الباحث القرآني

﴿وَلَیۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ﴾ - تفسير

١٦٧٨٨- عن عبد الله بن عمرو، قال: مَن تاب قبل موته بفَواق تِيبَ عليه. قيل: ألم يقُلِ الله: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾؟! فقال: إنّما أُحَدِّثُك ما سمعتُ مِن رسول الله ﷺ[[تقدم الحديث مع تخريجه في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ من الآية السابقة.]]. (٤/٢٨٤)

١٦٧٨٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات﴾ الآية، قال: هذا الشرك[[أخرجه ابن المنذر ٢/٦٠٨.]]. (٤/٢٨٣)

١٦٧٩٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبيِّ، عن أبي صالح- ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، قال: فليس لهذا عند الله توبة[[أخرجه ابن الجرير ٦/٥١٧.]]. (٤/٢٨٤)

١٦٧٩١- عن عبد الله بن عمر -من طريق يعلى بن نعمان الأسدي، عن رجل- قال: التوبةُ مبسوطةٌ للعبد ما لَمْ يُسَقْ[[السَّوق: النزع، كأن روحه تساق لتخرج من بدنه. النهاية (سوق).]]. ثم قرأ: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾. ثم قال: وهل الحُضورُ إلا السَّوْقُ؟![[أخرجه عبد الرزاق ١/١٥٠، وابن جرير ٦/٥١٦، وابن المنذر ٢/٦٠٨، وابن أبي حاتم ٣/٩٠٠، والبيهقي (٧٠٧٢).]]. (٤/٢٨٣)

١٦٧٩٢- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات﴾، قال: هذه لأهل النفاق[[أخرجه عبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٧٩، وابن المنذر ٢/٦٠٨، وابن أبي حاتم ٣/٨٩٧، ٩٠٠، ٩٠١.]]١٥٦٦. (٤/٢٧٨)

١٥٦٦ عَلَّقَ ابنُ تيمية (٢/٢١٩) على قول أبي العالية هذا بقوله: «ويدلُّ على ما قال أنّ المنافقَ إذا أُخِذ ليُقْتَل ورأى السيفَ فقد حضره الموت، بدليل دخول مثل هذا في عموم قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ [البقرة:١٨٠]، وقوله تعالى: ﴿شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْت﴾ [المائدة:١٠٦]، وقد قال حين حضره الموت: ﴿إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ فليست له توبة كما ذكره الله سبحانه. نعم، إن تاب توبةً صحيحة فيما بينه وبين الله لم يكن مِمَّن قال: ﴿إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾، بل يكون مِمَّن تاب مِن قريب؛ لأنّ الله سبحانه إنّما نفى التوبةَ عَمَّن حضره الموتُ وتاب بلسانه فقط، ولهذا قال في الأول: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ﴾ وقال هنا: ﴿إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾، فمن قال: إنِّي تُبْتُ. قبل حضور الموت، أو تاب توبة صحيحة بعد حضور أسباب الموت؛ صحَّت توبتُه».

١٦٧٩٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: لِقاتلِ المؤمنِ توبةٌ[[أخرجه ابن المنذر ٢/٦٠٧ عند تفسير هذه الآية.]]. (ز)

١٦٧٩٤- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- في قوله: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾، قال: نزلت الأولى في المؤمنين، ونزلت الوُسطى في المنافقين، يعني: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات﴾، والأخرى في الكفار، يعني: ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾[[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١ مختصرًا دون التصريح بالنزول.]]. (٤/٢٧٩)

١٦٧٩٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات﴾، يعني: الشرك[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٦٣-٣٦٤.]]. (ز)

١٦٧٩٦- عن سفيان الثوري -من طريق إسماعيل بن محمد بن جُحادَة- أنّه سُئِل عن قوله تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات﴾. فقال: الشرك[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠٠.]]. (ز)

١٦٧٩٧- عن سفيان الثوري -من طريق ابن المبارك- قال: بلغنا في هذه الآية: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، قال: هم المسلمون، ألا ترى أنّه قال: ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾؟![[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٨.]]. (ز)

﴿حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّی تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ﴾ - تفسير

١٦٧٩٨- عن أبي ذرٍّ، أنّ رسول الله ﷺ قال: «إن اللهَ يقبلُ توبةَ عبده -أو: يغفر لعبده- ما لم يقع الحجابُ». قيل: وما وُقوعُ الحجاب؟ قال: «تخرجُ النفسَ وهي مشركة»[[أخرجه أحمد ٣٥/٤١٠-٤١١ (٢١٥٢٢)، والحاكم ٤/٢٨٦ (٧٦٦٠)، وابن حبان ٢/٣٩٣ (٦٢٦) من طريق عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن عمر بن نعيم، عن أسامة بن سلمان، عن أبي ذرٍّ به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/١٩٨ (١٧٥١٢): «رواه أحمد، والبزار، وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه جماعةٌ، وضعَّفه آخرون، وبقية رجالهما ثقات، وأحد إسنادي البزار فيه إبراهيم بن هانئ، وهو ضعيف». قلت في الإسناد: عمر بن نعيم وأسامة بن سلمان، وهما مجهولان.]]. (٤/٢٨٥)

١٦٧٩٩- عن عبد الله بن مسعود -من طريق إبراهيم النخعي- في قوله: ﴿حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، قال: لا يُقبَلُ ذلك منه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (٤/٢٨٣)

١٦٨٠٠- عن عبد الله بن عمرو -من طريق أبي عثمان- قال: ما مِن ذنب مِمّا يُعمَلُ بين السماء والأرض، يتوبُ منه العبدُ قبل أن يموت؛ إلا تاب الله عليه[[أخرجه ابن المنذر ٢/٦٠٧.]]. (٤/٢٨٤)

١٦٨٠١- عن إبراهيم النخعي -من طريق إبراهيم بن مهاجر- قال: كان يُقال: التوبةُ مبسوطةٌ ما لم يُؤخَذ بكَظَمِهِ[[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٨، وابن المنذر ٢/٦٠٩. ومعنى بكَظَمه: أي: عند خروج نَفْسه وانقطاع نَفَسه. النهاية (كظم).]]١٥٦٧. (٤/٢٨٤)

١٥٦٧ علَّقَ ابنُ عطية (٢/٤٩٦) على قول إبراهيم هذا -ونحوه ما رواه بشير بن كعب والحسن، عن النبي ﷺ- مُبَيِّنًا علته، فقال: «لأنّ الرجاء فيه باقٍ، ويصِحُّ منه الندم والعزم على ترك الفعل في المستأنف، فإذا غلب تعذَّرت التوبة؛ لعدم الندم والعزم على الترك».

١٦٨٠٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، فلا توبة له عند الموت[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٦٣-٣٦٤.]]. (ز)

١٦٨٠٣- عن سفيان الثوري -من طريق إسماعيل بن محمد بن جُحادَة- أنّه سُئِل عن قوله تعالى: ﴿حتى إذا حضر أحدهم الموت﴾. قال: إذا عايَن[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠٠.]]. (ز)

١٦٨٠٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، قال: إذا تبَيَّنَ الموتُ فيه لم يَقْبَلِ اللهُ له توبةً[[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٧.]]١٥٦٨. (ز)

١٥٦٨ أفادت الآثارُ الاختلافَ فيمن عُنيَ بقوله تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾ على ثلاثة أقوال: أولها: أنّه عُنيَ به: أهل النفاق. وهذا قول الربيع. وثانيها: أنه عُنيَ به: أهل الإسلام. وهذا قول سفيان الثوري. وثالثها: أنّه كانت نزلت في أهل الإيمان، غير أنّها نُسِخَت. وهذا قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة. ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/٥١٩) أنّ المَعْنِيَّ بها أهل الإسلام، كما قال سفيان الثوري، مستندًا إلى ظاهر الآية، والدلالة العقلية، وقال: «ذلك أنّ المنافقين كُفّار، فلو كان مَعْنِيًّا به أهل النفاق لم يكن لقوله: ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾ معنًى مفهوم؛ لأنهم إن كانوا الذين قبلهم في معنى واحد مِن أنّ جميعهم كفار فلا وجه لتفريق أحكامهم، والمعنى الذي من أجله بَطَل أن تكون [لهم] توبة واحِدٌ. وفي تفرقة الله -جل ثناؤه- بين أسمائهم وصفاتهم، بأن سمّى أحد الصنفين كافرًا، ووصف الصنف الآخر بأنهم أهل سيئات، ولم يُسَمِّهم كُفّارًا؛ ما دلَّ على افتراق معانيهم. وفي صحة كون ذلك كذلك صِحَّةُ ما قلنا، وفسادُ ما خالفه».

﴿وَلَا ٱلَّذِینَ یَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ﴾ - تفسير

١٦٨٠٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي صالح- ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾، قال: أولئك أبْعَدُ مِن التوبة[[أخرجه ابن جرير ٦/٥٢٠.]]١٥٦٩. (٤/٢٨٤)

١٥٦٩ قال ابنُ جرير (٦/٥٢٠) مُبَيِّنًا معنى الآية مستندًا في ذلك إلى أثر ابن عباس: «يعني بذلك -جلَّ ثناؤه-: ولا التوبة للذين يموتون وهم كفار. فموضع ﴿الذين﴾ خفض؛ لأنّه معطوف على قوله: ﴿للذين يعملون السيئات﴾. وقوله: ﴿أولئك أعتدنا لهم عذابًا أليما﴾ يقول: هؤلاء الذين يموتون وهم كفار أعتدنا لهم عذابًا أليمًا؛ لأنهم مِن التوبة أبعد؛ لموتهم على الكفر».

١٦٨٠٦- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾، قال: هذه لأهل الشرك[[أخرجه عبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٧٩، وابن المنذر ٢/٦٠٨، وابن أبي حاتم ٣/٨٩٧، ٩٠٠، ٩٠١.]]. (٤/٢٧٨)

١٦٨٠٧- وعن الربيع بن أنس، نحو ذلك في قوله: ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾[[علَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (ز)

١٦٨٠٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا﴾ توبة ﴿الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٦٣-٣٦٤.]]. (ز)

﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا ۝١٨﴾ - تفسير

١٦٨٠٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: ﴿عذابا﴾، يقول: نكالًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (ز)

١٦٨١٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله: ﴿أليما﴾، قال: كُلُّ شيءٍ مُوجِعٍ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (ز)

١٦٨١١- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿أليما﴾، قال: الأليم: المُوجِعُ، في القرآن كله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (ز)

١٦٨١٢- وعن سعيد بن جبير= (ز)

١٦٨١٣- والضحاك بن مزاحم= (ز)

١٦٨١٤- وقتادة بن دعامة= (ز)

١٦٨١٥- وأبي مالك غزوان الغفاري= (ز)

١٦٨١٦- وأبي عمران الجوني= (ز)

١٦٨١٧- ومقاتل بن حيان، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٠١.]]. (ز)

﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا ۝١٨﴾ - النسخ في الآية

١٦٨١٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿وليست التوبة﴾ الآية، قال: فأنزل الله بعد ذلك: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ [النساء:٤٨]، فحرَّم الله تعالى المغفرةَ على مَن مات وهو كافر، وأرجأ أهلَ التوحيد إلى مشيئته، فلم يُؤيِسْهم مِن المغفرة[[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٩، وابن المنذر ٢/٦٠٧، وابن أبي حاتم ٣/٩٠١. وعزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه.]]١٥٧٠. (٤/٢٨٤)

١٥٧٠ علَّقَ ابنُ عطية (٢/٤٩٧) على كلام للربيع يشبه ما ورد في أثر ابن عباس هذا بقوله: «طَعَنَ بعضُ الناس في هذا القول بأنّ الآية خبرٌ، والأخبارُ لا تُنسَخُ. وهذا غير لازمٍ؛ لأنّ الآيةَ لفظها الخبر، ومعناها تقرير حكم شرعي، فهي نحو قوله تعالى: ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله﴾ [البقرة:٢٨٤]، ونحو قوله تعالى: ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾ [الأنفال:٦٥]، وإنّما يضعف القولَ بالنسخ مِن حيث تنبني الآيتان، ولا يحتاج إلى تقرير نسخ؛ لأنّ هذه الآية لم تنفِ أن يغفر للعاصي الذي لم يَتُبْ مِن قريب، فنحتاج أن نقول: إنّ قوله: ﴿ويغفر ما دون ذلك﴾ نسخها. وإنّما نَفَتْ هذه الآيةُ أن يكون تائبًا مَن لم يتب إلا مع حضور الموت. فالعقيدة عندي في هذه الآيات: أنّ مَن تاب مِن قريبٍ فله حكم التائب فيغلب الظَّنُّ عليه أنه ينعم ولا يعذب، هذا مذهب أبي المعالي وغيره، وقال غيرهم: بل هو مغفور له قطعًا؛ لإخبار الله تعالى بذلك. وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة، ومَن لم يتب حتى حضره الموتُ فليس في حكم التائبين، فإن كان كافرًا فهو يخلد، وإن كان مؤمنًا فهو عاصٍ في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوى الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أنّ مَن هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلًا منه ولا يعذبه. وأعلم الله تعالى أيضًا أنّ ﴿الذين يموتون وهم كفار﴾ فلا مُسْتَعْتَبَ لهم، ولا توبة في الآخرة».

﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا ۝١٨﴾ - آثار متعلقة بالآيات

١٦٨١٩- عن أبي سعيد الخدري، قال: لا أُخبِركم إلا ما سمعت مِن فِي رسول الله ﷺ، سَمِعَتْهُ أُذُناي، ووعاه قلبي: «أنّ عبدا قتل تسعة وتسعين نفسًا، ثُمَّ عَرَضَت له التوبة، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل، فأتاه، فقال: إنِّي قتلتُ تسعةً وتسعين نفسًا، فهل لي مِن توبة؟ قال: بعد قتل تسعة وتسعين نفسًا؟! قال: فانتضى سيفَه فقتله، فأكمل به مائة. ثم عرَضَت له التوبة، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل، فأتاه، فقال: إنِّي قتلتُ مائة نفس، فهل لي مِن توبة؟ فقال: ومَن يحُولُ بينك وبين التوبة؟! اخرُج مِن القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا وكذا، فاعبُد ربك فيها. فخرج يريد القرية الصالحة، فعرض له أجلُه في الطريق، فاختصم فيه ملائكةُ الرحمة وملائكة العذاب، فقال إبليس: أنا أولى به، إنه لم يعصِني ساعةً قط. فقالت الملائكة: إنّه خرج تائبًا. فبعث الله ملَكًا، فاختصموا إليه، فقال: انظروا أيَّ القريتين كانت أقرب إليه؛ فألحقِوه بها. فقرَّب اللهُ منه القريةَ الصالحة، وباعد منه القرية الخبيثة، فألْحَقَه بأهل القرية الصالحة»[[أخرجه أحمد ١٧/٢٤٤-٢٤٥ (١١١٥٤)، ١٨/٢١٩ (١١٦٨٧)، وابن ماجه ٣/٦٤٢-٦٤٣ (٢٦٢٢) واللفظ له. وأصله في مسلم ٤/٢١١٨-٢١١٩ (٢٧٦٦).]]. (٤/٢٨١-٢٨٢)

١٦٨٢٠- عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ، قال: «إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِر»[[أخرجه أحمد ١٠/٣٠٠ (٦١٦٠)، ١٠/٤٦١ (٦٤٠٨)، والترمذي ٦/١٤٠ (٣٨٤٧)، وابن ماجه ٥/٣٢٢-٣٢٣ (٤٢٥٣)، والحاكم ٤/٢٨٦ (٧٦٥٩)، وابن حبان ٢/٣٩٤-٣٩٥ (٦٢٨). قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام ٥/٤١٣ (٢٥٨٠): «صحيح». وقال الذهبي في السير ٥/١٦٠: «صالح الإسناد». وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية ١/١٤٠: «إسناده حسن». وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ٤/٢٤٩: «إسناد ضعيف». وقد نبّه المزي في تحفة الأشراف ٥/٣٢٨، وابن كثير في التفسير ٢/٢٣٦، والذهبي في السير ٥/١٦٠ إلى أن الصواب في راوي الحديث «عبد الله بن عمر» وأن ذكر «عبد الله بن عمرو» فيه وهمٌ.]]. (٤/٢٨٢)

١٦٨٢١- عن رجل من الصحابة، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ما من إنسان يتوب إلى الله ﷿ قبل أن يُغَرْغِرَ نفسَه في شِدْقِه إلا قبِلَ اللهُ توبتَه»[[أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه ٣/١٢٠١-١٢٠٢ (٥٩٧)، ومن طريقه البيهقي في الشعب ٩/٢٨٧ (٦٦٦٧) من طرق عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ به. إسناده ضعيفٌ؛ فيه عبد الرحمن بن البيلماني، قال عنه ابن حجر في التقريب (٣٨١٩): «ضعيف».]]. (٤/٢٨٣)

١٦٨٢٢- عن الحسن البصري، قال: بلغني أنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ إبليس لَمّا رأى آدمَ أجوفَ قال: وعِزَّتِك، لا أخرج مِن جوفه ما دام فيه الروحُ. فقال اللهُ -تبارك وتعالى-: وعِزَّتِي، لا أحول بينه وبين التوبة ما دام الروحُ فيه»[[أخرجه ابن جرير ٦/٥١٤ مرسلًا. ومراسيل الحسن البصري من أضعف المراسيل عند أكثر أهل الحديث كما سبق التنبيه عليه.]]. (٤/٢٨١)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب