الباحث القرآني
﴿ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ٢٦٢﴾ - نزول الآية
١٠٦٧٨- عن أبي سعيد الخدري، قال: رأيتُ النبيَّ ﷺ رافعًا يده يدعو لعثمان ﵁: «يا رَبِّ، عثمان بن عفّان رَضِيتُ عنه فارْضَ عنه». وما زال يدعو رافعًا يديه حتّى طلع الفجر؛ فأنزل الله تعالى فيه: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾[[أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٩/٥٤، وابن الآبنوسي في مشيخته ٢/٥٥ (١٥٩)، من طريق يحيى بن سليمان المحاربي، عن مسعر، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد به. وعلقه الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل)، ص٢٠٥. إسناده ضعيف؛ فيه عطية بن سعد العوفي، قال الذهبي في المغني ٢/٤٣٦: «مجمع على ضعفه». ثم هو مع ضعفه كان يدلس تدليسًا قبيحًا عن محمد بن السائب الكلبي الكذاب، فيروي عنه ويقول: قال أبو سعيد. لِيُوهِم أنه أبو سعيد الخدري، وقد تكون هذه الرواية من تدليساته. قال أحمد: «هو ضعيف الحديث، بلغني: أنّ عطية كان يأتي الكلبي، ويسأله عن التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد». وقال ابن حبان: «سمع من أبي سعيد أحاديث، فلمّا مات جعل يجالس الكلبي، يحضر بصفته، فإذا قال الكلبي: قال رسول الله ﷺ كذا، فيحفظه، وكناه: أبا سعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: مَن حدَّثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد. فيتوهمون أنّه يريد أبا سعيد الخدري، وإنّما أراد الكلبي». ينظر: تهذيب التهذيب لابن حجر ٧/٢٠١.]]. (ز)
١٠٦٧٩- قال عبد الرحمن بن سمرة: جاء عثمان ﵁ بألف دينار في جيش العُسْرَة، فصَبَّها في حِجْر رسول الله ﷺ، فرأيتُ النبيَّ ﷺ يُدخِل فيها يده، ويُقلِّبها، ويقول: «ما ضَرَّ ابنَ عفان ما عَمِل بعد اليوم». فأنزل الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أنْفَقُوا مَنًّا﴾ الآية[[تفسير الثعلبي ٢/٢٥٨، وتفسير البغوي ١/ ٣٢٥. ولم نقف عليه بهذا السياق بتمامه، وقد أخرجه الترمذي ٦/٢٧٥ (٤٠٣٤)، وأحمد ٣٤/٢٣١ (٢٠٦٣٠)، والحاكم ٣/١١٠ بنحوه، دون ذكر: فأنزل الله .... قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».]]. (ز)
١٠٦٨٠- قال الكلبيُّ: نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما، جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف درهم صدقةً إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، كانت عندي ثمانية آلاف، فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف درهم، وأربعة آلاف أقرضتها ربي. فقال له رسول الله ﷺ: «بارك الله فيما أمسكتَ لك، وفيما أعطيتَ». وأما عثمان فجهَّز جيش المسلمين في غزوة تبوك بألف بعير بأقْتابها وأحْلاسِها[[أقتابها: جمع قَتَب، وهو ما يوضع على ظهر الأبل، وأحلاسها: جمع حِلْس، وهو كساء يوضع تحت القتب. النهاية (قتب، حلس).]]؛ فنزلت فيهما هذه الآية[[أخرجه الطبري ١١/٥٨٩.]]. (ز)
١٠٦٨١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ عند الموت. نزلت في عثمان بن عفان ﵁ في نفقته في غزاة تبوك، وفي شرائه رُومَة -رَكِيَّة[[الركيَّة: البئر. اللسان (ركا).]] بالمدينة- وتصدُّقه بها على المسلمين، وفي عبد الرحمن بن عوف الزهري ﵁ حين تصدق بأربعة آلاف درهم، كل درهم مثقال، وكان نصفَ ماله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢١٩.]]. (ز)
﴿ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ٢٦٢﴾ - تفسير الآية
١٠٦٨٢- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- قوله: ﴿ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى﴾، قال: ألّا ينفق الرجلُ مالَه خيرٌ مِن أن ينفقه ثم يُتْبعه منًّا وأذًى[[أخرجه ابن جرير ٤/٦٥٧.]]. (ز)
١٠٦٨٣- عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور- في الآية، قال: إنّ أقوامًا يَبْعثُون الرجلَ منهم في سبيل الله، أو يُنفِقُ على الرجل ويُعْطِيه النفقة، ثم يَمُنُّه ويُؤْذِيه، ومنه يقول: أنفقتُ في سبيل الله كذا وكذا. غيرَ مُحْتَسِبِه عند الله، وأذًى يُؤْذِي به الرجل الذي أعطاه، ويقول: ألم أُعْطِك كذا وكذا؟![[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥١٦.]]. (٣/٢٣٣)
١٠٦٨٤- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: علم الله أناسًا يَمنُّون بعَطِيَّتهم، فكَرِه ذلك وقَدَّم فيه، فقال: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أذًى واللَّهُ غَنِيُّ حَلِيمٌ﴾[[أخرجه ابن جرير ٤/٦٥٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٥٦- نحوه. كما أخرج ابن أبي حاتم ٢/٥١٦ نحوه من طريق شيبان.]]. (٣/٢٣٣)
١٠٦٨٥- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال للآخرين -يعني: قال الله للآخرين، وهم الذين لا يخرُجون في جهاد عدوهم-: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أنْفَقُوا مَنًّا ولا أذًى﴾. قال: فشَرَط عليهم. قال: والخارج لم يَشْرُط عليه قليلًا ولا كثيرًا، يعني بالخارج: الخارج في الجهاد الذي ذكر اللهُ في قوله: ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة﴾ الآية.= (ز)
١٠٦٨٦- قال ابن زيد: وكان أبي يقول: إن أُذِن لك أن تُعطي من هذا شيئًا أو تُقَوِّي، فقَوَّيت في سبيل الله، فظننتَ أنه يثقُل عليه سلامُك، فكُفَّ سلامَك عنه. قال ابن زيد: فهو خير من السلام! قال: وقالت امرأة لأبي: يا أبا أسامة، تدُلُّني على رجل يخرج في سبيل الله حقًا، فإنّهم لا يخرجون إلا ليأكلوا الفواكه، عندي جَعبَة وأَسْهُمٌ فيها. فقال لها: لا بارك الله لك في جَعبتك ولا في أسهمك، فقد آذيتهم قبل أن تعطيهم. قال: وكان رجل يقول لهم: اخرجوا وكلوا الفواكهَ[[أخرجه ابن جرير ٤/٦٥٦.]]١٠١٠. (ز)
١٠٦٨٧- قال سفيان: ﴿مَنًّا ولا أذًى﴾، أن يقول: قد أعطيتُك وأعطيتُ فما شَكَرْتَ[[تفسير الثعلبي ٢/٢٥٩، وتفسير البغوي ١/٣٢٦.]]. (ز)
﴿ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ٢٦٢﴾ - آثار متعلقة بالآية
١٠٦٨٨- عن أنس، أنّ رسول الله ﷺ سأل البراءَ بنَ عازب، فقال: «يا براءُ، كيف نفقَتُك على أُمِّك؟» وكان مُوَسِّعًا على أهله. فقال: يا رسول الله، ما أحْسَنَها. قال: «فإنّ نفقَتَك على أهلِك وولدِك وخادِمك صَدَقةٌ، فلا تُتْبِعْ ذلك مَنًّا ولا أذًى»[[أخرجه الحاكم ٢/٣١٠ (٣١١٨) بلفظ: ما أحسبها. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».]]. (٣/٢٣٣)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.