الباحث القرآني
﴿وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ﴾ - تفسير
٢٢١٣٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ﴾ يقول: اتل يا محمد على أهل مكة ﴿نبأ ابني آدم بِالحَقِّ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٦٨-٤٧٠.]]٢٠٣٨. (ز)
﴿نَبَأَ ٱبۡنَیۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ﴾ - تفسير
٢٢١٣٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- ﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر﴾، قال: كان رجلان من بني آدم، فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢١.]]٢٠٣٩. (ز)
٢٢١٣٨- عن الحسن البصري -من طريق عمرو- في قوله: ﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق﴾، قال: كانا من بني إسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، وإنما كان القربانُ في بني إسرائيل، وكان آدمُ أولَ مَن مات[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٢٠٤٠. (٥/٢٦١)
٢٢١٣٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿نبأ ابني آدم بِالحَقِّ﴾ ليعرفوا نبوتك[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٦٨-٤٧٠.]]. (ز)
﴿إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانࣰا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ یُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡـَٔاخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ٢٧﴾ - تفسير
٢٢١٤٠- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (ز)
٢٢١٤١- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- أنّه كان لا يولد لآدم مولود إلا وُلد معه جارية، فكان يُزَوِّج غلامَ هذا البطن جاريةَ هذا البطن الآخر، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر، حتى وُلِد له ابنان يُقال لهما: قابيل وهابيل. وكان قابيلُ صاحبَ زرع، وكان هابيلُ صاحبَ ضَرْع، وكان قابيلُ أكبرَهما، وكانت له أخت أحسن من أخت هابيل، وإنّ هابيل طلب أن ينكح أختَ قابيل، فأبى عليه، وقال: هي أختي، وُلِدت معي، وهي أحسنُ من أختك، وأنا أحقُّ أن أتَزَوَّج بها. فأمره أبوه أن يزوجها هابيل، فأبى، وإنهما قَرَّبا قربانًا إلى الله أيهما أحق بالجارية، وكان آدم قد غاب عنهما إلى مكة ينظر إليها، فقال آدم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة. فأبَتْ، وقال للأرض فأبت، وقال للجبال فأبت، فقال لقابيل، فقال: نعم، تذهب وترجع وتجد أهلَك كما يَسُرُّك. فلمّا انطلق آدم قَرَّبا قربانًا، وكان قابيل يفخر عليه، فقال: أنا أحقُّ بها منك، هي أختي، وأنا أكبر منك، وأنا وصِيُّ والدي. فلما قرَّبا قرَّب هابيلُ جذعة سمينة، وقرب قابيلُ حزمة سنبل، فوجد فيها سنبلةً عظيمة، ففركها، فأكلها، فنزلت النارُ، فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، فغضِب، وقال: لأقتلنك حتى لا تنكح أختي. فقال هابيل: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾، ﴿إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك﴾. يقول: إثم قتلي إلى إثمك الذي في عنقك[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٢. وعزاه السيوطي إليه دون ذكر ابن عباس.]]. (٥/٢٥٧) (ز)
٢٢١٤٢- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -من طريق أبي المغيرة- قال: إنّ ابنَيْ آدم اللَّذَيْن قَرَّبا قربانًا كان أحدُهما صاحبَ حرث، والآخرُ صاحبَ غنم، وإنّهما أُمرا أن يُقَرِّبا قربانًا٢٠٤١، وإنّ صاحب الغنم قرَّب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها، طَيِّبةً بها نفسه، وإنّ صاحب الحرث قرَّب شرَّ حرثه؛ الكوْزر[[الكوزر: لفظة فارسية تعني السنبلة التي لم تدرس. المعجم الذهبي ص٤٨٤.]]، والزُّوان[[الزُّوان والزِّوان: ما يخرج من الطعام -يعني من الحبوب- فيرمى، وهو الرديء منه. واحدته زُوانة. لسان العرب (زون).]]، غير طيبةٍ بها نفسه، وإنّ الله تقبل قربان صاحب الغنم، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث، وكان من قصتهما ما قصَّ اللهُ في كتابه[[أخرجه ابن جرير في تفسيره ٨/٣١٨، وفي التاريخ ١/١٤٢.]]. (٥/٢٦٠)
٢٢١٤٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: وُلِد لآدم أربعون ولدًا؛ عشرون غلامًا، وعشرون جارية، فكان مِمَّن عاش منهم هابيل، وقابيل، وصالح، وعبد الرحمن، والذي كان سمّاه: عبد الحارث، وود، وكان ود يقال له: شيث، ويقال له: هبة الله، وكان إخوته قد سَوَّدوه، ووُلِد له سواع، ويغوث، ويعوق، ونسر. وإنّ الله أمره أن يُفَرِّق بينهم في النكاح، ويُزَوِّج أخت هذا من هذا، وأخت هذا من هذا[[أخرجه ابن عساكر ٢٣/٢٧٣. وعزاه السيوطي إلى إسحاق بن بشر في المبتدأ.]]. (٥/٢٥٩)
٢٢١٤٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق يوسف بن مهران- قال: أُمر آدم أن يُزَّوِّج أنثى هذه البطن من ذَكَر ذاك البطن، وأنثى ذاك البطن من ذَكر هذا البطن[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٣٠٦-.]]. (ز)
٢٢١٤٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: نهى أن يُنكح المرأة أخاها تُؤْمَها، وأن ينكحها غيره من إخوتها، وكان يولد له في كل بطنٍ رجل وامرأة، فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة، وولد له أخرى قبيحة دميمة، فقال أخو الدميمة: أنكحني أختك، وأنكحك أختي. قال: لا، أنا أحقُّ بأختي. فقرَّبا قربانًا، فجاء صاحب الغنم بكبش أعْيَن أقْرَن أبيض، وجاء صاحب الحرث بِصُبْرةٍ[[الصُّبْرة: الطعام المجتمع كالكُومَة، وجمعها صُبَر. النهاية (صبر).]] من طعام، فتُقُبِّل من صاحب الكبش، فخزنه الله في الجنة أربعين خريفًا، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم٢٠٤٢، ولم يتقبل من صاحب الزرع فقتله، فبنو آدم كلهم من ذلك الكافر[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٠، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير٣/٧٦-٧٧-، وابن عساكر ٦٤/٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٢٥٨)
٢٢١٤٦- عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال: أقبلت مع سعيد بن جبير أرمي الجمرة وهو مُتَقَنِّع مُتَوَكِّئٌ على يدي، حتى إذا وازينا بمنزل سَمُرَةَ الصَرّافِ وقف، فحَدَّثني عن ابن عباس، قال: نهى أن ينكح المرأة أخوها تُومَها، وينكحها غيره من إخوتها، وكان يولد في كل بطن رجل وامرأة، فوُلِدت امرأة وسيمة، ووُلِدت امرأة دميمة قبيحة، فقال أخو الدميمة: أنكحني أختك، وأنكحك أختي. قال: لا، أنا أحقُّ بأختي. فقرَّبا قربانًا، فتُقُبِّل من صاحب الكبش، ولم يُتَقَبَّل من صاحب الزرع، فقتله. فلم يزل ذلك الكبش محبوسًا عند الله حتى أخرجه في فداء إسحاق، فذبحه على هذا الصفا في ثبير عند منزل سَمُرَةَ الصَرّافِ، وهو على يمينك حين ترمي الجمار. قال ابن جريج: وقال آخرون بمثل هذه القصة. قال: فلم يزل بنو آدم على ذلك حتى مضى أربعة آباء، فنكح ابنة عمه، وذهب نكاح الأخوات[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٣٠٥-، وابن جرير ٨/٣٣٩.]]. (ز)
٢٢١٤٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: كان من شأن ابنَيْ آدم أنّه لم يكن مسكينٌ يتصدق عليه، وإنما كان القربان يُقَرِّبه الرجل، فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا: لو قَرَّبنا قربانًا. وكان الرجل إذا قرَّب قربانًا فرضيه الله أرسل إليه نارًا فتأكله، وإن لم يكن رضيه الله خَبَت النار، فقرَّبا قربانًا، وكان أحدهما راعيًا، والآخر حرّاثًا، وإنّ صاحب الغنم قرَّب خير غنمه وأسمنها، وقرَّب الآخرُ بعضَ زرعه، فجاءت النار، فنَزلت، فأكلت الشاةَ، وتركت الزرعَ، وإن ابن آدم قال لأخيه: أتمشي في الناس وقد علموا أنك قرَّبت قربانًا فتُقُبِّل مِنك ورُدَّ عَلَيَّ؟! فلا واللهِ، لا ينظر الناس إلَيَّ وإليك وأنت خير مني. فقال: لأقتلنك. فقال له أخوه: ما ذنبي؟! ﴿إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾. فخوّفه بالنار، فلم ينتَهِ، ولم ينزجر، فطوَّعت له نفسه قتل أخيه، فقتله، فأصبح من الخاسرين[[أخرجه ابن جرير ٨/٣١٩، ٣٣٨.]]٢٠٤٣. (٥/٢٥٩)
٢٢١٤٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: لَمّا أكلت النارُ قربانَ ابنِ آدم الذي تُقُبِّل قربانه قال الآخر لأخيه: أتمشي في الناس وقد علموا أنّك قربت قربانًا فتُقُبِّل منك ورُدَّ عَلَيَّ؟! واللهِ، لا تنظر الناس إلَيَّ وإليك وأنت خير مني. فقال: لأقتلنك. فقال له أخوه: ما ذنبي؟! ﴿إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾. فخوّفه بالنار، فلم ينته، ولم ينزجر، فطوّعت له نفسه قتل أخيه، فقتله، فأصبح من الخاسرين[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٣٨-٣٣٩.]]. (ز)
٢٢١٤٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق رجل- في قوله: ﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم﴾، قال: هابيل وقابيل لصُلب آدم، قرَّب هابيلُ عَناقًا مِن أحسنِ غنمه، وقرَّب قابيلُ زرعًا من زرعه، فتُقُبِّل من صاحبِ الشاة، فقال لصاحبِه: لأقْتُلَنَّك. فقتَله، فعَقَل اللهُ إحدى رجلَيه بساقها إلى فخذها من يوم قتلَه إلى يوم القيامة، وجعل وجهَه إلى الشمس، حيثُ دارَتْ دارَ، عليه حظيرةٌ من ثلج في الشتاء، وعليه في الصيف حظيرةٌ من نار، ومعه سبعةُ أملاكٍ، كلما ذهب مَلَكٌ جاء الآخر[[تفسير مجاهد ص٣٠٦ بنحوه. وأخرجه ابن جرير ٨/٣٢٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]٢٠٤٤. (٥/٢٦١)
٢٢١٥٠- عن عطية بن سعد العوفي -من طريق فضيل بن مرزوق- ﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق﴾، قال: كان أحدُهما اسمَه قابيل، والآخر هابيل؛ أحدهما صاحب غنم، والآخر صاحب زرع، فقرَّب هذا مِن أمْثَلِ غنمه حملًا، وقرَّب هذا مِن أرْذَل زرعه. قال: فنزلت النار، فأكلت الحمل، فقال لأخيه: لأقتلنك[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢١.]]. (ز)
٢٢١٥١- عن محمد بن علي بن الحسين [الباقر] -من طريق القاسم بن عبد الرحمن- قال: قال آدم ﵇ لهابيل وقابيل: إنّ ربي عَهِد إلَيَّ أنّه كائن من ذريتي مَن يُقَرِّب القربان، فقرِّبا قربانًا حتى تَقَرَّ عيني إذا تَقَبَّل قربانكما، فقَرَّبا. وكان هابيلُ صاحبَ غنم، فقرَّب أكُولَة غنمه، خير ماله، وكان قابيلُ صاحبَ زرع، فقرَّب مُشاقَةً[[مشاقة: ما سقط. لسان العرب (مشق).]] من زرعه، فانطلق آدم معهما، ومعهما قربانهما، فصعدا الجبل، فوضعا قربانهما، ثم جلسوا ثلاثتهم؛ آدم وهما، ينظران إلى القربان، فبعث الله نارًا، حتى إذا كانت فوقهما دنا منها عُنُق، فاحتمل قربانَ هابيل، وترك قربانَ قابيل، فانصرفوا. وعلم آدم أنّ قابيل مسخوط عليه، فقال: ويلك يا قابيل، رُدَّ عليك قربانك. فقال قابيل: أحببتَه، فصلَّيْت على قربانه، ودعوتَ له؛ فتُقُبِّل قربانه، ورُدِّ عَلَيَّ قرباني. وقال قابيل لهابيل: لأقتلنك، فأستريح منك، دعا لك أبوك، فصلّى على قربانك؛ فتُقُبِّل منك. وكان يتواعده بالقتل، إلى أن احتبس هابيلُ ذاتَ عشية في غنمه، فقال آدم: يا قابيل، أين أخوك؟ قال: وبعثتني له راعيًا؟! لا أدري. فقال له آدم: ويلك، يا قابيل، انطلِق فاطلب أخاك. فقال قابيل في نفسه: الليلةَ أقتله. وأخذ معه حديدة، فاستقبله وهو مُنقَلِب، فقال: يا هابيل، تُقُبِّل قربانُك، ورُدَّ عَلَيَّ قُرباني، لأقتلنك. فقال هابيل: قَرَّبْتُ أطيب مالي، وقرَّبتَ أنت أخبث مالك، وإنّ الله لا يقبل إلا الطيب، إنما يتقبل الله من المتقين. فلمّا قالها غَضِب قابيلُ، فرفع الحديدة، وضربه بها، فقال: ويلك، يا قابيل، أين أنت من الله؟! كيف يجزيك بعملك؟! فقتله، فطرحه في جَوْبَةٍ[[الجَوْبَة: هي الحفرة المستديرة الواسعة. النهاية (جوب).]] من الأرض، وحثى عليه شيئًا من التراب[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٣/٨٣-٨٤-.]]. (ز)
٢٢١٥٢- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق﴾، قال: ذُكِر لنا: أنّهما هابيل وقابيل، فأما هابيل فكان صاحبَ ماشية، فعمد إلى خير ماشيته، فتقرب بها، فنزلت عليه نار، فأكلته. وكان القربان إذا تقبل منهم نزلت عليه نار فأكلته، وإذا رد عليهم أكلته الطير والسباع. وأما قابيل فكان صاحب زرع، فعمد إلى أرْدَأِ زرعه، فتقرَّب به، فلم تنزل عليه النار، فحسد أخاه عند ذلك، فقال: لأقتلنك. قال: إنما يتقبل الله من المتقين[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٣، وأخرج عبد الرزاق ١/١٨٧ نحوه من طريق معمر، وكذا ابن جرير ٨/٣٢٣.]]. (ز)
٢٢١٥٣- عن إسماعيل بن رافع -من طريق هشام بن سعد- قال: بلغني: أنّ ابني آدم لَمّا أُمِرا بالقربان كان أحدُهما صاحبَ غنم، وكان أنتج له حمل في غنمه، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل، وكان يحمله على ظهره مِن حُبِّه، حتى لم يكن له مال أحَبّ إليه منه، فلمّا أُمِر بالقربان قرَّبه لله، فقبله الله منه، فما زال يرتع في الجنة حتى فُدِي به ابن إبراهيم ﷺ[[أخرجه ابن جرير ٨/٣١٧.]]. (ز)
٢٢١٥٤- قال محمد بن السائب الكلبي: كانت حواء تلد في كل بطن اثنين: غلامًا وجارية، فولدت في أول بطن قابيل وأخته، وفي البطن الثاني هابيل وأخته، فلما أدركوا أُمِر آدم أن يُنكِح قابيلَ أخت هابيل، وهابيل أخت قابيل، فقال آدم لامرأته الذي أُمِر به، فذكرته لابنيها، فرضي هابيل بالذي أُمِر به، وسخط قابيل؛ لأنّ أخته كانت أحسنهما، فقال: ما أمر الله بهذا قط، ولكن هذا عن أمرك، يا آدم. قال آدم: فقرِّبا قربانكما، فأيكما كان أحقَّ بها أنزل الله نارًا من السماء فأكلت القربان. فرضيا بذلك، فعمد هابيل -وكان صاحب ماشية- إلى خير غذاء غنمه وزبد ولبن، وكان قابيل زرّاعًا فأخذ من ثمر زرعه، ثم صعدا الجبل وآدم معهما، فوضعا القربان على الجبل، فدعا آدم ربه، وقال قابيل في نفسه: ما أدري أيقبل مني أم لا؟ لا ينكح هابيل أختي أبدًا، فنزلت النار، فأكلت قربان هابيل، وتجنَّبت قربان قابيل؛ لأنّه لم يكن زاكي القلب، فنزلوا من الجبل، فانطلق قابيل إلى هابيل وهو في غنمه، فقال: لأقتلنك. قال: لم؟ قال: لأنّ الله تقبَّل منك، وردَّ عليَّ قرباني، وتنكح أختي الحسنى، وأنكح أختك القبيحة، ويتحدث الناس بعد اليوم أنك خير مني. فقال له هابيل: ﴿لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك﴾[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٢٢-.]]. (ز)
٢٢١٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ﴾. يقول: اتل عليهم حديث ابني آدم هابيل وقابيل، وذلك أنّ حواء ولدت في بطن واحد غلامًا وجارية؛ قابيل وإقليما، ثم ولدت في البطن الآخر غلامًا وجارية، هابيل وليوذا، وكانت أختُ قابيل أحسنَ من أخت هابيل، فلما أدركا قال آدم ﵇: ليتزوج كلُّ واحد منهما أختَ الآخر. قال قابيل: لكن يتزوج كلُّ واحد منهما أخته التي وُلدت معه. قال آدم ﵇: قرِّبا قربانًا، فأيما تُقبِّل قربانه كان أحقَّ بهذه الجارية، وخرج آدم ﵇ إلى مكة، فعمد قابيل -وكان صاحبَ زرع- فقرّب أخبثَ زرعه؛ البُر المأكول فيه الزوان، وكان هابيل صاحب ماشية، فعمد فقرّب خير غنمه مع زبد ولبن، ثم وضعا القربان على الجبل، وقاما يدعوان الله ﷿، فنزلت نار من السماء، فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، فحسده قابيل، فقال لهابيل: لأقتلنك. قال هابيل: يا أخي، لا تُلَطِّخ يدك بدم بريء فترتكب أمرًا عظيمًا، إنما طلبت رضا والدي ورضاك، فلا تفعل، فإنّك إن فعلت أخزاك الله بقتلك إيّاي بغير ذنب، ولا جرم، فتعيش في الدنيا أيام حياتك في شقوة ومخافة في الأرض، حتى تكون من الخوف والحزن أدقَّ من شعر رأسك، ويجعلك إلهي ملعونًا. فلم يزل يحاوره حتى انتصف النهار، وكان في آخر مقالة هابيل لقابيل: إن أنت قتلتني كنتَ أوَّلَ مَن كُتب عليه الشقاء، وأولَ من يساق إلى النار من ذرية والدي، وكنتُ أنا أول شهيد يدخل الجنة. فغضب قابيل، فقال: لا عشت في الدنيا ويقال: قد تُقُبِّل قربانه ولم يتقبل قرباني. فقال له هابيل: فتشقى آخرَ الأبد. فغضب عند ذلك قابيل، فقتله بحجر، دقَّ رأسه، وذلك بأرض الهند عشيةً، وآدم ﵇ بمكة، فذلك قوله ﷿: ﴿إذْ قَرَّبا قُرْبانًا فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٦٨-٤٧٠.]]. (ز)
٢٢١٥٦- عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول: أنّ آدم أمر ابنه قابيل أن ينكح أخته تُؤْمَه هابيل، وأمر هابيل أن ينكح أخته تُؤْمَه قابيل، فسلَّم لذلك هابيل ورضي، وأبى قابيل ذلك وكرهه تكرُّمًا عن أخت هابيل، ورغب بأخته عن هابيل، وقال: نحن ولادة الجنة، وهما من ولادة الأرض، وأنا أحقُّ بأختي. ويقول بعض أهل العلم بالكتاب الأول: كانت أخت قابيل من أحسن الناس، فضَنَّ بها على أخيه، وأرادها لنفسه، فالله أعلم أيّ ذلك كان. فقال له أبوه: يا بني، إنها لا تَحِلُّ لك. فأبى قابيل أن يقبل ذلك من قول أبيه، فقال له أبوه: يا بُنَيَّ، فقرِّب قربانًا، ويُقَرِّب أخوك هابيل قربانًا، فأيكما قبِل الله قربانه فهو أحقُّ بها. وكان قابيل على بذر الأرض، وكان هابيل على رعاية الماشية، فقرَّب قابيل قمحًا، وقرَّب هابيلُ أبكارًا من أبكار غنمه، وبعضهم يقول: قرَّب بقرة، فأرسل الله نارًا بيضاء، فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢١.]]. (ز)
﴿إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ٢٧﴾ - تفسير
٢٢١٥٧- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد- في قوله: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾، قال: الذين يَتَّقُون الشرك[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/٥٨١-٥٨٢، وابن جرير ٨/٣٢٧.]]. (٥/٢٦٣)
٢٢١٥٨- عن أبي يزيد الفيْضِ بن إسحاق، قال: سألتُ موسى بنَ أعينَ عن قوله ﷿: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾. قال: تَنزَّهوا عن أشياء مِن الحلال مخافةَ أن يَقَعوا في الحرام؛ فسَمّاهم الله: مُتَّقين[[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الورع ص٥٩ (٥٢).]]. (٥/٢٦٢)
٢٢١٥٩- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾، قال: يقول: إنّك لو اتقيت الله في قربانك تَقَبَّل منك، جئتَ بقربان مغشوش بأشَرِّ ما عندك، وجئتُ أنا بقربان طيِّب بخير ما عندي. قال: وكان قال: يتقبل الله منك، ولا يتقبل مني![[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٦.]]. (ز)
﴿إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ٢٧﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٢١٦٠- عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ الله لا يَقْبَلُ عملَ عبدٍ حتى يَرْضى عنه»[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/٨٠ (٣٤٣٤١)، ٧/٨٢ (٣٤٣٦٠) مرسلًا. سبق مرارًا أنّ مراسيل الحسن ضعيفة.]]. (٥/٢٦٣)
٢٢١٦١- عن عبد الله بن مسعود -من طريق حميد بن هلال- قال: لَأن أكونَ أعلمُ أنّ الله تَقَبَّل مني عملًا أحبُّ إلَيَّ مِن أن يكون لي مِلءُ الأرضِ ذهبًا[[أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه ٢/٥٤٩، وابن عساكر ٣٣/١٦٧، ١٦٩.]]. (٥/٢٦٤)
٢٢١٦٢- عن أبي الدرداء -من طريق تميم بن مالك- قال: لَأن أستَيْقِنَ أنّ الله قد تَقَبَّل مِنِّي صلاةً واحدة أحَبُّ إلَيَّ من الدنيا وما فيها؛ إن الله يقول: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٣/٧٩-.]]. (٥/٢٦١)
٢٢١٦٣- عن علي بن أبي طالب، قال: لا يَقِلُّ عملٌ مع تقوى، وكيف يقلُّ ما يُتَقَبَّل؟![[عزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (٥/٢٦٢)
٢٢١٦٤- عن فَضالةَ بنِ عُبيد -من طريق عبيد بن عمرو- قال: لَأن أكونَ أعلمُ أنّ الله تَقَبَّل منِّي مثقالَ حبةٍ من خردلٍ أحبُّ إلَيَّ مِن الدنيا وما فيها؛ فإن الله يقول: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾[[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص والنية -موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا ١/١٧٦-١٧٧ (٢٠)-.]]. (٥/٢٦٢)
٢٢١٦٥- عن هشام بن يحيى، عن أبيه، قال: دخل سائلٌ إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطِه دينارًا. فأعطاه، فلما انصرف قال ابنُه: تَقَبَّل الله منك، يا أبتاه. فقال: لو عَلِمتُ أنّ الله تَقَبَّل مني سجدة واحدة أو صدقة درهم لم يكن غائبٌ أحبَّ إلَيَّ من الموت، تدري مِمَّن يَتقَبَّلُ الله؟ ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾[[أخرجه ابن عساكر ٣١/١٤٦.]]. (٥/٢٦٤)
٢٢١٦٦- قال عامرُ بنُ عبدِ قيس -من طريق قتادة-: آيةٌ في القرآنِ أحبُّ إلَيَّ من الدنيا جميعًا أن أُعْطاه؛ أن يَجعلني الله من المتقين؛ فإنّه قال: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾[[أخرجه ابن سعد ٧/١٠٦. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (٥/٢٦٣)
٢٢١٦٧- عن همام بن يحيى، قال: بكى عامرُ بن عبد الله [بنُ عبدِ قيس] عند الموتِ، فقيل له: ما يُبْكِيك؟ قال: آيةٌ في كتاب الله. فقيل له: أيَّةُ آيةٍ؟ فقال: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٣٢٨، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (٥/٢٦٣)
٢٢١٦٨- عن ثابت قال: كان مُطَرِّف [بن عبد الله بن الشِّخِّير] يقول: اللهمَّ تَقَبَّلْ منِّي صلاة، اللهمَّ تَقَبَّلْ منِّي صيام يوم، اللهمَّ اكتُبْ لي حسنةً ثم يقول: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾. [[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/٤٤٧.]](٥/٢٦٣) (٥/٢٦٣)
٢٢١٦٩- عن عمر بن عبد العزيز أنّه كتب إلى رجل: أوصيك بتقوى الله التي لا يَقْبلُ غيرَها، ولا يَرْحَمُ إلا أهلَها، ولا يُثِيبُ إلا عليها؛ فإنّ الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (٥/٢٦٢)
٢٢١٧٠- عن عدي بن ثابت -من طريق عمران بن سليمان- قال: كان يُقال: قربان المتقين الصلاة[[أخرجه ابن أبي شيبة ٢/٣٨٧، وابن جرير ٨/٣٢٨.]]. (٥/٢٦٢)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.