الباحث القرآني
وقوله سبحانه: «وكذلك حَقَّتْ كلمات رَبِّكَ عَلَى الذين كَفَرُواْ» الآية، في مصحفِ ابن مسعودٍ «وَكَذَلِكَ سَبَقَتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ» [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 547) ، و «البحر المحيط» (7/ 432) .]] والمعنى: وَكَمَا أَخَذَتْ أولئك المَذْكُورِينَ فَأَهْلَكَتْهُمْ، فكذلك حَقَّتْ كلماتي على جميعِ الكُفَّارِ، مَنْ تَقَدَّمَ منْهُمْ ومَنْ تَأَخَّرَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّار.
وقوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ... الآية، أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانَهُ بِخَبَرٍ يتضمَّنُ تَشْرِيفَ المؤمنِينَ، ويُعظِّمُ الرَّجاءَ لهم، وهو أنَّ الملائِكَةَ الحَامِلِينَ لِلْعَرْشِ والذينَ/ حَوْلَ العَرْشِ وهؤلاءِ أفضلُ الملائِكَةِ يستغْفِرُونَ للمؤمنين، ويسألون اللَّهَ لَهُمُ الرَّحْمَةَ والجَنَّةَ وهذا معنى قوله تعالى في غير هذه الآية، كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا [الفرقان: 16] أي سأَلَتْهُ الملائكةُ، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (547) .]] : وفَسَّرَ في هذه الآية المُجْمَلَ الذي في قوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [الشورى:
5] لأَنَّ الملائِكَةَ لا تستغفرُ لكافرٍ، وقد يجوز أن يُقَال: إنَّ استغفارَهم لهمُ بمعنى طَلَبِ هدايتِهم، وبلغني أنَّ رجُلاً قال لبعض الصالحين: ادع لي، واستغفر لي، فقالَ لَهُ: تُبْ، واتبع سَبِيلَ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وتلا هذه الآيَةَ، وقال مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ:
وَجَدْنَا أَنْصَحَ الْعِبَادِ لِلْعِبَادِ المَلاَئِكَةَ، وأغَشَّ العِبَادِ لِلْعِبَادِ الشَّياطِينَ [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (11/ 43) برقم: (30284) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 93) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 548) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 72) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 649) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير.]] ، وتلا هذه الآية، وروى جابر أنّ النبيّ ﷺ قال: أذن لي أن أحدث عن ملك مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وعاتقه مسيرة سبعمائة سنة [[أخرجه أبو داود (2/ 645) كتاب «السنة» باب: في الجهمية والمعتزلة (4727) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (10/ 194- 195) (5334) .
وقال أبو نعيم في «الحلية» (3/ 158) : غريب من حديث محمّد عن ابن عبّاس، لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، وحديث جابر قد رواه عن محمّد غيره.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» : رواه الطبراني في «الأوسط» ورجاله رجال «الصحيح» .]] ، قال الداوديّ: وعن هارونَ بْنِ ريابٍ قال:
حملةُ العَرْش ثمانيةٌ يَتَجاوبُونَ بصوْتٍ حَسَنِ، فأرْبَعَةٌ يقولونَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ على حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، وأَرْبَعَةٌ يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ وبِحَمْدِكَ على عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ، انتهى.
وروى أبو داودَ عن جَابِرِ بن عبدِ الله، عن النبيّ ﷺ قال: «أذن لي أن أحدث عن ملك مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، إنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلَى عَاتِقِهِ [مَسِيرَةَ] سَبْعِمَائَةِ عَامٍ» [[ينظر: المصدر السابق.]] ، انتهى، وقد تقدَّم.
وقولهم: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً معناه: وسِعتْ رَحْمَتُكَ وَعِلْمُكَ كُلَّ شَيْءٍ.
وقوله: «ومَنْ صَلَحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم» : رُوِيَ عن سعِيدِ/ بْنِ جُبَيْرٍ في ذلك: أنَّ الرَّجُلَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَبل قَرَابَتِهِ، فَيَقُولُ: أَيْنَ أَبِي؟ أَيْنَ أُمِّي، أَيْنَ ابني، أَيْنَ زَوْجِي، فيلحقونَ بِهِ لصلاحهم ولتنبيه عليهم، وطَلَبِهِ إيَّاهُمْ، وهذه دَعْوَةُ المَلاَئِكَةِ [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (11/ 42) برقم: (30282) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 93) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 548) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 72) .]] .
وقولهم: وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ معناه: اجْعَلْ لهم وِقَايَةً تقيهمُ السيئات، واللّفظ يحتمل أَنْ يكونَ الدعاءُ في أن يدفعَ اللَّهُ عنهم أنْفُسَ السيئاتِ حتى لاَ يَنَالَهُمْ عذابٌ مِن أَجْلِهَا، ويحتملُ أَنْ يكونَ الدعاءُ في دَفْعِ العَذَابِ اللاَّحِقِ من السيئاتِ، فيكونُ في اللَّفْظِ على هذا حذْفُ مضافٍ، كأنه قال: وقِهِمْ جَزَاءَ السيِّئاتِ، قال الفَخْرُ [[ينظر: «تفسير الفخر الرازي» (27/ 34) .]] : وقوله تعالى: وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ يعني: من تِقِ السيئاتِ في الدنيا، فَقَدْ رَحِمْتَهُ في يوم القيامةِ، انتهى، وهذا رَاجِعٌ إلى التأويل الأول.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["وَكَذَ ٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ","ٱلَّذِینَ یَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَیۡءࣲ رَّحۡمَةࣰ وَعِلۡمࣰا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِینَ تَابُوا۟ وَٱتَّبَعُوا۟ سَبِیلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ","رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِی وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","وَقِهِمُ ٱلسَّیِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّیِّـَٔاتِ یَوۡمَىِٕذࣲ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ"],"ayah":"رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِی وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق