الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٧] ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ إذْ قَرَّبا قُرْبانًا فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قالَ لأقْتُلَنَّكَ قالَ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أيْ: عَلى هَؤُلاءِ البُغاةِ الحَسَدَةِ مِنَ اليَهُودِ وأشْباهِهِمْ ﴿نَبَأ ابْنَيْ آدَمَ﴾ هابِيلَ وقابِيلَ، مُلْتَبِسًا بِالحَقِّ أيِ: الصِّدْقِ والصِّحَّةِ مُوافِقًا لِما في كُتُبِهِمْ: (p-١٩٤٣)﴿إذْ قَرَّبا قُرْبانًا﴾ أيْ: ما يُتَقَرَّبُ بِهِ إلى اللَّهِ تَعالى مِن نَسِيكَةٍ أوْ صَدَقَةٍ. وكانَ هابِيلُ راعِيَ غَنَمٍ، وقابِيلُ يَحْرُثُ الأرْضَ. فَقَدَّمَ هابِيلُ شَيْئًا مِن أبْكارِ غَنَمِهِ ومِن سِمانِها. وقَدَّمَ قابِيلُ شَيْئًا رَدِيئًا مِن ثَمَرِ الأرْضِ: فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما وهو هابِيلُ: ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ وهو قابِيلُ: قالُ قابِيلُ لِهابِيلَ: ﴿لأقْتُلَنَّكَ﴾ عَلى قَبُولِ قُرْبانِكَ: ﴿قالَ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ أيْ: إنَّما أُتِيتَ مِن قِبَلِ نَفْسِكَ، لِانْسِلاخِها مِن لِباسِ التَّقْوى. لا مِن قِبَلِي. فَلِمَ تَقْتُلُنِي؟ وما لَكَ لا تُعاتِبُ نَفْسَكَ ولا تَحْمِلُها عَلى تَقْوى اللَّهِ الَّتِي هي السَّبَبُ في القَبُولِ؟ فَأجابَهُ بِكَلامٍ حَكِيمٍ مُخْتَصَرٍ جامِعٍ لِمَعانٍ؛ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَقْبَلُ طاعَةً إلّا مِن مُؤْمِنٍ مُتَّقٍ، فَما أنْعاهُ عَلى أكْثَرِ العامِلِينَ أعْمالَهُمْ! وعَنْ عامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أنَّهُ بَكى حِينَ حَضَرَتْهُ الوَفاةُ: فَقِيلَ لَهُ: ما يُبْكِيكَ فَقَدْ كُنْتَ وكُنْتَ؟ قالَ: إنِّي أسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ كَذا في "الكَشّافِ". ورَوى ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: يُحْبَسُ النّاسُ في بَقِيعٍ واحِدٍ فَيُنادِي مُنادٍ: أيْنَ المُتَّقُونَ؟ فَيَقُومُونَ في كَنَفٍ مِنَ الرَّحْمَنِ لا يَحْتَجِبُ اللَّهُ مِنهم ولا يَسْتَتِرُ. قُلْتُ: مَنِ المُتَّقُونَ؟ قالَ: قَوْمٌ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وعِبادَةَ الأوْثانِ وأخْلَصُوا العِبادَةَ. فَيَمُرُّونَ إلى الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب