الباحث القرآني
﴿وآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ المَيْتَةُ﴾: اليابسة التي لا نبات فيها ﴿أحْيَيْناها﴾ بالمطر استئناف لبيان كونها آية أو آية لهم مبتدأ وخبر وأحييناها خبر الأرض، والجملة تفسير الآية، ولا يبعد أن يكون أحْيَيْناها، لا بتقدير قد ﴿وأخْرَجْنا مِنها حَبًّا﴾ أي: جنسه ﴿فَمِنهُ يَأْكُلُونَ وجَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ وفَجَّرْنا فِيها مِنَ العُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ﴾: من ثم المذكور، قيل الضمير لله، فإن ثمر الله بخلقه ﴿وما عَمِلَتْهُ أيْدِيهِمْ﴾ أي: الثمر لم تعمله أيدي الناس، بل خلق الله، ولهذا قال ﴿أفَلا يَشْكُرُونَ﴾ وعن بعض أن ما ما موصولة عطف على ثمره، والمراد ما يتخذ منه كالدبس ﴿سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الأزْواجَ﴾: الأنواع ﴿كُلَّها مِمّا تُنبِتُ الأرْضُ ومِن أنفُسِهِمْ﴾: الذكر والأنثى ﴿ومِمّا لا يَعْلَمُونَ﴾: من مخلوقات شتى لا يعرفون، فكأنه قال: الأزواج قسمان معلوم وغير معلوم ﴿وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ﴾: نزيل ﴿مِنهُ النَّهارَ فَإذا هم مُظْلِمُونَ﴾: داخلون في الظلام ﴿والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَر لَّها﴾ اسم مكان وفسر النبي المنزل عليه القرآن أن مستقرها تحت العرش تذهب وتسجد هناك، وإذا كان العرش كرة محيطة فتحتيتها باعتبار مكان خاص من العرش الله ورسوله أعلم به، وظاهر بعض الأحاديث دال على أنه قبة ذات قوائم تحمله الملائكة فوق هذا الجانب من الأرض، فحينئذ يكون وقت الظهيرة أقرب ما يكون إلى العرش، وفي نصف الليل أبعد فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع، وعن بعض أنه اسم زمان أي الوقت الذي تستقر فيه، وتنقطع جريها وهو يوم القيامة ﴿ذَلِكَ﴾ الجري الخاص ﴿تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ والقَمَرَ﴾ نصب بشريطة التفسير ﴿قَدَّرْناهُ مَنازِلَ﴾ هي ثمانية وعشرون ينزل كل ليلة في واحد، فإذا كان في آخر منازله دق واستقوس ﴿حَتّى عادَ كالعُرْجُونِ﴾: كالعذق وهو العود المعوج الذي عليه الثمر ﴿القَدِيمِ﴾: العتيق اليابس ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها﴾ يصح لها، ويَتَسَهَّلُ عليها ﴿أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ﴾: فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه، فتطمس نوره ﴿ولا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ﴾ أي: ولا يطلع القمر بالنهار، وله ضوء يطمس نور الشمس فسلطانها بالنهار وسلطانه بالليل لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر قبل القيامة، فعلى هذا المراد من الليل والنهار آيتاهما وهما النيران، أو المراد لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه ولا يدخل الليل على النهار. أيضًا يتعاقبان بحساب معلوم إلى يوم القيامة، أو المراد أنها لا تجتمع معه في فلك واحد، ولا يتصل ليل بليلٍ لا يكون بينهما نهار ﴿وكُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ أي: وكلهم، والضمير لهما ولسائر النجوم، فإن ذكرهما مشعر بها أو لهما وهما لاختلاف مطالعهما كأنهما شموس وأقمار، ولإطلاق السباحة التي هي للعقلاء جُمعا بالواو والنون ﴿وآيَةٌ لَهم أنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهم في الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ المراد سفينة نوح، فإنها مشحونة مملوءة من الأمتعة والحيوانات، والمراد ذرياتهم التي في أصلاب آبائهم، أي: حملنا فيها آباءهم الأقدمين، وفي أصلابهم ذرياتهم، وتخصيص الذرية؛ لأنه أبلغ في الامتنان، وأدخل في التعجب مع الإيجاز، وقيل: حملنا صبيانهم أو أولادهم الذين يبعثونهم إلى التجارة، فالمراد السفن مطلقًا ﴿وخَلَقْنا لَهُم مِّن مّثلِهِ ما يَرْكَبُون﴾: من السفن التي بعد سفينة نوح، أو المراد الإبل فإنها سفينة بر ﴿وإنْ نَشَأْ نُغْرِقْهم فَلا صَرِيخَ﴾: مغيث ﴿لَهم ولا هم يُنْقَذُونَ﴾: ينجون من الغرق ﴿إلّا رَحْمَةً مِنّا ومَتاعًا إلى حِينٍ﴾ أي: لا ينجو لجهة إلا لرحمة منا، ولتمتيع بالحياة إلى أجل مقدر ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أيْدِيكُمْ﴾ أي من الوقائع التي مضت ﴿وما خَلْفَكُمْ﴾ من أمر الساعة، أو المراد ما تقدم من الذنوب وما تأخر، أي: من مثلها ﴿لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾: لتكونوا على رجاء رحمة، وجواب إذا مقدر، وهو مثل أعرضوا عنه، ويدل عليه ما بعده ﴿وما تَأْتِيهِمْ مِن آيَةٍ مِن آياتِ رَبِّهِمْ إلّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ وإذا قِيلَ لَهم أنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ أي: أمروا بالإنفاق على فقراء الصحابة ﴿قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أنُطْعِمُ مَن لَوْ يَشاءُ اللهُ أطْعَمَهُ﴾: فمن لم يرزق الله مع قدرته لا نعطيه؛ لنوافق مشيئة الله ﴿إنْ أنْتُمْ إلّا في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ حيث اتبعتم محمدًا، وأمرتمونا بالإنفاق على من أراد الله فقره قيل: هذا قول الله للكفار ﴿ويَقُولونَ مَتى هَذا الوَعْدُ﴾، يعنون البعث ﴿إن كنتُمْ صادِقِينَ ما يَنظُرونَ﴾: ما ينتظرون ﴿إلا صَيْحَةً واحِدَةً﴾ هي النفخة الأولى ﴿تَأْخُذُهم وهم يَخِصِّمُونَ﴾: مشتغلون في متاجرهم بخصوماتهم، لا يخطر ببالهم القيامة ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ولا إلى أهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾: لمفاجأة القيامة فيموتون في مكان يكونون فيه، ولا يتمكنون من الرجوع إلى بيوتهم.
{"ayahs_start":33,"ayahs":["وَءَایَةࣱ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَیۡتَةُ أَحۡیَیۡنَـٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبࣰّا فَمِنۡهُ یَأۡكُلُونَ","وَجَعَلۡنَا فِیهَا جَنَّـٰتࣲ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَـٰبࣲ وَفَجَّرۡنَا فِیهَا مِنَ ٱلۡعُیُونِ","لِیَأۡكُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَیۡدِیهِمۡۚ أَفَلَا یَشۡكُرُونَ","سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَ ٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ وَمِنۡ أَنفُسِهِمۡ وَمِمَّا لَا یَعۡلَمُونَ","وَءَایَةࣱ لَّهُمُ ٱلَّیۡلُ نَسۡلَخُ مِنۡهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظۡلِمُونَ","وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِی لِمُسۡتَقَرࣲّ لَّهَاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ","وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِیمِ","لَا ٱلشَّمۡسُ یَنۢبَغِی لَهَاۤ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّیۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ","وَءَایَةࣱ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّیَّتَهُمۡ فِی ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ","وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا یَرۡكَبُونَ","وَإِن نَّشَأۡ نُغۡرِقۡهُمۡ فَلَا صَرِیخَ لَهُمۡ وَلَا هُمۡ یُنقَذُونَ","إِلَّا رَحۡمَةࣰ مِّنَّا وَمَتَـٰعًا إِلَىٰ حِینࣲ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّقُوا۟ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","وَمَا تَأۡتِیهِم مِّنۡ ءَایَةࣲ مِّنۡ ءَایَـٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُوا۟ عَنۡهَا مُعۡرِضِینَ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنُطۡعِمُ مَن لَّوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ أَطۡعَمَهُۥۤ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","مَا یَنظُرُونَ إِلَّا صَیۡحَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ یَخِصِّمُونَ","فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ تَوۡصِیَةࣰ وَلَاۤ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِمۡ یَرۡجِعُونَ"],"ayah":"مَا یَنظُرُونَ إِلَّا صَیۡحَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ یَخِصِّمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق