الباحث القرآني
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَمّا جاءَهم كِتابٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾
فهذه حجة أخرى على اليهود في تكذيبهم بمحمد ﷺ
فإنهم كانوا يحاربون جيرانهم من العرب في الجاهلية ويستنصرون عليهم بالنبي ﷺ قبل ظهوره فيفتح لهم وينصرون فلما ظهر النبي ﷺ كفروا به وجحدوا نبوته فاستفتاحهم به وجحد نبوته مما لا يجتمعان فإن كان استفتاحهم به لأنه نبي كان جحد نبوته محالا وإن كان جحد نبوته كما يزعمون حقا كان استفتاحهم به باطلا فإن كان استفتاحهم به حقا فنبوته حق وإن كانت نبوته كما يقولون باطلا فاستفتاحهم به باطل وهذا مما لا جواب لأعدائه عنه ألبتة ويمكن تقريرها على صورة عديدة:
منها: أن يقال قد أقررتم قبل ظهوره باستفتاحكم به فتعين عليكم الإقرار بها بعد ظهوره
الثانية: أن يقال كنتم تستفتحون به وذلك إقرار منكم بنبوته قبل ظهوره استناد إلى ما عندكم من العلم بظهوره فلما شاهدتموه وصار المعلوم معاينا بالرؤية فالتصديق به حينئذ يكون أولى فكفرتم به عند كمال المعرفة وآمنتم به حين كانت غيبا لم تكمل فآمنتم به على تقدير وجوده وكفرتم به عند تحقق وجوده فأي تناقض وعناد أبلغ من هذا.
الثالثة: أن يقال إيمانكم به لازم لاستفتاحكم به ووجود الملزوم بدون لازمه محال
الرابعة: أن يقال استفتاحكم به هل كان عن دليل أولا عن دليل فلا بد أن يقولوا كان عن دليل وحينئذ يجب طرد الدليل والقول بموجبه حيث وجد فأما أن يقال بموجبه في موضع ويجحد موجبه في موضع أقوى منه فمن أبطل الباطل.
الخامسة: أن يقال إن كان الاستفتاح به تصديقا للنبي الذي أخبر بظهوره وقامت البراهين على صدقه فالإيمان به متعين تصديقا للنبي الأول أيضا وإن كان ترك الإيمان قبل ظهوره تكذيبا للنبي الأول فترك الإيمان به بعد ظهوره أشد تكذيبا فأنتم في كفركم به مكذبون للنبي الأول والثاني وهذا من أحسن الوجوه.
السادسة: أن يقال إن كان الاستفتاح به حقا لما ظهر على يد النبي ﷺ المبشر به من المعجزات فالإيمان به عند ظهوره يكون أقوى لانضمام المعجزات التي ظهرت على يده وهي تستلزم لصدقه إلى المعجزات التي ظهرت على يد النبي ﷺ المبشر به فقويت أدلة الصدق وتظافرت براهينه.
السابع: أن يقال أحد الأمرين لازم ولا بد إما خطؤكم في استفتاحكم به وإما في كفركم وتكذيبكم به فإنهما لا يمكن اجتماعهما فأيهما كان خطأ كان الآخر صوابا لكن استفتاحكم به مستند إلى الإيمان بالنبي ﷺ الأول فهو مستند إلى حق فتعين أن يكون كفرهم به هو الباطل ولا يمكن أن يقال إن التكذيب به هو الحق والاستفتاح به كان باطلا لأنه يستلزم تكذيب من أقررتم بصدقة ولا بد.
الثامنة: أن يقال التصديق به قبل ظهوره من لوازم التصديق بالنبي ﷺ الأول والتكذيب به حينئذ كفر فالتصديق به بعد ظهوره كذلك وإن كان تكذيب به قبل ظهوره مستلزما للكفر بالنبي ﷺ الأول فهو بعد ظهوره أشد استلزاما فلا يجتمع التكذيب به والإيمان بالنبي ﷺ الأول أبدا لا قبل ظهوره ولا بعده أما قبل ظهوره فباعترافكم وإما بعد ظهوره فلأن دلالة صدقه حينئذ أظهر وأقوى كما تقدم بيانه.
التاسعة: أن يقال الاستفتاح به تصديق وإقرار بنبوته وتكذيبه جحد وكفر بها والإيمان والتصديق برسالة الرجل الواحد والتكذيب والجحد بها مستلزم للكفر ولا بد فإنه يستلزم أحد الأمرين إما التصديق بنبوة من ليس بنبي وإما جحد نبوة من هو نبي وأيهما كان فهو كفر وقد أقررتم على أنفسكم بالكفر ولا بد فلعنه الله على الكافرين.
العاشرة: تقرير الاستدلال بطريقة استسلاف المقدمات المؤاخذة بالاعتراف فيقال لهم ألستم كنتم تستفتحون به فيقولون بلى فيقال أليس الاستفتاح به إيمان به فلا بد من الاعتراف بذلك فيقال أفليس ظهور من كنتم تؤمنون به قبل وجوده موجبا عليكم الإيمان به فلا بد من الاعتراف أو العناد الصريح وليس لأعداء الله على هذا الوجوه اعتراض ألبتة سوى أن قالوا هذا كله حق ولكن ليس هذا الموجود بالذي كنا نستفتح به وهذا من أعظم البهت والعناد وإن الصفات والعلامات التي فيه طابقت ما كانت عندهم مطابقة المعلوم لعلمه فإنكار أن يكون هو إنما يكون جحدا للحق وإنكارا له باللسان والقلب يعرفه ولهذا قال تعالى: ﴿فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾ فأغني عن هذه الوجوه والتقريرات كلها قوله تعالى: ﴿وَلَمّا جاءَهم كِتابٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾
والمادة الحق يمكن إبرازها في الصورة المتعددة وفي أي قالب أفرغت وصورة أبرزت ظهرت صحيحة وهذا شأن مواد براهين القرآن في أي صورة أبرزتها ظهرت في غاية الصحة والبيان والحمد لله المان بالهدى على عباده المؤمنين.
{"ayah":"وَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ كِتَـٰبࣱ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُوا۟ مِن قَبۡلُ یَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَاۤءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











