الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾، ويُقْرَأُ: ”فَمَكُثَ“، بِضَمِّ الكافِ، وفَتْحِها، أيْ: غَيْرَ وقْتٍ بَعِيدٍ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَقالَ أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾، (p-١١٤)اَلْمَعْنى: ”فَجاءَ الهُدْهُدُ، فَسَألَهُ سُلَيْمانُ عَنْ غَيْبَتِهِ، فَقالَ: أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ“، وحُذِفَ هَذا لِأنَّ في الكَلامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، ومَعْنى ”أحَطْتُ“: عَلِمْتُ شَيْئًا مِن جَمِيعِ جِهاتِهِ، تَقُولُ: ”أحَطْتُ بِهَذا عِلْمًا“، أيْ: عَلِمْتُهُ كُلَّهُ، لَمْ يَبْقَ عَلَيَّ مِنهُ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾، يُقْرَأُ بِالصَّرْفِ والتَّنْوِينِ، ويُقْرَأُ: ”مِن سَبَأ“، بِفَتْحِ ”سَبَأ“، وحَذْفِ التَّنْوِينِ، فَأمّا مَن لَمْ يَصْرِفْ فَيَجْعَلُهُ اسْمَ مَدِينَةٍ، وأمّا مَن صَرَفَ فَذَكَرَ قَوْمٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ أنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ واحِدٍ، وذَكَرَ آخَرُونَ أنَّ الِاسْمَ إذا لَمْ يُدْرَ ما هُوَ، لَمْ يُصْرَفْ، وأحَدُ هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ خَطَأٌ، لِأنَّ الأسْماءَ حَقُّها الصَّرْفُ، فَإذا لَمْ يُعْلَمْ الِاسْمُ لِلْمُذَكَّرِ هو أوْ لِلْمُؤَنَّثِ فَحَقُّهُ الصَّرْفُ، حَتّى يُعْلَمَ أنَّهُ لا يَنْصَرِفُ، لِأنَّ أصْلَ الأسْماءِ الصَّرْفُ، وكُلُّ ما لا يَنْصَرِفُ فَهو يُصْرَفُ في الشِّعْرِ، وأمّا الَّذِينَ قالُوا إنَّ ”سَبَأٌ“، اِسْمُ رَجُلٍ، فَغَلَطٌ أيْضًا، لِأنَّ ”سَبَأٌ“، هي مَدِينَةٌ تُعْرَفُ بِـ ”مَأْرِبٌ“، مِنَ اليَمَنِ، بَيْنَها وبَيْنَ صَنْعاءَ ثَلاثَةُ أيّامٍ، قالَ الشّاعِرُ: ؎مِن سَبَأ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ إذْ ∗∗∗ يَبْنُونَ مِن دُونِ سَيْلِها العَرِما فَمَن لَمْ يَصْرِفْ فَلِأنَّهُ اسْمُ مَدِينَةٍ، ومَن صَرَفَهُ، والصَّرْفُ فِيهِ أكْثَرُ في القِراءَةِ، فَلِأنَّهُ يَكُونُ اسْمًا لِلْبَلَدِ، فَيَكُونُ مُذَكَّرًا سُمِّيَ بِهِ مُذَكَّرٌ، فَإنْ صَحَّتْ فِيهِ رِوايَةٌ، فَإنَّما هو أنَّ المَدِينَةَ سُمِّيَتْ بِاسْمِ رَجُلٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب