الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ الآية، قال المفسرون: (قال أهل مكة للنبي ﷺ: ائتنا بمن يشهد لك بالنبوة، فإن اليهود والنصارى ينكرونك [[في (ش): (ينكرون)، وهو تحريف.]]، فنزلت هذه الآية [[انظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 477، و"تفسير الثعلبي" 176 أو"تفسير الماوردي" 2/ 100، و"أسباب النزول" للواحدي ص 216، و"تفسير البغوي" 3/ 13، و"تفسير الرازي" 12/ 175، وأكثرهم ذكره عن الكلبي، وبعضهم عن ابن عباس والحسن.]].
قال أصحاب المعاني: (في هذه الآية دلالة أن (شيئًا) من أسماء الله [[في (ش): (الله تعالى).]] عز وجل، وأنه يجوز أن يسمى شيئًا؛ لأن قوله: ﴿أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ جاء جوابه ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ [[انظر: "غرائب الكرماني" 1/ 355 - 356، و"تفسير ابن عطية" 5/ 150، و"تفسير الرازي" 12/ 176، وقال البخاري في "صحيحه"، و"كتاب التوحيد"، باب ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾، وسمى الله تعالى نفسه شيئًا ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ ا. هـ. وانظر: شرحه في "فتح الباري" 13/ 402، وحكى الغزالي في "المقصد الأسنى" ص 148، والرازي في "شرح أسماء الله الحسنى" ص 354، الاتفاق على ذلك.
(والظاهر أنه من باب الإخبار فيصح أن يخبر عنه بالشيء لكنه شيء كامل، ولا يقال شيء على سبيل الإطلاق فقط، فهو ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه لا بد أن تتضمن أسماء الله معاني حسنى، لكن يصح أن يخبر عن الله بأنه شيء، ولكن لا يدعى به ولا يسمى به): أفاده ابن تيمية في "لفتاوى" 6/ 73، وابن القيم في "بدائع الفوائد" 1/ 162، ومحمد بن صالح العثيمين في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" ص 101.]]، ومعنى الشهادة البينة من طريق المشاهدة، ونظم هذه الآية مثل نظم قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [الأنعام: 12]، وقد ذكرناه [[جاء في النسخ (وقد ذكرنا) ثم صحح في أعلى السطر من (أ).]]. وقال مجاهد: (أمر أن يسأل قريشًا، ثم أمر أن يخبرهم فيقول: ﴿اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾) [["تفسير مجاهد" 1/ 212، وأخرجه الطبري 7/ 162، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1271، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 2/ 43، من طرق جيدة، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 12.]].
وقال أبو إسحاق: (أمر الله عز وجل نبيه بأن يحتج عليهم ويعلمهم أن شهادة الله عز وجل بأنه واحد، وإقامة البراهين في توحيده ونبوة نبيه أكبر شهادة، وأن القرآن الذي أتى به يشهد له أنه رسول الله، فقال: ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ أي: الله الذي اعترفتم بأنه خالق السموات والأرض والظلمات والنور). [["معاني الزجاج" 2/ 234.]] وقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾، هذا احتجاج للنبي ﷺ على من أنكر نبوته؛ لأنه لم يأت أحد بمثله في إخباره عما سيكون وكان حقًّا، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: 67]، فعصمه حين لم يقتل مع تظاهر أعدائه عليه، وقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: 33] ثم أظهر دين الإِسلام على سائر الأديان، وقال لليهود -وكانوا أعز قوم في وقتهم-: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ [البقرة: 61]، فهم أذلاء إلى يوم القيامة [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 234.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ قال ابن عباس: (يريد من أمتي إلى يوم القيامة) [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 1/ 20، بلا نسبة، وأخرج الطبري 7/ 163، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1271، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 24 بسند جيد عنه في الآية قال: (يعني أهل مكة ومن بلغه هذا القرآن فهو له نذير) ا. هـ.]].
قال الفراء: (والمعنى: ومن بلغه القرآن من بعدكم. و ﴿بَلَغَ﴾: صلة لمن، ونصبت ﴿مَنْ﴾ بالإنذار) [["معاني الفراء" 1/ 329.]]، والعائد إلى الموصول محذوف [[هذا قول الجمهور والتقدير: ولأنذر الذي بلغه القرآن، حذف العائد لاستعمال العرب ذلك ولدلالة الكلام عليه. انظر: "تفسير الطبري" 7/ 163، و"إعراب النحاس" 2/ 58، و"المشكل" 1/ 247، ابن عطية 5/ 151، و"البحر" 4/ 91، و"الدر المصون" 4/ 568.]]، كقولك: الذي رأيت زيد، ومن ضربت عمرو، وقد مرَّ قبيل، والعلماء على أن من بلغته آية من كتاب الله فهو ممن بلغته الدعوة [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 163، والبغوي 3/ 133، وابن كثير 2/ 142.]].
وكان مجاهد يقول: (حيث ما يأتي القرآن فهو داع ونذير)، ثم يقرأ هذ الآية [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 163، بسند ضعيف، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 176 أ، والواحدي في "الوسيط" 1/ 20، والسيوطي في "الدر" 3/ 13.]].
وقال القرظي [[تقدمت ترجمته.]]: (من بلغه القرآن فكأنما رأى محمدًا ﷺ وسمع منه) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 163، وابن أبي حاتم 4/ 1271 من طرق يقوي بعضها بعضًا، وهو في "تفسير مجاهد" 1/ 231، عن محمد بن كعب. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 13.]]. وقال النحاس [[هو: أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي، أبو جعفر المصري المشهور بالنحاس.]]: ([و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (ش).]] فيه قول آخر: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ أي: [و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (أ).]] من احتلم) [["معاني النحاس" 2/ 406، و"إعراب النحاس" 1/ 539، و"القطع والائتناف" 1/ 221، وذكر هذا القول مكي في "المشكل" 1/ 247، وابن عطية 5/ 152، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 399.]]، فلا يكون إضمار الهاء. والعلماء [[انظر: الطبري 16317، والسمرقندي 1/ 477، والماوردي 1/ 514، والرازي 12/ 178، و"البحر" 4/ 91.]] والمفسرون على القول الأول [وهو منفرد بهذا القول [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]]].
وقوله تعالى: ﴿[أَئِنَّكُمْ] [[جاء في النسخ (قل أئنكم) بزيادة قل، وهو تحريف.]] لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ هذا استفهام معناه الجحد والإنكار.
وقال الفراء: (ولم يقل أُخر؛ لأن الآلهة جمع، والجمع يقع عليه التأنيث، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: 180]، وقال: ﴿فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: 51]، ولم يقل: الأول، ولا الأولين؛ وكل ذلك صواب) [["معاني القرآن" للفراء 1/ 329، وانظر: "تفسير الطبري" 7/ 163، و"البحر المحيط" 4/ 92.]]
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾ إلى آخر الآية، قال العلماء: (المستحب لمن أسلم ابتداء أن يأتي بالشهادتين، ويتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام) [[انظر: "تفسير الرازي" 12/ 179، و"الخازن" 2/ 125.]].
ونص الشافعي على استحباب ضم التبرؤ إلى الشهادة لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ عقيب أمره نبيه ﷺ بالتوحيد [[ذكره في "روضة الطالبين" 7/ 301، عن الشافعي، وزاد: (وقال في موضع: إذا أتى بالشهادتين صار مسلمًا؛ وليس هذا باختلاف قول عند جمهور الأصحاب، بل يختلف الحال باختلاف الكفار وعقائدهم) ا. هـ
وانظر: "المغني" لابن قدامة 12/ 288 - 291، و"نيل الأوطار" 7/ 230 - 235.]].
{"ayah":"قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةࣰۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِیدُۢ بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۚ وَأُوحِیَ إِلَیَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّاۤ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ وَإِنَّنِی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق