الباحث القرآني

قوله عز وجل: وَقالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنا يعني: لا يخافون البعث بعد الموت. ويقال: لا يرجون الجنة والمغفرة، وهم كفار أهل مكة لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ يعني: هلا أنزل علينا الملائكة، فيخبروننا بأنك رسول الله إلينا أَوْ نَرى رَبَّنا فيخبرنا بأنك نبيّ مرسل. قال الله تعالى: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ يعني: تعظموا في أنفسهم، وأعرضوا عن الإيمان. ويقال: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ يعني: وضعوا لأنفسهم قدراً ومنزلة، حيث أرادوا لأنفسهم الرسل من الملائكة عليهم السلام ورؤية الرب عز وجل: وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً يعني: أبوا إباءً كثيراً. ويقال: اجترءوا على الله اجتراء كثيراً. وقال أهل اللغة: العاتي الذي لا ينفعه الوعظ والنصيحة. ثم أخبر متى يرون الملائكة فقال عز وجل: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ يعني: يوم القيامة لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ يعني: للمشركين، وتكون البشارة للمؤمنين. ثم قال: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً يعني: تقول لهم الملائكة: حراماً محرماً، أن تكون لهم البشرى يومئذ بما يبشر به المتقون، وإنما قيل للحرام حجرا، لأنه حجر عليه. وقال مجاهد: «تقول الملائكة: حراماً محرماً أن يدخلوا الجنة» . وقال الحسن وقتادة: هي كلمة كانت العرب تقولها. كان الرجل إذا نزلت به الشدة قال: حجراً محجوراً، أي: حراماً محرماً. ويقال: إن قريشاً كانوا إذا استقبلهم أحد كانوا يقولون له: حاجورا حاجورا، حتى يعرف أنهم من الحرم، فلا يضرونهم، وأخبر أنهم كانوا يقولون ذلك ولا ينفعهم. ويقال: إن المشركين في الشهر الحرام إذا استقبلهم أحد يقولون: حجراً محجوراً، ويريدون أن يذكروه أنه في الشهر الحرام، وذلك القول لا ينفعهم يوم القيامة. وقرأ الحسن: حِجْراً بضم الحاء، وقراءة العامة: بكسر الحاء. ثم قال عز وجل: وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ قال الكلبي: يعني عمدنا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عمل لغير الله تعالى. ويقال: قصدنا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عمل، ومعناه: نظرنا في أعمالهم ولم نجد فيها خيراً، فأبطلناها، ولم نجعل لها ثواباً، فذلك قوله تعالى: فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً قال الضحاك: هو الغبار ما لا يستطاع جمعه، ولا أخذه بيد. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الهباء المنثور الذي تراه في شعاع الشمس في الكوة» ، وهذا قول عكرمة والكلبي. وقال قتادة: هو ما ذرت الريح من حطام الشجر. ويقال: الغبار الذي يسطع من حوافر الدواب. ثم قال عز وجل: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا يعني: أفضل منزلاً وَأَحْسَنُ مَقِيلًا قال: كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس إلى مقدار نصف النهار، فيقيل هؤلاء في الجنة، وهؤلاء فِي النَّارِ. وروي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا: «لا ينتصف النهار من ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار» ، عنيا بذلك: يوم القيامة، ولأن مقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة، وإنما أراد بتلك القيلولة القرار لا النوم، لأن لا يكون في الجنة نوم، ولا في النار نوم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب