الباحث القرآني
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان ٦٨].
قبل الإنفاق بين الإسراف والإقتار، هو داخل في قوله: ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان ٦٣]، إذا جعلنا المشي مشيًا معنويًّا؛ لأن هذا من المشي المعنوي الهين الذي لا يميل إلى السرعة ولا يميل إلى الانحطاط.
﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾.
﴿إِلَهًا﴾ بمعنى: معبودًا، و﴿لَا يَدْعُونَ﴾ هل المراد دعاء المسألة أو دعاء العبادة أو هما؟
* طالب: كلاهما.
* الشيخ: نعم، المراد كلاهما، يعني لا يدعون دعاء مسألة ولا دعاء عبادة، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر ٦٠].
دعاء الطلب واضح أنه يسمى دعاء؛ لأنك تقول: يا رب اغفر لي، ودعاء العبادة كيف كان دعاء؟
نقول: لأن الإنسان الذي يعبد الله هو داع بلسان الحال؛ لأنه إنما يرجو رحمة الله ويخاف عذابه، فالإنسان إذا صلى وزكى وصام وحج وبر والديه ووصل رحمه، ويش يريد بذلك؟ يريد بذلك ثواب الله، فكأنه يقول: رب أثبني وأعطني الجنة وأنجني من النار وما أشبه ذلك؛ لهذا سميت العبادة دعاء، وأما دعاء المسألة فواضح.
لكن كيف كان دعاء المسألة عبادة؟
نعم، لأنه يدل على الذل والخضوع لمن دعاه، وهذه هي حقيقة العبادة.
وهم ﴿لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة، ولا ينافي هذا أن يسألوا المخلوقين ما يقدرون عليه؛ فإن ذلك باعتقادهم أن هؤلاء المسؤولين سبب وليسوا مستقلين. عندما يسأل الإنسان غنيًّا شيئًا من الدراهم، أو سلطانًا شيئًا من الدراهم، هو يعتقد أن هذا المسؤول مجرد وسيلة فقط، وليس مستقلًّا بالعطاء والمنع، وإنما العطاء والمنع بيد الله، وهذا الذي أعطاك أو منعك إنما هو وسيلة، فهم...
مثل بناء بمعنى مبني، وغراس بمعنى مغروس، فراش بمعنى مفروش.
فكلمة (فِعال) دائمًا تأتي بمعنى مفعول، فإله بمعنى مألوه، والمألوه هو المعبود المتقَرَّب إليه بالعبادة، وعلى هذا فأصنام المشركين تُعْتَبر آلهة باعتبار فعلِهم، أما باعتبار الحقيقة فإنها ليست آلهة حقيقة؛ لأن الألوهية حقًّا لله سبحانه وتعالى.
(﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾ قَتْلهَا ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان ٦٨]).
﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾ كلام المؤلف يقول: إن المفعول محذوف تقديره: (قتلها)، ويمكن أن نجعل المفعول المحذوف ضميرًا فقط، فيكون صلة الموصول حُذِفَ منه العائد، أي: التي حرَّمها الله، والمراد بتحريمها تحريم قتلها وأذيتها.
﴿النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾ أربعة أنفس: المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن. هذه هي الأنفس التي حرَّم الله، ثم إن المسلم أيضًا قد يبيح الله قتله مع إسلامه كالزاني المحصَن والقاتل عمدًا، فإن قتلَه مباح مع أنه مسلم، لكننا نقول: إن قتْل المسلم بهذه الأسباب طارئ، وإلَّا فوَصْفُ الإسلام محرِّمٌ لقتله، فالأنفس ما هي التي حرمها الله؟
* طالب: المسلم، والذمي، والمعاهد.
* الشيخ: المستأمن.
* الطالب: المستأمن.
* الشيخ: طيب، المسلم معروف، والذمي؟
* طالب: الذمي هو الكافر أو (...) أهل الكتاب، إذا كان في ديار المسلمين ويعمل عندهم، ولكنه (...)، يعني مكاتب بيننا وبينه، يعني بيننا وبينه عهد.
* الشيخ: يعني مَنْ عُقِدَ معه عهد على بدل الجزية والحماية.
طيب، والمعاهد؟
* طالب: هو من وُقِّع بيننا وبينه عهد (...).
* الشيخ: بدون حماية؟
* الطالب: بدون حماية.
* الشيخ: وبدون جِزْيَة.
والمستأمن من هو؟
* طالب: الكافر إذا دخل ديار المسلمين بأمان منهم.
* الشيخ: بأمان منهم، أحسنت، هذا هو أضعفهم، أضعفهم هذا؛ لأنه عبارة عن تأمين بدون عقد، ولهذا يصح من كل إنسان، كل إنسان يصح أن يُؤَمِّن الكافر؛ لقول النبي ﷺ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٥٧)، مسلم (٣٣٦ / ٨٢) من حديث أم هانئ رضي الله عنها.]]. وأما المعاهدة والذمة فلا تكون إلا من الإمام أو نائبه.
* طالب: قوله ﷺ: «أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ» ما يدل على أنه ما يُسقِط الإجارة حتى (...)؟
* الشيخ: لا، ما يدل على هذا؛ لأنه لو كان كذلك لمنع الرسول عليه الصلاة والسلام غيرَها أن يُجير بعد ذلك، فهذا ليس معناه أنه إنشاء، بل معناه حكم وليس إنشاء، فالإنشاء حصل بإجارتها الأولى؛ يعني: كأنه يقول: قد ثبت إجارتكِ بها.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا؛ لأنه كيف نعلم أنه يصير ثابتًا إلا بهذا؟ فليس هذا إنشاء وإنما هو عبارة عن بيان حكم أنه نفذ إجارتها.
* طالب: ذكرنا أن عباد الله سبحانه وتعالى عباد الرحمن قد (...) ما ورد في الآيات القرآنية مثل: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة ٢٧٣] والأحاديث.
* الشيخ: لكن سؤال الناس أحيانًا يكون محمودًا، وأحيانًا يكون مذمومًا، وأحيانًا يكون مكروهًا، يعني إما كراهة أو تحريم، لكن في حال الإباحة؛ لأن الإنسان قد يسأل عند الضرورة، عند الضرورة يسأل، مباح له أن يسأل، يعني لو أن الإنسان جاع حتى وصل إلى حد إما أن يموت وإما أن يسأل، فهنا يجوز له أن يسأل.
* طالب: أو يجب عليه؟
* الشيخ: نعم، هو يجوز في الأصل، وقد يجب، الكلام على أن هذا حالة لا يُذَمُّ فاعلها.
﴿لَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان ٦٨].
مِنَ الحق ما أشرنا إليه من كون المسلم يزني وهو محصن، وكذلك الذمِّي فإنه يقام عليه الحد كما فعل النبي ﷺ في رجم الزانيين المحصنين.
وكذلك من الحق أن يكون ذلك قصاصًا، ومن الحق إذا كان قاطع طريق. وأما إذا ارتد فلا يدخل في الاستثناء، بل يدخل في المفهوم: ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾، فإن المرتد مباح الدم، وليس هو ممن يحرم قتلُه إلا لسبب، بل هو ممن يجوز قتله، فيكون المرتد داخلًا في مفهوم قوله: ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾؛ لأن المرتد ليس مُحَرَّمًا.
وقوله: ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان ٦٨] لما ذكر انتهاك الأنفس ذكر انتهاك الأعراض، والزنا: فعل الفاحشة في قُبل أو دبر، فإن كان بِذَكَرٍ سُمِّي لواطًا، وإن كان بأنثى فهو زنا، وإنما لم يَذْكِر الله تبارك وتعالى اللواط؛ لأنه أمر مستكره مستبعد حتى بالطبيعة لا تدعو إليه إلا من نكس الله تبارك وتعالى طبيعته وفطرته.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم، (...).
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا، ما تدخل في هذا، هي على كل حال تدخل في المعاصي الأخرى، لكن إذا قيل: لا يقتلون النفس، أو مَنْ قتل نفسًا فعليه كذا وكذا فالمراد النفس الآدمية.
* طالب: القاعدة (...)؟
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: ما آذى طبعًا قتل شرعًا؟
* الشيخ: مستقيم.
* الطالب: (...) جميع ما نهى؟
* الشيخ: كل ما آذى طبعًا فإنه يُقْتَل شرعًا.
* طالب: يا شيخ، الجن لو عملوا الأعمال هذه كيف ما يقتلون؟
* الشيخ: (...)؟
* الطالب: لا، بعضهم يقتلون بعضًا.
* الشيخ: حكمهم؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: إلا، الظاهر أن أحكامهم مثل أحكام الإنس؛ لأن الرسول بُعِثَ إليهم، وهذا من الاعتداء؛ ولهذا يذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية إذا أُتِي إليه بالمصروع وعظه وزجره وبين له أن الاعتداء على المسلم محرم، مما يدل على أنهم يعتقدون تحريم ذلك وأنهم مُلزَمون به، فهو في الحقيقة مر علينا هذه المسألة: هل إن تكليف الجن كتكليف الإنس؟
قلنا: إن ظاهرَ النصوصِ أنهم مساوون لهم؛ لأن الرسول بُعِثَ إليهم جميعًا، ولم نعلم أن شريعة تخصهم، ولكن من نظر إلى الحكمة من التشريع وجد أن الله يُشَرِّع لكل أحد ما يناسبه؛ فعلى هذا يكون تكليف الجن يخالف تكليف الإنس، ويُكَلَّفُون بما يليق بهم، ويدلُّ على هذا أن الله جعل لهم كل عَظْم ذُكِر اسم الله عليه يجدونه أوفر ما يكون لحمًا[[أخرج مسلم (٤٥٠ / ١٥) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه سلم الحديث، وفيه: «لكم كُلُّ عظمٍ ذُكِر اسمُ الله عليه يقع في أيديكم أوفرَ ما يكون لحمًا...».]]، مما يدل على أنهم يخالفون الإنس؛ لأن الإنس لا يحصل لهم ذلك. وأيضًا إذا كان الإنس يختلفون في التكليف بحسب الحال، فتكليف الغني بالزكاة لا يساويه تكليف الفقير لأنه لا مال عنده، وتكليف القادر على العبادة لا يساويه تكليف العاجز عنها؛ لأنه ليس فيه الوصف الذي لزم فيه التكليف.
فالظاهر والله أعلم أن يقال: حصول العبادة لا شك أنهم مكلَّفون بها، وأما صفات العبادة وفروع العبادة فإنه لا يلزم أن يكونوا مساوين للإنس؛ لأنهم يختلفون عنهم في الحقيقة، والشريعة تقتضي أن يكون كل إنسان يُشْرَع له ما يناسبه.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: فأعطاهم التشريعات أو (...)؟
* الشيخ: إي، لكن لا يلزم أن من كون هؤلاء الجماعة اللي اتصلوا به أن يكون انقطع تكليفهم، قد يكونون ملزمين بما يسمعونه ويعلمونه من الشريعة، وإن كان الرسول ما باشرهم؛ لأن قولهم: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ [الجن ١، ٢] يقتضي أنهم يهتدون بالقرآن كله؛ لأن ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ ما سمعوا القرآن كله؛ لأن السورة مكية والقرآن ما نزل كله.
* الطالب: أليس (...)؟
* الشيخ: لا، هذا ليس بصحيح، مخاطَبون بالفروع بلا شك، لكن هل يلزم من هذا أن يكونوا مساوين لنا؟ هذا فيه بعض العلماء يقول: يلزم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام بُعِثَ إلى الجن والإنس، ولم يُرِد أو لم نعلم أن تشريعًا خاصًّا بالجن قد جعل لهم، فما داموا مُكَلَّفين بالرسالة فإنها تلزمهم عمومًا.
وبعض العلماء يقول: مَنْ نظر إلى الحكمة في التشريع قال: إن كل قوم يُشْرَع لهم ما يناسبهم، فإذا كان الإنس إذا اختلف بعضهم عن بعض بنوعٍ من التكليف خُصَّ به، فما بالك بالجنس الآخر؟ وهذا أقرب إلى الحكمة في التشريع؛ أنَّ لهم شرائع خاصة بهم، أما أصول الدين فلا شك أنهم مثلنا؛ يعني: مثل الصلاة وأصل الزكاة وما أشبه ذلك.
* طالب: يا شيخ، إذن مثل الصلاة عندهم مثل الحج عندهم، أفعالهم تختلف عنا..
* الشيخ: لا، الظاهر أنها ما تختلف هذه العبادات؛ لأنهم يمكنهم أن يُصَلُّوا ويمكنُهم أن يَحُجُّوا.
* الطالب: (...) عندهم (...) من النور.
* الشيخ: لا، النور بعد؟ ما هم مخلوقون من النار؟
* طالب: نعم يا شيخ.
* الشيخ: نعم، أنت (...) أحدًا منهم؟
* طالب: لا، جلست عند اللي يقرؤون عنهم. وتكلم ناس معي يقول (...).
* الشيخ: أصله ما يرى، هم لا يُرَوْن وإلا فهم أجسام.
* الطالب: أجسام (...)؟
* الشيخ: ما ندري، العوام يقولون: ما لهم عظام ولا لهم عصب، ما ندري عن هذا، صحيح ولَّا لا؟ المهم أنهم أجسام يأكلون ويشربون ويبولون، الرسول يقول: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٧٠)، ومسلم (٧٧٤ / ٢٠٥) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.]]، وقال: إنه إذا لم يُسَمِّ على الطعام فإنه يشاركه الجن، وأخبر لكم: «كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا»[[أخرجه مسلم (٤٥٠ / ١٥) من حديث ابن مسعود رضي الله بلفظ «لكم كل عظم ذُكِرَ اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفرَ ما يكون لحمًا...» الحديث.]].
* طالب: (...) مكنهم في الأرض؟
* الشيخ: إي، مكنهم في ظاهر الأرض، لكن حسب ما نعرف مِنَ التتبع أنهم يأوون دائمًا إلى الأماكن الخالية، الأماكن الخالية هم اللي دائمًا يكونون فيها. وهذا من رحمة الله بنا وبهم؛ لأنهم لو كانوا في الأماكن المسكونة يمكن يتأذون، أو نحن نتأذى بهم. أحيانًا إذا سكن أحد في أماكن خالية (...)، يقال: إن فيه محل عندنا مهجور وله (...)، فجاء إنسان وسكنه، فثاروا عليه بالليل وقالوا: لا بد أنك تخرج عنا وإلا ترانا نقتل أولادك، فخرج، راح وتركهم.
* طالب: يهددونه يا شيخ؟
* الشيخ: والله، أنا الحمد لله أني سالم منهم، ما عمري سمعت منهم تهديدًا، لكن الناس معروف عندهم هذا الشيء، لكن يقولون: العلماء يقولون: إنه يجوز أن الواحد يتزوج منهم، ويش رأيك؟
* طالب: (...).
* الشيخ: بعض العلماء يقول: إنه يجوز، وبعض العلماء يقول: ما يجوز أن الإنسان يتزوج منهم؛ لأن مِنْ شرط الزواج مثل ما قال الله: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ [الروم ٢١]، ومعلوم أن الإنس ما يمكن؛ أولًا: لا هم من أنفسهم، والثاني: أنه ما يمكن يسكن إليها، بينهما غاية النفور، فكيف يمكن أن تكون زوجة له.
أما صحيح أن الجن يتناكحون، ولّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: ويش الدليل؟
* الطالب: لقوله تعالى: ﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾، قوله تعالى في سورة الكهف: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ﴾.
* الشيخ: أحسنت، ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ [الكهف ٥٠]، فهذا يدل على أنهم يتزاوجون ويتوالدون، وهذا صريح القرآن والواقع أيضًا يشهد له.
أما كون الجنِّي يتزوج الإنسية، أو الإنسي يتزوج الجنية، فهذا فيه نظر، فالصواب قول من يمنع ذلك، الصواب القول بالمنع.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ولهذا الفقهاء قالوا: لو قالت امرأة إن بها جنيًّا يجامعها كالرجل وجب عليها أن تغتسل، وهذا يعني أولًا يُنْظَر في إمكانه ووجوده، ثم ينظر عاد في حكمه.
* طالب: يقام عليها الحد؟
* الشيخ: لا، يقام عليها الحد، ما أظن.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: أنت أيش (...) ها البحث الدقيق معهم، يمكن يتصلون بك الليلة يستفهمون.
* الطالب: أنا يا شيخ أقرأ عليهم، لكن (...).
* الشيخ: عجيب، تقرأ يعني..
* الطالب: أقرأ على اللي بيصاب (...).
* الشيخ: يعني ما يهرجون؟
* الطالب: إي (...).
* الشيخ: هم الغالب أنهم يكلمون؛ ولهذا ذكر في الفروع عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجني يكلم شيخ الإسلام، ويخاطبه ويأخذ عليه العهد، وأنه يضربه، لكن يقول: إن الضرب يقع على المصروع في الظاهر، وهو في الحقيقة على الصارع؛ ولذلك يقول: إذا أفاق المصروع ما يحس.
وأذكر واحدًا من الإخوان قُدِّم إليه رجل قالوا: إنه مصروع، وقال: يلَّا أعطوني (...)، ولا استفاد من هذا شيئًا أبدًا، هو يصرخ المسكين يقول: آلمتوني، ولكن قام ولا الضرب واقع عليه؛ لأنه بيسوي مثل ما سوى ابن تيمية، فظن أن كل شيء يحصل له مثل هذا الأمر يفعله هذا الفعل. (...)
* * *
* طالب: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان ٦٣ - ٧٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى في وصف عباد الرحمن: إنَّ من صفاتهم أنهم ﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾، ما تقول؟ ويش معنى ﴿هَوْنًا﴾؟
* طالب: (...) وتواضع.
* الشيخ: وما المراد بالمشي هنا؟
* الطالب: جميع المشي، يعني (...) سواء أكان مشيًا معنويًّا أو مشيًا حسيًّا.
* الشيخ: نعم، أحسنت، تمام.
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، طيب، كيف تجمع بين هذا وبين ما ثبت من صفات مَشْيِ النبي عليه الصلاة والسلام أنه يمشي «كأنما ينحدر من صَبَبٍ»[[أخرجه أحمد (٩٤٧) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.]]؟
* الطالب: مشيه؟
* الشيخ: كأنما ينحدر من صبب، «وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى الرجل يتوانى في مشيته ضربه»[[ذكر الزمخشري في الفائق في غريب الحديث (١ / ٢٨٠) عن عمر رضي الله تعالى عنه لما رأى رجلًا متماوِتًا فخفقه بالدرة قال: لا تُمِتْ علينا دينَنا، أماتك الله.]]، كيف تجمع بين هذه الآية وبين ذاك؟
* طالب: الرسول عليه الصلاة والسلام كان مشيه يعني (...) قوة.
* الشيخ: المعنى أنه مشي قوة وجلد وليس مَشْيَ خفة؛ ﴿هَوْنًا﴾ يعني ليس خفة؛ لأن بعض الناس إذا كان يمشي، وإذا (...) بَيَّن، حركاته ما هي سليمة، هؤلاء يمشون باتزان وبقوة وجلد.
طيب، قوله: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ﴾ [الفرقان ٦٣]، من المراد بالجاهل؟ هل هو غير العالم ولّا مَنْ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي؛ يعني: ليس معناه الجاهل الذي ليس بعالم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: السفيه؛ لأنه يطلق الجهالة على السفه، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ [النساء ١٧]؛ يعني: بسفه، ثم يرشدون.
﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ ويش معنى ﴿سَلَامًا﴾؟
* طالب: يعني هذا القول الذي قلتم لنا سلام، يعني أنهم لا يؤاخذونهم بما قالوا، وإنما لا يتعرضون لهم بما قالوا.
* الشيخ: يعني قالوا: إن ما قلتم سلام..؟
* الطالب: إن ما قلتم سلام، هذا الكلام (...).
* الشيخ: لا.
* طالب: يردون عليهم، ولكن بقول (...).
* الشيخ: يعني قولًا يسلمون به..
* الطالب: يَسْلَمون به من الإثم والعدوان.
* الشيخ: من الإثم والنزاع (...)، نعم هذا المراد، ليس معناه قالوا: السلام عليكم، كما يظن بعض العامة، ولا المراد أنهم لا يقولون قولًا، بل يقولون قولًا يسلمون به من الإثم فيما بينهم وبين الله، ومن (...) والخصومة والأذى فيما بينهم وبين هؤلاء الجاهلين.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: فهنا الآية ما تعرضت له، لكنه يُنْظَر للمصلحة؛ يعني: هذا وصف أنهم يقولون قولًا يسلمون فيه من الإثم؛ لأنه في الغالب أن القول أحسن، والقول ما هو معناه أنه يرد عليه، يمكن القول أنه ينصحه ويقول: يا أخي، اتق الله، مثل ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيمن شتم وهو صائم، قال: «فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥٠ / ١٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، فالمهم أن يسلك الطريق؛ لأن سكوته أيضًا قد يؤدي إلى استطالة الآخر عليه، وأنه ضعيف أمامه.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: الآية ما تعرضت له، لكن إذا رُئِيَت المصلحة في هذا فلا بأس.
* طالب: قول الله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص ٥٥]، هذه منطوق الآية (...)؟
* الشيخ: إي.
* الطالب: يعني (...)؟
* الشيخ: ويش اللي قبلها؟
* الطالب: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص ٥٥].
* الشيخ: إي، هذه غير، هذه ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ﴾ [الفرقان ٦٣] هنا، الخطاب معهم، أما ذاك ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ﴾ يعني مثلًا الكلام ما فيه فائدة، قاموا وتركوهم وقالوا: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾.
طيب، في هذه الآية أيضًا، في الآيات الكريمة يقول الله تعالى من صفاتهم: إنهم يتوسَّلون إلى الله سبحانه وتعالى بربوبيته ليصرف عنهم عذاب جهنم. والغالب أن الأدعية تُقَدَّر بالتوسل بالربوبية: ﴿رَبَّنَا﴾؛ لأنها هي التي فيها التصرف والتدبير.
وفي قولهم: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان ٦٥] توسل أيضًا؛ لأن شدة هذا العذاب وملازمته يوجب للمرء الفرار منه والاستعاذة بالله منه.
وفي قوله: ﴿إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان ٦٧]، المراد بالإنفاق، أيش تقول؟ ﴿إِذَا أَنْفَقُوا﴾ أيش؟
* طالب: إذا أنفقوا على عيالهم.
* الشيخ: بس.
* الطالب: أو (...).
* الشيخ: يعني: الآية ما ذكرت نوع الإنفاق، فيكون عامًّا في كل إنفاقهم سواء على عيالهم، أو في سبيل الله، أو في الزكوات، أو في الصدقات، أو في أي شيء.
﴿إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾، ما هو الإسراف؟
* طالب: مجاوزة الحد.
* الشيخ: مجاوزة الحد كمية أو كيفية.
﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾، الإقتار؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي طيب، هنا الآية: ﴿لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ بيِّنَة جدًّا يعني، لو فرضنا ما نعرف باللغة (...).
* طالب: يعني (...).
* الشيخ: طيب، زين، ويش يدريك أن هذا المعنى؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، فهمته مما قوبل به؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: وهو قوله: ﴿لَمْ يُسْرِفُوا﴾، مثل: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء ٧١]، ﴿ثُبَاتٍ﴾ الواحد ما يعرف وأيش معناها أبدًا، لكن لما قال: ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ عرفنا أن معنى ﴿ثُبَاتٍ﴾ متفرقين، وهذا مما يُعْرَف به تفسير القرآن، يعرف تفسير الكلمة بمقارنتها بما يقابلها.
وهنا ذكرنا أن المؤلف رحمه الله لم يُفْصِح بالقراءة، قال: (بفتح أوله وضمه)، ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾، ﴿﴿وَلَمْ يُقْتُرُوا﴾ ﴾، هذا ظاهر كلامه وليس كذلك، ولكن إذا قُرِئ بضم الياء كسرت التاء: ﴿﴿وَلَمْ يُقْتِرُوا﴾ ﴾ من (أقتَر) الرباعي، لكن في الثلاثي: ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ قراءة ثانية بكسر التاء: ﴿﴿وَلَمْ يَقْتِرُوا﴾ ﴾، فتكون القراءات على هذا ثلاثة: ﴿﴿وَلَمْ يَقْتِرُوا﴾ ﴾، ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾، ﴿﴿وَلَمْ يُقْتِرُوا﴾ ﴾. والإقتار بمعنى الإقلال والتضييق.
يقول الله عز وجل: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [الفرقان ٦٧]، ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ الإشارة تعود؟
* طالب: تعود إلى (...) الإسراف والإقتار.
* الشيخ: والإقتار. و﴿قَوَامًا﴾ ويش الفائدة من الإتيان بها؟
* الطالب: الفائدة أن ﴿قَوَامًا﴾ (...) فائدتها أنه لا يلزم التَّوسُّط في قوله تعالى، التوسط يعني (...) في قوله تعالى: ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾، وإنما يراعى الاستقامة في ذلك وهو (...).
* الشيخ: أحسنت، تمام.
﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ والدعاء نوعان؟
* طالب: دعاء مسألة ودعاء عبادة.
* الشيخ: دعاء مسألة ودعاء عبادة. ما هو الدليل على تقسيم الدعاء إلى هذا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: التقرب إلى الله تعالى بعبادته. إي، لكن ما هو الدليل؟
* طالب: قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر ٦٠].
* الشيخ: إي.
* الطالب: فأوَّلًا (...)، لكن هذا دعاء عبادة.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: ثم ختم الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾.
* الشيخ: ولم يقل؟
* الطالب: دلَّ أن الدعاء أيضًا من العبادة وهو دعاء العبادة.
* الشيخ: أحسنت، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾..
* الطالب: ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.
* الشيخ: دلَّ ذلك على أن الدعاء عبادة، وقد جاء في الحديث: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»[[أخرجه أبو داود (١٤٧٩) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.]] وهو ضعيف أيضًا، لكنه في الحقيقة واضح.
أما كون العبادة دعاء، ما وجه كون العبادة دعاء؟
* طالب: من الآية؟
* الشيخ: إي، ما وجه كون العبادة دعاء؟
* الطالب: العبادة تشتمل على الدعاء.
* الشيخ: وغير؟ ربما يصوم الإنسان ولا يدعو الله تعالى يومه كله إلا في الصلاة، والصلاة (...).
* الطالب: إذا الرجل يعني (...).
* الشيخ: بارك الله فيك؛ لأن حقيقة الأمر أن التعبد لله دعاء بلسان الحال، أو لا؟ فإن الإنسان العابد لو سألته: لماذا عبدت الله؟ قال: رجاء ثوابه وخوفًا من عقابه، فهو في الحقيقة داع.
ما وجه كون دعاء المسألة عبادة؟
* طالب: لأنه (...).
* الشيخ: إي.
* الطالب: عندما يدعو يفتقر إلى الله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: إي، نعم؟
* طالب: أن الدعاء يعني يحتاج إلى الخضوع والخشية، فهو في غاية العبودية لله سبحانه وتعالى، فالمسلم الداعي المحتاج إلى الله الخاشع الساكن الطالب لثواب الله مفتقر فهو عابد لله غاية العبادة.
* الشيخ: يعني مثل ما قال الأخ. يعني أن الداعي راجٍ خائف؟
* الطالب: (...) متذلل لله.
* الشيخ: هو في الحقيقة راجٍ خائف.
* طالب: ثم إنه مُنَفِّذ لكلام الله تعالى في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي﴾ [غافر ٦٠]، وتنفيذ الأمر هو العبادة.
* الشيخ: هو العبادة. طيب، وهذا وجه. وجه ثالث؟
* طالب: (...) ولن يقدر على هذا إلا الله عز وجل (...).
* الشيخ: يعني كأنه ثناء على الله؟
* الطالب: نعم، لأنه (...).
* الشيخ: والثناء على الله من العبادة؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: طيب، المهم أننا الآن صارت عندنا أوجه ثلاثة. عندك شيء بعد؟
* طالب: لأن (...) من الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ما (...)، فهو جامع بين الخوف وبين الرجاء.
* الشيخ: إي، طيب، هذا زيادة إيضاح.
هذا وجه كون دعاء المسألة عبادة.
طيب، يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان ٦٨]، ما هي ﴿النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ما هو بالكتابي، الكتابي ربما يكون غير محرم. المؤمن.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا. أيش تقول؟
* طالب: المسلم والذمي والمعاهد والمستأمِن.
* الشيخ: والمستأمِن. طيب، أربعة أصناف: المؤمن والذمي والمعاهد والمستأمِن، هؤلاء الأربعة أنفس محرمة.
وقوله: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ مستثنى من الأنفس المحرمة؛ لأن هذه الأنفس المحرمة قد تستباح بالحق. مثاله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، فهذه في الأصل نفس محرمة، لكنها وُجِد حق يبيح قتلها، إي نعم.
﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان ٦٨]؟
* طالب: المرتد (...)؟
* الشيخ: إي نعم؛ لأنه ليس ممن حرم بالأصل، لكن لما ارتدَّ صار وصفُه؟ ويش صار وصفه؟
* الطالب: كافرًا.
* الشيخ: طيب، إذن لا يدخل في الأربع، لكن الزاني يبقى على إسلامه مع زناه، والقاتل يبقى على إسلامه مع قتله.
* الطالب: لكن المرتد ما نقول مثلًا (...)؟
* الشيخ: لا، نقول: سُلِب عنه وصف الإسلام؛ يعني: زال عنه الوصف نهائيًّا، صار الآن غير محترم.
* طالب: إذا زنى فقتل أو إذا مثلًا (...)؟
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: حديث: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ».
* الشيخ: نعم.
* الطالب: ما في الحديث ذكر «التَّارِكُ لِدِينِهِ»؟
* الشيخ: «التَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»[[أخرجه مسلم (١٦٧٦ / ٢٥) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.]] بعضهم قال: المراد به قطاع الطريق؛ لأن قطع الطريق ترك للدين؛ لأجل أن يكون الاستثناء متصلًا.
وبعضهم قال: إن التارك لدينه هو المرتد، ويكون الاستثناء بالنسبة إليه منقطعًا؛ لأنه ليس مسلمًا من يترك دينه إلا باعتبار وصف زائد.
* طالب: شيخ (...)؟
* الشيخ: الخارج عن الإيمان يعني؟
* الطالب: اللي (...).
* الشيخ: إي، (...).
نعم. الفوائد تقولون ما خلصناها؟
* طالب: لا، وقفنا على: ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾.
* الشيخ: (...) نكمل الآية.
* الطالب: إي.
* * *
* الشيخ: طيب، قوله تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾، الزنا يقول العلماء في تفسيره: إنه فعل الفاحشة في قُبُلٍ أو دُبُرٍ، ومن باب أولى اللواط؛ لأنه أخبث، ولأن اللواط لا يحل بحال، والفرج يحل بالزواج؛ ولهذا كانت عقوبة اللواط على القول الراجح الإعدام بكل حال، سواء كان مُحْصنًا أم غير محصن؛ لأنه فرج لا يباح بحال، ثم إنه أمر لا يمكن التحرز منه، فلا يمكن تطهير المجتمع إلا بإعدام الفاعل والمفعول به.
وكذلك أيضًا على القول الراجح: الزنا بذوات المحارم يوجب القتل بكل حال؛ لأن هذا الفرج لا يباح بحال من الأحوال، وقد ورد في ذلك حديث في السنن وهو صحيح[[أخرج أبو داود (٢٥٦٤) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «من وَقَعَ على ذات مَحْرَمٍ فاقتلوه، ومن وقع على بهيمةٍ فاقتلوه، واقتلوا البهيمة».]]، فالزنا بذوات المحارم مثل لو زنى بأخته والعياذ بالله ولو من الرضاع، فإنه يوجب قتله بكل حال، سواء كان محصنًا أم غير محصن.
وقد وصف الله تبارك وتعالى الزنا بأنه فاحشة، ووصف اللواط على لسان لوط بأنه الفاحشة: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ [الأعراف ٨٠]، فدخلت عليها (أل)، أما ذاك: ﴿كَانَ فَاحِشَةً﴾ [الإسراء ٣٢] من الفواحش، لكن كأن هذا انحصرت الفاحشة فيه لعِظَمِه وقبحه.
(﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ أي واحدًا من الثلاثة ﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان ٦٨]).
قول المؤلف: (أي واحدًا من الثلاثة) فيه نظر؛ لأن الأصل في الإشارة أن يعود لما سبق كله، فيقتضي أن يكون ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ المذكورَ؛ من دعاء غير الله وقتل النفس والزنا ثلاثة- ﴿يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان ٦٨، ٦٩].
وهذا الذي قرَّرناه من عودِه على الجميع نسلم به من إيراد سيأتي عند قوله: ﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ﴾، فإن الزنا ليس موجبًا للخلود في النار. القتل ذكر الله تعالى في سورة النساء أنه موجب للخلود في النار وسيأتي إن شاء الله ذكره قريبًا.
الكلام أن عوده على الثلاثة نسلم به من الإيراد الآتي إن شاء الله.
وأما إذا فعل واحدًا منها على الانفراد، فيؤخذ حكمه من دليل آخر، ليس بلازم أن نأخذه من هذه الآية.
(﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾ أَيْ عقوبة)، والأثام والنكال بمعنى واحد، والعقوبة والنكال بمعنى واحد أيضًا. فالمراد بالأثام هنا العقوبة، وهو مفرد وليس بجمع؛ لأن الجمع: آثام، جمع إثم. وأما هذه: ﴿أَثَامًا﴾.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ لَا یَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ وَلَا یَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا یَزۡنُونَۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ یَلۡقَ أَثَامࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق