الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ [الأنعام ١٩] قيل: إن هذه الآية لها سبب؛ وهو أن المشركين قالوا للنبي ﷺ: مَنْ يشهد لك بأنك حق؟ اليهود والنصارى أنكروا، فمن يشهد لك؟! فأنزل الله هذه الآية[[ذكره الثعلبي في تفسيره (٤ / ١٤٠).]]، وسواء كان هذا هو السبب أو لم يكن هذا هو السبب؛ لأن في قلوب المشركين لا شك أن الشيطان يُلْقِي في قلوبهم ويقول: محمد ويش عنده من الآيات؟ ويش عنده من الشهادة؟
يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾، أي شيء؟
الجواب واضح؛ ولهذا أمر الله نبيَّه أن يجيب قبل أن يجيب هؤلاء لئلا يكابروا ويعاندوا؛ فقال: ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾، وكان يتبادر أن ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ جوابًا لهم هم لو قالوا: مَنِ الشاهد؟ لكن الرسول يسألهم يقول: أي شيء أكبر شهادة؟ ربما يكابرون ويقولون: لا شاهد لك؛ فقال: ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾.
نُعرب هذه الآية؛ لأن فيها أُوْجُهًا؛ ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ الإعراب الأول: أن يكون الاسم الكريم مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير (قل الله أكبر شهادة)، وعلى هذا التقدير يكون قوله: ﴿شَهِيدٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، والتقدير (هو شهيد بيني وبينكم).
أن يكون الاسم الكريم مبتدأ خبره محذوف، التقدير: الله أكبر شهادة؛ ليكون مطابقًا لقوله: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾؛ وعلى هذا التقدير يكون قوله: ﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ خبر مبتدأ محذوف، والتقدير (هو شهيد بيني وبينكم).
الوجه الثاني: أن يكون الاسم الكريم خبره محذوف تقديره (هو الله)، وعلى هذا التقدير يكون قوله: ﴿شَهِيدٌ﴾ يجوز فيها وجهان:
الوجه الأول: أن تكون خبرًا ثانيًا للمبتدأ المحذوف، ويكون التقدير (هو الله شهيد) خبر ثان.
والوجه الثاني: أن تقول: (شهيد) خبر مبتدأ محذوف يعني: هو الله هو شهيد بيني وبينكم.
هذه الأوجه في الإعراب يتوقف عليها الوقوف على أي كلمة (...) ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ نقف على هذا، فيه وجه آخر منفصل عن هذه الوجوه أن يكون الاسم الكريم مبتدأ خبره شهيد ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾، وإذا كان الله شهيدًا بينه وبين أعدائه فمن أكبر من الله؟ لا أحد أكبر.
كل هذه الأوجه مهما تنوعت لا تعدو أن يكون المعنى الله أكبر شهادة من كل شيء، ولا شك في هذا، الله أكبر شهادة من كل شيء.
وبماذا شهد الله للرسول عليه الصلاة والسلام؟ شهد الله للرسول ﷺ بصدقه باللفظ وبالفعل؛ اللفظ قال الله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النساء ١٦٦]، وقال عز وجل: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ [المنافقون ١] فهذه شهادة قولية من الله على أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق.
أما الفعل؛ الآيات الذي يظهرها الله علي يده هذه شهادة فعلية من الله، التمكين له في الأرض، تمكينه من أن يضرب الأعناق ويسبي الأموال والذرية، تمكينه من أن يتلو القرآن على الناس، ويقول: هذا كلام الله، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة ٤٤ - ٤٦] شهادة الله الفعلية كثيرة، شهد الله لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه حق.
﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام ١٩]، ﴿أُوحِيَ﴾ أَبْهم الفاعل؛ لأنه معلوم، فالموحي هو الله عز وجل.
و(الوحي) في اللغة العربية في الأصل الإعلام بسرعة وخفاء، أن تُعلِم صاحبك بسرعة تُعْطيه كلمات يفهمها بسرعة وخفاء لئلا يطَّلع عليها أحد، فأصله السر، أصل الوحي السر؛ لكنه في الاصطلاح هو عبارة عن تكليم الله عز وجل بواسطة أو بغير واسطة لأحدٍ من عباده بشريعة يُبَلِّغها الناس، هذا الوحي، وسُمِّي بذلك؛ لأن الوحي خفيٌّ؛ تارة يكون في رَوْع الرسول، وتارة يكون بتكليم الله للرسول من وراء حجاب، وتارة يكون بإرسال رسول يرسله الله عز وجل فيوحي بعلمه ما يشاء.
وقوله: ﴿الْقُرْآنُ﴾ مصدر كالغفران والشكران، وهل هذا المصدر بمعنى اسم المفعول ولَّا بمعنى اسم الفاعل؟
المصدر يأتي بمعنى اسم الفاعل ويأتي بمعنى اسم المفعول، تقول: هذا عدل رضًا أي: عادل راض، وفي الحديث «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٨) من حديث عائشة.]] أي: مردود، فهل هنا هذا المصدر بمعنى اسم الفاعل أو بمعنى اسم المفعول؟
الجواب: بهما، يكون لهما جميعًا، فهو بمعنى اسم الفاعل أي: قارئ؛ لأنه جامع، جامع آياته وكلماته وما يحتاج الناس إليه، بمعنى مفعول أي: مقروء، وكلا الوصفين ثابت للقرآن الكريم.
﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ (اللام) هنا متعلق بأوحي أي: أوحي إلي؛ لأكون منذرًا لكم، وهذا هو الحكمة من الوحي؛ أن الله سبحانه وتعالى يوحي للرسول لينذر به، وإذا أورث الله تبارك وتعالى رجلًا هذا الوحي، فإنما أورثه الله لينذر ويقول الحق، كما سيأتي إن شاء الله في الفوائد.
﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ (مَنْ) هذه اسم موصول معطوف على أيش؟ على كاف (لِأُنْذِرَ)؛ يعني: وأُنذر من بلغ، والفاعل يعود على القرآن، والمعنى ومن بلغه القرآن بأي واسطة، مَنْ بَلَغَه القرآنُ فقد أُنذِرَ، ولكن مَنْ بلغه القرآن بغير اللغة العربية لم يفهم منه شيئًا فلا تقم عليه الحجة، ومن بلغه باللغة العربية وهو لا يفهمها فإنها لا تقوم عليه الحجة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم ٤]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ أيش؟ ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف ٣] جعلناه يعني: صيرناه باللغة العربية.
قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ إلى آخره.
* وفي هذه الآية فوائد منها: إثبات اسم (القاهر) لله عز وجل؛ لأنه قال: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ﴾، وجاءت بصيغة أخرى (القَهَّار) كما قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦]، فيستفاد من إثبات الاسم إثبات الصفة وهي القهر؛ لأن كل أسماء الله دالة على معنى واحد أو أكثر؛ لأنها أسماء وأوصاف، فهي باعتبار تعيين الذات أسماء، وباعتبار دلالتها على المعنى أوصاف، ولهذا نقول: أسماء الله عز وجل ليست كأسماء بني آدم مثلًا، فإن بني آدم قد يُسَمَّى الإنسانُ باسم، وهو من أبعد الناس عن وصفه بخلاف أسماء الله.
* من فوائدها: إثبات الفوقية لله عز وجل؛ لقوله: ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾، وكما سبق أنها فوقية مكان وفوقية مكانة؛ أما فوقية المكانة فما أحد من المسلمين ينازِع، وهي الفوقية المعنوية، أما فوقية المكان فقد تنازع المسلمون فيها على طرفين ووسط، الطرف الأول يقول: إنه سبحانه وتعالى في كل مكان؛ في السماء وفي الأرض وفي الأسواق وفي المساجد وفي المدارس وفي كل مكان، ولا يخفى ما يلزم على هذا القول الباطل من اللوازم الفاسدة كمخالفة النصوص، مخالفة الفطَر، مخالفة العقول، وصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله.
وقسم آخر على العكس من هذا؛ قال: لا يجوز أبدًا أن نثبت أن الله في مكان؛ لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، ومعلوم أن هذا القول يعني العدم، فإذا قلت: إن الله ليس فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل، فهذا هو العدم تمامًا؛ ولهذا قال محمود بن سُبَكتَكين رحمه الله -وهو من أقوى الأمراء والسلاطين في المشرق- قال لمحمد بن فورك لما سأله عن علوِّ الله وقال: لا نقول: فوق ولا تحت إلى آخره، قال: بَيِّن الفرق بين إلهك والعدم، أو كلمة نحوها، وصدق رحمه الله.
قلنا: إنهم طرفان ووسط؛ الوسط الذي هدى الله إليه سلف الأمة وأئمة الأمة وأهل السنة أن الله تعالى في مكان فوق كل شيء، لكن ليس معنى ذلك أنه في مكان يحيط به مكان، كما نحن الآن في المسجد يحيط بنا جدار المسجد لا، في مكان فوق فضاء؛ لأن ما فوق المخلوقات عدم، ما فوقها شيء، حتى نقول: إن الله أحاط به شيء من مخلوقاته فهو فضاء عدم، والله تعالى فوق كل شيء.
وهذه الفوقية فوقية المكان دل عليها الكتاب والسنة، فلنسأل؛ نريد دليلًا من القرآن على فوقية الله عز وجل فوقية المكان؟
* طالب: قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ [الملك ١٦]، وقوله سبحانه وتعالى في الآيات: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه ٥].
* الشيخ: من السنة.
* طالب: (...) «أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّها مُؤْمِنَة»[[أخرجه مسلم (٥٣٧ / ٣٣) من حديث معاوية بن الحكم السلمي.]].
* الشيخ: نعم، من السنة الفعلية.
* طالب: النبي ﷺ عندما كان في حجة الوداع كان يشير إليهم..
* الشيخ: كان يقول: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» يرفع أصبعه إلى السماء ثم يَنْكُتُهَا إلى الناس، يردها إليهم»[[أخرجه مسلم (١٢١٨ / ١٤٧) من حديث جابر.]]، كذلك أيضًا من أدلة علو الله الدليل العقلي.
* طالب: أن العلو أفضل من السفل.
* الشيخ: صفة كمال، أليس كذلك؟ والله تعالى موصوف بصفة الكمال، فلزم أن يكون عاليًا؛ ولأن ضد العلو السفل لأنهما متقابلان، فإذا انعدم عُلُوُّه لزم ثبوت سفوله، وهذا مستحيل على الله عز وجل. الفطرة؟
* طالب: أن الإنسان يجد في نفسه توقًا إلى العلوِّ إذا ضُيِّق عليه، أو ما أشبه ذلك ارتفع قلبه إلى السماء.
* الشيخ: نعم، أن الإنسان كلما دعا يجد من نفسه ضرورة لطلب العُلو، ما قال: يا ألله، إلَّا يجد قلبه يرتفع إلى السماء بدون أي دراسة، وبدون أي تعليم، فهو دليل فطريٌّ، حتى قيل: إن البهائم تُقِرُّ بذلك، وفيه الحديث الضعيف: «أن سليمان بن داود عليهما السلام خرج مرة يستسقي أي: يطلب نزول المطر، فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول: اللهم إنَّا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا رزقك. فقال: ارجعوا فقد سُقِيتُم بدعوة غيركم»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٩٩٧٩)، والطبراني في الدعاء (٩٦٨) من حديث أبي الصديق الناجي.]] هذا الأثر ضعيف لكن ما يُسْتَبْعَد أن البهائم العُجمى تعترف بعُلُوِّ الله عز وجل.
فتبين الآن أن دلالة الأدلة كلها الكتاب والسنة والعقل والفطرة -وهناك إجماع على هذا- متفِقة على علو الله تبارك وتعالى علو مكانة، وليس فيه أي نقص، وأما تدجيل المنكرين على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والنبي والصحابة بأنه يلزم من ذلك أن يكون (...).
فنقول: إذا لزم هذا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليكن، وما يضرنا إذا لزم، ولا شك أن الله سبحانه تعالى له ذات مخالفة لذوات المخلوقات من كل وجه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى ١١] حتى في الوجود والحدوث مخالفة، فإن الله لم يزل ولا يزال موجودًا بخلاف غيره من المخلوقات فهو حادث بعد أن لم يكن، وأيُّ ضرر في هذا؟
لكن إياك أن تتصور هذه الذات العليَّة؛ لأنك لا تستطيع أن تتصورها بصورة مطابقة إطلاقًا كما قال عز وجل: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه ١١٠].
* من فوائد الآية الكريمة: إثبات العبودية لجميع الخلق؛ لقوله: ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾، وهذه العبودية الكونية؛ كل الخلق عباد الله عز وجل يفعل فيهم ما شاء، ولا يمكن لأي واحد بَرٍّ أو فاجر، مؤمن أو كافر يستعصي على ربه عز وجل من هذه الناحية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات اسم الله، بل إثبات اسمي الله (الحكيم) و(الخبير) وما تضمناه من صفة؛ فالذي تضمنه (الحكيم) صفتان الإحكام والحكم وإن شئت فقل: الحكمة والحكم، وقد سبق في التفسير أن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.
قال بعضهم: إن الشرع ما أمر بأمر فقال العقل: ليته لم يأمر به، ولا نهى عن شيء فقال العقل: ليته لم ينه عنه؛ لأنَّ أوامر الشرع ونواهيه مطابقة تمامًا للحكمة، كذلك الأمور الكونية كلها مطابقة للحكمة كما سبق في التفسير.
بالنسبة للحكم أيضًا؛ حكم الله نوعان: شرعي وقدري، أو إن شئت قل: كوني، وهي أيضًا موافقة للحكمة، وذكرنا أن الحكمة في التفسير نوعان: حكمة غاية وحكمة صورة؛ الغاية أن كل ما قضاه الله كونًا أو شرعه فإنه على وفق الحكمة والغاية منه حكمة أيضًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات وصف الْخِبْرة لله عز وجل؛ وهي العلم ببواطن الأمور، يترتب على إيماننا بهذا أولًا: أن نستسلم لحكم الله الشرعي كما أننا مستسلمون لحكمه القدري، وألَّا نكلِّف أنفسنا بالاطلاع على الحكمة فيما لا تدركه عقولنا، بل نؤمن ونسلم، وكذلك يقال: في الأحكام القدرية تؤمن بالله وتسلِّم لقضائه.
إذن يستلزم من جهة المنهج والمسلك أن الإنسان يرضى بالحكم الشرعي، لا يقول: ليته لم يُحرَّم أو ليته لم يُوجَب، وكذلك القدر يستسلم له.
* كذلك من الفوائد المسلكية والمنهجية: أنك تلتزم بأحكام الله الشرعية؛ لأن الحكم له والحكمة فيما شرع، فلا مناص لك عن أحكام الله الشرعية، وهل هذا يمنع من أن نسأل عن الحكمة؟ لا يمنع لكن بشرط أن نستسلم تمامًا قبل معرفة الحكمة، أما أَلَّا نستسلم إلا إذا عرفنا الحكمة فهذا غلط عظيم.
وبالنسبة (للخبير) متى علمت أن الله سبحانه تعالى خبير بكل شيء يقع منك؛ فإنك سوف تخاف من مخالفة الله عز وجل، وسوف ترغب بالقيام بأمر الله؛ لأنك تعلم أنك لن تعمل عملًا إلا علم الله به، وهذه نتيجة مهمة جدًّا، من يترك الزنا مثلًا في مكان لا يطلع عليه إلا الله وبدون معارضة من المرأة والنفس تدعو لذلك، من يترك هذا في مثل هذه الحال إلا مؤمن يعلم أن الله يراقبه، وتأمل في قصة يوسف عليه السلام دعته سيدته إلى نفسها في مكان خال ولا يمكن الوصول إليه لأنها غَلَّقت الأبواب، وهي امرأة العزيز ستكون على جانب كبير من الجمال أو التجمُّل، ولما هَمَّت به وهم بها رأى برهان الله عز وجل؛ أي ما في قلبه من الإيمان فانصرف عنها وتركها خوفًا من الله تبارك وتعالى، وقال الله في ذلك: ﴿كَذَلِكَ﴾ أي: كان الأمر كذلك ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف ٢٤].
وتأمل قول النبي ﷺ في السبعة الذين يظلهم الله في ظله منهم: «رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤٢٣)، ومسلم (١٠٣١ / ٩١) من حديث أبي هريرة.]].
فالمهم أنك متى آمنت بعلم الله عز وجل بجميع أحوالك وبما في قلبك فإنك لن تخالفه فتعصيه، كيف تخالف الله عز وجل وتعصيه وهو يعلم؟ هذا لا يقع إلا ممن أزاغ الله قلبه، نسأل الله العافية.
* طالب: أحسن الله إليك، أشكل علي قول الله أن يوسف عليه السلام ﴿رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ [يوسف ٢٤] (...) في قلبه فهل الإيمان شيء يرى (...)؟
* الشيخ: لا، الرؤية قد تكون بصرية، وقد تكون علمية.
* الطالب: (...) رأى شيئًا (...).
* الشيخ: لا، (...) ﴿بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ ما رأى شيئًا، أما قولهم: إنه تمثَّل له أبوه، وما أشبه ذلك ما هو بصحيح.
* طالب: (...) قلتم يا شيخ، في فوقية المكان: تنازع فيها المسلمون، فهل من يقول بأن الله في كل مكان نعتبرهم مسلمين؟
* الشيخ: نعم، هم الآن ينتسبون للإسلام؛ ولذلك يُعَدُّون من الفرق الإسلامية، وبعض العلماء رحمهم الله أخرج الجهمية من الفرق الإسلامية، لكن هذه مشكلة لو قلنا بها يوجد فيها ناس ما نستطيع أن نحكم عليهم بالردة.
* طالب: رضي الله عنك يا شيخ، بالنسبة للبهائم يا شيخ، أعلم أن الله يعلم ما في قلبي ويعلم (...) ويعلم صدقي وكذبي يا شيخ، رأيت ناقة من شدِّة الولادة ترفع رأسها لفوق.
* الشيخ: لا إله إلا الله!
* الطالب: (...) ما أدري (...)؟
* الشيخ: الله أكبر، هذا ما يُسْتَبعد أنها رفعت رأسها إلى ربها عز وجل.
* الطالب: (...).
* الشيخ: سبحان الله! هذا ما يستبعد، لا يستبعد.
* طالب: رأيت يا شيخ (...) حشرة كالجرادة، الإنسان يقف يدعو وهي تمد يدها هكذا، وتقف على رجليها تمد يدها هكذا، وترفع رأسها للسماء.
* الشيخ: إذا آذاها أحد.
* الطالب: لا، واقفة هكذا رأيتها في سفر هي تقف ويدها مرفوعة.
* الشيخ: بدون أذية؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: سبحان الله! أما الجُعْل تعرفون الجعل واضح إذا أحد آذاه وقف على رجليه ورفع يديه، هذا مشاهد.
* طالب: (...) سلاحه.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: يبرز السلاح.
* الشيخ: أيُّ سلاح؟
* الطالب: السلاح اللي (...).
* الشيخ: ما فهمت.
* الطالب: (...).* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ يعني قل يا محمد لهؤلاء المكذبين لك: ﴿أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ فإن أجابوا خصموا، وإن لم يجيبوا فقل أنت، أجب: ﴿قُلِ اللَّهُ﴾؛ يعني: أكبر شهادة.
﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ سبق الكلام على إعرابها، وذكرنا أن شهادة الله لرسوله بالحق نوعان: قولية وفعلية.
قال: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ﴾ أيضًا تكلمنا عليه وبينَّا معنى القرآن وأنه مصدر إما بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول.
﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ فمَنْ بلغه هذا القرآن فكأنما خاطبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى يوم القيامة؛ لأنه قال: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ﴾ أيها المخاطبون ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾.
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ هذا الاستفهام للإنكار، وهو استفهام داخل على جملة مؤكدة بـ (إن واللام) فهي كقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ﴾ [يوسف ٩٠] همزة داخلة على جملة مؤكدة بـ (إن واللام).
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ يؤكِّد أنهم شهدوا أن مع الله آلهة أخرى، وينكر عليهم هذه الشهادة؛ لأن هذه أكذب شهادة، ولقد قال هؤلاء: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ﴾ [ص ٥، ٦] أي: الأشراف ﴿أَنِ امْشُوا﴾ دعوا هذه الدعوة لا تغرنكم، ﴿وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ إلى آخره [ص: ٦، ٧].
﴿قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾ يعني: إن شهدتم فأنا بريء منكم، لا أشهد أن مع الله آلهة أخرى.
﴿قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ كرر الأمر بالقول لأهمية الموضوع، فأمر أولًا بنفي شهادتهم، ثم أمر ثانيًا بإثبات شهادته أن الله إله واحد.
﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ ﴿بَرِيءٌ﴾ (البراءة) بمعنى الخُلُوِّ، ومنه أبرأ الرجل غريمة أي: أخلاه من الدَّيْن الذي عليه؛ فمعنى ﴿بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ أي: أَنِّي خَلِيٌّ مما تشركون، فأنبِذه ولا أقِرُّ به.
وقوله: ﴿مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ يعمُّ كل ما يشركون به.
فإن قال قائل: هل هو بريء من عيسى؟
الجواب: أن نقول: إن عيسى عليه السلام لا يَتَبَرَّأ منه الرسول عليه الصلاة والسلام، وبناء على هذا فإما أن نجعل (ما) مصدرية ويكون المعنى بريء من شرككم، وإما أن نجعلها موصولة، ويستثنى من ذلك من يُعبَد من دون الله وهو صالح من الأنبياء والملائكة وغيرهم، وهذا نظير قول الله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنبياء ٩٨ - ١٠٠] لما نزلت هذه الآية احتج المشركون على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقالوا: إذن عيسى من أهل النار؛ لأنه يُعْبَد من دون الله، فأنزل الله تعالى ردًّا لهذه الشبهة قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء ١٠١] فيكون عيسى عليه السلام مستثنى من العموم، وهنا كذلك نقول، فصار المخرج خمسة أوجه؟!
* طلبة: أحد أمرين.
* الشيخ: أحد أمرين؛ إما أن نجعل (ما) مصدرية، فيكون المعنى بريء من شرككم، أو نجعلها موصولة، ويستثنى من ذلك من جُعِلَ شريكًا مع الله وهو لا يرضى بذلك من الأنبياء والملائكة والصالحين.
* من فوائد الآية: إطلاق اسم الشيء على الله لقوله: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ﴾؛ لأن اسم الاستفهام إذا أضيف إلى كلمة صارت هذه الكلمة صادقة على جواب الاستفهام، وهنا جواب الاستفهام ما هو؟ الله، فيكون الله تعالى شيئًا؛ يعني: يصدق أن نسمِّيَه شيئًا، وقد قال البخاري رحمه الله: وسمَّى الله نفسه شيئًا.
ولكن يجب أن نعلم أنه يُخْبَر بكلمة الشيء عن الله، ولكن لا يُسَمَّى به؛ دليل هذا هو أن الله تعالى له الأسماء الحسنى، وكلمة (الشيء) لا تدل على هذا المعنى فيُخْبَر بها عنه، ولكنه لا يُسَمَّى بها، إذن يُخْبَر عن الله بأنه شيء ولكن لا يُسَمَّى به.
هل يطلق على القرآن بأنه شيء؟ نعم، هو شيء لا شك.
قالت الجهمية: إذا أطلقتم على القرآن أنه شيء فقد أقررتم بأنه مخلوق؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد ١٦].
وجوابنا على هذا أن نقول: القرآن كلام الله عز وجل، وكلام الله وصفه، ووصف الخالق غير مخلوق؛ لأن الوصف تابع للذات، فكما أن الذات غير مخلوقة فكذلك الوصف، ثم لا يُمنع أن يكون المراد الله خالق كل شيء، أن يكون المراد بهذا العموم الخصوص أي خالق كل شيء من المخلوقات، والعموم قد يُرَاد به الخصوص كما في قول الله تعالى عن ريح عاد: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف ٢٥]، ومعلوم أنها (...) لم تدمر السماء ولا الأرض، بل ولا المساكن، كما قال عز وجل: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف ٢٥].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن شهادة الله أكبر شهادة، نعم، والله إن شهادة الله أكبر شهادة؛ لأنها مبنيَّة على علم ويقين وعدل.
الخلل في الشهادة أن تكون مبنيَّة على ظن أو على جهل أو على جَوْر؛ لأن الشاهد إما أن يبني على أشياء ظنيَّة أو يشهد عن جهل تام أو يشهد عن جور، كل هذا يُخِل بالشهادة، وشهادة الله عز وجل منزَّهة عن هذا، صادرة عن أيش؟ عن علم يقيني وعن عدل، لا يمكن أن يجور في الشهادة جل وعلا، ولا يمكن أن يشهد إلا عن علم.
إذن هو أكبر شهادة، يدل لذلك القرآن؛ قال الله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء ١٦٦] يكفي بشهادة الله، وقال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة ٤٤] شوف ﴿بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾، (بعض) هذه مضافة للأقاويل؛ يعني قولًا من أقاويل كثيرة؛ يعني مثلًا أوحينا إليه ألف قول فتقوَّل واحدًا، ﴿لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة ٤٤ - ٤٦] شوف كلام الله عز وجل، هل قُطِع من الرسول ﷺ الوتين؟
لا، بل بقي حيًّا إلى الأجل المحتوم له، ونصره الله، فدلَّ هذا على أنه حقٌّ ﷺ.
شهادة الله ذكرنا في التفسير أنها نوعان: قولية وفعلية؛ فالقولية كما سمعتم ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ﴾ [النساء ١٦٦]، والفعلية نصره إياه وتمكينه إياه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله تبارك وتعالى حاكم بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخصومه؛ لقوله: ﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾.
فإن قال قائل: وهل يُطلَق الشاهد على الحاكم؟
فالجواب: نعم، استمع إلى قول الله عز وجل في سورة يوسف: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف ٢٦، ٢٧] ﴿شَهِدَ شَاهِدٌ﴾ يعني حكم حاكم، يعني: ما شهد؛ لأنه يقول: ﴿إِنْ كَانَ﴾ ﴿وَإِنْ كَانَ﴾، لكنه حاكم، هنا نقول: الحاكم في الواقع شاهد يا إخواني، شاهد من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أنه يشهد بأن الحكم كذا وكذا.
الوجه الثاني: أنه يشهد على المحكوم عليه بأن الحق عليه.
الوجه الثالث: أنه يشهد للمحكوم له بأن الحق له، فالحُكم متضمن للشهادة بلا شك، فيصح أن يُطْلَق على الحاكم أنه شاهد، نعم ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن موحى إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كله، ما فيه ولا كلمة ولا حرف غير موحى إليه، وأَبْهَم الفاعل؛ لأنه معلوم، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أُمِر أن يقول: ﴿إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ [سبأ ٥٠].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عظمة هذا القرآن حيث أُوحِي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا شك في هذا، وآثار تعظيمه وعظمته كثيرة؛ منها أنه لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل، ومنها أنه لا يمسُّه المحدث حتى يتوضأ، ومنها أنه لا يجوز أن تُدْخَل به الأماكن القذرة، ومنها أنه لا تجوز إهانته بأن يوضع بين القدمين مثلًا، ومنها أنه لا يُسافَر به إلى أرض العدو إذا كان يُخْشى عليه من الإهانة، ومنها أنه لا يجوز بيع المصحف؛ بعض العلماء يقول: لا يجوز بيعه، وعللوا ذلك بأن ذلك ابتذال له حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما: «وددت أن الأيدي تُقْطَع في بيعه»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٠٤٦١).]] لأن الواجب على من استغنى عنه أن يبذله لغيره، فالمهم أن تعظيم القرآن واجب، وله صُوَرٌ ذكرنا منها ما شاء الله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن الكريم كافٍ في الإنذار؛ لقوله: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ فمن لم يتعظ بالقرآن فلا وَعَظَه الله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس ٥٧].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من بَلَغَه القرآن فقد قامت عليه الحجة؛ لقوله: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾، ولكن هل من بلغه القرآن وهو لا يعرف اللغة العربية هل يقال: إنها قامت عليه الحجة؟ لا، والدليل قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم ٤].
* ومنها: أنه يجب على علماء المسلمين أن يُبَلِّغوا القرآن كل أحد؛ لأنهم ورثة الأنبياء، ولكن من لم يكن لسانه عربيًّا فإنه يُبَلَّغ معنى القرآن بلسانه، ثم يُعطى القرآن فيقرأه باللفظ العربي؛ ولهذا نرى بعض الذين لا ينطقون العربية يقرؤون القرآن بالعربية، وهم لا يعرفون معناه، وهذه من آيات الله أن الله تعالى يسَّر القرآن لهم حتى كانوا ينطقون به بالعربي، مع أنك لو أعطيتهم قطعة من سطرين فقط ما يقرؤونها، ما يستطيعون، لكن هذا من آيات الله، وربما نقول: إنه داخل في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر ١٧].
فيه أيضًا مسألة أخرى؛ إذا بَلَغ القرآن قومًا يعرفون اللغة العربية لكنهم عاشوا في أحضان أئمة الضلال، ولا يدرون عن شيء؛ إذ إن أئمة الضلال عندهم هم المبلِّغون عن الله ورسوله، فهل هؤلاء معذورون أو غير معذورين؟
الذي أرى أنهم معذورون، لكن عليهم إذا نُبِّهوا للحق أن يبحثوا عنه، فإن أصروا مع التنبيه، وقالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف ٢٢] فهم كفار، وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة عندنا، أنهم إن بَقَوا على جهلهم ولم يُنَبَّهُوا للحق فهم معذورون وإلا فهم غير معذورين، وهذا فيمن يدين بدين الإسلام، وأما من عُرِف أنه على غير الإسلام يتبع أئمة الضلال، وهو يعرف أنه غير مسلم كالنصارى مثلًا واليهود، فهؤلاء كفرهم ظاهر حتى هم بأنفسهم يعرفون أنهم ممن؟ من أمة الكفر ولا ينتسبون للإسلام.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الإنكار على من يشهدون أن مع الله آلهة أخرى الإنكار الشديد؛ لقوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾، وتأمل كيف أتت الجملة مؤكَّدة حتى لا يستطيعوا أن ينكروا.
﴿أَئِنَّكُمْ﴾ يعني: أؤكد أنكم تشهدون أن مع الله آلهة أخرى، وأنا أنكر عليكم.
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾ قلت: الاستفهام لأيش؟ للإنكار، والجملة التي دخل عليها الاستفهام مؤكدة بـ(إن واللام) حتى لا يمكن، يعني أؤكد أنكم تشهدون ﴿أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾، وأنكر عليكم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: سفه أولئك المشركين الذين يشهدون أن مع الله آلهة أخرى، ولو سئلوا عنها: أتخلق شيئًا؟ لقالوا: لا، وهذا من سفههم أن يعبدوا من لا يخلق.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب التبرُّؤ من أهل الباطل وما هم عليه؛ لقوله: ﴿قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾ يعني: أؤكد أنكم تشهدون، ولكني أنا لا أشهد، وهذا واجب أن يتبرأ الإنسان من كل ما يُعْبَد من دون الله، فإنْ لم يشهد ببطلان آلهتهم سوى الله فإنه لم يُخلص ولم يوحِّد؛ إذ إن التوحيد مبنيٌّ على النفي والإثبات.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب البراءة مما عليه المشركون؛ لقوله: ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾، يجب أن يتبرأ الإنسان مما يشرك به هؤلاء من المعبودات، أو من عملهم الشركي ولا تجوز المداهنة في هذا، ولا تجوز الموافقة، بل تجب البراءة، والعجب أن بعض الناس يداهن هؤلاء الكفار ويقول: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [البقرة ٢٨٥]؛ يعني فنحن مؤمنون بعيسى يقوله أمام النصارى، وأمام اليهود يعني نحن مؤمنون بموسى، المسألة ما هي بالإيمان بموسى وعيسى، نحن نؤمن بهذا، المسألة الكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام هؤلاء كافرون بمحمد، فهم غير مؤمنين لا بموسى ولا عيسى، وقد سبق لنا أن من كذَّب رسولًا واحدًا فقد كذب جميع الرسل، واستدللنا لذلك بقول الله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء ١٠٥]، وبقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء ١٥٠، ١٥١].
* طالب: مسألة كفر الإنسان إذا بلغه أو لم يبلغه العذر بالجهل، كذلك نحن نقول: ما الفائدة من (...) هذا إذا بلغه على وجه يصل إلى الحقيقة، من يدري (...) ما بلغه (...) الأصل لما يخبر واحد من أهل السنة وهو على بدعة كفريَّة يقول: أصلًا أنا ما أعترف بهذا هذا كافر، السنِّيُّ هذا هو كافر، كيف آخذ من كافر؟ هو لا يقبل منه صرفًا ولا عدلًا.
* الشيخ: إذا بلغه الحق، الحق واضح -الحمد لله- في القرآن والسنة واضح.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما يخالف، بأي طريق، بيني وبينك كتاب الله.
* الطالب: (...) ألم تقرأ قول الله: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس ٦٢]؟
* الشيخ: بلى أقرؤها، لكن هذا بالنسبة لهم ما هو لك أنت ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس ٦٢].
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، إذن معناها مكابرون، هؤلاء مكابرون، مَنْ يفهم من قوله: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس ٦٢] أن هذا يعني جواز عبادتهم؟! والله تعالى قد ملأ القرآن بالنهي عن العبادة عن عبادة غيره.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا إذا قال هكذا على طول، فالسيف أمامه.
* الطالب: (...).
* الشيخ: المهم إذا كابر، إذا أريناه الآيات، وكابر فنحن نقتله ونحكم بكفره في الدنيا، وإذا كان ما يقوله حقًّا من أنه لم تبلغه الدعوة إلا مشوشة فأمره إلى الله؛ لأنه لا يجوز أن نقرن أحكام الدنيا بأحكام الآخرة، أحكام الدنيا لها حال، وأحكام الآخرة لها حال، هذا الرجل الذي قتله موسى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أحكام الدنيا أيش؟ نرفع عنه القتل مع أنه ربما يكون قالها تعوُّذًا ما (...)، على كل حال المسألة عويصة جدًّا، المسألة لا شك أنها عويصة، لكن الذي تبين لي ما قررته عليكم.
* طالب: ممكن يقول: أشكل علي لفظ الجلالة يُسَمَّى به، مثل ما قلنا: أئنكم، والله لتشهدون، قلنا: الجملة مؤكدة باللام الموطئة.
* الشيخ: لا ما في لام موطئة، اللام هذه للتوكيد؛ لأنها جاءت في خبر (إن) (...) بعض الأوامر في أشعارهم.
* طالب: (...).
* الشيخ: يا أبا الأفراج، هذه مشكلة؛ لأنَّنا إن أخذنا بظاهرها جعلوا الله أبًّا، لكني أعلم أنهم لا يريدون هذا، يريدون يا أبا الأفراج، يعني صاحب الأفراج، فنقول لهم: لا تقولون هذا، قولوا: يا صاحب الأفراج، وأحسن من هذا يا مفرج الكربات.
* طالب: (...).
* الشيخ: من باب الخطأ.
* طالب: بعض العوام، (...) الضلال قد طعنوا في مشايخ الحق مثل شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب كيف يعني تُبلّغ لهم تفسير (...) كتاب؟..
* الشيخ: نقول: دعونا من فلان وفلان، الآن القرآن بيننا والسنَّة بيننا، وكما قال الله عز وجل عن موسى يخاطب فرعون: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء ١٠٢] نقول لهؤلاء: كلُّ من يُدعى من دون الله فلن يستجيب لأحد، ودعاؤه ضلال، قال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأحقاف ٥] فإذا كابر صار مكابرًا ما يحتاج..
* طالب: (...).
* الشيخ: صحيح.
* الطالب: (...).
* الشيخ: جهل عظيم، ولّا كما تفضلت إذا كان أنت اللي تصنعه بيدك كيف تعبده؟ أنت أعلم منه، ثم الغريب إن بعضهم من جهله يصنع من العبيط التمر يصنع إلهًا ويعبده، وإذا جاع أكله ثم خرج من دبره قذرًا، نسال الله السلامة.
* طالب: (...) مداهنة؟
* الشيخ: المداهنة أن الإنسان يُبْقِي صاحبه على ما هو عليه ويؤمن به ولا يتكلم معه، والمداراة: أنه يريد أن ينقله مما هو عليه لكن بتلطف.
{"ayah":"قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةࣰۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِیدُۢ بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۚ وَأُوحِیَ إِلَیَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّاۤ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ وَإِنَّنِی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق