الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ﴾ الآيَتَيْنِ. أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: هَذِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، (p-٢٧٩)وفِي قَوْلِهِ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ قالَ: هَذِهِ لِأهْلِ النِّفاقِ، ﴿ولا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ قالَ: هَذِهِ لِأهْلِ الشِّرْكِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ قالَ: نَزَلَتِ الأُولى في المُؤْمِنِينَ، ونَزَلَتِ الوُسْطى في المُنافِقِينَ، والأُخْرى في الكُفّارِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ أبِي العالِيَةِ أنَّ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كانُوا يَقُولُونَ: كُلُّ ذَنْبٍ أصابَهُ عَبْدٌ فَهو جَهالَةٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: اجْتَمَعَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَرَأوْا أنَّ كُلَّ شَيْءٍ عُصِيَ بِهِ فَهو جَهالَةٌ؛ عَمْدًا كانَ أوْ غَيْرَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿بِجَهالَةٍ﴾ قالَ: كُلُّ مَن عَصى رَبَّهُ فَهو جاهِلٌ حَتّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. (p-٢٨٠)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: مَن عَمِلَ السُّوءَ فَهو جاهِلٌ؛ مِن جَهالَتِهِ عَمِلَ السُّوءَ، ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ قالَ: في الحَياةِ والصِّحَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ قالَ: القَرِيبُ: ما بَيْنَهُ وبَيْنَ أنْ يَنْظُرَ إلى مَلَكِ المَوْتِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أبِي مِجْلَزٍ قالَ: لا يَزالُ الرَّجُلُ في تَوْبَةٍ حَتّى يُعايِنَ المَلائِكَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: القَرِيبُ: ما لَمْ تَنْزِلْ بِهِ آيَةٌ مِن آياتِ اللَّهِ، أوْ يَنْزِلْ بِهِ المَوْتُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، عَنِ الضَّحّاكِ في الآيَةِ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَ المَوْتِ فَهو قَرِيبٌ، لَهُ التَّوْبَةُ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ أنْ يُعايِنَ مَلَكَ المَوْتِ، فَإذا تابَ حِينَ يَنْظُرُ إلى مَلَكِ المَوْتِ فَلَيْسَ لَهُ ذاكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في الآيَةِ قالَ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ، والمَعاصِي كُلُّها (p-٢٨١)جَهالَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ قالَ: ما لَمْ يُغَرْغِرْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في الآيَةِ قالَ: لَوْ غَرْغَرَ بِها - يَعْنِي: المُشْرِكُ بِالإسْلامِ - لَرَجَوْتُ لَهُ خَيْرًا كَثِيرًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «إنَّ إبْلِيسَ لَمّا رَأى آدَمَ أجْوَفَ قالَ: وعِزَّتِكَ لا أخْرُجُ مِن جَوْفِهِ ما دامَ فِيهِ الرَّوْحُ، فَقالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى: وعِزَّتِي لا أحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوْبَةِ ما دامَ الرُّوحُ فِيهِ»» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ“، عَنْ قَتادَةَ قالَ: كُنّا عِنْدَ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، وثَمَّ أبُو قِلابَةَ، فَحَدَّثَ أبُو قِلابَةَ قالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا لَعَنَ إبْلِيسَ سَألَهُ النَّظِرَةَ، فَأنْظَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، فَقالَ: وعِزَّتِكَ لا أخْرُجُ مِن قَلْبِ ابْنِ آدَمَ ما دامَ فِيهِ الرُّوحُ، قالَ: وعِزَّتِي لا أحْجُبُ عَنْهُ التَّوْبَةَ ما دامَ فِيهِ الرُّوحُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ حِبّانَ، عَنْ أبِي (p-٢٨٢)سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «لا أُخْبِرُكم إلّا ما سَمِعْتُ مِن في رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، سَمِعَتْهُ أُذُنايَ، ووَعاهُ قَلْبِي: «أنَّ عَبْدًا قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ فَسَألَ عَنْ أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ عَلى رَجُلٍ فَأتاهُ فَقالَ: إنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لِي مِن تَوْبَةٍ؟ قالَ: بَعْدَ قَتْلِ تِسْعَةٍ وتِسْعِينَ نَفْسًا؟ قالَ: فانْتَضى سَيْفَهُ فَقَتَلَهُ، فَأكْمَلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ فَسَألَ عَنْ أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ عَلى رَجُلٍ فَأتاهُ فَقالَ: إنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لِي مِن تَوْبَةٍ؟ فَقالَ: ومَن يَحُولُ بَيْنَكَ وبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ اخْرُجْ مِنَ القَرْيَةِ الخَبِيثَةِ الَّتِي أنْتَ فِيها إلى القَرْيَةِ الصّالِحَةِ قَرْيَةِ كَذا وكَذا، فاعْبُدْ رَبَّكَ فِيها. فَخَرَجَ يُرِيدُ القَرْيَةَ الصّالِحَةَ، فَعَرَضَ لَهُ أجَلُهُ في الطَّرِيقِ، فاخْتَصَمَ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فَقالَ إبْلِيسُ: أنا أوْلى بِهِ؛ إنَّهُ لِمَ يَعْصِنِي ساعَةً قَطُّ، فَقالَتِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: إنَّهُ خَرَجَ تائِبًا. فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا فاخْتَصَمُوا إلَيْهِ فَقالَ: انْظُرُوا أيَّ القَرْيَتَيْنِ كانَتْ أقْرَبَ إلَيْهِ فَألْحِقُوهُ بِها، فَقَرَّبَ اللَّهُ مِنهُ القَرْيَةَ الصّالِحَةَ، وباعَدَ مِنهُ القَرْيَةَ الخَبِيثَةَ؛ فَألْحَقَهُ بِأهْلِ القَرْيَةِ الصّالِحَةِ»» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ««إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ (p-٢٨٣)العَبْدِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ»» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحابَةِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««ما ما إنْسانٍ يَتُوبُ إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ قَبْلَ أنْ يُغَرْغِرَ بِنَفْسِهِ في شِدْقِهِ إلّا قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يُسَقْ. ثُمَّ قَرَأ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ ثُمَّ قالَ: وهَلِ الحُضُورُ إلّا السَّوْقُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ قالَ: لا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ الآيَةَ، قالَ هم أهْلُ الشِّرْكِ. (p-٢٨٤)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾: فَلَيْسَ لِهَذا عِنْدَ اللَّهِ تَوْبَةٌ، ﴿ولا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ أُولَئِكَ أبْعَدُ مِنَ التَّوْبَةِ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ﴾ الآيَةَ. قالَ: فَأنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [النساء: ٤٨] [النِّساءِ: ٤٨] فَحَرَّمَ اللَّهُ المَغْفِرَةَ عَلى مَن ماتَ وهو كافِرٌ، وأرْجَأ أهْلَ التَّوْحِيدِ إلى مَشِيئَتِهِ، فَلَمْ يُؤْيِسْهم مِنَ المَغْفِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: ما مِن ذَنْبٍ مِمّا يُعْمَلُ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ يَتُوبُ مِنهُ العَبْدُ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ إلّا تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ قالَ: كانَ يُقالُ: التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ ما لَمْ يُؤْخَذْ بِكَظْمِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: «مَن تابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِفُواقٍ تِيبَ عَلَيْهِ، قِيلَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: (p-٢٨٥)﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ فَقالَ: إنَّما أُحَدِّثُكَ ما سَمِعْتُ مِن رَسُولِ اللَّهِ» ﷺ . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبُخارِيُّ في ”التّارِيخِ“، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي ذَرٍّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ -أوْ يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ- ما لَمْ يَقَعِ الحِجابُ» قِيلَ: وما وُقُوعُ الحِجابِ؟ قالَ: «تَخْرُجُ النَّفْسُ وهي مُشْرِكَةٌ»» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب