الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجاءَهُ قَوْمُهُ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إلَيْهِ﴾ ) قالَ: يُسْرِعُونَ ( ﴿ومِن قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ ) قالَ: يَأْتُونَ الرِّجالَ.(p-١٠٨) وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إلَيْهِ﴾ ) قالَ: يَسْعَوْنَ إلَيْهِ. وأخْرَجَ الطَّسْتَيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ ( ﴿يُهْرَعُونَ إلَيْهِ﴾ ) قالَ: يُقْبِلُونَ إلَيْهِ بِالغَضَبِ، قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ قالَ: نَعَمْ أما سَمِعَتَ الشّاعِرَ وهو يَقُولُ: ؎أتَوْنا يُهْرَعُونَ وهم أُسارى سُيُوفُهم عَلى رُغْمِ الأُنُوفِ وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿ومِن قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ ) قالَ: يَنْكِحُونَ الرِّجالَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿قالَ يا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَناتِي﴾ ) قالَ: ما عَرَضَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلامُ بَناتِهِ عَلى قَوْمِهِ لا سِفاحًا ولا نِكاحًا إنَّما قالَ: هَؤُلاءِ بَناتِي نِساؤُكم لِأنَّ النَّبِيَّ إذا كانَ بَيْنَ ظَهْرَيْ قَوْمٍ فَهو أبُوهم قالَ اللَّهُ في القُرْآنِ ( وأزْواجُهُ أُمَّهاتُهم وهو أبُوهم ) في قِراءَةِ أُبَيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي﴾ ) قالَ: لَمْ يَكُنَّ بَناتِهِ ولَكِنْ كُنَّ مِن أُمَّتِهِ وكُلُّ نَبِيٍّ أبُو أُمَّتِهِ.(p-١٠٩) وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: إنَّما دَعاهم إلى نِسائِهِمْ وكُلُّ نَبِيٍّ أبُو أُمَّتِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ عَساكِرَ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي﴾ ) قالَ: عَرَضَ عَلَيْهِمْ نِساءَ أُمَّتِهِ كُلُّ نَبِيٍّ فَهو أبُو أُمَّتِهِ وفي قِراءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ( النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ وهو أبٌ لَهم وأزْواجُهُ أُمَّهاتُهم ) . وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، وابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ ومُقاتِلٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا سَمِعَتِ الفَسَقَةُ بِأضْيافِ لُوطٍ جاءُوا إلى بابِ لُوطٍ فَأغْلَقَ لُوطٌ عَلَيْهِمُ البابَ دُونَهم ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقالَ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي﴾ )، يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ بَناتِهِ بِالنِّكاحِ والتَّزْوِيجِ ولَمْ يَعْرِضْها عَلَيْهِمْ لِلْفاحِشَةِ وكانُوا كُفّارًا وبَناتُهُ مُسْلِماتٌ فَلَمّا رَأى البَلاءَ وخافَ الفَضِيحَةَ عَرَضَ عَلَيْهِمُ التَّزْوِيجَ وكانَ اسْمُ ابْنَتَيْهِ إحْداهُما رَعُوثا والأُخْرى رَمِيثا ويُقالُ: زَبُوثا إلى قَوْلِهِ: ( ﴿ألَيْسَ مِنكم رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ ) أيْ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهى عَنِ المُنْكَرِ فَلَمّا لَمْ يَتَناهَوْا ولَمْ يَرُدَّهم قَوْلُهُ ولَمْ يَقْبَلُوا شَيْئًا مِمّا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِن أمْرِ بَناتِهِ قالَ: ( ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) يَعْنِي عَشِيرَةً أوْ شِيعَةً تَنْصُرُنِي (p-١١٠) لَحُلْتُ بَيْنَكم وبَيْنَ هَذا فَكَسَرُوا البابَ ودَخَلُوا عَلَيْهِ وتَحَوَّلَ جِبْرِيلُ في صُورَتِهِ الَّتِي يَكُونُ فِيها في السَّماءِ ثُمَّ قالَ: يا لُوطُ لا تَخَفْ نَحْنُ المَلائِكَةُ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ وأُمِرْنا بِعَذابِهِمْ، فَقالَ لُوطٌ: يا جِبْرِيلُ الآنَ تُعَذِّبُهم - وهو شَدِيدُ الأسَفِ عَلَيْهِمْ - قالَ جِبْرِيلُ: مَوْعِدُهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّ اللَّهَ يُعَبِّي العَذابَ في أوَّلِ اللَّيْلِ إذا أرادَ أنْ يُعَذِّبَ قَوْمًا ثُمَّ يُعَذِّبُهم في وجْهِ الصُّبْحِ، قالَ: فَهُيِّئَتِ الحِجارَةُ لِقَوْمِ لُوطٍ في أوَّلِ اللَّيْلِ لِتُرْسَلَ عَلَيْهِمْ غُدْوَةً وكَذَلِكَ عُذِّبَتِ الأُمَمُ عادٌ وثَمُودُ بِالغَداةِ فَلَمّا كانَ عِنْدَ وجْهِ الصُّبْحِ عَمَدَ جِبْرِيلُ إلى قُرى لُوطٍ بِما فِيها مِن رِجالِها ونِسائِها وثِمارِها وطَيْرِها فَحَواها وطَواها ثُمَّ قَلَعَها مِن تُخُومِ الثَّرى ثُمَّ احْتَمَلَها مِن تَحْتِ جَناحِهِ ثُمَّ رَفَعَها إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَسَمِعَ سُكّانُ سَماءِ الدُّنْيا أصْواتَ الكِلابِ والطَّيْرِ والرِّجالِ والنِّساءِ مِن تَحْتِ جَناحِ جِبْرِيلَ ثُمَّ أرْسَلَها مَنكُوسَةً ثُمَّ أتْبَعَها بِالحِجارَةِ وكانَتِ الحِجارَةُ لِلرُّعاةِ والتُّجّارِ ومَن كانَ خارِجًا عَنْ مَدائِنِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ قالَ: عَرَضَ عَلَيْهِمْ بَناتِهِ تَزْوِيجًا وأرادَ أنْ يَقِيَ أضْيافَهُ بِتَزْوِيجِ بَناتِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أطْهَرُ لَكُمْ﴾ ) قالَ: أمَرَهم لُوطٌ بِتَزْوِيجِ النِّساءِ وقالَ: ( ﴿هُنَّ أطْهَرُ (p-١١١)لَكُمْ﴾ ) . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ ( ﴿ولا تُخْزُونِ في ضَيْفِي﴾ ) يَقُولُ: ولا تَفْضَحُونِي. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ ( ﴿ألَيْسَ مِنكم رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ ) قالَ: رَجُلٌ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهى عَنِ المُنْكَرِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿ألَيْسَ مِنكم رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ ) قالَ: رَجُلٌ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهى عَنِ المُنْكَرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿ألَيْسَ مِنكم رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ ) قالَ: واحِدٌ يَقُولُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ وإنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ﴾ ) قالَ: إنَّما نُرِيدُ الرِّجالَ قالَ لُوطٌ: ( ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) يَقُولُ: إلى جُنْدٍ شَدِيدٍ لَقاتَلْتُكم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ (p-١١٢)شَدِيدٍ﴾ ) قالَ: عَشِيرَةٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ قَتادَةَ ( ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) قالَ: العَشِيرَةُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَلِيٍّ، أنَّهُ خَطَبَ فَقالَ عَشِيرَةُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ خَيْرٌ مِنَ الرَّجُلِ لِعَشِيرَتِهِ، إنَّهُ إنْ كَفَّ يَدًا واحِدَةً وكَفُّوا عَنْهُ أيْدِيًا كَثِيرَةً مَعَ مَوَدَّتِهِمْ وحِفاظَتِهِمْ ونُصْرَتِهِمْ حَتّى لَرُبَّما غَضِبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ وما يَعْرِفُهُ إلّا بِحَسَبِهِ وسَأتْلُوا عَلَيْكم بِذَلِكَ آياتٍ مِن كِتابِ اللَّهِ تَعالى فَتَلا هَذِهِ الآيَةَ ( ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) قالَ عَلِيٌ: والرُّكْنُ الشَّدِيدُ: العَشِيرَةُ، فَلَمْ يَكُنْ لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ عَشِيرَةٌ فَوالَّذِي لا إلَهَ غَيْرُهُ ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ إلّا في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ بَعْدَ لُوطٍ إلّا في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ حَتّى النَّبِيُّ ﷺ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ، «أنَّ هَذِهِ الآيَةَ لِما نَزَلَتْ ( ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً (p-١١٣)أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَحِمَ اللَّهُ أخِي لُوطًا لَقَدْ كانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَلِأيِّ شَيْءٍ اسْتَكانَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ ذُكِرَ لَنا «أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كانَ إذا قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ قالَ: رَحِمَ اللَّهُ لُوطًا إنْ كانَ لَيَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ وذُكِرَ لَنا أنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ إلّا في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ حَتّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّكم ﷺ في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلامُ ( ﴿لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) فَوَجَدَ عَلَيْهِ الرُّسُلُ وقالُوا: يا لُوطُ إنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ إلّا في عِزٍّ مِن قَوْمِهِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في «الأدَبِ» والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ أبِي سَلَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رَحِمَ اللَّهُ لُوطًا كانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ - يَعْنِي (p-١١٤)اللَّهُ تَعالى - فَما بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إلّا في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبُخارِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ الأعْرَجِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إنْ كانَ لَيَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «رَحِمَ اللَّهُ لُوطًا إنْ كانَ لَيَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ الأنْصارِيِّ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: إنُّ النّاسَ كانُوا أنْذَرُوا قَوْمَ لُوطٍ فَجاءَتْهُمُ المَلائِكَةُ عَشِيَّةً فَمَرُّوا بِنادِيهِمْ فَقالَ قَوْمُ لُوطٍ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: لا تُنَفِّرُوهم ولَمْ يَرَوْا قَوْمًا قَطُّ أحْسَنَ مِنَ المَلائِكَةِ فَلَمّا دَخَلُوا عَلى لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتّى عَرَضَ عَلَيْهِمْ بَناتِهِ فَأبَوْا فَقالَتِ المَلائِكَةُ ( ﴿إنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ﴾ ) قالَ: رُسُلُ رَبِّي قالُوا: نَعَمْ، قالَ لُوطٌ: فالآنَ إذَنْ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ قالَ: لَمّا أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ إلى قَوْمِ لُوطٍ لِيُهْلِكُوهم قِيلَ لَهم: لا تُهْلِكُوا قَوْمَ لُوطٍ حَتّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ لُوطٌ ثَلاثَ مَرّاتٍ وكانَ طَرِيقُهم عَلى إبْراهِيمَ (p-١١٥) خَلِيلِ الرَّحْمَنِ ( ﴿فَلَمّا ذَهَبَ عَنْ إبْراهِيمَ الرَّوْعُ وجاءَتْهُ البُشْرى يُجادِلُنا في قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٤] ) وكانَتْ مُجادَلَتُهُ إيّاهم قالَ: أرَأيْتُمْ إنْ كانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ أتُهْلِكُونَهم قالُوا: لا، قالَ: فَأرْبَعُونَ قالُوا: لا، حَتّى انْتَهى إلى عَشَرَةٍ أوْ خَمْسَةٍ قالَ: فَأتَوْا لُوطًا وهو في أرْضٍ لَهُ يَعْمَلُ فِيها فَحَسِبَهم ضِيفانًا فَأقْبَلَ حَتّى أمْسى إلى أهْلِهِ فَمَشَوْا مَعَهُ فالتَفَتَ إلَيْهِمْ فَقالَ: ما تَرَوْنَ ما يَصْنَعُ هَؤُلاءِ قالُوا: وما يَصْنَعُونَ قالَ: ما مِنَ النّاسِ أحَدٌ شَرٌّ مِنهم، فَمَشَوْا مَعَهُ حَتّى قالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ فانَتَهى بِهِمْ إلى أهْلِهِ فانْطَلَقَتْ عَجُوزُ السَّوْءِ امْرَأتُهُ فَأتَتْ قَوْمَهُ فَقالَتْ: لَقَدْ تَضَيَّفَ لُوطٌ اللَّيْلَةَ قَوْمًا ما رَأيْتُ قَطُّ أحْسَنَ ولا أطْيَبَ رِيحًا مِنهم فَأقْبَلُوا إلَيْهِ يُهْرَعُونَ فَدافَعُوهُ بِالبابِ حَتّى كادُوا يَغْلِبُونَ عَلَيْهِ، فَقالَ مَلَكٌ بِجَناحِهِ فَسَفَقَهُ دُونَهم وعَلا الإجّارَ وعَلَوْا مَعَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أطْهَرُ لَكم فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ ) إلى قَوْلِهِ: ( ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) فَقالُوا ( ﴿إنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ﴾ ) فَذَلِكَ حِينَ عَلِمَ أنَّهم رُسُلُ اللَّهِ وقالَ مَلَكٌ بِجَناحِهِ فَما غُشِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِجَناحِهِ أحَدٌ إلّا عَمِيَ فَباتُوا بِشَرِّ لَيْلَةٍ عُمْيًا يَنْتَظِرُونَ العَذابَ فاسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ في هَلاكِهِمْ فَأُذِنَ لَهُ فاحْتَمَلَ الأرْضَ الَّتِي كانُوا عَلَيْها وأهْوى بِها حَتّى سَمِعَ أهْلُ سَماءِ الدُّنْيا ضُغاءَ كِلابِهِمْ وأوْقَدَ تَحْتَهم نارًا ثُمَّ قَلَبَها بِهِمْ فَسَمِعَتِ (p-١١٦) امْرَأتُهُ الوَجْبَةَ وهي مَعَهم فالتَفَتَتْ فَأصابَها العَذابُ وتُبِعَتْ سُفّارُهم بِالحِجارَةِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا جاءَتْ رُسُلُ اللَّهِ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلامُ ظَنَّ أنَّهم ضِيفانٌ لَقُوهُ فَأدْناهم حَتّى أقْعَدَهم قَرِيبًا وجاءَ بِبَناتِهِ وهُنَّ ثَلاثَةٌ فَأقْعَدَهُنَّ بَيْنَ ضِيفانِهِ وبَيْنَ قَوْمِهِ فَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إلَيْهِ فَلَمّا رَآهم قالَ: ( ﴿هَؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أطْهَرُ لَكم فاتَّقُوا اللَّهَ ولا تُخْزُونِ في ضَيْفِي﴾ ) قالُوا ( ﴿ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ وإنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ﴾ ﴿قالَ لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ) فالتَفَتَ إلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: ( ﴿إنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ﴾ ) فَلَمّا دَنَوْا طَمَسَ أعْيُنَهم فانْطَلَقُوا عُمْيًا يَرْكَبُ بَعْضُهم بَعْضًا حَتّى إذا خَرَجُوا إلى الَّذِينَ بِالبابِ قالُوا: جِئْناكم مِن عِنْدِ أسْحَرِ النّاسِ ثُمَّ رُفِعَتْ في جَوْفِ اللَّيْلِ حَتّى إنَّهم لَيَسْمَعُونَ صَوْتَ الطَّيْرِ في جَوِّ السَّماءِ ثُمَّ قُلِبَتْ عَلَيْهِمْ فَمَن أصابَتْهُ الِائْتِفاكَةُ أهْلَكَتْهُ ومَن خَرَجَ مِنها أتْبَعَتْهُ حَيْثُ كانَ حَجَرًا فَقَتَلَتْهُ فارَتَحَلَ بِبَناتِهِ حَتّى إذا بَلَغَ مَكانَ كَذا مِنَ الشّامِ ماتَتِ ابْنَتُهُ الكُبْرى فَخَرَجَتْ عِنْدَها عَيْنٌ ثُمَّ انْطَلَقَ حَيْثُ شاءَ اللَّهُ أنْ يَبْلُغَ فَماتَتِ الصُّغْرى (p-١١٧) فَخَرَجَتْ عِنْدَها عَيْنٌ فَما بَقِيَ مِنهُنَّ إلّا الوُسْطى. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «العُقُوباتُ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أغْلَقَ لُوطٌ عَلى ضَيْفِهِ البابَ فَجاءُوا فَكَسَرُوا البابَ فَدَخَلُوا فَطَمَسَ جِبْرِيلُ أعْيُنَهم فَذَهَبَتْ أبْصارُهم قالُوا: يا لُوطُ جِئْتَنا بِسَحَرَةٍ فَتَوَعَّدُوهُ فَأوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً قالَ يَذْهَبُ هَؤُلاءِ ويَذَرُونِي، قالَ جِبْرِيلُ لا تَخَفْ إنّا رُسُلُ رَبِّكَ إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ قالَ لُوطٌ: السّاعَةَ، قالَ جِبْرِيلُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ قالَ: السّاعَةَ، فَرُفِعَتْ حَتّى سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ الدُّنْيا نَبِيحَ الكِلابِ ثُمَّ أُقْلِبَتْ ورُمُوا بِالحِجارَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ( ﴿فَأسْرِ بِأهْلِكَ﴾ ) يَقُولُ: سِرْ بِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ ) قالَ: جَوْفِ اللَّيْلِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿بِقِطْعٍ﴾ ) قالَ سَوادٍ مِنَ اللَّيْلِ.(p-١١٨) وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ ) قالَ: بِطائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في «الوَقْفِ والِابْتِداءِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ( ﴿فَأسْرِ بِأهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ ) ما القِطْعُ قالَ: آخِرُ اللَّيْلِ سَحَرٌ، قالَ مالِكُ بْنُ كِنانَةَ: ؎ونائِحَةٍ تَقُومُ بِقِطْعِ لَيْلٍ ∗∗∗ عَلى رَجُلٍ أهانَتْهُ شُعُوبُ وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿ولا يَلْتَفِتْ مِنكم أحَدٌ﴾ ) قالَ: لا يَتَخَلَّفْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿ولا يَلْتَفِتْ مِنكم أحَدٌ﴾ ) قالَ: لا يَنْظُرْ وراءَهُ أحَدٌ ( ﴿إلا امْرَأتَكَ﴾ ) . وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ هارُونَ قالَ: في حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ ( فَأسْرِ بِأهْلِكَ بِقَطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ إلّا امْرَأتَكَ ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّها كانَتْ مَعَ لُوطٍ لَمّا خَرَجَ مِنَ القَرْيَةِ فَسَمِعَتِ الصَّوْتَ فالتَفَتَتْ فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْها حَجَرًا (p-١١٩) فَأهْلَكَها، فَهي مَعْلُومٌ مَكانُها شاذَّةٌ عَنِ القَوْمِ وهي في مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ ( ولَقَدْ وفَّيْنا إلَيْهِ أهْلَهُ كُلَّهم إلّا عَجُوزًا في الغَبَرِ ) قالَ: ولَمّا قِيلَ لَهُ ( ﴿إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾ )، قالَ: إنِّي أُرِيدُ أعْجَلَ مِن ذَلِكَ، قالَ: ( ﴿ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: قالَ لُوطٌ: أهْلِكُوهُمُ السّاعَةَ، قالُوا: إنّا لَمْ نُؤْمَرْ إلّا بِالصُّبْحِ ( ﴿ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قالَ لَهُ لُوطٌ: أهْلِكُوهُمُ السّاعَةَ، قالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ( ﴿إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ ) فَأُنْزِلَتْ عَلى لُوطٍ ( ﴿ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ ) قالَ: فَأمَرَهُ أنْ يَسْرِيَ بِأهْلِهِ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ولا يَلْتَفِتْ مِنكم أحَدٌ إلّا امْرَأتَهُ فَسارَ فَلَمّا كانَتِ السّاعَةُ الَّتِي أُهْلِكُوا فِيها أدْخَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ جَناحَهُ فَرَفَعَها حَتّى سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ صِياحَ الدِّيَكَةِ ونُباحَ الكِلابِ فَجَعَلَ عالِيَها سافِلَها وأمْطَرَ عَلَيْها حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ وسَمِعَتِ امْرَأةُ لُوطٍ الهَدَّةَ فَقالَتْ: واقَوْماهُ، فَأدْرَكَها حَجَرٌ فَقَتَلَها.(p-١٢٠) وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أبِي الجَلْدِ قالَ: رَأيْتُ امْرَأةَ لُوطٍ قَدْ مُسِخَتْ حَجَرًا تَحِيضُ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿فَلَمّا جاءَ أمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها﴾ ) قالَ: لَمّا أصْبَحُوا غَدا جِبْرِيلُ عَلى قَرْيَتِهِمْ فَفَتَقَها مِن أرْكانِها ثُمَّ أدْخَلَ جَناحَهُ ثُمَّ حَمَلَها عَلى خَوافِي جَناحَيْهِ بِما فِيها ثُمَّ صَعِدَ بِها إلى السَّماءِ حَتّى سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ نُباحَ كِلابِهِمْ ثُمَّ قَلَبَها فَكانَ أوَّلَ ما سَقَطَ مِنها سُرادِقُها فَلَمْ يُصِبْ قَوْمًا ما أصابَهم إنَّ اللَّهَ طَمَسَ عَلى أعْيُنِهِمْ ثُمَّ قَلَبَ قَرْيَتَهم وأمْطَرَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: لَمّا أصْبَحُوا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فاقْتَلَعَ الأرْضَ مِن سَبْعِ أرَضِينَ فَحَمَلَها حَتّى بَلَغَ السَّماءَ الدُّنْيا ثُمَّ أهْوى بِها جِبْرِيلَ إلى الأرْضِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي صالِحٍ، أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أتى قَرْيَةَ لُوطٍ فَأدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ القَرْيَةِ ثُمَّ رَفَعَها حَتّى سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ الدُّنْيا نُباحَ كِلابِها (p-١٢١) وأصْواتَ دُيُوكِها ثُمَّ قَلَبَها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أنَّ جِبْرِيلَ قَلَعَ الأرْضَ يَوْمَ قَوْمِ لُوطٍ حَتّى سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ نُباحَ الكِلابِ وأصْواتَ الدِّياكِ وأمْطَرَ عَلَيْهِمُ الكِبْرِيتَ والنّارَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ، أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ اجْتَثَّ مَدِينَةَ قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الأرْضِ ثُمَّ رَفَعَها بِجَناحِهِ حَتّى بَلَغَ بِها حَيْثُ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَعَلَ عالِيَها سافِلَها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: حُدِّثْتُ أنَّ اللَّهَ تَعالى بَعَثَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ إلى المُؤْتَفِكَةِ مُؤْتَفِكَةِ قَوْمِ لُوطٍ فاحْتَمَلَها بِجَناحِهِ ثُمَّ صَعِدَ بِها حَتّى إنَّ أهْلَ السَّماءِ الدُّنْيا لَيَسْمَعُونَ نُباحَ كِلابِهِمْ وأصْواتَ دَجاجِهِمْ ثُمَّ أتْبَعَها اللَّهُ بِالحِجارَةِ يَقُولُ اللَّهُ تَعالى ( ﴿جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) فَأهْلَكَها اللَّهُ ومَن حَوْلَها مِنَ المُؤْتَفِكاتِ وكُنُّ خَمْسًا ضَبْعَةُ وصَعْرَةُ وعَمْرَةُ (p-١٢٢) ودُوما وسَدُومُ وهي القَرْيَةُ العُظْمى. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّها ثَلاثُ قُرًى فِيها مِنَ العَدَدِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَكُونَ مِنَ الكَثْرَةِ ذُكِرَ لَنا أنَّهُ كانَ فِيها أرْبَعَةُ آلافِ ألْفٍ وهي سَدُومُ قَرْيَةٌ بَيْنَ المَدِينَةِ والشّامِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: مِن طِينٍ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿مُسَوَّمَةً﴾ ) قالَ: التَّسْوِيمُ بَياضٌ في حُمْرَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: هي بِالفارِسِيَّةِ سِنْكَ وكُلْ حَجَرٌ وطِينٌ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿مُسَوَّمَةً﴾ ) قالَ: مُعَلَّمَةٌ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: بِالفارِسِيَّةِ أوَّلُها حِجارَةٌ وآخِرُها طِينٌ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿مُسَوَّمَةً﴾ ) قالَ: مُعَلَّمَةٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: هي (p-١٢٣) كَلِمَةٌ أعْجَمِيَّةٌ عُرِّبَتْ سنك وكُلْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: حِجارَةٌ فِيها طِينٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ وعِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالا: مِن طِينٍ مَنضُودٍ مَصْفُوفَةً مُسَوَّمَةً مُطَوَّقَةً بِها نَصْحٌ مِن حُمْرَةٍ ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) لَمْ يَبْرَأْ مِنها ظالِمٌ بَعْدَهم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الرَّبِيعِ في قَوْلِهِ: ( ﴿مَنضُودٍ﴾ ) قالَ: قَدْ نُضِدَ بَعْضُهُ عَلى بَعْضٍ، وفي قَوْلِهِ: ( ﴿مُسَوَّمَةً﴾ ) قالَ: عَلَيْها سِيما خُطُوطٍ غُبْرٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: حِجارَةً مُسَوَّمَةً لا تُشاكِلُ حِجارَةَ الأرْضِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: السَّماءِ الدُّنْيا قالَ: والسَّماءُ الدُّنْيا اسْمُها سِجِّيلٌ.(p-١٢٤) وأخْرَجَ ابْنُ شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ سابِطٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ ) قالَ: هي بِالفارِسِيَّةِ. وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ مُجاهِدٍ، أنَّهُ سُئِلَ هَلْ بَقِيَ مِن قَوْمِ لُوطٍ أحَدٌ قالَ: لا إلّا رَجُلٌ بَقِيَ أرْبَعِينَ يَوْمًا كانَ تاجِرًا بِمَكَّةَ فَجاءَهُ حَجَرٌ لِيُصِيبَهُ في الحَرَمِ فَقامَتْ إلَيْهِ مَلائِكَةُ الحَرَمِ فَقالُوا لِلْحَجَرِ ارْجِعْ مِن حَيْثُ جِئْتَ فَإنَّ الرَّجُلَ في حَرَمِ اللَّهِ، فَرَجَعَ الحَجْرُ فَوَقَفَ خارِجًا مِنَ الحَرَمِ أرْبَعِينَ يَوْمًا بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ حَتّى قَضى الرَّجُلُ تِجارَتَهُ فَلَمّا خَرَجَ أصابَهُ الحَجَرُ خارِجًا مِنَ الحَرَمِ، يَقُولُ اللَّهُ ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) يَعْنِي مِن ظالِمِي هَذِهِ الأُمَّةِ بِبَعِيدٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) قالَ: يُرْهِبُ بِها قُرَيْشًا أنْ يُصِيبَهم ما أصابَ القَوْمَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) يَقُولُ: مِن ظَلَمَةِ العَرَبِ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا أنْ يُعَذَّبُوا بِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الرَّبِيعِ في الآيَةِ قالَ: كُلُّ ظالِمٍ فِيما سَمِعْنا قَدْ جُعِلَ بِحِذائِهِ حَجَرٌ يَنْتَظِرُ مَتى يُؤْمَرُ أنْ يَقَعَ بِهِ فَخَوَّفَ الظَّلَمَةَ فَقالَ: (p-١٢٥) ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ ( ﴿وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ ) قالَ: مِن ظالِمِي هَذِهِ الأُمَّةِ ثُمَّ يَقُولُ: واللَّهِ ما أجارَ اللَّهُ مِنها ظالِمًا بَعْدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في «ذَمِّ المَلاهِي»، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ ويَزِيدَ بْنِ حَفْصَةَ وصَفْوانَ بْنِ سَلِيمٍ، أنَّ خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ كَتَبَ إلى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أنَّهُ وجَدَ رَجُلًا في بَعْضِ نَواحِي العَرَبِ يُنْكَحُ كَما تُنْكَحُ المَرْأةُ وقامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ البَيِّنَةُ فاسْتَشارَ أبُو بَكْرٍ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: إنَّ هَذا ذَنْبٌ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ بِهِ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ إلّا أُمَّةً واحِدَةً فَصَنَعَ اللَّهُ بِها ما قَدْ عَلِمْتُمْ أرى أنْ تَحْرِقَهُ بِالنّارِ فاجْتَمَعَ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ عَلى أنْ يَحْرِقُوهُ بِالنّارِ فَكَتَبَ أبُو بَكْرٍ إلى خالِدٍ أنِ احْرِقْهُ بِالنّارِ ثُمَّ حَرَقَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ في إمارَتِهِ ثُمَّ حَرَقَهم هِشامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّأْيِّ قالَ: عَذَّبَ اللَّهُ قَوْمَ لُوطٍ فَرَماهم بِحِجارَةٍ مِن سِجِّيلٍ فَلا تُرْفَعُ تِلْكَ العُقُوبَةُ عَمَّنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ.(p-١٢٦)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب