الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جاءَهُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُودَ. "كِتابٌ" يَعْنِي الْقُرْآنَ. "مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ" نَعْتٌ لِكِتَابٍ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ بِالنَّصْبِ فِيمَا رُوِيَ. "لِما مَعَهُمْ" يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا فيهما. "وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ" أَيْ يَسْتَنْصِرُونَ. وَالِاسْتِفْتَاحُ الِاسْتِنْصَارُ. اسْتَفْتَحْتُ: اسْتَنْصَرْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ، أَيْ يَسْتَنْصِرُ بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ [[الذي في نهاية ابن الأثير واللسان مادة فتح: "أي يستنصر بهم".]]. وَمِنْهُ" فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [[راجع ج ٦ ص ٢١٧.]] ". والنصر: فتح شي مُغْلَقٍ، فَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ فَتَحْتُ الْبَابَ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ [[يلاحظ أن راوي هذا الحديث هو سعد بن أبى وقاص، ففي سنن النسائي (ج ١ ص ٦٥ طبع المطبعة الميمنية) باب الاستبصار بالضعيف: أخبرنا محمد بن إدريس ... عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن ... " إلخ.]] أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (إنما نَصَرَ [[الذي في سنن النسائي: "إنما ينصر الله هذه الامة بضعيفها".]] اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضُعَفَائِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ). وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (أَبْغُونِي الضَّعِيفَ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ تُقَاتِلُ غَطَفَانَ فَلَمَّا الْتَقَوْا هُزِمَتْ يَهُودُ، فَعَادَتْ [[في ب: "فعاذت" بالذال المعجمة.]] يَهُودُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَقَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنْ تُخْرِجَهُ لَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِلَّا تَنْصُرُنَا عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَهَزَمُوا غَطَفَانَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ كَفَرُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا" أَيْ بِكَ يَا مُحَمَّدُ، إِلَى قَوْلِهِ: "فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جاءَهُمْ﴾ جَوَابُ "لَمَّا" الْفَاءُ وَمَا بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ: "فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا" في قول الفراء، وجواب "فَلَمَّا" الثَّانِيَةِ "كَفَرُوا". وَقَالَ الْأَخْفَشُ سَعِيدٌ: جَوَابُ "لَمَّا" مَحْذُوفٌ لِعِلْمِ السَّامِعِ، وَقَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: جواب "فَلَمَّا" في قوله: "كَفَرُوا"، وأعيدت "فَلَمَّا" الثَّانِيَةُ لِطُولِ الْكَلَامِ. وَيُفِيدُ ذَلِكَ تَقْرِيرَ الذَّنْبِ وتأكيدا له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب