الباحث القرآني

(p-268)﴿رَبَّنا وأدْخِلْهُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى "قِهِمْ"، وتَوْسِيطُ النِّداءِ بَيْنَهُما لِلْمُبالَغَةِ في الجُؤارِ. ﴿جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وعَدْتَهُمْ﴾ أيْ: وعَدْتَهم إيّاها، وقُرِئَ: ( جَنَّةَ عَدْنٍ ) ﴿وَمَن صَلَحَ مِن آبائِهِمْ وأزْواجِهِمْ وذُرِّيّاتِهِمْ﴾ أيْ: صَلاحًا مُصَحَّحًا لِدُخُولِ الجَنَّةِ في الجُمْلَةِ، وإنْ كانَ دُونَ صَلاحِ أُصُولِهِمْ، وهو عَطْفٌ عَلى الضَّمِيرِ الأوَّلِ، أيْ: وأدْخِلْها مَعَهم هَؤُلاءِ لِيَتِمَّ سُرُورُهُمْ، ويَتَضاعَفَ ابْتِهاجُهم. أوْ عَلى الثّانِي لَكِنْ لا بِناءً عَلى الوَعْدِ العامِّ لِلْكُلِّ كَما قِيلَ. إذْ لا يَقِي حِينَئِذٍ لِلْعَطْفِ وجْهٌ بَلْ بِناءً عَلى الوَعْدِ الخاصِّ بِهِمْ، بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ بِأنْ يَكُونُوا أعْلى دَرَجَةً مِن ذُرِّيَّتِهِمْ. قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَدْخُلُ المُؤْمِنُ الجَنَّةَ فَيَقُولُ: أيْنَ أبِي ؟ أيْنَ ولَدِي ؟ أيْنَ زَوْجِي ؟ فَيُقالُ: إنَّهم لَمْ يَعْمَلُوا مِثْلَ عَمَلِكَ. فَيَقُولُ: إنِّي كُنْتُ أعْمَلُ لِي ولَهم. فَيُقالُ: أدْخِلُوهُمُ الجَنَّةَ. وسَبْقُ الوَعْدِ بِالإدْخالِ والإلْحاقِ لا يَسْتَدْعِي حُصُولَ المَوْعُودِ بِلا تَوَسُّطِ شَفاعَةٍ واسْتِغْفارٍ، وعَلَيْهِ مَبْنى قَوْلِ مَن قالَ: فائِدَةُ الِاسْتِغْفارِ زِيادَةُ الكَرامَةِ والثَّوابِ، والأوَّلُ هو الأوْلى؛ لِأنَّ الدُّعاءَ بِالإدْخالِ فِيهِ صَرِيحٌ، وفي الثّانِي ضِمْنِيٌّ. وقُرِئَ: ( صَلُحَ ) بِالضَّمِ، و ( ذَرِّيَّتِهِمُ ) بِالإفْرادِ. ﴿إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ﴾ أيِ: الغالِبُ الَّذِي لا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَقْدُورٌ. ﴿الحَكِيمُ﴾ أيِ: الَّذِي لا يَفْعَلُ إلّا ما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ الباهِرَةُ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها إنْجازُ الوَعْدِ، فالجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب