(p-٧٨)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا﴾ في قَوْلِهِ: ﴿لا عِلْمَ لَنا﴾ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إنْكارًا لِما عَلِمُوهُ ولَكِنْ ذَهَلُوا عَنِ الجَوابِ مِن هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ ثُمَّ أجابُوا بَعْدَما ثابَتْ عُقُولُهم، قالَهُ الحَسَنُ، والسُّدِّيُّ.
والثّانِي: لا عِلْمَ لَنا إلّا ما عَلَّمْتَنا، قالَهُ مُجاهِدٌ.
والثّالِثُ: لا عِلْمَ لَنا إلّا عِلْمٌ أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والرّابِعُ: لا عِلْمَ لَنا بِما أجابَ بِهِ أُمَمَنا، لِأنَّ ذَلِكَ هو الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الجَزاءُ، وهو مَرْوِيٌّ عَنِ الحَسَنِ أيْضًا.
والخامِسُ: أنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿ماذا أُجِبْتُمْ﴾ أيْ ماذا عَمِلُوا بَعْدَكم ﴿قالُوا لا عِلْمَ لَنا إنَّكَ أنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ﴾ قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
وَفي قَوْلِهِ: ﴿عَلامُ الغُيُوبِ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مُبالَغَةٌ.
والثّانِي: أنَّهُ لِكَثِيرِ المَعْلُوماتِ.
فَإنْ قِيلَ: فَلِمَ سَألَهم عَمّا هو أعْلَمُ بِهِ مِنهُمْ؟ فَعَلَيْهِ جَوابانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ إنَّما سَألَهم لِيُعْلِمَهم ما لَمْ يَعْلَمُوا مِن كُفْرِ أُمَمِهِمْ ونِفاقِهِمْ وكَذِبِهِمْ عَلَيْهِمْ مِن بَعْدِهِمْ.
والثّانِي: أنَّهُ أرادَ أنْ يَفْضَحَهم بِذَلِكَ عَلى الأشْهادِ لِيَكُونَ ذَلِكَ نَوْعًا مِنَ العُقُوبَةِ لَهم.
{"ayah":"۞ یَوۡمَ یَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَیَقُولُ مَاذَاۤ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُوا۟ لَا عِلۡمَ لَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ"}