الباحث القرآني

﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ زَمانًا غَيْرَ مَدِيدٍ يُرِيدُ بِهِ الدَّلالَةَ عَلى سُرْعَةِ رُجُوعِهِ خَوْفًا مِنهُ، وقَرَأ عاصِمٌ بِفَتْحِ الكافِ. ﴿فَقالَ أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ يَعْنِي حالَ سَبَأٍ، وفي مُخاطَبَتِهِ إيّاهُ بِذَلِكَ تَنْبِيهٌ لَهُ عَلى أنَّ في أدْنى خَلْقِ اللَّهِ تَعالى مَن أحاطَ عِلْمًا بِما لَمْ يُحِطْ بِهِ لِتَتَحاقَرَ إلَيْهِ نَفْسُهُ ويَتَصاغَرَ لَدَيْهِ عِلْمُهُ، وقُرِئَ بِإدْغامِ الطّاءِ في التّاءِ بِإطْباقٍ وبِغَيْرِ إطْباقٍ. ﴿وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ﴾ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ بِرِوايَةِ البَزِّيِّ وأبُو عَمْرٍو غَيْرَ مَصْرُوفٍ عَلى تَأْوِيلِ القَبِيلَةِ أوِ البَلْدَةِ والقَوّاسُ بِهَمْزَةٍ ساكِنَةٍ. ﴿بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ بِخَبَرٍ مُتَحَقَّقٍ رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا أتَمَّ بِناءَ بَيْتِ المَقْدِسِ تَجَهَّزَ لِلْحَجِّ فَوافى الحَرَمَ وأقامَ بِها ما شاءَ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إلى اليَمَنِ فَخَرَجَ مِن مَكَّةَ صَباحًا فَوافى صَنْعاءَ ظَهِيرَةً فَأعْجَبَتْهُ نَزاهَةُ أرْضِها فَنَزَلَ بِها ثُمَّ لَمْ يَجِدِ الماءَ. وكانَ الهُدْهُدُ رائِدَهُ لِأنَّهُ يُحْسِنُ طَلَبَ الماءِ. فَتَفَقَّدَهُ لِذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْهُ إذْ حَلَّقَ حِينَ نَزَلَ سُلَيْمانُ فَرَأى هُدْهُدًا واقِعًا فانْحَطَّ إلَيْهِ فَتَواصَفا وطارَ مَعَهُ لِيَنْظُرَ ما وصَفَ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ العَصْرِ وحَكى ما حَكى، ولَعَلَّ في عَجائِبِ قُدْرَةِ اللَّهِ وما خَصَّ بِهِ خاصَّةً عِبادَهُ أشْياءَ أعْظَمَ مِن ذَلِكَ يَسْتَكْبِرُها مَن يَعْرِفُها ويَسْتَنْكِرُها مَن يُنْكِرُها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب