الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ يعني: لا يشركون بالله. ويقال:
الشرك ثلاثة: أولها أن يعبد غير الله تعالى، والثاني أن يطيع مخلوقاً بما يأمره من المعصية، والثالث أن يعمل لغير وجه الله تعالى. فالأول كفر، والآخران معصية.
ثم قال: وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ أي إلا بإحدى خصال ثلاث وقد ذكرناه. وَلا يَزْنُونَ يعني: لا يستحلون الزنى، ولا يقتلون النفس وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يعني:
الشرك والقتل والزنى يَلْقَ أَثاماً قال الكلبي يعني: عقاباً في النار، وذكر عن سيبويه والخليل أنهما قالا: معناه جزاء الآثام. ويقال: الآثام العقوبة وقال الشاعر:
جَزَى الله ابْنَ عُرْوَةَ حِينَ أَمْسَى ... عَقُوقاً فَالْعُقُوقُ لَهُ أَثَامُ
أي: عقوبة.
ثم قال عز وجل: يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً يعني: في العذاب صاغراً يهان فيه. قرأ عاصم يُضاعَفْ لَهُ بالألف، وضم الفاء. وقرأ ابن عامر وابن كثير:
يضعّف بغير ألف، والتشديد، وجزم الفاء. وقرأ الباقون بالألف، وجزم الفاء. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر، وَيَخْلُدْ بضم الدال.
وروى حفص عن عاصم وابن كثير، وَيَخْلُدْ بالإشباع، وقرأ الباقون يَخْلُدْ بجزم الدال. فمن قرأ يُضاعَفْ ويَخْلُدْ بالرفع فالوقف هنا على قوله: أَثاماً ومن قرأهما بالجزم فلا يقف على أَثاماً لأنهما جوابا الشرط، والشرط والجواب هما مجزومان.
ثم قال عز وجل: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ يعني: تاب من الشرك والزنى والقتل، وصدَّق بتوحيد الله تعالى: وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يعني: مكان الشرك الإيمان، ومكان القتل الكف، ومكان الزنى العفاف، ومكان المعصية العصمة والطاعة. ويقال:
إنه يبدل في الآخرة مكان عمل السيئات الحسنات.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: «إن يوم القيامة إذا أعطي الإنسان كتابه في الآخرة فيرى في أوله معاصي، وفي الآخر الحسنات، فلما رجع إلى أول الكتاب، رآه كله حسنات» .
روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبيّ ﷺ أنه قال: «يُعْرَضُ عَلَيْهِ صغار ذُنُوبِهِ، وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنَ الكتاب أَنْ تَجِيءَ ذُنُوبُهُ العِظَامُ، فإذا أريد به خير قِيلَ: أَعْطُوهُ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً. فَيَقُولُ:
يَا ربّ إِنَّ لِي ذُنُوباً ما أراها هانا» . قال: ولقد رأيت رسول الله ﷺ يضحك [[حديث أبي ذر: أخرجه مسلم (190) (314) (315) والترمذي (2596) وأحمد: 5/ 170 والبغوي (4360) .]] ، ثم تلا: هذه الآية: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ. وذكر عن أبي هريرة أنه قال: «خرجت من عند رسول الله ﷺ، فسألتني امرأة في الطريق فقالت: زنيت، ثم قتلت الولد، فهل لي من توبة؟
فقلت: لا توبة لك أبداً. ثم قلت: أفتيتها ورسول الله ﷺ بين أظهرنا؟ فرجعت إليه فأخبرته بذلك فقال: «هَلِكْتَ وَأهْلَكْتَ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ هذه الآية؟ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى قوله: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فخرجت وقلت: من يدلني على امرأة سألتني مسألة، والصبيان يقولون: جن أبو هريرة حتى أدركتها وأخبرتها بذلك فسرت وقالت: إن لي حديقة جعلتها لله ولرسوله» [[عزاه السيوطي: 6/ 279 إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة.]] . وقال بعضهم: هذه الآية مدنية نزلت في شأن وحشي، وقال بعضهم: الآية قد كانت نزلت بمكة فكتب رسول الله ﷺ من المدينة إلى وحشي ثم قال تعالى:
وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يعني: غَفُوراً لما فعلوا قبل التوبة لمن تاب، رَحِيماً بالمؤمنين بعد التوبة.
{"ayahs_start":68,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ لَا یَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ وَلَا یَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا یَزۡنُونَۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ یَلۡقَ أَثَامࣰا","یُضَـٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَیَخۡلُدۡ فِیهِۦ مُهَانًا","إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ لَا یَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ وَلَا یَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا یَزۡنُونَۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ یَلۡقَ أَثَامࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق