الباحث القرآني

﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ ابْنَيْ آدَمَ﴾ قابِيلَ وهابِيلَ، أوْحى اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى إلى آدَمَ أنْ يُزَوِّجَ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما تَوْأمَةَ الآخَرِ، فَسَخِطَ مِنهُ قابِيلُ لِأنَّ تَوْأمَتَهُ كانَتْ أجْمَلَ، فَقالَ لَهُما آدَمُ: قَرِّبا قُرْبانًا فَمِن أيِّكُما قُبِلَ تَزَوَّجَها، فَقُبِلَ قُرْبانُ هابِيلَ بِأنْ نَزَلَتْ نارٌ فَأكَلَتْهُ، فازْدادَ قابِيلُ سَخَطًا وفَعَلَ ما فَعَلَ. وقِيلَ لَمْ يُرِدْ بِهِما ابْنَيْ آدَمَ لِصُلْبِهِ وأنَّهُما رَجُلانِ مِن بَنِي إسْرائِيلَ ولِذَلِكَ قالَ: كَتَبْنا عَلى بَنِي إسْرائِيلَ. بِالحَقِّ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أيْ تِلاوَةً مُلْتَبِسَةً بِالحَقِّ، أوْ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في اتْلُ، أوْ مِن نَبَأٍ أيْ مُلْتَبِسًا بِالصِّدْقِ مُوافِقًا لِما في كُتُبِ الأوَّلِينَ ﴿إذْ قَرَّبا قُرْبانًا﴾ ظَرْفٌ لِنَبَأٍ، أوْ حالٌ مِنهُ، أوْ بَدَلٌ عَلى حَذْفِ مُضافٍ أيْ واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأهُما نَبَأ ذَلِكَ الوَقْتِ، والقُرْبانُ اسْمُ ما يُتَقَرَّبُ بِهِ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى مِن ذَبِيحَةٍ أوْ غَيْرِها، كَما أنَّ الحُلْوانَ اسْمُ ما يُحَلّى بِهِ أيْ يُعْطى، وهو في الأصْلِ مَصْدَرٌ ولِذَلِكَ لَمْ يُثَنَّ وقِيلَ تَقْدِيرُهُ إذْ قَرَّبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما قُرْبانًا. قِيلَ كانَ قابِيلُ صاحِبَ زَرْعٍ وقَرَّبَ أرْدَأ قَمْحٍ عِنْدَهُ، وهابِيلُ صاحِبُ ضَرْعٍ وقَرَّبَ جَمَلًا سَمِينًا. ﴿فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ﴾ لِأنَّهُ سَخِطَ حُكْمَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى ولَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ في قُرْبانِهِ وقَصَدَ إلى أخَسِّ ما عِنْدَهُ. ﴿قالَ لأقْتُلَنَّكَ﴾ تَوَعَّدَهُ بِالقَتْلِ لِفَرْطِ الحَسَدِ لَهُ عَلى تَقَبُّلِ قُرْبانِهِ ولِذَلِكَ. ﴿قالَ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ في جَوابِهِ أيْ إنَّما أُتِيتَ مِن قِبَلِ نَفْسِكَ بِتَرْكِ التَّقْوى لا مِن قِبَلِي فَلِمَ تَقْتُلُنِي، وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ الحاسِدَ يَنْبَغِي أنْ يَرى حِرْمانَهُ مِن تَقْصِيرِهِ ويَجْتَهِدَ في تَحْصِيلِ ما بِهِ صارَ المَحْسُودُ مَحْظُوظًا، لا في إزالَةِ حَظِّهِ فَإنَّ ذَلِكَ مِمّا يَضُرُّهُ ولا يَنْفَعُهُ، وأنَّ الطّاعَةَ لا تُقْبَلُ إلّا مِن مُؤْمِنٍ مُتَّقٍ. ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أنا بِباسِطٍ يَدِيَ إلَيْكَ لأقْتُلَكَ إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ﴾ قِيلَ: كانَ هابِيلُ أقْوى مِنهُ ولَكِنْ تَحَرَّجَ عَنْ قَتْلِهِ واسْتَسْلَمَ لَهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى لِأنَّ الدَّفْعَ لَمْ يُبَحْ بَعْدُ، أوْ تَحَرِّيًا لِما هو الأفْضَلُ. قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «كُنْ عَبْدَ اللَّهِ المَقْتُولَ ولا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ القاتِلَ» . وَإنَّما قالَ: ما أنا بِباسِطٍ في جَوابِ لَئِنْ بَسَطْتَ لِلتَّبَرِّي عَنْ هَذا الفِعْلِ الشَّنِيعِ رَأْسًا، والتَّحَرُّزِ مِن أنْ يُوصَفَ بِهِ ويُطْلَقَ عَلَيْهِ ولِذَلِكَ أكَّدَ النَّفْيَ بِالباءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب