الباحث القرآني

قوله عز وجل: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ قرأ عاصم بنصب الكاف، وقرأ الباقون بالضم، وهما لغتان ومعناهما واحد، يعني: لم يلبث إلا قليلاً. ويقال: لم يطل الوقت حتى جاء الهدهد فَقالَ. فقال له سليمان: أين كنت؟ فخرّ له ساجداً وقال: أَحَطْتُ وفي الآية مضمر، معناه: فمكث غير بعيد أن جاءه الهدهد فقال له سليمان: أين كنت؟ فخرّ له ساجدا، فقال أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ يعني: علمت ما لم تعلم به، وجئتك بخبر لم تكن تعلمه، ولم يخبرك عنه أحد. ثم أخبره فقال: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ فإن قيل: كيف يجوز أن يقال إن سليمان لم يعلم به، وكانت أرض سبأ قريبة منه، وهناك ملك لم يعلم به سليمان؟ قيل له: علم سليمان ذلك، ولكنه لم يعلم أنهم يسجدون للشمس. ويقال: إنه علم بها، ولكنه لم يعلم أن ملكها قد بلغ هذا المبلغ، وعلم أنهم أهل الضلالة، والإحاطة: هي العلم بالأشياء بما فيها وجهاتها كما قال وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ، يعني: من أرض سبأ، وهي مدينة باليمن بِنَبَإٍ يَقِينٍ يعني: بخبر صدق لا شك فيه. ويقال: بخبر عجيب. قرأ ابن كثير وأبو عمرو سَبَإٍ بالنصب بغير تنوين. وقرأ الباقون بالكسر والتنوين. فمن قرأ بالنصب جعله اسم مدينة، وهي مؤنث لا ينصرف، ومن قرأ بالكسر والتنوين جعله اسم الرجل. ويقال: جعله اسم مكان. فقال له سليمان: وما ذلك الخبر؟ فقال: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ يعني: تملك أرض سبأ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يعني: أعطيت علم ما في بلادها. ويقال: من كل صنف من الأموال والجنود، وأنواع الخير مما يعطى الملوك وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ يعني: سريراً كبيراً أعظم من سريرك. ويقال: كان طول سريرها ثمانون ذراعاً في ثمانين مرصعاً بالذهب والدر والياقوت، وقوائمه من اللؤلؤ والياقوت، واسمها بلقيس. قال مقاتل: كانت أمها من الجن. ويقال: وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ، أي شديد. قوله عز وجل: وَجَدْتُها يعني: رأيتها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ يعني: يعبدون الشمس مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ الخبيثة فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ يعني: طريق الهدى، ومعناه: صدهم الشيطان عن الإسلام، فهم لا يهتدون. يعني: لا يعرفون الدين. قوله عز وجل: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ قرأ الكسائي أَلَّا يَسْجُدُوا بالتخفيف، وقرأ الباقون بتشديد أَلَّا، فمن قرأ بالتخفيف فمعناه: أن الهدهد قال عند ذلك: أنْ لاَ تسجدوا لله؟ وقال مقاتل: هذا قول سليمان قال لقومه: أَلَّا يَسْجُدُوا ويقال هذا كلام الله أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ وهذا من الاختصار، فكأنه قال: ألا يا هؤلاء اسجدوا لله. ومن قرأ بالتشديد فمعناه: فصدهم عن السبيل أن لا يسجدوا لله، يعني: لأن لا يسجدوا. ويقال: معناه وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ لئلا يسجدوا لله. وقال بعضهم: وإذا قرئ بالتخفيف، فهو موضع السجدة، وإذا قرئ بالتشديد، فليس بموضع سجدة في الوجهين جميعاً، وهذا القول أحوط. الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ يعني: المخبئات فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مثل المطر والثلج، ويعني: في الأرض مثل النبات والأشجار والكنوز والموتى. ويقال: الذي يظهر سر أهل السموات والأرض ويعلنها، فذلك قوله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ. ثم قال عز وجل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي الذي يعلم ذلك. قرأ الكسائي وعاصم في رواية حفص مَا تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ بالتاء على معنى المخاطبة لهم. وقرأ الباقون بالياء على معنى الخبر لهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب