الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ﴾ لَمَّا خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَقَرْيَةِ لُوطٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ بصرت بنتا لوط- وهما تستقيان- بالملائكة وَرَأَتَا هَيْئَةً حَسَنَةً، فَقَالَتَا: مَا شَأْنُكُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟ قَالُوا: مِنْ مَوْضِعِ كَذَا نُرِيدُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ قَالَتَا: فَإِنَّ أَهْلَهَا أَصْحَابُ الْفَوَاحِشِ، فَقَالُوا: أَبِهَا مَنْ يُضَيِّفنَا؟ قَالَتَا: نَعَمْ! هَذَا الشَّيْخُ وَأَشَارَتَا إِلَى لُوطٍ، فَلَمَّا رَأَى لُوطٌ هيئتهم خاف قومه عليهم. (سِيءَ بِهِمْ) أَيْ سَاءَهُ مَجِيئُهُمْ، يُقَالُ: سَاءَ يَسُوءُ فَهُوَ لَازِمٌ، وَسَاءَهُ يَسُوءُهُ فَهُوَ مُتَعَدٍّ أَيْضًا، وَإِنْ شِئْتَ ضَمَمْتَ السِّينَ، لِأَنَّ أَصْلَهَا الضَّمُّ، وَالْأَصْلَ سُوِئَ بِهِمْ مِنَ السُّوءِ، قُلِبَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ عَلَى السِّينِ فَانْقَلَبَتْ يَاءً، وَإِنْ خُفِّفَتِ الهمزة ألقيت حركتها على الياء فقلت: "سي بِهِمْ" مُخَفَّفًا، وَلُغَةٌ شَاذَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ. (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أَيْ ضَاقَ صَدْرُهُ بِمَجِيئِهِمْ وَكَرِهَهُ. وَقِيلَ: ضَاقَ وُسْعُهُ وَطَاقَتُهُ. وَأَصْلُهُ أَنْ يَذْرَعَ الْبَعِيرَ بِيَدَيْهِ فِي سَيْرِهِ ذَرْعًا عَلَى قَدْرِ سِعَةِ خطوه، فإذ حُمِلَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ طَوْقِهِ ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ، وَضَعُفَ وَمَدَّ عُنُقَهُ، فَضِيقُ الذَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ ضِيقِ الْوُسْعِ. وَقِيلَ: هُوَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَيْ غَلَبَهُ، أَيْ ضَاقَ عَنْ حَبْسِهِ الْمَكْرُوهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا ضَاقَ ذَرْعَهُ بِهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ جَمَالِهِمْ، وَمَا يَعْلَمُ مِنْ فِسْقِ قَوْمِهِ. (وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أَيْ شَدِيدٌ فِي الشَّرِّ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَإِنَّكَ إِلَّا تُرْضِ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ ... يَكُنْ لَكَ يَوْمٌ بِالْعِرَاقِ عَصِيبٌ وَقَالَ آخَرُ: يَوْمٌ عَصِيبٌ يَعْصِبُ الْأَبْطَالَا ... عَصْبَ الْقَوِيِّ السَّلَمِ الطِّوَالَا وَيُقَالُ: عَصِيبٌ وَعَصَبْصَبٌ عَلَى التَّكْثِيرِ، أَيْ مَكْرُوهٌ مُجْتَمِعُ الشَّرِّ وَقَدْ. عَصَبَ، أَيْ عَصَبَ بِالشَّرِّ عِصَابَةً، وَمِنْهُ قيل: عصبة وعصابة أي مجتمعوا الْكَلِمَةِ، أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَعُصْبَةُ الرَّجُلِ الْمُجْتَمِعُونَ مَعَهُ فِي النَّسَبِ، وَتَعَصَّبْتُ لِفُلَانٍ صِرْتُ كَعَصَبَتِهِ، وَرَجُلٍ مَعْصُوبٍ [[في مفردات الراغب: ومعصوب الخلق أي مدلج الخلقة (.)]]، أَيْ مُجْتَمِعُ الْخَلْقِ. (قَوْلُهُ تعالى:) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. "يُهْرَعُونَ" أَيْ يُسْرِعُونَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَا يَكُونُ الْإِهْرَاعُ إِلَّا إِسْرَاعًا مَعَ رِعْدَةٍ، يُقَالُ: أَهْرَعَ الرَّجُلُ إِهْرَاعًا أَيْ أَسْرَعَ فِي رِعْدَةٍ مِنْ بَرْدٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ حُمَّى، وَهُوَ مهرع، قال مهلهل: فَجَاءُوا يُهْرَعُونَ وَهُمْ أُسَارَى ... نَقُودُهُمْ عَلَى رَغْمِ الْأُنُوفِ وَقَالَ آخَرُ: بِمُعْجَلَاتٍ نَحْوَهُ مَهَارِعَ وَهَذَا مِثْلُ: أُولِعَ فُلَانٌ بِالْأَمْرِ، وَأُرْعِدَ زَيْدٌ. وَزُهِيَ فُلَانٌ وَتَجِيءُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَقِيلَ: أُهْرِعَ أَيْ أَهْرَعَهُ حِرْصُهُ، وَعَلَى هَذَا "يُهْرَعُونَ" أَيْ يَسْتَحِثُّونَ عَلَيْهِ. وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ قَالَ: لَمْ يُسْمَعْ إِلَّا أُهْرِعَ الرَّجُلُ أَيْ أَسْرَعَ، عَلَى لَفْظٍ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ: هُرِعَ الْإِنْسَانُ هَرَعًا، وَأُهْرِعَ: سِيقَ وَاسْتُعْجِلَ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ يُقَالُ: هُرِعَ الرَّجُلُ وَأُهْرِعَ أَيِ اسْتُحِثَّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: "يُهْرَعُونَ" يُهَرْوِلُونَ. الضَّحَّاكُ: يَسْعَوْنَ. ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَأَنَّهُمْ يُدْفَعُونَ. وَقَالَ شِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ: هُوَ مَشْيٌ بَيْنَ الْهَرْوَلَةِ وَالْجَمَزَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَشْيٌ بَيْنَ مَشْيَيْنِ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَكَانَ سَبَبُ إِسْرَاعِهِمْ مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةَ لُوطٍ الْكَافِرَةَ، لَمَّا رَأَتِ الْأَضْيَافَ وَجَمَالَهُمْ وَهَيْئَتَهُمْ، خَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ مَجَالِسَ قَوْمِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: إِنَّ لُوطًا قَدْ أَضَافَ اللَّيْلَةَ فِتْيَةً مَا رُئِيَ مِثْلُهُمْ جَمَالًا، وَكَذَا وَكَذَا، فَحِينَئِذٍ جَاءُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ. وَيُذْكَرُ أَنَّ الرُّسُلَ لَمَّا وَصَلُوا إِلَى بَلَدِ لُوطٍ وَجَدُوا لُوطًا فِي حَرْثٍ لَهُ. وَقِيلَ: وَجَدُوا ابْنَتَهُ تَسْتَقِي مَاءً مِنْ نَهْرِ سَدُومَ، فَسَأَلُوهَا الدَّلَالَةَ عَلَى مَنْ يُضَيِّفُهُمْ، وَرَأَتْ هَيْئَتَهُمْ فَخَافَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، وَقَالَتْ لَهُمْ: مَكَانُكُمْ! وَذَهَبَتْ إِلَى أَبِيهَا فَأَخْبَرَتْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تُضَيِّفَنَا اللَّيْلَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: أومأ سَمِعْتُمْ بِعَمَلِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ فَقَالُوا: وَمَا عَمَلُهُمْ؟ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَشَرُّ قَوْمٍ فِي الْأَرْضِ- وَقَدْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ لَا تُعَذِّبُوهُمْ حَتَّى يَشْهَدَ لُوطٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ- فَلَمَّا قَالَ لُوطٌ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، قَالَ جِبْرِيلُ لِأَصْحَابِهِ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، وَتَرَدَّدَ الْقَوْلُ بَيْنَهُمْ حَتَّى كَرَّرَ لُوطٌ الشَّهَادَةَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ وَمِنْ قَبْلِ مَجِيءِ الرُّسُلِ. وَقِيلَ: مِنْ قَبْلِ لُوطٍ. (كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أَيْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ إِتْيَانَ الرِّجَالِ. فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى لوط وقصدوا أضيافه قام إليهم لوط مدافعا، وقال: (هؤُلاءِ بَناتِي) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: "هؤُلاءِ بَناتِي" فَقِيلَ: كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ مِنْ صُلْبِهِ. وَقِيلَ: بِنْتَانِ، زَيْتَا [[كذا في الأصول والآلوسى، وفى الطبري: رثيا.]] وَزَعْوَرَاءُ، فَقِيلَ: كَانَ لَهُمْ سَيِّدَانِ مُطَاعَانِ فَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهُمَا ابْنَتَيْهِ. وَقِيلَ: نَدَبَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَى النِّكَاحِ، وَكَانَتْ سُنَّتُهُمْ جَوَازُ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُؤْمِنَةَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ جَائِزًا ثُمَّ نُسِخَ، فَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِنْتًا لَهُ مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، وَالْأُخْرَى مِنْ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ قَبْلَ الْوَحْيِ، وَكَانَا كَافِرَيْنِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ- مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ- أَشَارَ بِقَوْلِهِ: "بَناتِي" إِلَى النِّسَاءِ جُمْلَةً، إِذْ نَبِيُّ الْقَوْمِ أَبٌ لَهُمْ، وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ." النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وهو أب لهم [الأحزاب: ٦]. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا كَانَ الْكَلَامُ مُدَافَعَةً وَلَمْ يُرِدْ إِمْضَاءَهُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يُنْهَى عَنْ أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ: الْخِنْزِيرُ أَحَلُّ لَكَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَمْ يَعْرِضْ عَلَيْهِمْ بَنَاتِهِ وَلَا بَنَاتِ أُمَّتِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ هَذَا لِيَنْصَرِفُوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ أُزَوِّجُكُمُوهُنَّ، فَهُوَ أَطْهَرُ لَكُمْ مِمَّا تُرِيدُونَ، أَيْ أَحَلُّ. وَالتَّطَهُّرُ التَّنَزُّهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ خَطَبُوا بَنَاتِهِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَأَرَادَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَنْ يَفْدِيَ أَضْيَافَهُ بِبَنَاتِهِ. وَلَيْسَ أَلِفُ "أَطْهَرُ" لِلتَّفْضِيلِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّ فِي نِكَاحِ [الرِّجَالِ [[في الأصل (النساء) وهو تحريف.]]] طَهَارَةً، بَلْ هُوَ كَقَوْلِكَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلَى وَأَجَلُّ، وَإِنْ لم يكن تفضيل، وَهَذَا جَائِزٌ شَائِعٌ [[في ع: سائغ.]] فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُكَابِرِ اللَّهَ تَعَالَى أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَكْبَرَ مِنْهُ. وَقَدْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ: اعْلُ هُبَلُ [[أي أظهر دينك.]] اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: "قُلِ اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ". وَهُبَلُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ عَالِيًا وَلَا جَلِيلًا. وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِرَفْعِ الرَّاءِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى بْنُ عَمْرٍو "هُنَّ أَطْهَرَ" بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ. وَ "هُنَّ" عِمَادُ. وَلَا يُجِيزُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشُ أَنْ يَكُونَ "هُنَّ" هَاهُنَا عِمَادًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ عِمَادًا فِيمَا لَا يَتِمُّ الْكَلَامُ إِلَّا بِمَا بَعْدَهَا، نَحْوُ كَانَ زَيْدٌ هُوَ أَخَاكَ، لِتَدُلَّ بِهَا على أن الأخ ليس بنعت. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَدُلُّ بِهَا عَلَى أَنَّ كَانَ تَحْتَاجُ إِلَى خَبَرٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَدُلُّ بِهَا عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَعْرِفَةٌ أَوْ مَا قَارَنَهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾ أَيْ لَا تُهِينُونِي وَلَا تُذِلُّونِي. وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ: فَأَخْزَاكَ رَبِّي يَا عُتَيْبَ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَقَّاكَ قَبْلَ الْمَوْتِ إِحْدَى الصَّوَاعِقِ مَدَدْتَ يَمِينًا لِلنَّبِيِّ تَعَمُّدًا ... وَدَمَّيْتَ فَاهُ قُطِّعَتْ بِالْبَوَارِقِ ويجوز أن يكون من الخزاية، وهو الحياء، وَالْخَجَلُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: خَزَايَةٌ [[. (خزاية) أي من الخزاية. والحبل هو حبل الرمل. والكلام في وصف ثور وحشي تطارده الكلاب. وقبله: حتى إذا دومت في الأرض راجعة ... كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب يعنى أن الثور أنف من الهرب فرجع إلى الكلاب.]] أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ ... مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطًا بِهَا الْغَضَبُ وَقَالَ آخَرُ: مِنَ الْبِيضِ لَا تَخْزَى إِذَا الرِّيحُ أَلْصَقَتْ ... بِهَا مِرْطَهَا أَوْ زَايَلَ الْحَلْيُ جِيدَهَا وَضَيْفٌ يَقَعُ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: لَا تَعْدَمِي الدَّهْرَ شِفَارَ الْجَازِرِ ... لِلضَّيْفِ وَالضَّيْفُ أَحَقُّ زَائِرِ وَيَجُوزُ فِيهِ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ كَقَوْلِكَ: رِجَالٌ صَوْمٌ وَفِطْرٌ وَزَوْرٌ. وَخَزِيَ الرَّجُلُ خَزَايَةً، أَيِ اسْتَحْيَا مِثْلُ ذَلَّ وَهَانَ. وَخَزِيَ خِزْيًا إِذَا افْتَضَحَ، يَخْزَى فِيهِمَا جَمِيعًا. ثُمَّ وَبَّخَهُمْ بِقَوْلِهِ: "(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) " أَيْ شَدِيدٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقِيلَ: "رَشِيدٌ" أَيْ ذُو رُشْدٍ. أَوْ بِمَعْنَى رَاشِدٍ أَوْ مُرْشِدٍ، أَيْ صَالِحٌ أَوْ مُصْلِحٌ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُؤْمِنٌ. أَبُو مَالِكٍ: نَاهٍ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقِيلَ: الرَّشِيدُ بِمَعْنَى الرُّشْدِ، وَالرُّشْدُ وَالرَّشَادُ الهدى والاستقامة. ويجوز أي يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُرْشِدِ، كَالْحَكِيمِ بِمَعْنَى الْمُحْكِمِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾ رُوِيَ أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ خَطَبُوا بَنَاتِهِ فَرَدَّهُمْ، وَكَانَتْ سُنَّتُهُمْ أَنَّ مَنْ رد في خطبة امرأة لم تحل أبدا، فذلك قوله تعالى: "قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ" وَبَعُدَ أَلَّا تَكُونَ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ. فَوَجْهُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَيْسَ، لَنَا إِلَى بَنَاتِكَ تَعَلُّقٌ، وَلَا هُنَّ قَصْدُنَا، وَلَا لَنَا عَادَةٌ نَطْلُبُ ذَلِكَ. (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) إِشَارَةٌ إِلَى الْأَضْيَافِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾ لَمَّا رَأَى اسْتِمْرَارَهُمْ فِي غَيِّهِمْ، وَضَعُفَ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِمْ، تَمَنَّى لَوْ وَجَدَ عَوْنًا عَلَى رَدِّهِمْ، فَقَالَ عَلَى جِهَةِ التَّفَجُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ.: "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" أَيْ أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ الْوَلَدَ. وَ "أَنَّ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، تَقْدِيرُهُ: لَوِ اتَّفَقَ أَوْ وَقَعَ. وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي "أَنَّ" التَّابِعَةَ لِ "لَوْ". وَجَوَابُ "لَوْ" مَحْذُوفٌ، أَيْ لَرَدَدْتُ أَهْلَ الْفَسَادِ، وَحُلْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُونَ. (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) أَيْ أَلْجَأُ وَأَنْضَوِي. وقرى "أَوْ آوِيَ" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى "قُوَّةً" كَأَنَّهُ قَالَ: "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" أَوْ إِيوَاءً إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، أَيْ وَأَنْ آوِيَ، فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ "أَنْ". وَمُرَادُ لُوطٍ بِالرُّكْنِ الْعَشِيرَةُ، وَالْمَنَعَةُ بِالْكَثْرَةِ. وَبَلَغَ بِهِمْ قَبِيحُ فِعْلِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُرْوَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَجِدَتْ عَلَيْهِ حِينَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَقَالُوا: إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ٣ ص ٢٩٨.]]. وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَزَادَ "مَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: وَالثَّرْوَةُ الْكَثْرَةُ وَالْمَنَعَةُ، حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَيُرْوَى أَنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا غَلَبَهُ قَوْمُهُ، وَهَمُّوا بِكَسْرِ الْبَابِ وَهُوَ يُمْسِكُهُ، قَالَتْ لَهُ الرُّسُلُ: تَنَحَّ عَنِ الْبَابِ، فَتَنَحَّى وَانْفَتَحَ الْبَابُ، فَضَرَبَهُمْ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، وَعَمُوا وَانْصَرَفُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَقُولُونَ: النَّجَاءَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ﴾[[راجع ج ١٧ ص ١٤٣.]] [القمر: ٣٧]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَغْلَقَ لُوطٌ بَابَهُ وَالْمَلَائِكَةُ مَعَهُ فِي الدَّارِ، وَهُوَ يُنَاظِرُ قَوْمَهُ وَيُنَاشِدُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، وَهُمْ يُعَالِجُونَ تَسَوُّرَ الْجِدَارِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا لَقِيَ مِنَ الْجَهْدِ وَالْكَرْبِ وَالنَّصَبِ بِسَبَبِهِمْ، قَالُوا: يَا لُوطُ إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ، وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غير مردود، وَإِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ، فَافْتَحِ الْبَابَ وَدَعْنَا وَإِيَّاهُمْ، فَفَتَحَ الْبَابَ فَضَرَبَهُمْ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: أَخَذَ جِبْرِيلُ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَذْرَاهَا فِي وُجُوهِهِمْ، فَأَوْصَلَ اللَّهُ إِلَى عَيْنِ مَنْ بَعُدَ وَمَنْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابَ فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقًا، وَلَا اهْتَدَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ! فَإِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ قَوْمًا هُمْ أَسْحَرُ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَقَدْ سَحَرُونَا فَأَعْمَوْا أَبْصَارَنَا. وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لُوطُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى نُصْبِحَ فَسَتَرَى، يَتَوَعَّدُونَهُ. (قَوْلُهُ تَعَالَى:) قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) لَمَّا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ حُزْنَهُ وَاضْطِرَابَهُ وَمُدَافَعَتَهُ عَرَّفُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ رُسُلٌ مَكَّنَ قَوْمَهُ مِنَ الدُّخُولِ، فَأَمَرَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدَهُ عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَعَمُوا، وَعَلَى أَيْدِيهِمْ فَجَفَّتْ. (لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) أَيْ بِمَكْرُوهٍ (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) قُرِئَ "فَأَسْرِ" بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَقَطْعِهَا، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ﴾[[راجع ج ٢٠ ص ٤٢.]] [الفجر: ٤] وقال: ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى ﴾[[راجع ج ١٠ ص ٢٠٤.]] [الإسراء: ١] وَقَالَ النَّابِغَةُ: فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ: أَسْرَتْ [[ويروى (سرت). يقول: إن السحابة سرت في الجوزاء: فلذلك شبهها بالجوزاء.]] عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ ... تُزْجِي الشِّمَالُ عليه جامد الْبَرَدِ وَقَالَ آخَرُ: حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الْخِدْرِ ... أَسْرَتْ إِلَيْكَ وَلَمْ تَكُنْ تَسْرِي وَقَدْ قِيلَ: "فَأَسْرِ" بالقطع إذا سار من أول الليل، وَسَرَى إِذَا سَارَ مِنْ آخِرِهِ، وَلَا يُقَالُ فِي النَّهَارِ إِلَّا سَارَ. وَقَالَ لَبِيَدٌ: إِذَا الْمَرْءُ أَسْرَى لَيْلَةً ظَنَّ أَنَّهُ ... قَضَى عَمَلًا وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ عَامِلُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى ... وَتَنْجَلِي عَنْهُمْ غَيَابَاتُ الْكَرَى (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِطَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. الضَّحَّاكُ: بِبَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ. قَتَادَةُ: بَعْدَ مُضِيِّ صَدْرٍ مِنَ اللَّيْلِ. الْأَخْفَشُ: بَعْدَ جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: بِسَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: بِظُلْمَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وقيل: هزيع مِنَ اللَّيْلِ. وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ نِصْفُ اللَّيْلِ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعر [[هو مالك بن كنانه.]]: ونائحة تنوح بقطع ليل ... على رجل بِقَارِعَةِ الصَّعِيدِ فَإِنْ قِيلَ: السُّرَى لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ، فَمَا مَعْنَى "بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ"؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ: "بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ" جَازَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَهُ. (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) أَيْ لَا يَنْظُرُ وَرَاءَهُ مِنْكُمْ أحد، قال مُجَاهِدٌ. ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَتَخَلَّفُ مِنْكُمْ أَحَدٌ. عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: لَا يَشْتَغِلُ مِنْكُمْ أَحَدٌ بِمَا يُخَلِّفُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ مَتَاعٍ. (إِلَّا امْرَأَتَكَ) بِالنَّصْبِ، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْوَاضِحَةُ الْبَيِّنَةُ الْمَعْنَى، أَيْ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ. وَكَذَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ "فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ" فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْأَهْلِ. وَعَلَى هَذَا لَمْ يَخْرُجْ بِهَا مَعَهُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: ﴿كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ﴾[[راجع ج ١٣ ص ٢٤١.]] [الأعراف: ٨٣] أَيْ مِنَ الْبَاقِينَ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ: "إِلَّا امْرَأَتُكُ" بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ "أَحَدٌ". وَأَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِلَّا بِرَفْعِ "يَلْتَفِتْ" وَيَكُونُ نَعْتًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ- إِذَا أُبْدِلَتْ وَجُزِمَتْ- أَنَّ الْمَرْأَةَ أُبِيحَ لَهَا الِالْتِفَاتُ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى كَذَلِكَ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ أَبِي عَمْرٍو مَعَ جَلَالَتِهِ وَمَحَلِّهِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ، وَالرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَالتَّأْوِيلُ لَهُ عَلَى مَا حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلَ لِحَاجِبِهِ: لَا يَخْرُجْ فُلَانٌ، فَلَفْظُ النَّهْيِ لِفُلَانٍ وَمَعْنَاهُ لِلْمُخَاطَبِ، أَيْ لَا تَدَعْهُ يَخْرُجُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: لَا يَقُمْ أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ، يَكُونُ مَعْنَاهُ: انْهَهُمْ عَنِ الْقِيَامِ إِلَّا زَيْدًا، وَكَذَلِكَ النَّهْيُ لِلُوطٍ وَلَفْظُهُ لِغَيْرِهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: انْهَهُمْ لَا يَلْتَفِتُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلا امرأتك فإنها تلتفت وتهلك، وأن النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ، أَيْ لَا يَلْتَفِتُ، مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ فَإِنَّهَا تَلْتَفِتُ وَتَهْلَكُ، وَأَنَّ لُوطًا خَرَجَ بِهَا، وَنَهَى مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ أَسْرَى بِهِمْ أَلَّا يَلْتَفِتَ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ سِوَى زَوْجَتِهِ، فَإِنَّهَا لما سمعت هدة العذاب التفتت وقالت: وا قوماه! فأدركها حجر فقتلها. (إِنَّهُ مُصِيبُها) أَيْ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْكِنَايَةُ فِي "إِنَّهُ" تَرْجِعُ إلى الأمر والشأن، فَإِنَّ الْأَمْرَ وَالشَّأْنَ وَالْقِصَّةَ. (مُصِيبُها مَا أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) لَمَّا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: ﴿إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ [العنكبوت: ٣١] قَالَ لُوطٌ: الْآنَ الْآنَ. اسْتَعْجَلَهُمْ بِالْعَذَابِ لِغَيْظِهِ عَلَى قَوْمِهِ، فَقَالُوا: (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ "أَلَيْسَ الصُّبُحُ" بِضَمِّ الْبَاءِ وَهِيَ لُغَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ الصُّبْحَ مِيقَاتًا لِهَلَاكِهِمْ، لِأَنَّ النُّفُوسَ فِيهِ أَوْدَعُ، وَالنَّاسَ فِيهِ أَجْمَعُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: إِنَّ لُوطًا خَرَجَ بِابْنَتَيْهِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُمَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَكَّلَ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ مَلَائِكَةً مَعَهُمْ صَوْتُ رَعْدٍ، وَخَطْفُ بَرْقٍ، وَصَوَاعِقُ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُمْ أَنَّ لُوطًا سَيَخْرُجُ فَلَا تُؤْذُوهُ، وَأَمَارَتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ، وَلَا تَلْتَفِتُ ابْنَتَاهُ فَلَا يَهُولَنَّكَ مَا تَرَى. فَخَرَجَ لُوطٌ وَطَوَى اللَّهُ لَهُ الْأَرْضَ فِي وَقْتِهِ حَتَّى نَجَا وَوَصَلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ. (قَوْلُهُ تَعَالَى:) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) أَيْ عَذَابُنَا. (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَدْخَلَ جَنَاحَهُ تَحْتَ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ، وَهِيَ خَمْسٌ: سَدُومُ- وَهِيَ الْقَرْيَةُ الْعُظْمَى،- وَعَامُورَا، وَدَادُومَا، وضعوه، وَقَتَمُ [[وفى ع وز وك: قاموارا ورادما وصعو، وفى ضبط هذه القرى اختلاف.]]، فَرَفَعَهَا مِنْ تُخُومِ الْأَرْضِ حَتَّى أَدْنَاهَا مِنَ السَّمَاءِ بما في فِيهَا، حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نَهِيقَ حُمُرِهِمْ وَصِيَاحَ دِيَكَتِهِمْ، لَمْ تَنْكَفِئْ لَهُمْ جَرَّةٌ، وَلَمْ ينكسر [[في ى: ينكشف.]] لهم إناء، ثم نكسوا على رؤوسهم، وَأَتْبَعَهُمُ اللَّهُ بِالْحِجَارَةِ. مُقَاتِلٌ. أُهْلِكَتْ أَرْبَعَةٌ، وَنَجَتْ ضعوه. وَقِيلَ: غَيْرُ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تعالى: (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ حُكْمُهُ الرَّجْمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْأَعْرَافِ" [[راجع ج ٧ ص ٢٤٣.]]. وَفِي التَّفْسِيرِ: أَمْطَرْنَا فِي الْعَذَابِ، وَمَطَرْنَا فِي الرَّحْمَةِ. وَأَمَّا كَلَامُ الْعَرَبِ فَيُقَالُ: مَطَرَتِ السماء وأمطرت: حكاه الهروي. واختلف في "سِجِّيلٍ" فَقَالَ النَّحَّاسُ [[كذا في ا، وفى ز وع وك وووى: (البخاري).]]: السِّجِّيلُ الشَّدِيدُ الْكَثِيرُ، وَسِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ اللَّامُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: السِّجِّيلُ الشَّدِيدُ، وَأَنْشَدَ [[سيأتي البيت بتمامه في ص ٨٣.]] ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينًا قَالَ النَّحَّاسُ: وَرَدَّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَالَ: هَذَا سِجِّينٌ وَذَلِكَ سِجِّيلٌ فَكَيْفَ يُسْتَشْهَدُ بِهِ؟! قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الرَّدُّ لَا يَلْزَمُ، لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اللَّامَ تُبْدَلُ مِنَ النُّونِ لِقُرْبِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى، وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ يُرَدُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ لَكَانَ حِجَارَةً سِجِّيلًا، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: حِجَارَةٌ مِنْ شَدِيدٍ، لِأَنَّ شَدِيدًا نَعْتٌ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لِحِجَارَةِ الْأَرْحَاءِ سِجِّيلٌ. وَحَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ أَنَّ سِجِّيلًا طِينٌ يُطْبَخُ حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْحَاءِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ سِجِّيلًا لَفْظَةٌ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ عُرِّبَتْ، أَصْلُهَا سنج وجيل. وَيُقَالُ: سنك وكيل، بِالْكَافِ مَوْضِعَ الْجِيمِ، وَهُمَا بِالْفَارِسِيَّةِ حَجَرٌ وَطِينٌ عَرَّبَتْهُمَا الْعَرَبُ فَجَعَلَتْهُمَا اسْمًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: السِّجِّيلُ الطِّينُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ﴾[[راجع ج ١٧ ص ٤٧.]] [الذاريات: ٣٣]. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْلُ الْحِجَارَةِ طِينًا فَشُدِّدَتْ. وَالسِّجِّيلُ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ شَدِيدٍ صُلْبٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الْآجُرَّ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: طِينٌ طُبِخَ حَتَّى كَانَ كَالْآجُرِّ، وَعَنْهُ أَنَّ سِجِّيلًا اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ، وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ وَصْفُهُ بِ "مَنْضُودٍ". وَعَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ بَحْرٌ مُعَلَّقٌ فِي الْهَوَاءِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْهُ نَزَلَتِ الْحِجَارَةُ. وَقِيلَ: هِيَ جِبَالٌ فِي السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ﴾[[راجع ج ١٢ ص ٢٨٩.]] [النور: ٤٣]. وَقِيلَ: هُوَ مِمَّا سُجِّلَ لَهُمْ أَيْ كُتِبَ لَهُمْ أَنْ يُصِيبَهُمْ، فَهُوَ فِي مَعْنَى سِجِّينٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ﴾[[راجع ج ١٩ ص ٢٥٤.]] [المطففين: ٨] قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَاخْتَارَهُ. وَقِيلَ: هُوَ فِعِّيلٌ مِنْ أَسْجَلْتُهُ أَيْ أَرْسَلْتُهُ، فَكَأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسْجَلْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ، فَكَأَنَّهُ عَذَابٌ أُعْطُوهُ، قَالَ [[البيت للفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب. واصل المساجلة. أن يستقى ساقيان فيخرج كل واحد منهما في سجله (دلوه) مثل ما يخرج الآخر فأيهما نكل فقد غلب، فضربته مثلا العرب للمفاخرة. والكرب: الحبل الذي يشد على الدلو بعد المنين وهو الحبل الأول.]]: مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا ... يَمْلَأُ الدلو إلى عقد الكرب وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: السِّجِّيلُ وَالسِّجِّينُ الشَّدِيدُ مِنَ الْحَجَرِ وَالضَّرْبِ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً [[وروى في اللسان: (يضربون البيض عن عرض).]] ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا (مَنْضُودٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُتَتَابِعٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: نُضِدَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: نُضِدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ جَسَدًا وَاحِدًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَصْفُوفٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَرْصُوصٌ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. يُقَالُ: نَضَدْتُ الْمَتَاعَ وَاللَّبَنَ إِذَا جَعَلْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مَنْضُودٌ وَنَضِيدٌ وَنَضَدٌ، قَالَ: وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: مُعَدٌّ، أَيْ هُوَ مِمَّا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِأَعْدَائِهِ الظَّلَمَةِ. (مُسَوَّمَةً) أَيْ مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا وَهِيَ الْعَلَامَةُ، أَيْ كَانَ عَلَيْهَا أَمْثَالُ الْخَوَاتِيمِ. وَقِيلَ: مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ مَنْ رُمِيَ بِهِ، وَكَانَتْ لَا تُشَاكِلُ حِجَارَةَ الأرض. وقال الفراء: زعموا أنها كانت بِحُمْرَةٍ وَسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ، فَذَلِكَ تَسْوِيمُهَا. وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَتْ مُعَلَّمَةً بِبَيَاضٍ وَحُمْرَةٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ [[البيت لأسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عميلة حين قاسمه ماله، وبعده: كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر وقوله: (له سيماء لا تشق على البصر) أي يفرح به من يراه.]]: غُلَامٌ رَمَاهُ اللَّهُ بِالْحُسْنِ يَافِعًا ... لَهُ سِيمِيَاءُ لَا تَشُقُّ عَلَى الْبَصَرْ وَ "مُسَوَّمَةً" مِنْ نَعْتِ حِجَارَةٍ. وَ "مَنْضُودٍ" مِنْ نَعْتِ "سِجِّيلٍ". وَفِي قَوْلِهِ: (عِنْدَ رَبِّكَ) " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حِجَارَةِ الْأَرْضِ، قَالَهُ الْحَسَنُ. (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ، أَيْ لَمْ تَكُنْ تُخْطِئُهُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُرْهِبُ قُرَيْشًا، الْمَعْنَى: مَا الْحِجَارَةُ مِنْ ظَالِمِي قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ بِبَعِيدٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: يَعْنِي ظَالِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَاللَّهِ مَا أَجَارَ اللَّهُ مِنْهَا ظَالِمًا بَعْدُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي قَوْمٌ يَكْتَفِي رِجَالُهُمْ بِالرِّجَالِ وَنِسَاؤُهُمْ بِالنِّسَاءِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَارْتَقِبُوا عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ" ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ". وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى تَسْتَحِلَّ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَدْبَارَ الرِّجَالِ كَمَا اسْتَحَلُّوا أَدْبَارَ النِّسَاءِ فَتُصِيبُ طَوَائِفَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ حِجَارَةٌ مِنْ رَبِّكَ". وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَا هَذِهِ الْقُرَى مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ، وَهِيَ بَيْنَ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ. وَجَاءَ "بِبَعِيدٍ" مُذَكَّرًا عَلَى مَعْنَى بِمَكَانٍ بَعِيدٍ. وَفِي الْحِجَارَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهَا أُمْطِرَتْ عَلَى الْمُدُنِ حِينَ رَفَعَهَا جِبْرِيلُ. الثَّانِي- أَنَّهَا أُمْطِرَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُدُنِ مِنْ أَهْلِهَا وكان خارجا عنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب