الباحث القرآني
﴿یَوۡمَ یَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَیَقُولُ مَاذَاۤ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُوا۟ لَا عِلۡمَ لَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ ١٠٩﴾ - تفسير
٢٤٢٧٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم﴾، فيقولون للربِّ -تبارك وتعالى-: لا علمَ لنا إلا علمٌ أنت أعلمُ به مِنّا[[أخرجه ابن جرير ٩/١١١، وابن أبي حاتم ٤/١٢٣٦. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٥٨٧)
٢٤٢٧٧- عن عبد الله بن عباس -مِن طريق الضحاك- في قوله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا﴾، قال: فَرَقًا تَذهَلُ عقولُهم، ثم يَرُدُّ اللهُ إليهم عقولَهم، فيكونون هم الذين يسألون، يقولُ الله: ﴿فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين﴾ [الأعراف:٦][[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٣٥.]]. (٥/٥٨٧)
٢٤٢٧٨- عن عطاء بن أبي رباح، قال: جاء نافعُ بن الأزرق إلى ابن عباس، فقال: والذي نفسي بيده، لتُفَسِّرَنَّ لي آيًا مِن كتاب الله ﷿، أو لأَكفُرَنَّ به. فقال ابن عباس: ويحك! أنا لها اليوم، أيُّ آيٍ؟ قال: أخبِرني عن قول الله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا﴾، وقال في آيةٍ أُخرى: ﴿ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله﴾ [القصص:٧٥]. فكيف عَلِموا وقد قالوا: ﴿لا علم لنا﴾؟ وأخبرني عن قول الله: ﴿ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾ [الزمر:٣١]، وقال في آيةٍ أُخرى: ﴿لا تختصموا لدي﴾ [ق:٢٨]. فكيف يَختَصِمون وقد قال: ﴿لا تختصموا لدي﴾؟ وأخبِرني عن قول الله: ﴿اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم﴾ [يس:٦٥]، فكيف شَهِدوا وقد ختَم على الأفواه؟ فقال ابن عباس: ثَكِلتك أُمُّك، يا ابن الأزرق! إنّ للقيامةِ أحوالًا وأهوالًا وفظائعَ وزلازل، فإذا تشَقَّقَتِ السماواتُ، وتناثَرَتِ النجوم، وذَهَب ضَوء الشمس والقمر، وذهَلَت الأمهاتُ عن الأولاد، وقَذَفَت الحواملُ ما في البطون، وسُجِّرتِ البحار، ودُكدِكَتِ الجبال، ولم يَلتَفِت والدٌ إلى ولد، ولا ولدٌ إلى والد، وجِيءَ بالجنةِ تَلُوحُ فيها قِبابُ الدُّرِّ والياقوت، حتى تُنصَبَ على يمين العرش، ثم جِيءَ بجهنمَ تُقادُ بسبعينَ ألفَ زِمامٍ مِن حديد، مُمسِكٌ بكلِّ زِمامٍ سبعون ألفَ مَلَكٍ، لها عَينانِ زَرقاوانِ، تُجَرُّ الشَّفَةُ السفلى أربعين عامًا، تَخطِرُ كما يخطِرُ الفَحْل، لو تُرِكَت لَأَتَت على كلِّ مؤمنٍ وكافر، ثم يُؤتى بها حتى تُنصَبَ عن يسار العرش، فتَستَأذِنُ ربَّها في السجود، فيَأذَنُ لها، فتَحمَدُه بمحامدَ لم يَسمَعِ الخلائقُ بمثلِها؛ تقولُ: لك الحمدُ إلهي إذ جَعَلتني أنتقِمُ من أعدائك، ولم تَجعَل لي شيئًا مما خَلَقتَ تَنتَقِمُ به منِّي، إلَيَّ أهلي. فلَهِيَ أعرَفُ بأهلِها مِن الطيرِ بالحَبِّ على وجه الأرض، حتى إذا كانت مِن الموقفِ على مسيرةِ مائةِ عامٍ -وهو قولُ الله تعالى: ﴿إذا رأتهم من مكان بعيد﴾ [الفرقان:١٢] زَفَرت زفرةً، فلا يَبقى مَلَكٌ مقرَّبٌ، ولا نبي مرسَلٌ، ولا صِدِّيق منتخَبٌ، ولا شهيدٌ مما هُنالِك إلا خَرَّ جاثيًا على ركبتَيه، ثم تَزفِرُ الثانيةَ زفرةً، فلا يَبقى قطرةٌ من الدموعِ إلا بَدَرَت، فلو كان لكلِّ آدميٍّ يومئذٍ عملُ اثنين وسبعين نبيا لَظَنَّ أنه سيُواقِعُها، ثم تَزفِرُ الثالثةَ زفرةً، فتنقَلِعُ القلوبُ من أماكنِها، فتَصيرُ بينَ اللَّهَواتِ والحناجِر، ويَعلو سوادُ العيون بياضَها، يُنادي كلُّ آدميٍّ يومئذٍ: يا ربِّ، نفسي نفسي، لا أسألُك غيرها. حتى إنّ إبراهيمَ لَيَتعَلَّقُ بساق العرش يُنادي: يا ربِّ، نفسي نفسي، لا أسألُك غيرها. ونبيكم ﷺ يقول: «يا ربِّ، أُمَّتي أُمَّتي». لا هِمَّةَ له غيرُكم، فعندَ ذلك يُدعى بالأنبياء والرسل، فيُقالُ لهم: ماذا أُجِبتم؟ قالوا: لا علمَ لنا. طاشَتِ الأحلام، وذَهَلَتِ العقول، فإذا رَجَعتِ القلوب إلى أماكنها ﴿نزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله﴾. وأما قوله تعالى: ﴿ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾ فهذا وهُم بالموقفِ يَختصِمون، فيُؤخَذُ للمظلوم مِن الظالم، وللمملوك مِن المالك، وللضعيف مِن الشديد، وللجَمّاءِ مِن القَرناء، حتى يُؤدّى إلى كلِّ ذي حقٍّ حقُّه، فإذا أُدِّيَ إلى كلِّ ذي حقٍّ حقُّه أُمِر بأهلِ الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، فلما أُمِرَ بأهل النار إلى النار اختَصَموا، فقالوا: ﴿ربنا هؤلاء أضلونا﴾ [الأعراف:٣٨]، و﴿ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار﴾ [ص:٦١]. فيقول الله تعالى: ﴿لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد﴾ [ق:٢٨]، إنما الخصومةُ بالموقف، وقد قَضَيتُ بينَكم بالموقف، فلا تَختصِموا لديَّ. وأَمّا قوله: ﴿اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم﴾ فهذا يومَ القيامة، حيثُ يَرى الكفارُ ما يُعطِي اللهُ أهلَ التوحيد مِن الفضائل والخير، يقولون: تَعالَوا حتى نَحلِفَ بالله ما كُنّا مشركين. فتتكَلَّمُ الأيدي بخلافِ ما قالتِ الألسن، وتَشهدُ الأرجلُ تصديقًا للأيدي، ثم يَأذنُ الله للأفواهِ فتَنطِقُ، فقالوا لجُلُودِهم: لمَ شَهِدتُم علينا؟ قالوا: أنطَقَنا الله الذي أنطَق كلَّ شيءٍ[[أخرجه الخطيب في تاريخه ١٢/٣٠٢-٣٠٤.]]. (٥/٥٨٨)
٢٤٢٧٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق الأعمش- في قوله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم﴾، قال: فيَفزَعون، فيقولُ: ماذا أُجِبتُم؟ فيقولون: لا علمَ لنا. فتُرَدُّ إليهم أفئدتُهم، فيَعلَمون[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٠١، وابن جرير ٩/١١٠-١١١، وابن أبي حاتم ٤/١٢٣٦. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٢٠٢. (٥/٥٨٧)
٢٤٢٨٠- عن الحسن البصري -من طريق عنبسة- في قوله: ﴿فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا﴾، قال: مِن هولِ ذلك اليوم[[أخرجه ابن جرير ٩/١١٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٣٥. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٥٨٨)
٢٤٢٨١- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا﴾، قال: ذلك أنهم نزَلوا منزِلًا ذَهِلَت فيه العقول، فلما سُئِلوا قالوا: لا علمَ لنا. ثم نزَلوا منزلًا آخر فشَهِدوا على قومهم[[أخرجه ابن جرير ٩/١١٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٣٦. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٥٨٧)
٢٤٢٨٢- عن زيد بن أسلم، قال: يأتي على الخلقِ ساعةٌ يَذهَلُ فيها عقلُ كلِّ ذي عقل. ثم قرأ: ﴿يوم يجمع الله الرسل﴾[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٢٠٣. (٥/٥٨٨)
٢٤٢٨٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾ يعني: الأنبياء ﵈، ﴿فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ﴾ في التوحيد. ﴿قالُوا لا عِلْمَ لَنا﴾. وذلك أول ما بُعثوا عند زفرة جهنم؛ لأنّ الناس إذا خرجوا من قبورهم تاهت عقولهم، فجالوا في الدنيا ثلاثين سنة، ويُقال: أربعين سنة، ثم ينادي منادٍ عند صخرة بيت المقدس: يا أهل الدنيا، هاهنا موضع الحساب. فيسمع النداءَ جميعُ الناس، فيُقبلون نحو الصوت، فإذا اجتمعوا ببيت المقدس زفرت جهنم زفرةً لا يبقى ملَك مُقَرَّب ولا نبي مرسل إلا ظنَّ أنه لو جاء بعمل سبعين نبيا ما نجا، فعند ذلك تاهت عقولهم، فيقول لهم عند ذلك -يعني: المرسلين-: ﴿ماذا أُجِبْتُمْ﴾ في التوحيد. ﴿قالُوا لا عِلْمَ لَنا إنَّكَ أنْتَ عَلّامُ الغُيُوبِ﴾. ثم رجعت عقولهم بعد ذلك إليهم، فشهدوا على قومهم أنهم قد بلَّغوا الرسالة عن ربهم، فذلك قوله سبحانه: ﴿ويَقُولُ الأَشْهادُ﴾ يعني: الأنبياء ﴿هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ﴾ [هود:١٨][[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥١٤-٥١٥.]]. (ز)
٢٤٢٨٤- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قوله: ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم﴾، يقول: ماذا عملوا بعدكم، وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: ﴿قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب﴾٢٢٠٤[[أخرجه ابن جرير ٩/١١٢.]]. (ز)
٢٤٢٨٥- عن أحمد بن أبي الحَوارِيّ، قال: قلت لإسحاق بن خلف: قوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا﴾، قلت: أليس قد علموا ماذا عليهم في الدنيا؟ قال: بلى، ولكن مِن عِظَم قول السؤال طاشت عقولهم، فلم [يدروا] ما أُجيبوا، فإذا رجعت إليهم بعدُ عرفوا. فحدّث به أبو سليمان [الدراني]، فقال: هم في سماعهم تلك صادقين، ثم ترجع إليهم عقولهم بعد، فيخبر بما أجيبوا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٣٦.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.