]: إنهن كلهن راودن، فامرأة العزيز راودته عن نفسه، وسائر النسوة راودنه في طاعتها والانقياد لما تلتمسه منه.
قوله تعالى: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ مضى الكلام فيه، ﴿مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 151، القرطبي 9/ 207، البغوي 4/ 248.]]: يريد من زنا.
قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 115.]]: أعلم النسوة الملك براءة يوسف، فقالت امرأة العزيز: "الآن حصحص الحق" تريد برز وتبين، وهو قول ابن عباس [[الطبري 12/ 236 وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 42.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 236.]] وقتادة [[الطبري 12/ 237.]].
وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 48، وفيه "لما دعا النسوة فبرأنه، قالت: لم يبق إلا أن يُقبل عليَّ بالتقرير فأقرت ... ".]]: لما دُعي النسوة فبرأنه قالت: لم يبق إلا أن يعلن علي بالتقرير فأقرت، فذلك قولها: الآن حصحص الحق، تقول: ضاق الكذب وتبين الحق، وعلى هذا إنما أقرت؛ لأنها خافت أنها إن كذبت شهدت عليها النسوة ببعض ما تقرر عندهن. فلم تجد بدًّا من الإقرار.
قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 238، وانظر: "تهذيب اللغة" (حصص) 1/ 835، و"اللسان" (حصص) 2/ 900.]]: قال اللغويون: (حصحص الحق) معناه: وضح وانكشف وتمكن في القلوب والنفوس، من قول العرب: حصحص البعير بروكه، إذا تمكن فاستقر في الأرض وفرق الحصى.
قال حميد بن ثور [[هو حميد بن ثور الهلالي من بني عامر، إسلامي مخضرم، انظر: "طبقات الشعراء" لابن قتيبة ص 247، "ديوانه" ص 9، و"الزاهر" 2/ 34، و"الدر المصون" == 6/ 513، و"الكشاف" 2/ 326، و"اللسان" (حصص) 2/ 899، و"تهذيب اللغة" 1/ 835، و"ديوان الأدب" 3/ 173، و"تاج العروس" 9/ 257، حصحص: أثبت ركبتيه للنهوض بالثقل، والثفنات: جمع ثفنة وهي من البعير ما يقع على الأرض إذا استناخ.]]: وحَصْحَصَ في صُمّ الحَصَا ثَفِنَاتِه ... ودَامَ القِيَامُ ساعةً ثم صَمَّمَا
يصف بعيرًا.
وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 115.]]: اشتقاقه في اللغة من الحصّة، أي: بانت حصّة الحق من حصة الباطل.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ هو يعني في قوله: (هي راودتني عن نفسي).
{"ayah":"قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَ ٰوَدتُّنَّ یُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَیۡهِ مِن سُوۤءࣲۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}