الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ أَيْ قَالَ لَهُ وَلَدُهُ: "تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ" قَالَ الْكِسَائِيُّ: فَتَأْتُ وَفَتِئْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْ مَا زِلْتُ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ "لَا" مُضْمَرَةٌ، أَيْ لَا تَفْتَأُ، وَأَنْشَدَ [[البيت لامرى القيس و "يمين" بالرفع على الابتداء وإضمار الخبر، والتقدير: يمين الله لازمني، وبالنصب على إضمار فعل، وهو كثير في كلام العرب كقولهم: أمانة الله. وقد وصف أنه طوق محبوبته فخوفته الرقباء، وأمرته بالانصراف، فقال لها هذا، وأراد: لا أبرح فحذف "لا". والأوصال (جمع وصل) وهى المفاصل.]]: فَقُلْتُ يَمِينُ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا ... وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لديك وأوصالي أَيْ لَا أَبْرَحُ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَالَّذِي قَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَزَعَمَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ أَنَّ "لَا" تُضْمَرُ فِي الْقَسَمِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِشْكَالٌ، وَلَوْ كَانَ [[في ع: موجبا.]] وَاجِبًا لَكَانَ بِاللَّامِ وَالنُّونِ، وَإِنَّمَا قالوا له لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا بِالْيَقِينِ أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَى ذَلِكَ، يُقَالُ: مَا زَالَ يَفْعَلُ كَذَا، وَمَا فَتِئَ وَفَتَأَ فَهُمَا لُغَتَانِ، وَلَا يُسْتَعْمَلَانِ إِلَّا مَعَ الْجَحْدِ قَالَ الشَّاعِرُ [[هو أوس بن حجر التميمي الجاهلي.]]: فَمَا فَتِئْتُ حَتَّى كَأَنَّ غُبَارَهَا [[الضمير للخيل.]] ... سُرَادِقُ يَوْمِ ذِي رِيَاحٍ تُرَفَّعُ أَيْ مَا بَرِحْتُ فَتَفْتَأُ تَبْرَحُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَزَالُ. (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) أَيْ تَالِفًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: دَنِفًا مِنَ الْمَرَضِ، وَهُوَ مَا دُونَ الْمَوْتِ، قَالَ الشَّاعِرُ: سَرَى هَمِّي فأمرضني ... وقدما زادني مرضا كذا الحب قبل اليو ... م مما يورث الحرصا وَقَالَ قَتَادَةُ: هَرَمًا. الضَّحَّاكُ: بَالِيًا دَاثِرًا. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَاسِدًا لَا عَقْلَ لَكَ. الْفَرَّاءُ: الْحَارِضُ الْفَاسِدُ الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ، وَكَذَا الْحَرَضُ. ابْنُ زيد: الحرص الَّذِي قَدْ رُدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ. الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: يَابِسُ الْجِلْدِ عَلَى الْعَظْمِ. الْمُؤَرِّجُ: ذَائِبًا مِنَ الْهَمِّ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: ذَاهِبًا. ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هَالِكًا، وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ. وَأَصْلُ الْحَرَضِ الْفَسَادُ فِي الْجِسْمِ أَوِ الْعَقْلِ مِنَ الْحُزْنِ أَوِ الْعِشْقِ أَوِ الْهَرَمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْعَرَجِيُّ: إِنِّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ قَالَ النَّحَّاسُ: يُقَالُ حَرَضَ حَرَضًا وَحَرُضَ حُرُوضًا وَحُرُوضَةً إِذَا بَلِيَ وَسَقَمَ، وَرَجُلٌ حَارِضٌ وَحَرَضٌ، إِلَّا أَنَّ حَرَضًا لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَمِثْلُهُ قَمِنٌ وَحَرِيٌّ لَا يُثَنَّيَانِ وَلَا يُجْمَعَانِ. الثَّعْلَبِيُّ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حَارِضٌ لِلْمُذَكَّرِ، وَالْمُؤَنَّثَةِ حَارِضَةٌ، فَإِذَا وَصَفَ بِهَذَا اللَّفْظِ ثَنَّى وَجَمَعَ وَأَنَّثَ. وَيُقَالُ: حَرِضَ يَحْرَضُ حَرَاضَةً فَهُوَ حَرِيضٌ وَحَرِضٌ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُحْرَضٌ، وَيُنْشَدُ: طَلَبَتْهُ الْخَيْلُ يوما كاملا ... ولو ألفته لأضحى محرضا وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَرَى الْمَرْءَ ذَا الْأَذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضًا ... كَإِحْرَاضِ بِكْرٍ فِي الدِّيَارِ مَرِيضِ [[الأذواد: جمع ذود، وهو القطيع من الإبل الثلاث إلى التسع. والبكر: الفتى من الإبل، يقول: أرى المرء ذا المال يدركه الهرم والمرض، والفناء بعد ذلك فلا تغنى كثرة ماله، كما أن البكر يدركه ذلك.]] قَالَ النَّحَّاسُ: وَحَكَى أَهْلُ اللُّغَةِ أَحَرَضَهُ الْهَمُّ إِذَا أَسْقَمَهُ، وَرَجُلٌ حَارِضٌ أَيْ أَحْمَقُ. وَقَرَأَ أَنَسٌ: "حُرْضًا" بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ مِثْلَ عُودِ الْأُشْنَانِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَرَضُ وَالْحُرُضُ الْأُشْنَانُ. (أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) أَيِ الْمَيِّتِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمِيعِ، وَغَرَضُهُمْ مَنْعُ يَعْقُوبَ مِنَ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ شَفَقَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا السَّبَبَ فِي ذَلِكَ. قوله تعالى: الَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي) حَقِيقَةُ الْبَثِّ فِي اللُّغَةِ مَا يَرِدُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُهْلِكَةِ الَّتِي لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يُخْفِيَهَا، وَهُوَ مِنْ بَثَثْتُهُ أَيْ فَرَّقْتُهُ، فَسُمِّيَتِ الْمُصِيبَةُ بَثًّا مَجَازًا، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَقَفْتُ عَلَى رَبْعٍ لِمَيَّةَ نَاقَتِي ... فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وَأُخَاطِبُهُ وَأَسْقِيهِ [[أسقيه: أدعو له بالسقيا.]] حَتَّى كَادَ مِمَّا أُبِثُّهُ ... تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ وَمَلَاعِبُهُ وَقَالَ ابن عباس:"ثِّي " هَمِّي. الْحَسَنُ: حَاجَتِي. وَقِيلَ: أَشَدُّ الْحُزْنِ، وَحَقِيقَةُ ما ذكرناه. َ- حُزْنِي إِلَى اللَّهِ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، أَعَادَهُ بِغَيْرِ لَفْظِهِ. َ- أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) أَيْ أَعْلَمُ أَنَّ رُؤْيَا يُوسُفَ صَادِقَةٌ، وَأَنِّي سَأَسْجُدُ لَهُ. قاله ابن عباس. قتادة: إِنِّي أَعْلَمُ مِنْ إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيَّ مَا يُوجِبُ حُسْنَ ظَنِّي بِهِ. وَقِيلَ: قَالَ يَعْقُوبُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ هَلْ قَبَضْتَ رُوحَ يُوسُفَ؟ قَالَ: لَا، فَأَكَّدَ هَذَا رَجَاءَهُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَعْلَمُ أَنَّ يُوسُفَ حَيٌّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ وَلَدُهُ بِسِيرَةِ الْمَلِكِ وَعَدْلِهِ وَخَلْقِهِ وَقَوْلِهِ أَحَسَّتْ نَفْسُ يَعْقُوبَ أَنَّهُ وَلَدَهُ فَطَمِعَ، وَقَالَ: لَعَلَّهُ يُوسُفُ. [وَقَالَ: لَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ صِدِّيقٌ إِلَّا نُبِّئٌ. وَقِيلَ: أَعْلَمُ مِنْ إِجَابَةِ دعاء المضطرين ما لا تعلمون [[من (و) و (ى).]]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب