الباحث القرآني
﴿حم﴾ الكلام على الحروف المقطعة قد تقدم، وقيل: حم اسمٌ من أسماء الله تعالى وقيل معناه: قُضي ما هو كائن فيكون من حُم بالضّم وتشديد الميم ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللهِ﴾ مبتدأ وخبر، ﴿العَزِيزِ العَلِيمِ غافِرِ الذَّنبِ وقابِلِ التَّوْبِ﴾، عطف هذه الصفة من بين الصفات يدل على زيادة ارتباط وجمعية أو الواو دال على نوع مغايرة وليست في الموصوف، فيعتبر في المتعلق أي: غافر الذنب لمن شاء وقابل التوب لمن تاب ﴿شَدِيدِ العِقابِ﴾ هذه الإضافة لفظية ألبتَّة؛ لأنها من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها؛ فالأولى أن نقول إن الصفات كلها أبدال ليندفع خلل تخلل بدل بين النعوت فيلزم أن البعض من الأوصاف مقصود والبعض غير مقصود والمتبوع مقصود غير مقصود أو هو أيضًا نعت والأصل الشديد العقاب فحذف اللام للازدواج ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾: ذي السعة والغناء، أو ذي النعم والفواضل ﴿لا إلَهَ إلّا هو إلَيْهِ المَصِيرُ﴾، فيجازى كلًّا بعمله، ﴿ما يُجادِلُ في آياتِ اللهَ﴾: بالباطل من الطعن فيها والقصد إلى إطفاء نورها ﴿إلّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهم في البِلادِ﴾: تصرفهم في البلاد للتجارات وسلامتهم وربحهم، فإنها لا تدل على حسن عاقبتهم، بل عاقبتهم كعواقب كفار الأمم السوالف، ثم بين حالهم فقال: ﴿كَذبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ والأحْزابُ﴾: الذين تحزبوا على رسلهم بالتكذيب، ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾: كعاد وثمود، ﴿وهَمَّتْ كُل أُمَّةٍ﴾: من هؤلاء ﴿بِرَسولِهِمْ لِيَأخُدوهُ﴾: ليأسروه فيقتلوه أو يعذبوه، ﴿وجادلوا بِالباطِلِ لِيُدْحِضُوا﴾: ليزيلوا ﴿بِهِ الحَقَّ فأخَدتُهُمْ﴾: أخذ إهلاك جزاء لهمِّهم وفعلهم ﴿فَكَيْفَ كان عقابِ﴾، هذا الاستفهام بكيف حمل على الإقرار وفيه تعجيب للسامعين ﴿وكَذَلِكَ﴾ أي: كما وجب إهلاك الأمم ﴿حَقَّتْ﴾ وجبت ﴿كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ أي: كلمته بالعذاب، ﴿عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: من قومك ﴿أنَّهُمْ﴾ أي: لأنّهُم، ﴿أصْحابُ النّارِ﴾: أو أنّهم أصحاب النار بدل من كلمة ربك وحينئذ معناه كما وجب عذابهم في الدنيا بالاستئصال وجب عذابهم في الآخرة بالنار، فالمراد من الذين كفروا الأمم السالفة ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ﴾ ومَن حَوْلَهُ): من الملائكة المقربين الذين هم الكروبيرن ﴿يُسَبِّحُونَ﴾ متلبسين ﴿بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ويُؤْمِنُونَ بِهِ﴾، فائدة إثبات الإيمان لهم إظهار فضل الإيمان والترغيب فيه، كإثبات الصلاح والصدق للأنبياء ﴿ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾، لما بينهم من المناسبة بالإيمان، ﴿رَبَّنا﴾ أي: يقولون ربنا، ﴿وسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْمًا﴾ أصله وسعت رحمتك كل شيء، فنصب الفاعل بالتمييز وأسند الفعل إلى صاحب الرحمة للمبالغة، كأن ذاته رحمةٌ واسعة كلَّ شيء ﴿فاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا﴾ أي: لمن علمت منه التوبة ﴿واتَّبَعُوا سَبيلَكَ وقِهِمْ عَذابَ الجَحِيمِ رَبَّنا وأدْخِلْهم جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وعَدْتَهُمْ﴾: إياها، ﴿ومَن صَلَحَ مِن آبائهِمْ﴾، عطف على مفعول أدخل ﴿وأزْواجِهِمْ وذُرِّيّاتِهِمْ﴾ أي: أدخلهم وهؤلاء، وساو بينهم في المنزلة، لتُتم سرورهم وتُقر أعينهم. عن سعيد بن جبير إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أقاربه أين هم؟ فيقال: إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل فيقول: إني إنما عملت لي ولهم، فيلحقون به في الدرجة، ثم تلا هذه الآية وهذا معنى قوله تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان﴾ الآية [الطور: ٢١] ﴿إنَّكَ أنتَ العَزِيزُ﴾: الغالب القادر على كل شيء، ﴿الحَكِيمُ﴾: فى جميع أفعالك ﴿وقِهِمُ السَّيِّئاتِ﴾ أي: العقوبات أو وبال السيئات، وهو تعميم بعد تخصيص ﴿ومَن تَقِ السَّيِّئاتِ﴾ أي: تقه ﴿يَوْمَئِذٍ﴾: يوم القيامة ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ﴾، وجاز أن يراد من السيئات في الموضعين المعاصي، فيكون معناه ومن تقه في الدنيا عن المعاصي، فقد رحمته يوم القيامة ﴿وذَلِكَ﴾: الرحمة والوقاية، ﴿هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["حمۤ","تَنزِیلُ ٱلۡكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ","غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِیدِ ٱلۡعِقَابِ ذِی ٱلطَّوۡلِۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ","مَا یُجَـٰدِلُ فِیۤ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَلَا یَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ","كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِیَأۡخُذُوهُۖ وَجَـٰدَلُوا۟ بِٱلۡبَـٰطِلِ لِیُدۡحِضُوا۟ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَیۡفَ كَانَ عِقَابِ","وَكَذَ ٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ","ٱلَّذِینَ یَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَیۡءࣲ رَّحۡمَةࣰ وَعِلۡمࣰا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِینَ تَابُوا۟ وَٱتَّبَعُوا۟ سَبِیلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ","رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِی وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","وَقِهِمُ ٱلسَّیِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّیِّـَٔاتِ یَوۡمَىِٕذࣲ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ"],"ayah":"رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِی وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق