الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾، هنا قال: ﴿لَيْسَتِ التَّوْبَةُ﴾، ولم يقل: على الله؛ لأن هذه التوبة منتفية شرعًا فهي ليست حقيقية، ﴿لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾، السيئات يحتمل أن يراد بها الجنس، وهو الأظهر، أو الجمع؛ لأنه ظاهر اللفظ.
﴿حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾، هؤلاء لا توبة لهم؛ لأن توبتهم توبة ضرورة، كالمكره على العمل، والمكره على العمل لا حكم لعمله كما هو معروف؛ لأن من أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لم يُحكم بكفره، كذلك هذا الذي تاب بعد أن أيس من الدنيا وأيقن أنه راحل، فإن هذه التوبة لا تنفعه، ﴿حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ الآن عندما شاهد الموت يتوب، أي توبة صادقة لشخص علم أنه قد فارق الدنيا؟!
وهذا نظير قوله ﷺ من بعض الوجوه: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ»، تأمل البقاء لصحتك، الصحيح يستبعد الموت، وتخشى الفقر؛ لأنه شحيح، «وَلَا تُمْهِلْ» يعني تأخر، «حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤١٩)، ومسلم (١٠٣٢ / ٩٣) من حديث أبي هريرة. ]]، من فلان اللي كان له؟ الوارث، وهذا يقع كثيرًا، إذا أيِس الإنسان من حياته ذهب يوصي: أوصيتك بكذا بأعمال البر، بالصدقة على الفقراء، طبع الكتب، بناء المساجد، طيب قبل عشرة أيام ما توصي؟ لأنه الآن أيس من حياته وعلم أنه مفارق لا محالة.
قال: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾، قال: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ﴾ الواو حرف عطف، و(لا) زائدة للتوكيد، و﴿الَّذِينَ﴾ معطوفة على قوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ﴾، يعني: وليست التوبة أيضًا للذين يموتون وهم كفار، الذين يموتون وهم كفار لا توبة لهم.
وظاهر الآية مشكل؛ لأن من مات انقطع عمله، فكيف يقول: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾؟ نقول: المراد بذلك ندمهم يوم القيامة، حيث يندمون ويقولون: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام ٢٧]، قال الله تعالى: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام ٢٨]، فتوبة الكافر بعد الموت يراد بها ندمه الذي يظهره يوم القيامة، فإن ذلك لا ينفعه؛ لأن وقت العمل انتهى، ما بقي إلا وقت الجزاء، فلا تنفعه.
﴿أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، ﴿أُولَئِكَ﴾ المشار إليه الكفار الذين ماتوا على الكفر، أعد الله لهم عذابًا أليمًا، أما من مات على ما دون الكفر فهذا أمره إلى الله؛ إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له، فإعداد النار إنما هو للكافرين، أما العصاة فقد يُعْفَى عنهم ولا يدخلون النار أبدًا.
* في هذه الآية عدة فوائد؛ الفائدة الأولى: أن التوبة تنقطع باحتضار المرء، أي بحضور الموت؛ لقوله: ﴿حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾.
* ومن فوائدها: أن المحتضَر لا حكم لقوله، لا حكم لقوله، هكذا؟ أو نقول: لا حكم لقوله الذي يستعتب به؛ لأنه في هذه الحال ليس وقت استعتاب، أما لو قال قولًا آخر فإنه يعتبر؟ الجواب: الأول، المحتضر لا عبرة بقوله؛ لأنه غير كامل الشعور، فلا يعتد بقوله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يشترط لصحة التوبة أن تكون في الزمن الذي تُقبل فيه التوبة، وذلك قبل حضور الموت، وحينئذ يحسن بنا أن نأتي على شروط التوبة، وقد تتبعناها فوجدناها خمسة:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل، بأن لا يكون الحامل له على التوبة إلا محبة الله والقرب إليه والخوف من عذابه، لا لينال شيئًا من الدنيا أو يدفع عنه مذمة في الدنيا، إنما يحمله على التوبة الإخلاص لله عز وجل.
الثاني: الندم، الندم على ما فعل من الذنب، فإن تاب بلا ندم فتوبته إما فاسدة؛ لعدم تمام شروطها، أو ناقصة جدًّا، وقد أورد بعض العلماء على هذا الشرط إشكالًا، وهو أن الندم انفعال، والإنسان يفعل ولا ينفعل، كيف يندم؟
والجواب عن ذلك سهل جدًّا: الندم أن يشعر بنفسه أنه أساء فيحزن ويتمنى أن لم يكن فعل ذلك، هذا هو الندم المراد به، وهذا شيء ممكن، هذا شيء ممكن، ولهذا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن الانفعال قد يملكه الإنسان، فقال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، وَإِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩ / ١٠٧) من حديث أبي هريرة.]]، مع أن الغضب انفعال، إذا وجد سبب واستثار الإنسان ما يستطيع، لكن مع ذلك يمكن أن يملك نفسه، فكذلك أيضًا بعث الانفعال ممكن، فتهدئة الانفعال ممكن وبعثه أيضًا ممكن.
الشرط الثالث: الإقلاع؛ الإقلاع عن الذنب، فإن لم يقلع فتوبته كاذبة، وهو إلى الاستهزاء بالله أقرب منه إلى تعظيم الله، كيف يقول إنه تائب من شرب الخمر وهو مدمن عليه؟ كيف يقول إنه تائب من الربا وهو مُصِرّ عليه؟ هذا استهزاء بالله عز وجل، لو أنك أتيت ملكًا من الملوك وقلت: أنا تائب، أنا تائب ما أسبّك ولا أقول: بك شيء، لكنه من حين ما يجد غفلة من الملك ولو بتكليم من إلى جنبه يقول ولو بالإشارة: هذا ملك لا خير فيه، هل يكون هذا توبة؟ أبدًا ما هو توبة، فكيف بملك الملوك عز وجل؟ كيف تتوب إلى الله من ذنب أنت مصرّ عليه؟ هذا لا يمكن.
فإذا قال قائل: نرى بعض الناس يقول: وإذا كان الذنب حقًّا لآدمي فلا بد من إيصاله إليه؟ قلنا: هذا الشرط لا يخرج عما قلنا وهو الإقلاع، الإقلاع عن الذنب، إذا كان ذنبك حقًّا لآدمي وأصررت على إضاعة هذا الحق فأنت لم تقلع عن الذنب، فإن كان حق الآدمي إن كان مالًا فأعطه إياه، إن كان دمًا فأعطه إياه، إن كان عرضًا فاستحلله منه، استحلله منه، إذا كان مالًا وقد مات الذي ظلمته فيه، فماذا أصنع؟ ابحث عن ورثته، ابحث عن ورثته، فإن لم تجد وتعذّر عليك فتصدق به، وحينئذ تتصدق به عن الورثة أو عن الميت؟
* طالب: يتصدق به عن الميت.
* الشيخ: الميت مات.
* الطالب: ولكن يبقى له الحق في (...).
* الشيخ: إذا مات الميت ينتقل الحق إلى من في ماله؟ إلى الورثة، فأن تتصدق به عن الورثة مع الاستغفار من ظلم الميت، مع الاستغفار من ظلم الميت، ولذلك لو أنك أديت هذا المال إلى الورثة فإنك لم تتب توبة تامة حتى تستغفر الله للميت؛ لأنك حقيقة حُلت بينه وبين ماله، طيب إذا كان الحق دمًا مثل أن يكون الرجل قد دعس شخصًا وهرب خوفًا من السلطة ثم ندم وتاب، فماذا يصنع؟ يذهب إلى أوليائه ويقول: هذا اللي حصل، وكذلك لو قتله عمدًا وندم يذهب إلى أوليائه ويقول: قتلت صاحبكم عمدًا.
إذا كان غيبة يعني عِرضًا، يعني قد ظلم شخصًا في عرضه فماذا يصنع؟ قال بعض العلماء: لا بد أن يستحله يذهب إليه ويقول: إني اغتبتك فحلّلني، وهذه المسألة اعترض عليها بعض العلماء وقال: إنه إذا ذهب يقول له إني اغتبتك فحلّلني، ربما تأخذه العزة بالإثم ويقول: لا، ولكن يجب التفصيل، وهو أنه إذا كان قد علم بأنك اغتبته وجب عليك أن تستحله، أما إذا لم يعلم ولا تخشى أن يعلم فإنه يكفي أن تستغفر له على ما جاء في الحديث: «كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْتَهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ»[[أخرجه البيهقي في الشعب (٦٣٦٨) من حديث أنس بن مالك بلفظ: «كَفَّارَةُ الِاغْتِيَابِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنِ اغْتَبْتَهُ».]]، فتستغفر له وتذكره بخير في المجالس الذي كنت اغتبته فيها.
الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود في المستقبل إلى ما تاب منه، فإن كان تاب؛ ندم وأقلع لكن في قلبه أنه لو تمكن من فعل الشيء مرة ثانية فعل، فهذا لم تصح توبته؛ لأنه لم يعزم على أن لا يعود، بل لا بد أن يعزم على ألا يعود، فإن كان يحدّث نفسه بأنه يعني لو حصل له هذا الذنب لعاد إليه فإنه لم يتب.
ويجب أن تعرفوا الفرق بين قولنا: العزم على ألا يعود، أو: شرط ألا يعود، هذا ليس بشرط ألا يعود، الشرط أن يعزم ألا يعود، والفرق بينهما ظاهر؛ لأنك إذا قلت: يشترط العزم على ألا يعود، وعزم ألا يعود ثم سوّلت له نفسه بعد ذلك فعاد، فإن التوبة الأولى صحيحة، لكن لو قلت: يشترط ألا يعود، فإنه إذا عاد بعد ذلك فتوبته غير صحيحة، ولكن العلماء يقولون: يشترط أن يعزم لا يعود.
الشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت تُقبل من التائب، فإن كانت في وقت لا تقبل منه كما لو حضر الأجل أو طلعت الشمس من مغربها فإن التوبة لا تُقبل، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْهِجْرَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»[[أخرجه أبو داود (٢٤٧٩) من حديث معاوية بن أبي سفيان.]]، فإذا تاب الإنسان عند طلوع الشمس من مغربها أو عند حلول الأجل لم تُقبل منه.
وهذا فرعون لما أدركه الغرق أسلم بل آمن، قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ [يونس ٩٠] يعني الله عز وجل، لكنه لم يصرح باسم الله، وإنما قال: ﴿آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ مبالغة في التذلُّل واتباعه لبني إسرائيل بعدما كان أيش؟ مستعليًا عليهم متكبرًا عليهم، الآن صار تابعًا لهم، ﴿إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ المسلمين لله، فقيل له: ﴿آلْآنَ﴾ تتوب؟ ﴿وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾، نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالتوبة قبل حلول الأجل.
واختلف العلماء رحمهم الله: هل يشترط لقبول التوبة أن ينزع عن جميع المعاصي أو لا يشترط؟
* طالب: لا يشترط.
* الشيخ: أقول: اختلفوا، أنت من الذين يقولون: لا يشترط، فمنهم من قال: يشترط، أي: ينزع عن جميع المعاصي، وأن من تاب من الزنا وهو يرابي فإن توبته من الزنا لا تُقبل؛ لأن التوبة الحقيقية هي التي تملأ قلب العبد خشية لله وتعظيمًا لله، والذي يتوب من ذنب وهو مصرّ على الآخر لا يتحقق في حقه ذلك.
ومنهم من فصّل وقال: إن كان الذنب الذي أصرّ عليه من جنس الذنب الذي تاب منه فإنه لا تقبل توبته، وإن كان من غير جنسه فإنها تقبل، مثال ذلك: لو تاب من النظر إلى النساء النظر المحرم، ولكنه يلمس النساء لمسًا محرمًا، فهنا الجنس واحد، فلا تُقبل توبته من النظر؛ لأنه يمارس جنسه، فالنفس إذن متعلقة بهذا الجنس (...) ولم تقلع عنها، أما إذا كان من غير جنسه فلا بأس؛ (...) ويزني أو يشرب الخمر فتوبته من الربا صحيحة مقبولة، ولو تاب من شرب الخمر وهو مصرّ على الزنا فتوبته منه مقبولة.
والصحيح أن التوبة من الذنب تُقبل مع الإصرار على غيره، لكنه لا يستحق -أعني التائب- وصف التوابين، الوصف المطلق، وإنما هو تائب توبة مقيدة، بأيش؟ بهذا الذنب المعين، فالوصف المطلق للتائبين لا يستحقه، لكن وصفه بالتوبة من هذا الذنب وهو وصف مقيد يثبت له؛ لأن هذا هو العدل، والله عز وجل أمر بالعدل والقسط، وهو سبحانه وتعالى أهل العدل والقسط، وهذا القول هو الصحيح.
وابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين لما تكلم على هذه المسألة قال: وبعد، فإن هذه المسألة لها غور بعيد. يعني أنها ليست بالأمر الهين الذي تُلقى أحكامه على اللسان؛ لأن لها تعلقًا بالقلوب، والقلوب حساسة كالكرة على سطح الماء تهتز لا يمسكها شيء، فالمسألة في الحقيقة لها غور عظيم، وأصل التوبة تعظيم الله عز وجل وإجلاله والخشية منه والخوف منه، فإذا تحقق للإنسان هذا هانت عليه التوبة، وأما مع عدم ذلك فالتوبة عليه صعبة -نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم-.
* طالب: أن التوبة إذا حضر الإنسان الأجل لا تقبل توبته في قصة أبي طالب (...) النبي ﷺ وكان قد حضره الأجل (...)؟
* الشيخ: هذا أورد السؤال يقول: إذا كانت التوبة لا تنفع عند حضور الأجل فما الجواب عن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعمه أبي طالب: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٨٨٤)، ومسلم (٢٤ / ٣٩) من حديث المسيب بن حزن. ]]؟
والجواب على ذلك: أن هذه قضية عين، فكما أن أبا طالب ينتفع بشفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام دون غيره من الكافرين فقد ينتفع بإسلامه دون غيره من التائبين في هذه الحال، هذه واحدة، الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يجزم بأنها تنفعه، ماذا قال؟ «أُحَاجُّ»، والمحاجّ قد تُقبل حجته وقد لا تُقبل، فإذا كان هذا الحديث لا يدل على أنها تقبل جزمًا فإنه من المتشابه الذي يُحمل على المحكم، وأن التوبة في هذه الحال لا تُقبل.
* طالب: شيخنا، (...) في قوله تعالى ﴿يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ (...) بالسفاهة (...) بمعنى الجهالة كما هو ظاهر الآية؟
* الشيخ: لا، الجهل لا يسمى جهالة.
* طالب: الله عز وجل ما وصف (...) قال: يعلم السوء، لأنه أصلًا ما هو عامل يا شيخ ولكن لا (...) مسيء.
* الشيخ: نحن نجيب على هذا بجوابين؛ الجواب الأول سبق؛ وهو أن العامل للسوء بجهل الذي هو ضد العلم لا يؤاخذ به أصلًا، فلا تلزمه التوبة منه، والثاني: أن الجهالة لا تطلق على الجهل الذي هو ضد العلم، بل هي بمعنى السفاهة.
* طالب: يا شيخ، قضية اليهودي الذي قال له النبي ﷺ لما قال: لا إله إلا الله، قبل احتضاره: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ»[[أخرجه البخاري (١٣٥٦) من حديث أنس بن مالك. ]] أيضًا قضية عين يا شيخ؟
* الشيخ: هذه قضية عين، ولا ندري هل إن اليهودي هذا قد حضره الأجل أو أنه قريب منه.
* طالب: شيخ، قوله تعالى يا شيخ: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ قلنا: ندم الكفار يوم القيامة لا ينفع فهل (...)؟
* الشيخ: لا، لا ينفع.
* الطالب: مفهوم الآية يا شيخ؟
* الشيخ: حتى (...) المؤمنين؛ لأن التوبة إذا كانت تنقطع بحضور الأجل فما بعده من باب أولى.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، الآن بعض الفساق اللي يشربون الخمر ويرابون (...) منها لا توبةً إلى الله وخشية منه وإعظامًا، فهل يوصفون بالفسق؛ لاستمرارهم على ما هم عليه ولم يعطّلوا التوبة الظاهرة؟
* الشيخ: نعم، سمعتم؟ يقول: من الناس الذين يرابون أو يشربون الخمر أو يزنون قد يتركون هذا الشيء لا توبة إلى الله ولكن مللًا منه، فهل يوصفون بالفسق؟ نقول: أما باطنًا هم فساق، وأمًا ظاهرًا فلا؛ لأننا لا نحكم إلا بالظاهر، حتى وإن وجدت قرينة.
والدليل على ذلك حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حين لحق المشرك، فلما أدركه قال المشرك: لا إله إلا الله، فقتله متأوِّلًا، فلما بلغ النبي عليه الصلاة والسلام قال له: «قَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟»، قال: نعم، قال: «قَتَلْتَهُ؟»، قال: نعم، قال: «مَا تَفْعَلُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٨٧٢)، ومسلم (٩٦ / ١٥٨) من حديث أسامة بن زيد.]]، ما زال يكرر عليه: قتلته، بعد أن قال: لا إله إلا الله، حتى قال: تمنيت أني لم أكن أسلمتُ بعد، نحن الآن نوافق أسامة على أيش؟ على أن الرجل قالها تعوذًا كما قال أسامة، قالها تعوذًا من القتل، لكن مع ذلك لم نجعل (...) مانعة من الحكم بالظاهر.
* طالب: قوله: لا إله إلا الله، أليست توبة؟
* الشيخ: هي توبة إذا كان صادقًا.
* طالب: أنه (...).
* الشيخ: ليست توبة.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء ٢٠-٢١].
* الشيخ: قال الله تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء ١٨].
* من فوائد هذه الآية: (...) لو تاب يوم القيامة لم ينفعه توبته؛ لقوله: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾.
* ومن فوائدها: وجوب المبادرة بالتوبة؛ لأن الله علّق قبولها على أمد لا يُعلم، فإذا كان كذلك وجب (...) بها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى أعد للكافرين الذين يموتون على الكفر (...).
* ومن فوائدها: بطلان قول من يقول: إن أهل النار يتكيفون بها (...) فلا يضرهم حرّها؛ لأن الله قال: ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾، ولو كان الأمر كما ذكروا (...).
{"ayah":"وَلَیۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّی تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِینَ یَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق